كلمة السيدة أليس وولبول بمناسبة اليوم العالمي للمرأة
بغداد، 7 آذار
السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
زملائي في الأمم المتحدة،
يسعدني أن أكون هنا اليوم عشية اليوم العالمي للمرأة، حيث نعترف بإسهامات وإنجازات المرأة العراقية ونحتفل بها ونعززها. والموضوع على المستوى الوطني هذا العام، الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي للمرأة، يوفر منبراً ممتازاً لنقاش صريح حول التقدم الذي تم إحرازه في تقليص عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية للنساء. وأهتم بشكل خاص بالجوانب الاقتصادية في المساواة بين الجنسين: إذ لا يزال وصول المرأة العراقية محدوداً إلى القوة العاملة والقروض وغيرها من وسائل التمويل وحقوق الملكية العقارية مقارنة بأقرانها من الرجال.
السيدات والسادة،
إن الأمم المتحدة تعترف وتقدر الأهمية البالغة للمشاركة الكاملة والمجدية للمرأة – نصف المجتمع ونصف مواهبه – في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي في العراق. ويمكننا ويجب علينا أن نقوم بالمزيد من أجل تعزيز المشاركة الكاملة للمرأة في حياة العراق. فليس بوسع هذا البلد أن يتجاهل بكل بساطة تجاربها ومعرفتها وخبرتها أو لا يستفيد منها كما ينبغي.
وعلى ذلك، فقد أعطينا الأولوية لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة في تفاعلنا مع الأطراف العراقية رفيعة المستوى. وسيساعد إيصال النساء إلى الأدوار السياسية رفيعة المستوى على فتح الأبواب أمام مشاركة أكثر ثراءً للنساء في مجالات أخرى من الحياة العامة في العراق. كما أن المناقشات الحالية في البرلمان وفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حول تعديلات قانون الأحزاب السياسية توفر فرصة جيدة لوضع أحكام ملزمة قانونياً – مثلاً، نظام الكوتا – وهو ما يعزز المشاركة السياسية للمرأة.
وفي ذات الوقت، يجب على القادة السياسيين الرجال أن يعززوا ويدافعوا عن المساحة السياسية والاقتصادية والقانونية للنساء. ويجب على المشرعين أن يزيلوا العقبات القانونية التي تعيق مشاركة المرأة في جميع مجالات الحياة. وقد التقيت بالعديد من المدافعين الرجال عن المساواة بين الجنسين في صفوف السياسيين العراقيين. وأناشدهم أن يقوموا بالدعوة إلى الأخذ في الاعتبار العديد من النساء العراقيات المؤهلات لشغل المناصب العامة العليا. وبالرغم من أننا وللأسف لم نشهد بعد تعيين أي امرأة في منصب وزاري، دعونا نركز جهودنا الجديدة على دعم النساء في تعيينات أخرى في مناصب عليا – كمناصب نواب الوزراء ورئاسة اللجان البرلمانية والأدوار القيادية ضمن هياكل الأحزاب السياسية والمناصب القضائية العليا وتعيينات السفراء.
السيدات والسادة،
إن النهوض بالمرأة بالتأكيد لا يتعلق فقط بضمان تمثيل المرأة في المستويات العليا في المجتمع. إنه يتعلق بضمان تمكن المرأة العادية في الشارع من تحقيق أقصى استفادة من إمكاناتها الفردية، ومن تحقيق أكبر فائدة من حياتها ومن تقديم أكبر إسهام ممكن في مجتمعها.
وفي هذا السياق، أود الإشارة إلى قضية العنف ضد النساء والفتيات، والتي لا تحرمهن من حقوقهن فحسب، بل تمنعهن في المشاركة الكاملة في المجتمع. وأرحب كثيراً بالنقاش البرلماني الدائر لتحديث واستكمال قانون مكافحة العنف الأسري. وستكون هذه خطوة حيوية للحكومة نحو ضمان تنفيذ العراق لالتزاماته وفقاً للمعاهدات والقرارات الدولية لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات. ونحتاج إلى الاعتراف بأن العنف الأسري يقلل من قدر المجتمع بأكمله ويجلب له الخزي، فهو تهديد ليس فقط للنساء بل للمجتمع بشكل عام.
