كلمة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) السيدة جينين هينيس-بلاسخارت في الذكرى السنوية التاسعة لضحايا الإبادة الجماعية للإيزيديين – نحو مستقبل مستدام للإيزيديين
٠٣ أغسطس ٢٠٢٣
3 آب 2023
أربيل
أصحاب السعادة،
السيدات والسادة،
بالطبع، نحن هنا في هذه المناسبة الجليلة، لنتذكر ما حدث للمكون الأيزيدي على يد ما يسمى بالدولة الإسلامية.
ولا توجد عبارات ولا صيغ مكررة قادرة على تحقيق الإنصاف إزاء المعاناة التي مر بها هذا المكون، و كل عام نلتقي لضمان عدم نسيان الفظائع التي حدثت في عام 2014.
والآن كما قلت هذا الصباح في بغداد: إن الذكرى الدائمة مسؤولية جماعية، إلا أن هذه الذكرى يحب ألا تكون ساكنة. إن أقوى أشكال التذكر هو الذي يفرض العمل.
وبكل أسف، وعلى مدى التسع سنوات الماضية كان الشعور بضرورة العجلة في العمل غائباً. فعلى مر السنين واجه أهالي سنجار تحديات وعقبات هائلة، عقبات بسبب الخلاف حول هياكل أمنية مستقرة وإدارة موحدة.
وإحياء لذكرى جميع الضحايا واحتراماً لأحبائهم، لا يسعني إلا أن أكرر ما طلبته مراراً وتكراراً من الجهات الفاعلة المعنية: أرجوكم ضعوا خلافاتكم واهتماماتكم الحزبية جانباً، وأن تضعوا، من فضلكم، موضع التنفيذ الفوري احتياجات أهالي سنجار أولاً.
والآ هناك بعض التطورات الإيجابية التي سأخبركم عنها:
أكثر من 600 من الناجيات بدأن في تلقي التعويضات الشهرية بموجب قانون الناجيات الأيزيديات؛
قانون الأراضي والممتلكات بالطبع؛
حررت الموافقة على الموازنة الاتحادية الموارد؛
من المأمول أن تساهم انتخابات مجالس المحافظات المقررة نهاية هذا العام إلى الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه في حكم سنجار.
ومع ذلك، ومع كل ما قيل، دعوني أوضح: إن تلطيف الوضع لن يخدم أي شخص – ناهيك عن الناجين.
وبوضوح أكثر وفي الحقيقة، بينما بدأت الأمور مؤخراً في السير في الاتجاه الصحيح، إلا أنها ببساطة لا تسير بالسرعة المطلوبة.
- وبحسب النقاش اليوم، لا يزال الكثير من الأشخاص في عداد المفقودين- تُركت عائلاتهم بلا معلومات، وحرموا بقسوة من فرصة دفن أحبائهم.
- لا يزال الكثيرون نازحين – ويواجهون، بالإضافة إلى الأشخاص الذين عادوا إلى ديارهم- عدداً كبيراً من التحديات. وتشمل هذه التحديات مشكلات الصحة البدنية والعقلية، وغالباً ما يتعذر على المحتاجين الحصول على الدعم - سواء بسبب انعدام الخدمات أو الوثائق اللازمة.
- وتواجه النساء الناجيات على وجه الخصوص مجموعة من العقبات.
- وفي الوقت نفسه، ينتشر الفقر على نطاق واسع، حيث لا يجد الكثير من الناس عملاً أو شبكة ضمان اجتماعي يلجؤون إليها.
- والآن هذه التحديات لا يساعدها المماطلات المستمرة في تنفيذ اتفاق سنجار.
- ولاختصار القصة الطويلة، بعد تسع سنوات من ذروة عنف داعش، وبعد ثلاث سنوات من توقيع اتفاق سنجار بين بغداد وأربيل: لا تزال فرصة "الاستقرار والأمن" ضبابية – بعيدة المنال - لكثير من أهالي سنجار.
