كركوك، العراق-أكد شباب كركوك والمنتمين إلى خلفيات عرقية ودينية متنوعة أنهم لا يواجهون مشكلة في العيش سوية في سلام وتآلف، وهم يعدّون منتدى "العراق: شباب وتعايش" والذي شهدت مدينتهم إقامة نسخته السادسة ضمن سلسلة المنتديات التي شملت أنحاء البلاد، يعدّونه فرصة لتسليط الضوء على هذه الحقيقة، فضلاً عن تعزيز مفهوم المصالحة الوطنية.
بتأريخ 22 نيسان 2017، شارك 109 من الشباب -69 شاباً و40 شابة من الفئة العمرية 18-35 عاماً-في منتدى "العراق: شباب وتعايش" الذي أُقيم في كركوك. ويرمي المنتدى إلى إعطاء صوت للشباب، نظراً لدورهم الحاسم في رسم الطريق نحو التعايش السلمي في عراق المستقبل، حيث لا وجود لإرهاب داعش. ومن المقرر عقد لقاء سابع في بغداد، يسبق عقد مؤتمر شامل تستضيفه العاصمة العراقية في أواخر شهر أيار، بغية أيصال توصيات كافة المنتديات السابقة إلى الحكومة العراقية، من أجل المضي قُدُماً نحو المصالحة الوطنية.
ونظراً لأن كركوك تمثل صورةً مصغرةً لتنوع العراق، فلا مكان أفضل منها لتجسيد مشهد العراقيين – من الكرد والعرب والتركمان والسنة والشيعة والمسيحيين-وهم يعيشون سوية في سلام وتآلف. وقد عمل المشاركون في المنتدى بهذه الروحية، وشملت مقترحاتهم أموراً مثل تعزيز القوات الأمنية ونزع السلاح وفصل الدين عن شؤون الدولة، بيد أن العديد من المشاركين، ممن أجرى فريق المكتب الإعلامي في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) مقابلات معهم على هامش المنتدى، أنحوا باللائمة على السياسة وبعض وسائل الإعلام في حصول أية توترات.
ساجدة ستار سعيد هي شابة كردية من السليمانية وزوجها من كركوك، لكنها تحب أن تسمّي كركوك مدينتها بعد أن انتقلت إليها عندما التقت من أصبح زوجها فيما بعد في الجامعة، قبل أن يتزوجا لاحقاً.
وفي مقابلة أجراها فريق المكتب الإعلامي في البعثة، قالت السيدة ساجدة: "أرى نفسي كمشاركة شابة، أطمح إلى تنمية العراق كي نحيا بسلام".
وأعربت السيدة ساجدة، وهي مدرسة لغة إنكليزية، تبلغ من العمر 29 عاماً، أعربت عن ثقتها بأن يحقق هذا اللقاء بعض التغييرات وألّا يبقى مجرد حبر على ورق، وقالت “أنا كردية، لكننا جميعا سواسية، وحسب تعاليم الإسلام فنحن أسرة واحدة".
ويرى شاب كردي آخر من كركوك وهو محمد نجيب، الذي يبلغ من العمر 32 عاماً وقد تخرج من الجامعة في قسم اللغة الإنكليزية، يرى أن التنوع مصدر ثراء وقوة.
ومضى محمد، وهو مؤسس مشارك لمجموعة شباب تنشط في العمل التطوعي، قائلاً: "أنا أؤمن بالتنوع وقد شاركت كي ألتقي بالآخرين وأقف على رأيهم بشأن التعايش. إن بعض الشباب يقعون تحت تأثير أحزاب سياسية، أما بالنسبة لي، فأنا أنحدر من قرية في محافظة كركوك، وأنا دائما أعلم طلابي قبول التنوع والتعايش مع الآخرين وعدم رفض اللغات الأخرى لأن ذلك سوف يؤدي الى فقدان الآخرين لهويتهم".
ويشارك محمد نجيب في آراءه المواطن محمد ودود، وهو شاب من عرب كركوك يبلغ من العمر 28 عاماً، خريج كلية إدارة الاعمال وعاطل عن العمل حالياً وينحدر من المنطقة التي تسكنها عشيرة الحديديين وهي من أقدم المناطق المعروفة في كركوك. حيث يقول: "لقد أعجبتني فكرة المشاركة من اجل التفاعل مع الشباب الآخرين كإنسان وليس كممثل عن المكون العربي. لقد عملت مع منظمات العمل التطوعي على جمع التبرعات للنازحين، وقد لاحظت بأن هناك اختلاف في الرؤى، بيد أن الجميع يتشاركون في قبول الآخر".
ويؤكد السيد محمد ودود، وهو يستذكر تأريخ كركوك، حيث عاشت مكونات متنوعة جنبا الى جنب بسلام وانسجام، أن ماضيه ما زال هو ما يؤثر في آراءه، وهو عاقد العزم على ضمان أن تبقى كركوك كما كانت من قبل، ويقول "لقد سنحت لي الكثير من الفرص للعمل في أماكن مختلفة، لكن حبي لكركوك هو ما يجعلني لا أفكر بتركها مطلقاً".
وترى نادية نور الدين والبالغة من العمر 28 عاماً، وهي من تركمان كركوك وتعمل كمدرسة لمادتي التاريخ والجغرافية باللغة التركية في مدرسة أهلية، ترى فائدة عظيمة في عقد مثل هذا اللقاء من اجل تعزيز قيم التسامح وقبول الآراء المختلفة.
وأوضحت أن "المنتدى منحنا حرية التعبير وقبول الآخرين وأساساً راسخاً لتكافؤ الفرص بين الشباب، بصرف النظر عن انتماءاتنا. نحن نختلف في الأفكار والآراء ولكننا نتفق في احترام بعضنا لبعض. لقد كنت أُدرِّس في مدرسة تضم طلاب من جماعات عرقية متنوعة، ولكني حرصت دائما على التأكيد على الدعوة للسلام، بعيداً عن تدخل الغرباء".
ونظمت المنتدى بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بالتعاون مع جمعية الأمل العراقية. وأكد نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية والانتخابية للشباب في كلمته الختامية بأن توصياتهم سوف تلقى اهتماماً في عملية المصالحة الوطنية، إذ قال: "أنتم مصدر الأمل للشعب العراقي. واصلوا مسعاكم، لأن الحوار هو مبعث هذه الأفكار الرائعة التي سمعناها اليوم".