يسعدني أن أعود إلى العراق. لقد زرته مرات عديدة في الماضي لكنني أجده الآن مختلفا جدا.
لقد اختتمت أنا ورئيس الوزراء للتو اجتماعا مثمرا للغاية.
وكما قلت له، فأنا هنا للتأكيد على التزام الأمم المتحدة بدعم العراق لتوطيد مؤسساتها الديمقراطية ودفع عجلة السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان لجميع العراقيين.
إننا ندرك أن التحديات التي يواجهها العراق لم تنشأ بين عشية وضحاها - فهي نتاج عقود من القمع والحرب والإرهاب والطائفية والتدخل الأجنبي.
ولا يمكن لأحد أن يتوقع حل هذه التحديات بين عشية وضحاها.
ولكنني أعتقد أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق التقدم، ونثق بأن ذلك سيحدث.
ومن دواعي تفاؤلي تشكيل الحكومة الجديدة مؤخرا، إلى جانب برنامجها الإصلاحي الطموح والتطلعي.
وأحيي رئيس الوزراء على التزامه بمعالجة التحديات الأكثر إلحاحا التي تواجه البلد بشكل مباشر - بما في ذلك مكافحة الفساد، وتحسين الخدمات العامة، وتنويع الاقتصاد للحد من البطالة وخلق الفرص، وخاصة للشباب.
ويتطلب هذا التغيير الهيكلي إصلاحا شاملا، ومؤسسات أقوى، وقدرا أكبر من المساءلة، وحوكمة أفضل على جميع المستويات. وتقف الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد لدعم هذه الجهود الهامة.
كما ناقشنا أهمية الاستناد إلى الخطوات الإيجابية الأخيرة بين بغداد وأربيل والتحرك نحو حوار مؤسسي واتفاقات مستدامة.
السيد رئيس الوزراء،
أعلم أن مسألة الأمن المائي هي قضية تهتم بها بشدة.
هنا ازدهرت الزراعة لأول مرة قبل حوالي 000 10 سنة، هنا، في قلب الهلال الخصيب.
في بلاد الرافدين التي تعني حرفيا "بلاد ما بين النهرين“.
لكنّ نهريْ دجلة والفرات يجفان اليوم.
فقد انخفضت تدفقات المياه انخفاضا شديدا.
ويفطر قلبي أن أرى المزارعين يضطرون إلى ترك الأراضي التي تزرع فيها المحاصيل منذ آلاف السنين.
وتتفاقم ندرة المياه في العراق بسبب انخفاض تدفقات الأنهار الداخلية، والإدارة غير المستدامة للمياه، وتغير المناخ. وتمثل تهديدا يتطلب اهتماما دوليا.
وسنعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمياه لعام 2023 في وقت لاحق من هذا الشهر في نيويورك. وإننا نتطلع، السيد رئيس الوزراء، إلى مشاركة العراق.
إن العراق من بين أكثر البلدان تأثرا بتغير المناخ.
وإن حالة الطوارئ المناخية لا تعني فقط زيادة الهشاشة البيئية ودرجات الحرارة الحارقة والتصحر الجامح.
إنها تؤدي أيضا إلى النزوح، وتهدد الأمن الغذائي، وتدمر سبل العيش، وتؤجج الصراع، وتقوض حقوق الإنسان، لا سيما بالنسبة للسكان الأكثر ضعفا.
وإلى جانب الوضع الأمني المتقلب وتحديات الحوكمة، فإنها تعرض الاستقرار للخطر - في العراق، والمنطقة، وخارجها. وهذا ليس تهديدا يلوح في الأفق؛ إنه خطر قائم.
لقد حان الوقت لكي يدعم المجتمع الدولي العراق في مواجهة تحدياته البيئية، وتنويع اقتصاده، وتسخير إمكاناته لتحقيق النمو المستدام.
السيد رئيس الوزراء،
إن الاستقرار الداخلي والاستقرار الإقليمي مقترنان. فالعراق أساسي للاستقرار الإقليمي، وإني أشيد بالتزام الحكومة بالدفع بالحوار والدبلوماسية، على أساس احترام مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية وحسن الجوار.
وأرحب بالتقدم الذي أحرزه العراق في الوفاء بالتزاماته الدولية، بما في ذلك بشأن مسألة المفقودين الكويتيين ورعايا الدول الثالثة.
وأقدر بشدة جهود العراق النموذجية لإعادة مواطنيه من شمال شرق سوريا - بما في ذلك من مخيم الهول.
لقد أعرب رئيس الوزراء بوضوح عن التزامه في التنفيذ الكامل لاتفاق سنجار والسماح للعودة الطوعية والآمنة والكريمة للإيزيديين إلى ديارهم. الشعب الإيزيدي الذي عانى بشدة، يستحق تضامننا الكامل.
وأخيرا، أود أن أعرب عن امتناني لكم، السيد رئيس الوزراء، ولشعب العراق، على إبداء التضامن والدعم لضحايا الزلازل التي وقعت في تركيا وسوريا.
في الوقت الذي يواجه فيه العالم سلسلة من الأزمات، هناك نقص في الأمل.
لكني يعتريني هنا في بغداد شيء من الأمل.
أمل في أن يتمكن العراق من كسر حلقتي عدم الاستقرار والهشاشة.
وأمل في أن يتمكن من تحديد مسار مستدام نحو مزيد من الرخاء والحرية والسلام.
وأمل في أن يتمكن من فتح آفاق جديدة من الفرص لشبابه المفعم بالحيوية.
وتفخر الأمم المتحدة بمواصلة دعم العراق في هذه الرحلة الحاسمة.