الكلمة الافتتاحية للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة جينين هينيس-بلاسخارت في مؤتمر صحفي حول الانتخابات العراقية | بغداد ، 7 أيلول 2021
سيداتي وسادتي
شكرا لحضوركم هذا المؤتمر الصحفي وسعيدة بوجودكم جميعا
وستكون الفرصة متاحة إذا كان لديكم أية اسئلة في سياق الإنتخابات القادمة، ولكني أود أن أبدأ ببعض الملاحظات الإفتتاحية.
ليس من المستغرب أن يركز الإجتماع الصحفي اليوم على الانتخابات العراقية الهامة التي ستجري في العاشر من تشرين أول. الوقت يمضي ولم يتبق سوى أقل من خمسة أسابيع حتى يتوجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع.
كما يعلم الكثير منكم، لقد سافرت إلى نيويورك مؤخرا لإطلاع مجلس الأمن على الوضع في العراق وكرست تقريبا كل خطابي لمجلس الامن حول الإنتخابات وكان هناك شيء واحد واضح جدا بالنسبة لي: وهو أن العالم يراقب عن كثب. مثل الشعب العراقي، لا أحد يريد تكرار احداث عام 2018. وبكلمات أخرى: انتخابات عراقية ذات مصداقية معترف بها على نطاق واسع.
كما تعلمون في تشرين أول 2019 خرج الكثير من العراقيين إلى الشارع احتجاجا على انعدام الفرص الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وكانت واحدة من مطالبهم الأساسية اجراء إنتخابات مبكرة. بعد عامين تمت تلبية ذلك المطلب وستجري الإنتخابات ولا يمكن نكران أن هذه الانتخابات قد تم اكتسابها بشق الانفس.
وكما قلت في نيويورك: ستكون الأمم المتحدة كما كانت دائما شريكة للعراق وللشعب العراقي.
وبينما هذه الإنتخابات ملكية عراقية وبقيادة عراقية قدمنا وسنواصل تقديم المشورة والمساعدة الفنية. ٍ
إن مستشارينا الفنيون يدعمون المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات في عدد من المجالات، من طباعة أوراق الإقتراع إلى تقديم المشورة بشأن فيروس كوفيد -19، من توظيف وتدريب موظفي مراكز الإقتراع إلى التخطيط الأمني ومن تطوير الإجراءات واللوائح الإنتخابية إلى تعزيز العمليات والأنظمة. كما تساعد الأمم المتحدة المفوضية في اجراء تمارين المحاكاة. ويمكن أن استمر في تعداد هذه المساعدات إلى ما لا نهاية، ولكن لإختصار المسألة: دعما لعمل السلطات العراقية المعنية، فان الهدف العام من جهودنا هو اجراء إنتخابات ذات مصداقية.
كثيرا ما يتم سؤالي عما إذا كانت إنتخابات تشرين أول ستكون مختلفة عن انتخابات عام 2018 وردا على ذلك أود أن أشير إلى بعض الحقائق مثل:
• تم وضع نظام انتخابي جديد. سيقوم الناخبون الآن بالتصويت لأفراد وليس فقط للأحزاب السياسية.
• في السابق كانت هناك 18 دائرة إنتخابية الان هناك 83 دائرة.
• توضح التجارب في العالم بأن التصويت للأفراد والدوائر الصغيرة يمكن أن يخلق رابطة أقوى بين الناخبين وممثليهم.
• لتعزيز الشفافية وزيادة الثقة هناك شركة تدقيق مستقلة لمراقبة كيفية عد الأصوات وماذا يحدث مع النتائج.
• ولأول مرة، وللتأكيد على استقلالية المفوضية، يعمل القضاة كمفوضين للانتخابات.
• وهذه المرة ولمنع أي تزوير، ستظهر النتائج المؤقتة في الوقت الفعلي في مراكز عرض النتائج في أنحاء البلاد.
• تنشر الأمم المتحدة فريقا أكبر لدعم الإنتخابات ويعد هذا واحدا من أكبر مشاريع الأمم المتحدة لتقديم المساعدة الإنتخابية في العالم حيث يبلغ عدد موظفي الأمم المتحدة خمسة أضعاف عددهم في عام 2018.
• بالإضافة إلى ذلك هناك 130 خبيرا دوليا في طور الإنتشار في العراق للمراقبة المسبقة لليوم الإنتخابي وليوم الإنتخابات بصحبة 600 موظف مساعد.
• وفي غضون ذلك، تم اتخاذ تدابير جديدة للحد من سوء استخدام البطاقة الإلكترونية أو بعبارة أخرى بطاقات الناخب غير البيومترية. على سبيل المثال بعد التصويت، ستتم مصادرة البطاقات وتعطيلها لمدة 72 ساعة. تم جمع بطاقات الناخبين القديمة غير البيومترية، والتي سلمها الناخبون عندما تلقوا بطاقاتهم البيومترية الجديدة، من قبل المفوضية وسيتم اتلافها في أية لحظة غالبا اليوم أو غدا.
لذا أيها السيدات والسادة عندما أفكر في الجهود الجارية والتدابير المتخذة يمكنني أن اؤكد بأن الأمم المتحدة تعتقد بأن انتخابات تشرين أول لديها القدرة بأن تكون مختلفة عن انتخابات عام 2018.
لكن على أن اؤكد أيضا، بغض النظر عن عدد الاجراءات الفنية التي تم وضعها، فان الأمر يعود للقوى السياسية والمرشحين على الإمتناع جميعا عن أية محاولات لفرض نتائج الإنتخابات او تشويهها.
فالأمر يعود لهم لوقف شراء الولاءات وقمع الناخبين و/أو أي فعل متعمد آخر غير قانوني. الامر متروك لهم ليكونوا قدوة.
