المستقبل للناجين الأيزيديين بعد تسع سنوات على ذكرى الإبادة الجماعية في العراق
٠٣ أغسطس ٢٠٢٣
03 أغسطس 2023
بغداد: في الذكرى التاسعة لمجزرة سنجار – مضت تسع سنوات منذ أن بدأ داعش حملة الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين في العراق – نحن نتفكر في الخطوات المتخذة لدعم الناجين والناجيات ونعترف باحتياجاتهم المستمرة والملحة.
هذا العام، بين الأول والثالث من آب، اجتمع الناجون والناجيات ومجاميع من المجتمع العراقي معًا لتنظيم فعاليات تذكارية تتراوح ما بين الوقفات الاحتجاجية الصامتة وحملات التشجير إلى حلقات نقاشية حول مستقبل الناجين والناجيات. في بغداد، أقام مكتب رئيس الوزراء احتفالاً بالذكرى حضره كبار الشخصيات في الحكومة وممثلي الأمم المتحدة. اما في أربيل، فقد نظمت حكومة إقليم كردستان احتفالاً بالذكرى مع منظمة المجتمع المدني الإيزيدية، يزدا. تؤكد سعة وثراء المشاركة هذه التزامنا الجماعي بتكريم الضحايا والتضامن مع الناجين والعمل معًا من أجل مستقبل لا تحدث فيه مثل هذه الفظائع مرة أخرى.
كجزء لا يتجزأ من تاريخ العراق الغني وتنوعه، أظهرت هذه المجتمعات صموداً كبيراً في مواجهة أهوال لا يمكن تصورها. وبينما نحن نتأمل السنوات التسع الماضية، نحتفل اليوم بالتقدم المحرز، مع الاعتراف بالاحتياجات التي لا تزال تثقل كاهل المتضررين.
تم قطع أشواط كبيرة في دعم الناجين لإعادة بناء حياتهم. لا يزال اعتماد قانون الناجيات الإيزيديات في عام 2021 - الذي يهدف إلى تعزيز العدالة الانتقالية ويوفر تعويضات مالية، وقطعة أرض، ومساعدة في التعليم والتوظيف والوصول إلى خدمات الصحة الجسدية والنفسية للناجين والناجيات- وما تلاه من إنشاء المديرية العامة لشؤون الناجيات شهادة على التزام حكومة العراق بالاعتراف بمعاناة الإيزيديين والأقليات الأخرى جراء أحداث داعش ومعالجتها. اعتبارًا من هذا العام، سجلت المديرية 900 ناجٍ من خلال عملية التقديم الخاصة بها، ووزعت دفعات الرواتب الموعودة بموجب القانون على 650 ناجياً وناجية تم التحقق منهم، وقامت بتنشيط نظام إحالة رسمي يمكن من خلاله للمستفيدين من قانون الناجيات الإيزيديات الاتصال بخدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في مناطق سكنهم.
تعمل المنظمة الدولية للهجرة جنبًا إلى جنب مع المديرية العامة لشؤون الناجيات والمجتمع المدني الإيزيدي والمجاميع المحلية والشركاء الدوليين لتقديم المساعدة وتهيئة الظروف الملائمة لعودة النازحين من الناجين. في الشهر الماضي، دعمت المنظمة الدولية للهجرة العودة الطوعية لـ 89 عائلة إيزيدية من مخيمات دهوك إلى سنجار، حيث تم الترحيب بهم بالدموع والفرح والغناء من قبل عوائلهم وأصدقائهم وجيرانهم الذين كانوا ينتظرون عودتهم لفترة طويلة.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة. لا يزال أكثر من 200.000 إيزيدي يعيشون في حالة نزوح، داخل وخارج المخيمات في إقليم كردستان العراق. على الرغم من العودة السعيدة للمنزل التي حدثت في الشهر الماضي، لا تزال معدلات العودة إلى سنجار منخفضة. فقد أدى تدمير البنية التحتية والمنازل في مدينة سنجار والمناطق المحيطة بها إلى تقليص توافر الخدمات الأساسية ومحدودية الوصول إلى المياه الصالحة للاستخدام، والكهرباء، والرعاية الصحية، والتعليم.تواصل المنظمة الدولية للهجرة العمل لإتاحة الحلول المستدامة للناجين، من خلال استعادة الخدمات الأساسية، وتوفير الرعاية الصحية، والدعم الاقتصادي ودعم المشاريع التجارية الصغيرة، والجهود المبذولة لتخليد ذكرى الإبادة، وأنشطة بناء السلام والمزيد.
تعد استعادة وثائق ملكية المساكن والأراضي والممتلكات جانبًا مهمًا لدعم الحلول المستدامة للتهجير - خاصة بالنسبة للسكان الإيزيديين. فبدون هذه الوثائق، يكافح العائدون للوصول إلى دعم المأوى الحكومي والتعويض عن ممتلكاتهم المدمرة. كما أن الافتقار إلى الوثائق يعيق فرص سبل العيش، لا سيما بالنسبة لغالبية السكان الذين كانوا يعتمدون على سبل العيش القائمة على الزراعة قبل عام 2014، وبدون وثائق إثبات ملكية الأرض، يُحرمون من الوصول إلى ممتلكاتهم الخاصة للزراعة. منذ عام 2021، ساعد الفريق القانوني للمنظمة الدولية للهجرة في العراق 1490 إيزيدياً في الحصول على وثائق الإسكان والأرض والملكية، إلى جانب تقديم الدعم لتأمين التوثيق المدني لتقديم طلب للحصول على وضع الناجي القانوني بموجب قانون الناجيات الإيزيديات.
وقد تحقق التقدم على هذه الجبهات بفضل المناصرة المستمرة للمجتمعات المتضررة وجهود القادة السياسيين والحكوميين ودعم الشركاء الدوليين. ومع ذلك، من الضروري الاستمرار في التحرك وتلبية الاحتياجات المعلقة. يجب على المجتمع الدولي أن يواصل دعم جهود العدالة الانتقالية التي يقودها الناجون، وتعزيز المساءلة والدعوة إلى زيادة الوصول إلى الخدمات العامة الجيدة لجميع أفراد المجتمع.
الاستثمار في بناء القدرات على المستويين الوطني والمحلي - لا سيما في المديرية العامة لشؤون الناجيات، التي تقف على أهبة الاستعداد بالميزانية لتقديم فوائد ملموسة للناجين، في انتظار بناء القدرة المؤسسية - أمر بالغ الأهمية لتلبية الاحتياجات المادية والجسدية والنفسية للناجين.
مع احتفالنا بالذكرى التاسعة لمجزرة سنجار، نتذكر الأرواح التي فقدت ونكرم صمود الإيزيديين الذين استهدفتهم الإبادة الجماعية التي ارتكبها داعش. قد يكون الطريق أمامنا صعبًا، ولكن مع استمرار الالتزام والتعاون، يمكننا العمل نحو مستقبل لا تتكرر فيه أهوال الماضي أبدًا - مستقبل يمكن للناجين والناجيات من خلاله التعافي والازدهار بكرامة وسلام.