تقرير عن العنف الجنسي ضد ّ النساء والفتيات الذي ارتكبه تنظيم داعش في العراق
تقديم
يُشرّفني أن أُقدّم لجميع القُراء تقريرنا عن العنُف الجنسي الذي ارتكبه تنظيم داعش في العراق؛ وفي صفحات هذا التقرير نرى مرة أُخرى أنّ فريق التحقيق (يونيتاد) حرصَ منذ أيامه الأولى في العراق؛ على التأكيد القانوني أن إجرام تنظيم داعش لم يستثنِ أحداً.
ومن خلال عمل وحدة مواضيعية مخصصة، بذل فريقي جهداً كبيراً في التحقيق في الجرائم المرتكبة ضدّ بعض أكثر الفئات استضعافاً، استهدفها تنظيم داعش عامداً بجرائم جنسية؛ وهي جرائم أثّرت بشكل مفرط على النساء والفتيات.
سيعرض هذا التقرير لمحة عامة عن النتائج الحالية التي تُظهر طبيعة بعض أخطر الجرائم الدّولية التي ارتكبها تنظيم داعش ضدّ جميع المجتمعات المحليّة العراقية، حيثُ تُسهب التفاصيل المروّعة عمليات الاختطاف والاستعباد والاضطهاد التي مارسها تنظيم داعش ضدّ مجموعات محددة في العراق. كما يقدّم التقرير أيضا تحلياً قانوني لهذه الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش ضدّ نساء ورجال وفتيات وفتية، في إطار القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدّولي. بيد أنّ هذه النتائج القانونية تتعلق بأصناف الجرائم المذكورة في هذا التقرير ولا تشمل جميع الجرائم المُرتكبة بحقّ المجتمعات المذكورة فيه، إذ لا تزال الجرائم الأُخرى قيد التحقيق وبالتالي سوف يتم إكمالها.
إذاً، ما أهمية النتائج القانونية الواردة هُنا؟
تسمح النتائج بتصنيف الجرائم المرتكبة ضدّ نساء ورجال وفتيات وفتية من مجموعة من المجتمعات في العراق على أنها جرائم دولية، وبالتالي تُمهِّد الطريق لإجراء عمليات المُساءلة على أساس الجرائم الدّولية. من المهم أن نلاحظ أن الجرائم الدولية لا تسقط بالتقادم، وكما يبين لنا التاريخ يُمكن رفع دعاوى جنائية ضدّ مُرتكبي هذه الجرائم حتى بعد مرور عقود، وحيثما توجد ولاية قضائية مختصة. نثمّن هنا العملية التي يقودها العراق لسنّ إطار قانوني من شأنه أن يسمح بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم والجرائم الدّولية الأُخرى من تنظيم داعش قضائي في العراق. إنّ سنّ هذا الإطار القانوني هو ضمانة للاستخدام الأمثل للنتائج القانونية التي توصّل لها هذا الفريق.
بنفس القدر من الأهمية، فأنّ هذا التوصيف القانوني يُقدِّم اعتراف بمعاناة الضحايا والناجين، الذين يطالبون بوصف هذه الجرائم بطبيعتها الحقيقية؛ أي بكونها ليست إرهاب عشوائياً، بل جرائم دولية. إنّ هؤلاء الناجين والناجيات الشجعان للغاية الذين تعرّضوا لجرائم مروّعة ومع ذلك تقدموا وتحدّثوا عما مروا به، يستحقون أن يتم الاستماع إليهم ويستحقون الاعتراف بما عانوا منه حق :ً أي جرائم حرب، وجرائم ضدّ الإنسانية، وفي بعض الحالات، إبادة جماعية.
منذ وقت ليس ببعيد، وقفت إحدى الناجيات الأيزيديات أمام المحكمة في ألمانيا لتواجه شخصياً احدى مرتكبي جرائم تنظيم داعش، لقد أُتيحت لها الفرصة لرواية قصتها كمُدّعية مُشاركة قبل اأن ترى الإجراءات الجنائية تتتخذ ضد هذه الجانية في المحكمة من خال محاكمة قائمة على الأدلة. إنّ مِثل هذه الحالات، حيث لعب فريق التحقيق )يونيتاد( دوراً حاسماً في دعم المُدّعين العامين، هي التي تدفع تصميمنا إلى الأمام، حتى يرى جميع الضحايا والناجين نصرة حقهم في يوم مشهود عن طريق المحاكمات ويجدوا العزاء عندما يتم تصنيف الجرائم المُرتكبة ضِدهم بشكل مناسب ومُعترف به قانوني ؛ً عندها يمكن أن تتقدم عملية التشافي. إنّ مثل هذه الحالات هي ما نطمح إلى رؤيته يحدث في العراق، وهو البلد المتلقي الرئيسي لعملنا.
تحقيق لهذه الغاية، نُقدم النتائج الحالية التي توصلنا إليها في هذا التقرير، مع الاعتراف بدعم السلطات العراقية، ولا سيما القضاء العراقي، الذي كان له دور فعّال في تحقيقاتنا. عاوة على ذلك، لم يكن أي مِما نقوم به مُمكن لولا الشجاعة الهائلة والدعم الذي قدمته المُجتمعات المتضررة. ومن خلال النساء والرجال الشُجعان في هذه المجتمعات الذين تقدموا بشهاداتهم، تمكنا من إحراز تقدم في تحقيقاتنا. ونُقدم أيض هذه النتائج، مع الاعتراف في هذه العملية بأن التحقيقات لا يزال أمامها طريق لتقطعه، بما في ذلك الكشف عن المزيد من قصص جميع النساء والرجال الذين ما زالوا في عداد المفقودين والحصول على شهادات إضافية حول جرائم تنظيم داعش.
إن تغطية النِطاق الحقيقي للجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش هو فعل مدعو للقيام به جميع أصحاب المصلحة والمسؤولين من أجل السير به قدم نحو المُساءلة والعدالة التي ينتظرها جميع الضحايا والناجين.
كريستيان ريتشر
المستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق (يونيتاد)