هذا يعني أنه لا يوجد مجال لأي مخالفة وهذا يشمل الضغط على الأفراد للتصويت لمرشحين بعينهم والتهديد بقطع الرواتب واستخدام المناصب الرسمية بطريقة غير مشروعة. كما يشمل بيع وشراء الأصوات وترهيب الناخبين بالإفصاح عن معلومات خاصة بهم. هذا امر غير مقبول. ولهؤلاء المرشحين الذين يعتقدون بأنهم يمكن أن يعرضوا- لنقل- 200 دولار لكل صوت وفي المقابل تحصل على صورة تثبت ان الناخب قد صوت فعلا لهذا المرشح، أود أن أقول أنتم تهدرون اموالكم، لن يسمح بدخول الهواتف النقالة والكاميرات داخل غرفة التصويت.
وغني عن القول إن جميع الأعمال غير القانونية تهدد مصداقية انتخابات تشرين أول، ومن ثم فإن الأمم المتحدة تدعم جميع الجهود المبذولة لمنع مثل هذه الأعمال والإبلاغ عنها والمعاقبة عليها.
اسمحوا لي أن أكرر: من أجل مصلحة الديمقراطية العراقية الفتية من الأهمية بمكان تقديم عملية انتخابية ذات مصداقية يعترف بها.
كما ينبغي أن تكون العملية الإنتخابية شاملة وهذا أمر أساسي لبناء الثقة العامة، وفي هذا الصدد سنواصل تشجيع النساء على المشاركة الكاملة والهادفة -كمرشحات وناخبات.
على سبيل المثال تعمل البعثة مع منظمات المجتمع المدني للمراقبة والابلاغ عن أي عنف سياسي قائم على النوع الاجتماعي وخطابات الكراهية ضد المرشحات. كما قدمت البعثة منحا صغيرة للمنظمات غير الحكومية المحلية للقيام بأنشطة توعية مدنية للناخبين التي تستهدف الناخبات كمجموعة ديمغرافية رئيسية.
تشمل المجموعات الأخرى التي يجب ضمها: الشباب، الناخبون لأول مرة والمستبعدون اجتماعيا والجماعات المستضعفة والنازحون والعائدون والأقليات والأشخاص ذوي الاعاقة. ولتحقيق ذلك قامت الأمم المتحدة على سبيل المثال بتعيين مترجم للغة الإشارة لمساعدة المفوضية كما ندعم المفوضية أيضا في إنتاج الرسومات ومقاطع الفيديو التي تستهدف النساء والأشخاص ذوي الإعاقة والنازحين.
ولا يمكنني المبالغة في التأكيد على أهمية دور الشباب في الإنتخابات القادمة نظرا لأن 60% من سكان العراق يبلغون من العمر 25 عاما أو أقل وتوفر هذه الإنتخابات للجيل الجديد من العراقيين فرصة لإسماع صوته.
من خلال مناقشاتي مع أطياف واسعة من العراقيين سمعت الدعوات لمقاطعة الإنتخابات وتتعدد الأسباب لهذه الدعوة من خيبة الأمل وانعدام الثقة للغضب وفقدان الأمل إلى "عدم الاستعداد" والموقف السياسي الواضح.
لكن كما أكدت من قبل: بينما الشعور بخيبة الأمل مفهوم، فإن مقاطعة الإنتخابات لن تحل أي شيء، على العكس تماما، إذا لم تصوت، ينتهي بك الأمر إلى تعزيز وضع أولئك الذين قد تعارض مواقفهم.
نحن نعلم بأن العراق بحاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة لكن مثل هذه الإصلاحات تتطلب تصميما لا يتزعزع وصبرا هائلا ووقتا طويلا.
وفي ذات الوقت، فإن الديمقراطية عمل مستمر ويمكن أن تصبح عملية رتيبة ومضجرة وليس من السهل الموازنة بين الاهتمامات والآراء المتنوعة، ولكن إذا شعر الناس بأنهم مشمولين وإذا ما شعروا بانهم يمكن أن يساعدوا في تشكيل مستقبلهم- فإن التنازلات والاستثمارات تستحق العناء.
السادة العاملين في الصحافة الأعزاء
لدي رسالة خاصة لكم تتعلق بالمعلومات الخاطئة. ما زلنا نرى أن الأكاذيب تكتسب زخما وتصبح مقبولة على أنها حقيقة. هناك مفاهيم خاطئة حول المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وحول المتظاهرين وحول المسؤولين الحكوميين والخصوم السياسيين ونعم أيضا بشأن الأمم المتحدة.
لكن يجب أن يكون واضحا: الأخبار الكاذبة، المؤامرات والمعلومات الخاطئة لا تؤدي إلا إلى إنعدام الثقة ويمكن أن تؤلب الناس ضد بعضهم البعض ويمكنها أن تخرج الإنتخابات عن مسارها لذا نحن جميعا نعتمد عليكم.
نحن نعتمد عليكم في دقة تقاريركم وبعبارة أخرى: إن دوركم في ضمان عملية ذات مصداقية ضروري للغاية. التزموا بالحقائق. إن التغذية المتعمدة بالمعلومات الخاطئة أو النشر العشوائي للقصص عملية محفوفة بالمخاطر.
أخيرا وليس آخرا، وقبل الرد على أسئلتكم، اسمحوا لي بأن أؤكد ما يلي للشعب العراقي: الأمم المتحدة بجانبكم وهدفكم هو هدفنا لنرى العراق يخرج من حالة عدم اليقين والإنقسام كبلد يتمتع فيه جميع مواطنيه بفرصة الإستماع إليهم والنجاح.
والخطوة الأولى على الطريق الطويل لتحقيق ذلك هو الإدلاء بصوتك. هذا بلدك، ومستقبلك وتصويتك.
شكرا جزيلا