دعوني الآن أنتقل إلى القضايا الاقتصادية. حيث يصل معدل بطالة الشابات إلى ضعف معدل البطالة بين الرجال. ولم يتمكن القطاع الخاص في العراق حتى الآن من إيجاد الاستثمارات ونمو المشروعات المطلوب لخلق فرص عمل والحد من الاعتماد الكبير للعراق على عوائد النفط ووظائف القطاع العام. إننا في حاجة لرؤية توسع سريع في القطاع الخاص لإيجاد فرص عمل كبيرة للنساء. وأشجع بحرارة الحكومة على تقديم منح للمشروعات الصغيرة للسيدات المشتغلات بالأعمال الحرة لمساعدتهن في مجال الأعمال، خاصة النساء العائدات إلى المناطق المحررة والنساء المعيلات. وسيسهم النهوض بالتمكين الاقتصادي للمرأة بهذه الطريقة في جهود الحكومة لتحقيق الاستقرار الوطني.
السيدات والسادة،
لا يمكن أن يمر اليوم العالمي للمرأة في العراق بدون التفكير في الكثير من النساء في هذا البلد اللاتي لا يزلن نازحات من منازلهن، ويعيش بعضهن في ظروف لا تحتمل. وستكونون على دراية بالتحديات التي تواجهها المجتمعات المحلية النازحة، خاصة الأسر التي تعيلها النساء والأرامل وضحايا داعش من النساء والعائدات من النزوح والنساء اللاتي تم اعتبارهن، عن حق أو خطأ، على صلة بالمتطرفين. إذا لا زلن يعانين من العواقب القاسية للصراع الأخير. فعلى سبيل المثال، تواجه الأرامل تحديات في الحصول على شهادات وفاة أو شهادات تفيد باختفاء أزواجهن، وينبغي على النساء اللاتي يعتقد أنهن على صلة بداعش المرور بعمليات متعددة صارمة من التدقيق والتصريح الأمني، وتعيش أخريات في حالة من الضياع بدون وثائق شخصية، وبعضهن ضحايا للعنف والاعتداء الجنسي. وتؤدي الممارسات التمييزية والقسوة تجاه تلك النساء ووصمهن، إلى الحول دون وصولهن للمحاكم والسجلات المدنية وغيرها من الخدمات العامة، بما في ذلك إعانات الرعاية الاجتماعية.
لذلك، ففي هذا اليوم العالمي للمرأة، أحث وزارة الدفاع وقيادة العمليات الوطنية ووزارة الداخلية على ضمان تنسيق آليات تصريح آمنة بين الجهات الأمنية لتقليل إعادة تدقيق الأشخاص الذين تم تدقيقهم بالفعل، والنظر في إلغاء متطلبات التصريح الأمني للمدنيين الذين لم يتم اتهامهم بجرائم جنائية أو متعلقة بالإرهاب، لكيلا يواجهون عقبات في الوصول للخدمات العامة، بما في ذلك السجلات المدنية والمحاكم. وينبغي إعطاء الأولوية للأسر التي تعيلها النساء في الوصول إلى الخدمات العامة.
السيدات والسادة،
لا ينبغي أن يقتصر الكفاح من أجل المساواة بين الجنسين على اليوم العالمي للمرأة. بل يجب أن تستمر جهودنا طوال العام للكفاح من أجل حقوق المرأة العراقية وتحطيم الحواجز التي تعيق مشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في حياة هذا البلد. ومن جانبنا، ستستمر الأمم المتحدة في تقديم الدعم الفني لتطوير خطة العمل الوطنية العراقية الثانية حول المرأة والسلام والأمن وستستمر في حث الحكومة على إنشاء لجنة رسمية ذات تفويض كامل وتمويل مناسب لتنسيق تنفيذ الخطة والأطر والسياسات الوطنية.
ونحن نتطلع للتعاون معكم. وعلى حد تعبير جلوريا ستاينم، الناشطة المعروفة عالمياً في مجال حقوق المرأة: "إن قصة كفاح النساء من أجل المساواة ليست ملكاً لناشط واحد أو منظمة واحدة بل للجهود الجماعية لكل من يهتم بحقوق الإنسان". إذن دعونا نبيّن هذه الجهود الجماعية.
شكراً لكم.