النص الكامل لكلمة وفد جُمهوريَّة العراق التي القاها وزير الخارجيَّة فؤاد حسين في جلسة مجلس الأمن حول غلق ملف التعويضات (UNCC)
سعادة السيّد ڤاسیلي، رئيس مجلس الأمن
أصحاب السعادة أعضاء المجلس الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …
يُشرفني أن أستهل كلمتي مُمثلاً عن بلادي، بالتهنئة لدولة روسيا الاتحادية لتوليها رئاسة مجلس الأمن لشهر شباط/ فبراير الجاري، مُتمنياً لسعادة المُمثل الدائم لروسيا، التوفيق والنجاح في هذه المهمة.
كما وأتقدم بالشكر والامتنان لمملكة النرويج على توليها مهام إدارة رئاسة مجلس الأمن للشهر الماضي.
وكذلك الشُكر والامتنان للإحاطة التي قدمها السيّد رئيس مجلس إدارة لجنة الأمم المتحدة للتعويضات.
السيّد الرئيس …
يَطوي العراق اليوم صفحة مُهمة من تاريخه استمرت أكثر من ثلاثين عاماً، وتبدأ صفحة جديدة من تاريخ العراق الدبلوماسيّ والسياسيّ والاقتصاديّ، صفحة تُعزز دورهُ الإقليميّ والدوليّ بما يتناسب مع تاريخه وثقلهُ الحضاريّ في خارطة المنطقة والعالم، كدولة فاعلة مُنسجمة مع تطلعات وأهداف المجتمع الدوليّ، حيث يسعى العراق إلى تعزيز اُطر التعاون مع المجتمع الدوليّ وفي المقدمة منهُ منظمة الأمم المتحدة باعتبار إنَّ العراق هو أحد المؤسسين لهذه المنظمة والموقعين على ميثاقها في 14 أكتوبر 1945، ومن أجل أنَّ يستعيد دوره الذي كان عليه كعضو فعال ومسؤول في الأسرة الدوليَّة.
السيّد الرئيس …
وفقـاً للتقرير النهائيّ الصَادر من قِبل لُجنة الأمم المتحدة للتعويضات، والإحاطة التي قَدمها السيّد رئيس مجلس إدارة اللجنة، وما تضمنتهُ من إشارات واضحة على إيفاء العراق لكامل التزاماته الدوليَّة المُقررة بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصِلة، فأن العراق قد سدد آخر دفعة وفقاً لالتزاماتهُ الماليَّة ودفع كامل مبلغ التعويضات الواجبة عليه وهو (أثنان وخمسون فاصلة أربعة) مليار دولار أمريكيّ، من خلال لجنة الأمم المتحدة للتعويضات والتي وزعت على (واحد فاصلة خمسة مليون) مطالبة من جميع فئات المطالبات، ووفقاً لما ورد في ذلك، وما تم اعتماده من صياغة لفقرات قرار مجلس الأمن المُعتمد في هذه الجلسة، وتذكيراً بكافة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، فأن لجنة التعويضات تكون قد أوفت بولايتها بالكامل، وأنهت النظر بأية مطالبات مُستقبليّة في موضوع التعويضات، ولم يعد العراق مطالباً بدفع أية مبالغ ماليّة إضافيّة مُستقبلاً، أو التعامل مع إجراءات الفصل السابع.
وفي هذا الإطار، تؤكّد حكومة بِلاديّ إلى إنَّ العمل مع لُجنة الأمم المتحدة للتعويضات ومجلسكم الموقر، كان نموذجاً ناجحاً للعمل المتعدد الأطراف، نموذجاً يُعزز الثقة بالآليات والإجراءات الدوليَّة في تسويّة الأزمات التي عصفت وتعصف في عالمنا حتى اليوم، ومن خِلال هذه الآلية الدوليَّة وانطلاقاً من احترام العراق لالتزاماته بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتحمل مسؤولياته كاملةً، استمر العراق بالإيفاء بهذه الالتزامات بالكامل وفقاً للجداول الزمنيّة والنسب المُعتمدة من لجنة التعويضات، رغم الظروف الصعبة التي مر بها العراق في السنوات السابقة من تحمل الأعباء والكُلف الاقتصاديّة لمُحاربة الإرهاب وأخذ دوره في مقدمة دول العالم للتصديّ لعصابات تنظيم داعش الإرهابيَّة واسترجاع المدن من سيطرة التنظيم، وتكاليف برامج إعادة النازحين داخليّاً إلى مُدنِهم، وبرامج إعادة الاستقرار والخدمات وتوفير المساعدات وتكاليف إعادة الأعمار والتي ترافقت مع انخفاض كبير في أسعار مبيعات النفط العالميّة.