السيدات والسادة،
نأمل أن تخلق التطورات الأخيرة والإعلان عن الالتزامات زخماً، ونعم يجب تسخير هذه التطورات وتوسيع نطاقها.
وكما قلت هذا الصباح في بغداد، اسمحوا لي أن أسلط الضوء على بعض الأولويات في هذا الصدد:
أولاً، سوف أشير إلى تطبيق قانون الناجيات الأيزيديات. بكل بساطة يجب تسريعه. ولا يمكن أن يحدث هذا إلا أذا كان لدى دائرة شؤون الناجيات القدرة الكافية على تحمل عبء العمل المقبل. وعلى نفس القدر من الأهمية، هناك جهود تفكيك الحواجز التي تمنع الناجيات من إثبات أهليتهن.
ثانياً، وقد اشرت إلي هذا من قبل: اتفاق سنجار. وبقدر ما كانت إعلانات الالتزامات المتكررة إيجابية، فيتعين علينا أن نرى خطوات ملموسة وبوتيرة أسرع. سواء كان ذلك تعيين قائمقام أو إنشاء قوة أمن محلية أو تقديم الخدمات أو توسيع نطاق إعادة الإعمار. ولكي نكون واضحين، لا ينبغي أن توقف توقعات الانتخابات في كانون الأول عملية تعيين قائمقام مؤقت لسنجار. إن هذا التعيين، في القريب العاجل، أمر بالغ الأهمية إذا تحدثنا عن تعزيز الخدمات العامة وأنشطة إعادة الإعمار.
ثالثاً، هذه رسالة سمعتها من جميع الناجيات اللاتي التقيت بهن في السنوات الماضية: العدالة والمساءلة لا تزالان أساسيتين. وفي حين ينبغي تجنب الوصم الجماعي في كل الأوقات، فغني عن البيان أنه: نعم، في الواقع، يجب تقديم الأفراد المسؤولين إلى العدالة. وتواصل الأمم المتحدة، بما في ذلك، من خلال عمل فريق (يونيتاد)، دعم الجهود التي يقودها العراقيون لسن التشريعات ذات الصلة وتحقيق العدالة.
وأخيراً، اسمحوا لي أن أكرر التأكيد على أنه يجب وضع الناس قبل السياسة أو المصالح الحزبية، وخاصة عند الحديث عن أولئك الذين عانوا من بعض أسوأ الفظائع في تاريخ البشرية الحديث. بهذه الطريقة فقط يمكن تلبية احتياجات الناجين بالكامل.
السيدات والسادة،
في هذا السياق، لا يسعني إلا أن أؤكد على مسؤولية القيادات. إذ ينبغي أن يدرك الجميع، في هذه الغرفة أو خارجها، بغض النظر عن خلفيتهم أو انتماءاتهم، حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم. لقد حان الوقت – وأقول قد آن الأوان - للإسهام في الديناميكية البناءة على أرض الواقع للجميع وفي سياق هيكل الدولة العراقية ومن خلال تحديد القواسم المشتركة بين أهالي سنجار بدلاً من التأكيد على اختلافاتهم.
إن إحياء هذه الذكرى اليوم لهو تذكير صارخ بالوحشية اللاإنسانية التي تنبثق من الصراع وأهمية تجنب تكراره. وكما قلت من قبل بعبارات مختلفة: إن أصدق أشكال التذكر هي تلك التي تلهمنا للعمل.
وبعبارات أخرى: بينما نتذكر الماضي ينبغي أن نتطلع إلى المستقبل وبالتالي نتخذ إجراءات بكل تصميم لمنع مزيد من المعاناة بين أهالي سنجار، فهم يستحقون المستقبل الذي يؤمنون به. بدءاً من اليوم.
شكراً جزيلا
صاحب الخطاب
جينين هينيس-بلاسخارت
بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق
الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق