بقلم سناء كريم- مسؤولة شؤون إعلامية- بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)
يجلس محمد باقر على مقعده في دكانه المنزوي الصغير في بغداد، مُحاطاً بمجموعة متنوعة من المصنوعات والإكسسوارات الجلدية، وهو ينحني على محفظة جلدية يعمل عليها بعناية بواسطة أداة كهربائية حادة.
وعند سؤاله عما كان يقوم به، يرفع رأسه، وبنفس النظرة العبوسة التي تعلو وجهه، يجيب بثقة: "أنقش الحروف الأولى من اسم على محفظة"، ثم يعود للتركيز على عمله الدقيق.
وعندما طُلب منه أن ينقش الحرف الانجليزي "S" على محفظة جلدية، رد على نحو لاذع: "أنا لا أنقش سوى الخط العربي".
ومحمد شاب يبلغ من العمر 22 عاماً، يسكن حي الكرادة في بغداد، وقد عمل في مجال الجلود لسنوات عديدة، وهي مهنة تُعرف باسم "السراجة"، واشتقت من كلمة "سرج" وهو سرج ركوب الخيل.
يقول محمد أن مهنته في طريقها للاندثار، لكنه يعد العمل فيها بالنسبة له مجزياً، حيث يعمل أحياناً لعشر ساعات في اليوم بهدف الحفاظ على عمله الذي ورثه عن أبيه وجده. ويضيف محمد: "نحاول بقدر ما نستطيع أن نحافظ على تراثنا حياً". وبينما كان يتحدث، كان رواد السوق يتوقفون لإلقاء نظرة على معروضاته التي تزين واجهة دكانه الواقع في سوق السراي المزدحم بشارع المتنبي، حيث المركز التاريخي لمدينة بغداد.
ويمضي محمد في وصف مهنته، قائلاً: "يعمل السرّاج على الجلود لنقش الحروف على مختلف المصنوعات الجلدية كالمحافظ وحقائب اليد واللوحات الجدارية والأغلفة الجلدية للقرآن الكريم والعديد من المصنوعات الجلدية اليدوية الأخرى".
وتتحدث العديد من منقوشاته عن التاريخ الثري للعراق، ويظهر ذلك جلياً على أبسط المحافظ الجلدية التي يعرضها بفخر على رفوف دكانه من خلال الأمثال والنصوص العربية والإسلامية المنقوشة عليها.
الهدف الذي تدعمه هذه القصة:
الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة: العمل اللائق والنمو الاقتصادي