وفي هذا الصدد، تَنظر حكومة العراق إلى إنَّ الإيفاء الكامل لالتزاماتها الدوليَّة تجاه المُجتمع الدوليّ ودولة الكويت الشقيقة، بمثابة تطور كبير من شأنه أنَّ يعزز علاقات العراق مع مُحيطهُ الإقليميّ والدوليّ، وكذلك العلاقات التاريخيّة العراقيَّة – الكويتيَّة وينقلها إلى آفاق مستقبليّة واسعة أساسها الثقة والعلاقات الثنائيَّة المتكافئة.
السيّد الرئيس …
سعى العراق إلى إكمال هذا النموذج الفريد من العمل والجُهد الدوليّ والتعاون المُشترَك تحت أطر وآليات الأمم المتحدة، فمن خِلال إيفاءه الكامل لالتزاماته الدوليَّة، الذي أبرز بالمقابل التزاماً دوليّاً قانونيّاً وأخلاقيّا على المجتمع الدوليّ والأمم المتحدة، وهو إخراج العراق من كافة إجراءات الفصل السابع، والحفاظ على حقوق وأموال العراق واستحقاقاته القانونيَّة الدوليَّة، وحمايته من أية مطالبات مستقبليَّة في إطار الجُهد الدوليّ الذي تقودهُ الأمم المتحدة، مستندين في ذلك إلى ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدوليّ والمبادئ العامة للقانون الدوليّ في العدل والإنصاف، وهو ما يُعزز الثقة بهذه الآليات الأمميّة. وهذا ما حرِصنا على تثبيته ودافعنا عنهُ جاهدين لإدراجه في قرار مجلس الأمن الدوليّ بالتعاون مع حامل القلم (البريطانيّ) وباقي أعضاء مجلس الأمن. حيث إن هذا الجُهد الدوليّ لن يكون قد اكتمل نجاحه إلا بعد ما أن تجسدت مطالب العراق المشروعة وتم تضمينها في قرار مجلس الأمن الدوليّ.
السيّد الرئيس …
تؤكد حكومة بِلادي وفي ضوء ما قدمناه من رؤية تاريخيّة وقانونيّة، بأن العراق يتطلع بهذا الخصوص وببالغ الأهميّة، أنَّ يضطلع مجلسكم الموقر بمسؤولياته التاريخيّة، في أنَّ ينعكس إغلاق هذا الملف بشكل إيجابيّ على العراق في علاقاته الإقليميَّة والدوليَّة وتحديداً مع دول الجوار، فعلى الدوام تكون عبرة الأمور بخواتيمها، أي إنَّ نجاح العمل دائماً ما يقاس بخواتيمه ونتائجه ومخرجاته وانعكاساته الإيجابيَّة على الشعوب والدول.
وفي الختام … اسمح لي السيّد الرئيس بأن نعربُ عن شكرنا وتقديرنا لكم ولأعضاء المجلس الآخرين، وإلى حامل القلم البعثة البريطانية الموقرة، والتي انخرطت في جولات تفاوضية مكثفة مع البعثة العراقيَّة، وللدول الصديقة كافة التي قدمت الدعم إلى بِلادي لتجاوز هذهِ الحقبة التاريخيَّة التي كانت مريرة على شعوب المنطقة، وكذلك شكرنا وتقديرنا إلى دولة الكويت قيادةً وشعباً.
ونُبارك للشعب العراقيّ وحكومتهُ إنهاء هذهِ الالتزامات الدوليَّة، وخروج العراق من إجراءات الفصل السابع، ونُقدم شُكرنا واعتزازنا للقائمين على الدبلوماسيَّة العراقيَّة، لاسيما البعثة العراقيَّة الدائمة في نيويورك لجُهُودها الحثيثة في المفاوضات لتضمين مطالب العراق المشروعة في القرار، متمنين دوام الازدهار والرخاء والتقدم لشعب العراق ولشعوب المنطقة والعالم.
شكراً سيدي الرئيس ..