منظمة الصحة العالمية: مع ارتفاع حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 في العراق إلى مستوى ينذر بالخطر، فإن الطرق الفعالة لمنع انتشار العدوى على مستوى المجتمع هي تجنب التجمعات الجماهيرية والالتزام بالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات في الأماكن العامة
١٦ أغسطس ٢٠٢٠
بغداد، 16 آب / أغسطس 2020 – على الرغم من ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 في العراق بشكل كبير ومقلق، مما ينذر باحتمال حدوث أزمة صحية كبيرة قريباً، لا يزال بإمكان العراقيين هزيمة هذا الوباء من خلال الالتزام الجاد بتطبيق الإجراءات الوقائية، من الجهود الجماعية كتجنب التجمعات الجماهيرية والحشود إلى إجراءات الالتزام الذاتي كارتداء كمامة الوجه في الأماكن العامة، مع ممارسة التباعد الاجتماعي كطرق فعالة لمنع انتشار عدوى مرض كوفيد-19 على مستوى المجتمع.
أدى الانتشار الحالي لوباء كوفيد-19 في البلاد إلى إضافة تحديات جديدة على نظام صحي هش أضعفته سنوات من الصراع. وعلى الرغم من محدودية إمكانيات هذا النظام، إلا ان الاستجابة السريعة والفعالة للوباء من قبل السلطات الصحية، لا سيما في بداية انتشاره خلال الأشهر القليلة الأولى، كانت جديرة بالثناء. إلا أن الوضع في الأشهر الماضية قد تدهور بسبب العديد من العوامل، من بينها تخفيف القيود التي فرضتها السلطات العراقية وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية أو تنفيذها بالقوة.
يمكن إثبات خطورة الأزمة بوضوح من خلال تحليل وبائي بسيط للأرقام اليومية المسجلة خلال آخر 175 يوماً من انتشار الفيروس. فاستناداً إلى البيانات المتاحة من قبل وزارة الصحة والبيئة العراقية، حتى 16 آب/ أغسطس 2020، تم الإبلاغ عن أكثر من 175,000 حالة إصابة في البلاد، مع أكثر من 5800 حالة وفاة. وتشير البيانات بوضوح إلى أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 98 بالمائة من الحالات والوفيات خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط. وأن هناك ما يقرب من 44,000 حالة إصابة نشطة في العراق ويجري علاج ما يقرب من 90 بالمائة من حالات الإصابة في المنزل، منهم ما يقرب من 9,000 حالة إصابة من العاملين في مجال الرعاية الصحية. ويكشف تحليل مفصّل لنمط انتشار الفيروس في البلاد أن أجزاء كثيرة من العراق تعتبر الآن موبوءة وتعاني من انتشار الفيروس على مستوى المجتمع: وهذا وضع مقلق وخطير يتطلب إجراءات عاجلة وجادة.
يسلط التحليل الشامل لوضع أزمة كوفيد-19 في البلاد من قبل الفرق الفنية للعديد من منظمات الأمم المتحدة (بما في ذلك منظمة الصحة العالمية واليونيسيف) الضوء على أن العراق بحاجة إلى تعديل إجراءات التأهب والاستعداد والاستجابة لمرض كوفيد-19 للحد من سرعة انتشار الفيروس، وتقليل عدد الحالات المبلغ عنها يومياً، وإنهاء تفشي هذا الفيروس في المجتمع بأي ثمن. وفي ظل غياب دواء أو لقاح لهذا المرض حتى الآن، لم يتبق للعراق سوى الالتزام بالإجراءات الوقائية لمكافحة انتشار الوباء. يتضمن ذلك ارتداء الكمامات والالتزام بالتباعد الاجتماعي والتعليمات التي تواصل السلطات الصحية التأكيد عليها مراراً وتكراراً والتي يتّبعها العديد من الأشخاص بالفعل.
من أهم التدابير لمنع انتقال الفيروس على نطاق واسع هو عدم إقامة التجمعات الجماهيرية (على سبيل المثال، حفلات الزفاف أو مراسم الجنازة، والفعاليات الرياضية والثقافية) في هذه المرحلة الحرجة، ويجب على الناس تجنب مثل هذه المناسبات من أجل صحتهم وسلامة أحبائهم ومجتمعهم. تهدد هذه التجمعات بأعداد كبيرة بخطر إصابة الناس بالعدوى عن غير قصد ونشر الفيروس بشكل كبير. وقد أجرت منظمة الصحة العالمية وهيئات الأمم المتحدة الأُخرى تقييما لمخاطر المناسبات التي تدعوا الى التجمعات الجماهيرية في العراق، والنظر في احتمالية استيراد المرض وانتشاره في البلاد، فضلاً عن مدى قدرة البلد على إدارة تفشي المرض والسيطرة عليه. وخلص إلى أن مخاطر الصحة العامة تزداد بشكل كبير في المناسبات مع الاتصال البشري الوثيق في الأماكن المزدحمة. وترى منظمة الصحة العالمية أن تجنب التجمعات الجماهيرية وارتداء الكمامات (مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي واعتماد ممارسة غسل اليدين المتكرر) يمكن أن يقلل بشكل كبير من معدل انتقال عدوى مرض كوفيد-19 بنسبة 57 بالمائة و30 بالمائة على التوالي على أقل تقدير.
تقدّر أُسرة الأمم المتحدة في العراق وتدعم بقوة التصريحات الأخيرة لعلماء الدين والسياسيين العراقيين التي تدعو بشكل واضح الى منع التجمعات الجماهيرية في الأيام المقبلة. وإذا أردنا ضمان حماية الناس من المرض ومنع انتشار العدوى، فلا ينبغي أن تُعقد التجمعات الجماهرية للأشخاص في هذه المرحلة. وإن الأمم المتحدة، مسترشدةً بخبرات منظمة الصحة العالمية، ملتزمةٌ بدعم الحكومة العراقية في تخطيط وتنفيذ التدابير الوقائية بما يتماشى مع توصيات السلطات الصحية.
ومن خلال تجارب البلدان الأُخرى فأنه من الممكن احتواء فيروس كوفيد-19 وإعادة فتح الاقتصادات تدريجياً في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر، إذا استجابت الدول لنصائح الخبراء الطبيين الأكفاء. ومن خلال الالتزام الذاتي للمجتمعات، والاستعداد للبقاء على اطلاع من خلال المصادر الموثوقة، وبتضافر جهود الجميع، فأن العراق سيتغلب على الوباء.