ففي وقت كان يخرج فيه العالم من أحداث مأساوية، حدد الإعلان حقوقًا عالمية واعترف بالقيمة المتساوية لكل إنسان.
ويجسد الإعلان، الذي صاغه ممثلون من جميع أنحاء العالم، لغة مشتركة لإنسانيتنا المشتركة، وقوة موَحِّدَة تكمن في صميمها كرامة الإنسان وواجب الرعاية الذي نَدين به لبعضنا البعض كبشر.
في السنوات الـ74 الفائتة، أصبحت أهمية الحقوق العالمية غير القابلة للتجزئة وغير القابلة للتصرف أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
إلاّ أنّ تصدّعًا متزايدًا يؤدّي إلى تباعد المعايير عن الحقائق على أرض الواقع.
وعلى الرغم من أن المواد الـ30 من الإعلان قد أحدثت تحولًا في جميع مجالات حياتنا، فإن جمر العنصرية ومعاداة النساء وعدم المساواة والكراهية لا يزال يهدد عالمنا.
نواجه أزمة ثلاثية الأبعاد وتفاوتات متصاعدة تجتاح عالمنا، وقد أدّت جائحة كوفيد-19 إلى تفاقمها. كما نواجه تصاعد السياسات الشعبوية والاستبدادية، وموجة جارفة من المعلومات المضللة سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية، وتفشيًا مقلقًا للنزاعات والعنف.
كل هذه العوامل تعيق تقدمنا نحو عالم أكثر حرية ومساواة.
في العام 2023، نحتفل بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما يصادف هذا العام الذكرى الـ30 لإعلان وبرنامج عمل فيينا، الذي مهد الطريق أمام إنشاء مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وتشكّل الذكرى السنوية المقبلة هذه فرصةً لنا لنتذكّر الإجماع المتوخى من الإعلان، ونعيد ضبط هيكل حقوق الإنسان الرائع الذي بنيناه معًا ونعزّزه.
مع تذكّر الماضي والتطلّع إلى المستقبل، آمل أن تسمح لنا مبادرة الاحتفال بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي ستقودها مفوضيّتنا بالتعاون مع شركائنا، بإعادة إحياء الروح والحيوية والاندفاع الذي أدى إلى اعتماد الإعلان منذ 75 سنة.
بإمكان لغة الإعلان وروحه أن تتغلّبا على الانقسام والاستقطاب. بإمكان الإعلان أن يصالحنا مع الطبيعة والكوكب، وأن يرشد الأجيال المقبلة نحو التنمية المستدامة.
وبإمكان نوره أن يسطع فينير حياة الأفراد اليومية، والمجتمعات المحلية والأحياء والمدارس والمكاتب والشوارع.
ولكنّ تحقيق ذلك يتطلب من جيلنا، بما في ذلك الشباب، أن يبث في الإعلان حياة جديدة، وأن يتولى زمام الأمور، وأن يعيد توظيف الإعلان فيلبي احتياجات عصرنا وتحديات مستقبلنا.
في العام 2023، أدعو الجميع لحمل مشعل حقوق الإنسان واستخدام هذه الحقوق لتشكيل مستقبل مشترك من الكرامة والحرية والعدالة للجميع.