النجف الأشرف، 25 شباط 2023
السيدات والسادة،
صباح الخير،
إسمحوا لي في البداية أَن أُعبر عن إمتناني للفرصة التي أُتيحت لي للتحدث إليكم في هذا المؤتمر اليوم نيابةً عن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس-بلاسخارت، التي تُرسل لكم تحياتها وأطيب الأُمنيات.
ويُسعدني أن أرى العديد منكم من العراق ومن دولٍ أخرى يَجتمعون معاً لمناقشة التحديات والفرص التي تُواجه الشباب في العراق وفي المنطقة.
وأَتوجه بالشكر لمركز الرافدين للحوار على المبادرة بتنظيم هذه الفعالية المهمة. ويُسُرُني بشكلٍ خاص أن أتكلم معكم في هذه القاعة التي كُرِّسَت مؤخراً لذكرى سيرجيو فييرا دي ميلو.
ودَعوني أُشَارِككُم بعض الأفكار حول الدور المهم للشباب والشابات في العراق.
وفقاً للأرقام الأخيرة، يُشكّلُ الشباب أكثر من نصف عدد السكان (55%) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الإقتصادي 2019). ويُعتبر العراق من أكثر الشعوب شباباً في العالم، حوالي 60% من السكان دون سن 25 عاماً. بيد أن أهمية الشباب لا تَكمُن في أعدادهم فحسب، بل ايضاً في صفاتهم.
نحن نعلم أنَّ الإبداع والطموح سِمة الشباب عموماً. وتعيش أعلى نسبة من الشباب في أماكن غير مستقرة حول العالم. ولديهم إمكانات هائلة للتغيير. وقد إستخدم البعض هذه الإمكانات لتعزيز الأيديولوجيات التمييزية وإستخدام العنف ضد أولئك الذين يختلفون عنهم. ولكن لحسن الحظ، لدى غالبية الشباب قيم قوية للتسامح ويريدون تعزيز الحوار والتقدم الإجتماعي والسلام.
وقد أقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في قراره رقم 2250، في عام 2015، بأن "الشباب يلعبون دوراً مهماً وإيجابياً في الحفاظ وتعزيز السلم والأمن الدوليين". والمشاركة هي من الركائز الأساسية لهذا القرار. كما يحث القرار الدول الأعضاء على إعطاء الشباب صوتاً أكبر في صنع القرار على كافة المستويات. كما يدعو الدول إلى إنشاء آليات تُمَكن الشباب من المشاركة بشكل هادف في حل النزاعات ومسارات السلام.
وكما هو الوضع في الدول الأخرى، غالباً ما يتم استبعاد الشباب في العراق من عمليات صنع القرار والمناقشات السياسية. وكما في حالة المرأة، لا يتم تمثيل الشباب بشكلٍ كافياً في مستويات صنع القرار في الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة. ويتم إستبعادهم بدرجة كبيرة من مسارات وآليات حل النزاعات. وينبغي معالجة ذلك بضمان مشاركة الشباب والنساء بشكل فعَّال وإسهامهم في العمليات السياسية المتعددة الجارية في العراق.
وفي الوقت ذاته، يشعر العديد من الشباب في العراق بالقلق الحقيقي بشأن فرص عملهم. ويتعين على الحكومة تبني سياسات توظيف توفر فرصاً اقتصادية مستدامة، وليس فقط الإعتماد على عائدات النفط وتوسيع القطاع العام.
وأعتقد أن الحكومة ملتزمة بدعم شباب هذا البلد. ففي شهر أيار من عام 2021، اعتمدت وزارة الشباب بدعم من الأمم المتحدة رؤية الشباب 2030. وهي خارطة طريق متعددة القطاعات لتمكين الشباب في العراق وخلق الفرص لهم لتعزيز وضعهم السياسي والإقتصادي والإجتماعي والصحي.
أود أن أؤكد لكم أن الأمم المتحدة لا تزال ملتزمة بالعمل معكم لتحقيق طموحاتكم، على النحو المنصوص عليه في استراتيجية الأمين العام للأمم المتحدة وهي "الشباب 2030". وقد تم إطلاق هذه الإستراتيجية في عام 2018، التي توجه جهود الأمم المتحدة لتعزيز عملها مع الشباب عبر ثلاث ركائز – السلام والأمن وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة. وتسعى إلى تلبية إحتياجات الشباب والنهوض بحقوقهم، وضمان مشاركتهم في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
نُريد من الشباب أن يَأخُذوا زمام المبادرة والتوصل الى حُلول مبتكرة ومستدامة لمواجهة التحديات الرئيسية في العراق، مثل تَغَيُّر المناخ. غالباً ما يقال أنكم قادة الغد، ولكن في الواقع، أنتم قادة اليوم!
لذا استمروا في الإجتماع والتنظيم ورفع أصواتكم، ثقوا في أنفُسِكُم ولا تستسلموا أبداً. والأهم من ذلك، اتحدوا، لديكم قواسم مشتركة أكثر مما يفرقكم. وفي العراق، رأينا عن كثب في عام 2019 قوة الشباب الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بالحقوق الأساسية وفرص أفضل.
ونحن نتطلع إلى نتائج هذا المؤتمر، خاصة في ما يتعلق بالسبل التي يمكن للأمم المتحدة من خلالها دعم شباب العراق والمنطقة بصورة أفضل، من أجل تأكيد حقكم في القيام بدور أكبر وأكثر فعالية في تشكيل مستقبل هذا البلد.
أتمنى لكم مناقشات بناءة ومثمرة.