25 آب 2019
أصحاب المعالي،
الضيوف الكرام،
الزملاء المحترمون،
يشرفني أن ألقي كلمتي في افتتاح هذا المنتدى الذي يهدف إلى النهوض بواقع المرأة، ويسرني أن أرى المرأة العراقية والمؤسسات والمنظمات العراقية في صميم هذه المبادرة المثيرة للاهتمام، وهم لا يسعون إلى تحقيق المساواة للمرأة والنهوض بواقعها في بلدهم فحسب، بل يتواصلون مع نظرائهم وزملائهم وأصدقائهم في أنحاء المنطقة لتبادل التجارب وبناء التضامن والعمل سوياً نحو الأهداف الهامة المتمثلة بشمول الجميع والمساواة بينهم.
إن تأسيس هيئات وطنية للنهوض بواقع المرأة بوصفها آليات لتنسيق السياسات ضمن الحكومات هو واحد من اثني عشر مجالاً من المجالات البالغة الأهمية الواردة في منهاج عمل بكين الذي اتفقت عليه الحكومات والمجتمع الدولي والمجتمع المدني في مؤتمر بكين العالمي المعني بالمرأة الذي عقد في أيلول من عام 1995 في مدينة بكين. وإني أرحب بعقد هذا المؤتمر اليوم بوصفه خطوة هامة باتجاه تعزيز الالتزام بهذه الآليات الوطنية.
إننا نشهد اليوم حشد النساء لجهودهن في أنحاء الشرق الأوسط، سعياً للحصول على حقوقهن المدنية والسياسية، وعلى الرغم من أن الظروف والتحديات والفرص تختلف من بلد لآخر، إلّا أن هناك العديد من سبل الاستلهام التي يمكننا من خلالها أن نتعلم من بعضنا ونعزز من مجهوداتنا الفردية. دعونا نغتنم هذه الفرصة كي نستمع إلى بعضنا ونتبادل التجارب والمشورة من أجل تعزيز حقوق المرأة والتعريف بها على الرغم من المشاكل العديدة التي تواجهنا: من النزاعات المسلحة إلى غياب الاستقرار السياسي إلى الهيكليات الاجتماعية المجحفة والمُعرقلة.
وكما نعلم جميعاً، فإن قرار مجلس الامن التابع للأمم المتحدة رقم (1325) يمثل أداة أساسية لضمان دور المرأة في عمليات صنع القرار بشأن السلام والأمن. واسمحوا لي أن أؤكد لكم بأنه بالنسبة لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) -التي صادف أن تكون أول بعثة تابعة للأمم المتحدة، والوحيدة حتى الآن، بقيادة نسائية بالكامل- فإن التنفيذ الكامل لهذا القرار يبقى في مقدمة الأولويات. ويحسب للحكومة العراقية بأنها الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تباشر بتطبيق خطة عمل وطنية بشأن القرار 1325. إنني أرحب بهذه الدلالة على الالتزام الذي أبدته الحكومة العراقية وفريقها الوطني بدور المرأة في السلام والامن. بيد أن هناك حاجة الى ترجمة هذا الالتزام الى إجراءات ملموسة. وأتطلع الى نشر خطة العمل الوطنية الثانية في وقت لاحق من هذا العام بالاستناد إلى الدروس المستخلصة من الجهود السابقة. وتقف البعثة على أهبة الاستعداد لدعم الفريق الوطني وشركائه في البدء بتنفيذ الخطة الجديدة.
ولا يزال أمامنا الكثير مما ينبغي القيام به في العراق من اجل تعزيز تمثيل ذا مغزى وعادل وفعال للمرأة في العملية السياسية وعملية صنع القرار على كافة الصعد، وخصوصا لضمان حصول النساء الموهوبات والمؤهلات واللواتي يتمتعن بالخبرة على مناصب قيادية في البرلمان أو الحكومات المحلية أو سلك القضاء أو الخدمة المدنية والدبلوماسية أو الاوساط الاكاديمية أو الاعمال التجارية أو المجتمع المدني. ولا يمكن للعراق في هذه المرحلة الحرجة من التنمية في مرحلة ما بعد النزاع، أن يهمل طاقات وخبرات نصف عدد سكانه. وتلعب المرأة دوراً مهماً بوصفها عامل من عوامل التغيير، إذ ينبغي على العراق أن يزيد من إمكاناتها الى اقصى حد ممكن باعتبارها الشريك الرئيسي في المصالحة واستعادة تماسك النسيج الاجتماعي العراقي.
هذه هي إحدى الرسائل التي تسلط البعثة الضوء عليها في سياق انتخابات مجالس المحافظات العراقية القادمة. نحن نشجع النساء على المشاركة مشاركةً كاملةً في العملية الديموقراطية من خلال التقدم كمرشحات وممارسة دورهن كناخبات. ومن الأهمية بمكان أن تضم مجالس المحافظات في المستقبل عناصر نسوية مؤهلة بحيث يمكنها أن تساهم في البرنامج السياسي خلال هذه المرحلة من التحولات.
وبهدف دعم مساهمة المرأة في الحياة العامة العراقية، شكلت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في كانون الثاني من هذا العام المجموعة الاستشارية النسوية حول المصالحة والسياسة. وتضم هذه المجموعة 20 امرأة من المدافعات البارزات عن حقوق الانسان والسياسيات السابقات والخبيرات في الإعلام والناشطات في المجتمع المدني من خلفيات ومناطق مختلفة، وقد تم اختيارهن وفقاً لمهاراتهن وخبراتهن الفردية. وتهدف المجموعة الى النهوض بمشاركة المرأة في الهيكليات السياسية والاجتماعية وتقديم المشورة لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بشأن تنفيذ جوانب تفويض البعثة المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن وإقامة حوار مع كبار صانعي القرار العراقيين بشأن مساهمة المرأة في تنمية العراق.
وفي شهر حزيران، أجرت المجموعة الاستشارية النسوية مباحثات مع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق والمنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة لاطلاعنا على عملها باتجاه هذه الأهداف. وقد ذكرّتنا المجموعة بالإخفاق الذريع بأن لا تضم الحكومة العراقية الحالية ولو وزيرة واحدة. كما أكدت المجموعة على الكثير من المشكلات التي تواجهها الفئات المهمشة من النساء في هذا البلد، مثل النساء النازحاتً. وأظهرت هذه المباحثات بوضوح أنه لا يزال أمامنا طريق طويل لتنفيذ القرار 1325 هنا في العراق. كما عملت المجموعة منذ ذلك الحين على توسيع نطاق عملها في مجال الدعوة لتشمل الإصلاحات التشريعية – وفيما يخص محور اهتمام هذا المؤتمر- إنشاء هيئة وطنية للنهوض بواقع المرأة. وأنا أشجع القيادة العراقية والشركاء الآخرين على التعاون مع أعضاء المجموعة للنهوض بجدول أعمال المرأة والسلام والأمن.
وعلى نطاق أوسع، إذا ما نظرنا إلى منطقة الشرق الأوسط عامةً، أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن نبني ونوسع الآليات المؤسساتية الوطنية والإقليمية لمواجهة كل هذه التحديات لكي تتقدم المرأة إلى الأمام بطريقة فاعلة ومنسقة. دعونا نتعلّم من دروس الماضي ونستخدم معارفنا وخبراتنا المؤسساتية والمهنية المتبادلة للعمل معاً لتحقيق شيء من التقدم الفعلي. وأتمنى لكم منتدى يحفز العمل ويثمر النتائج.
شكراً لكم.