جهود الأمم المتحدة لمعالجة تأثير جائحة فيروس كورونا على المرأة
إن الإعلان اليوم عن الجائحة هو بمثابة دعوة للعمل، إلى الجميع وفي كل مكان
معالي السيد قاسم الأعرجي، مستشار الأمن الوطني
حضرة الدكتور منير السعدي، رئيس جامعة بغداد
حضرات السيدات والسادة المتحدثين
حضرات الضيوف الكرام وممثلو المجتمع المدني
نتقدم بالشكر لدعوتكم الأمم المتحدة للحديث في هذه الحلقة النقاشية التي تتناول تأثير جائحة فيروس كورونا على المرأة العراقية. عند بداية تفشي الجائحة في شهر آذار من عام 2020، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن رسالة عالمية جاء فيها: "إن الإعلان اليوم عن الجائحة هو بمثابة دعوة للعمل، إلى الجميع وفي كل مكان". وقد بدأت الأمم المتحدة تركز على نحو خاص على تأثير فيروس كورونا على النساء، مما حدا بالأمين العام إلى الإبلاغ لاحقاً أن الجائحة " تكشف كافة ضروب اللامساواة وتستغلها، بما في ذلك اللامساواة بين الجنسين". وللأسف، إن لهذه المقولة صدى خاص هنا في العراق، حيث تحملت النساء العديد من الآثار السلبية لـتفشي الفيروس.
وقد قامت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) وهيئات الأمم المتحدة الأخرى في العراق وما زالت تقوم بجهود لترجمة دعوة أمين عام الأمم المتحدة للعمل إلى مخرجات تُحسّن من وضع فئة المعرضين للمخاطر خلال هذه الجائحة، والتي تشمل ضحايا العنف الأسري والمنتمين لجماعات الأقليات. والعديد من أفراد هذه الفئة هن من النساء. لقد سعت جهودنا إلى تعزيز ما تقوم به الحكومة العراقية لمواجهة تأثيرات الجائحة، ودعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل لخلق وعي شعبي بالمخاطر التي يشكلها الفيروس، وتعزيز الالتزام بالتدابير التي يمكن أن تكبح تفشي الفيروس، ولفت الانتباه إلى الأثر الذي تتركه الجائحة على النساء خصوصاً.
السيدات والسادة،
اسمحوا لي ان أذكر أمثلة محددة عن جهود الأمم المتحدة للتخفيف من أثر جائحة فيروس كورونا على المرأة في العراق. فخلال تقييم أُجري في شهر أيار الماضي، أشار ما نسبته 65% من مقدمي الخدمات للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي الى حدوث زيادة في نوع واحد أو أكثر من أنواع العنف ضد المرأة، مع 94% من أولئك الذين يبلغون عن زيادة حادة في حالات العنف الأسري التي يرتكبها الزوج أو أحد أفراد الأسرة. وفي نيسان من عام 2020، أصدرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وصندوق الأمم المتحدة للسكان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بياناً مشتركاً دعت فيه مجلس النواب العراقي الى الإسراع في تشريع قانون مناهضة العنف الأُسري وإنشاء مراكز لإيواء المجموعات التي يهددها الخطر وإعادة تأكيد الدعوة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة للحكومات بإيلاء الأولوية لحماية المرأة والطفل وذلك كجزء لا يتجزأ من خطط الاستجابة الوطنية لجائحة فيروس كورونا.
وأعدت هيئات الأمم المتحدة في العراق ستة رسائل رئيسة بشأن العنف الأُسري ونشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الرسائل النصية الى الجمهور. ففي شهر حزيران، ومن خلال العمل الوثيق مع المنظمات المحلية غير الحكومية، أعدت بعثة يونامي 15 فيلماً من أفلام الرسوم المتحركة وقامت بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وطبعتها بشكل بوسترات كجزء من حملة التوعية بجائحة فيروس كورونا. وتضمنت حملات إضافية توزيع 27,000 بوستر بواسطة المتطوعين، بضمنهم رجال شرطة وأطفال في الأسواق الشعبية وعيادات الأطباء ونقاط التفتيش الأمنية. ولاتزال اللوحات الجدارية التي رسمها فنانون عراقيون في أماكن بارزة من العاصمة بغداد بدعم من يونامي تسهم في رفع مستوى الوعي بالمسائل المتصلة بأثر جائحة فيروس كورونا على حقوق الإنسان، وبضمنها العنف القائم على النوع الاجتماعي وسائر الأثار الأخرى على المرأة.
في أيار 2020 نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة وثيقة بعنوان "استجابة من منظور جنساني لفيروس كورونا في العراق: مذكرة إرشادية عن إشراك الطرف الفاعل" الى جانب مجموعة من التوصيات التي تخاطب الأطراف الفاعلة في مجالات الصحة والتربية والاقتصاد حول كيفية تخفيف آثار فيروس كورونا، مع وضع المرأة في صميم تلك الاستجابات. وقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتدريب (225) من العاملين في مجال تقديم الخدمات الاجتماعية لدى المنظمات غير الحكومة في (15) محافظة، لكي يقدموا الدعم النفسي عبر شبكة الإنترنت لأكثر من (18,000) من النساء المعزولات وضحايا العنف. وبحسب التقديرات، تشكل النساء نحو نصف العدد الذي يبلغ (30) مليون شخص الذي شملته حملة الأمم المتحدة التوعوية بعنوان
"فلنهزم فيروس كورونا"، والتي غطت ما يربو على 5,000 من الأحياء السكنية والمستشفيات، والأماكن العامة في شتى أرجاء العراق. كما نفذت حملة عبر شبكة الإنترنت شملت 2.7 مليون شخص، ربعهم من النساء.
وقدمت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين المساعدة منذ المراحل المبكرة للجائحة حيث لجأت في البدء إلى آليات تعمل عن بعد مستهدفة النساء المهجّرات. وقد تمكن مقدمو الخدمات الآن من استئناف بعض الأنشطة مثل: إدارة الحالات، والدعم النفسي، وزيادة الوعي، وتمكين المرأة، والدعم الصحي والقانوني فضلاً عن توفير مجموعات المستلزمات الصحية بشكل منتظم. وقد بذلت الجهود أيضا من خلال حشد المتطوعين لتنفيذ الحملات المجتمعية وحملات التوعية الجماهيرية بغية تقديم المعلومات إلى الأشخاص المنتمين إلى الفئات الضعيفة (الكثيرين منهم من النساء)، حول الوقاية من فيروس كورونا. وقدمت المفوضية الخدمة لأكثر من 560,000 شخص في العراق (لاجئين ونازحين) من خلال دعم نقدي لمجابهة فيروس كورونا، ومساعدات نقدية متعددة الأغراض، ومساعدات نقدية لمواجهة فصل الشتاء، ومرة أخرى كانت بينهم كثير من النساء.
وفي شهر آب الماضي، وضعت الأمم المتحدة خطة استجابة اجتماعية اقتصادية للتصدي للجائحة. توفر الخطة حزمة دعم متكامل لتلبية احتياجات الأشخاص الذين يعانون تحت وطأة الجائحة وحماية حقوقهم، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفاً والمعرضة لخطر البقاء على الهامش بمن في ذلك النساء والفتيات.
السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أختتم بالقول بأننا وبينما نعمل معاً لتخفيف أثر جائحة فيروس كورونا على النساء في العراق، دعونا أيضا نغتنم الفرصة للعمل معاً للحد من حالات عدم المساواة بين الجنسين بالنسبة للمرأة العراقية، ليس في زمن الجائحة هذا فحسب، وإنما في المدى البعيد أيضاً.
شكراً جزيلاً