الأمين العام -- كلمة بعنوان ”الفرصة سانحة للتعجيل بعصر الطاقة النظيفة“ نيويورك، 22 تموز/يوليه 2025

أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
أيها الأصدقاء الذين ينضمون إلينا من مختلف أنحاء العالم،
إن أغلب ما تنقله الأنباء اليوم يُخبر عن عالم مضطرب.
عن صراعات محتدمة وفوضى مناخية.
عن معاناة إنسانية متصاعدة.
عن انقسامات جيوسيايسة متزايدة.
بيد أننا نلمح في غمرة كل هذا الاضطراب شيئا إيجابيا تتشكل ملامحه.
وستكون آثاره عميقة.
فعلى مدار التاريخ، صاغت الطاقة مصير البشرية - بدءا من التحكم في النار إلى تسخير البخار إلى شطر الذرة.
والآن، نحن على أعتاب حقبة جديدة.
فالوقود الأحفوري يُشرف على الاختفاء.
والشمس تشرق على عصر الطاقة النظيفة.
تتبعوا فقط أين تذهب الأموال.
فقد أُنفق على الطاقة النظيفة في العام الماضي 2 تريليون دولار - أي بزيادة قدرها 800 بليون دولار عمّا أنفق على الوقود الأحفوري، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 70 في المائة تقريباً في عشر سنوات.
وتُظهر البيانات الجديدة الصادرة اليوم عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن الطاقة الشمسية - التي كانت تكلفتها منذ وقت ليس ببعيد أربعة أضعاف تكلفة الوقود الأحفوري - أصبحت الآن أرخص بنسبة 41 في المائة.
وأضحت طاقة الرياح البحرية أرخص بنسبة 53 في المائة.
ويُنتِج أكثر من 90 في المائة من المصادر الجديدة للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم الكهرباءَ بتكلفة تقل عن تكلفة أرخص بديل جديد من الوقود الأحفوري.
وهذا ليس مجرد تحول في التأثير. إنه تحول في الإمكانية.
أجلْ، وفي جهود إصلاح علاقتنا مع المناخ.
فالطاقة النظيفة تقلل بالفعل انبعاثات الكربون على مستوى العالم بمقدار يعادل ما ينتجه الاتحاد الأوروبي بأكمله من الانبعاثات في عام واحد.
ولكن هذا التحول يتعلق في الأساس بأمن الطاقة وأمن الناس.
إنه يتعلق بالاقتصاد الذكي.
بفرص العمل اللائقة والصحة العامة والنهوض بأهداف التنمية المستدامة.
وبتوفير طاقة نظيفة بأسعار معقولة للجميع في كل مكان.
واليوم، نحن نصدر تقريراً خاصاً - بدعم من وكالات الأمم المتحدة والشركاء - الوكالة الدولية للطاقة وصندوق النقد الدولي والوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والبنك الدولي.
ويبين التقرير المدى الذي بلغناه في العقد الذي انقضى منذ أن أطلق اتفاق باريس شرارة ثورة الطاقة النظيفة. ويسلط الضوء على الفوائد الهائلة - والإجراءات اللازمة - لتسريع الانتقال العادل على مستوى العالم.
فمصادر الطاقة المتجددة باتت بالفعل تضاهي تقريبا الوقود الأحفوري من حيث القدرة الإنتاجية العالمية المركبة للطاقة.
وليست هذه سوى البداية.
ففي العام الماضي، جاء جلُّ القدرات الإنتاجية الجديدة للطاقة التي تم بناؤها من مصادر الطاقة المتجددة.
وأضافت كل قارة من قارات الأرض قدرات إنتاجية من مصادر الطاقة المتجددة أكثر مما أضافته من القدرات الإنتاجية من الوقود الأحفوري.
وولدت مصادر الطاقة المتجددة ما يقرب من ثلث الكهرباء في العالم.
إن مستقبل الطاقة النظيفة لم يعد مجرد وعد. إنه حقيقة.
فليس بإمكان أي حكومة. أو صناعة. أو مصلحة خاصة أن توقفه.
وبطبيعة الحال، سيحاول أنصار الوقود الأحفوري في بعض شركات الوقود الأحفوري وقفه - ونحن نعلم إلى أي مدى سيذهبون.
ولكنني على يقين تام من خيبة مسعاهم - لأننا تجاوزنا نقطة اللاعودة.
وذلك لثلاثة أسباب قوية.
أولاً، اقتصاديات السوق.
فإذا كانت زيادة الانبعاثات قد رافقها ازدياد النمو الاقتصادي على مدى عقود،
فإن ذلك لم يعد ممكنا الآن.
فقد بلغت الانبعاثات أقصاها في العديد من الاقتصادات المتقدمة، ولكن النمو مستمر.
ففي عام 2023 وحده، كانت قطاعات الطاقة النظيفة القوة المحركة لـ 10 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ولـ 5 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند. ولـ 6 في المائة في الولايات المتحدة. ولـ 20 في المائة في الصين، التي هي رائدة على صعيد التحول في مجال الطاقة.
ولـنحو 33 في المائة في الاتحاد الأوروبي.
ويفوق عدد الوظائف في قطاعات الطاقة النظيفة الآن عددها في قطاعات الوقود الأحفوري - حيث يعمل بها 35 مليون شخص تقريبا في جميع أنحاء العالم.
وحتى تكساس - قلب صناعة الوقود الأحفوري الأمريكية - تتصدر الآن الولايات المتحدة في مجال الطاقة المتجددة.
لماذا؟ لأن ذلك مجدٍ اقتصادياً.
ومع ذلك لا يزال الوقود الأحفوري يتمتع بميزة الحصول على دعم استهلاكي من الموازنة العامة بنسبة 9 إلى 1 على مستوى العالم - وهو تشويه واضح للسوق.
أضف إلى ذلك التكاليف غير المحتسبة للأضرار المناخية التي تَحيق بالناس والكوكب - وهو ما يجعل التشويه أفدح.
والبلدان التي تتشبث بالوقود الأحفوري لا تحمي اقتصاداتها - بل تدمرها.
وتزيد التكاليف.
وتقوض القدرة التنافسية.
وتمعن في تعطيل الأصول.
وتفوت أكبر فرصة اقتصادية في القرن الحادي والعشرين.
أصحاب المعالي،
أيها الأصدقاء الأعزاء،
ثانياً - مصادر الطاقة المتجددة وجدت لتبقى لأنها أساس أمن الطاقة والسيادة.
لنكن واضحين، فإن أكبر تهديد لأمن الطاقة اليوم يكمن في الوقود الأحفوري.
فهو يُبقي الاقتصادات والشعوب تحت رحمة صدمات الأسعار واضطرابات العرض والاضطرابات الجيوسياسية.
تأملوا فقط غزو روسيا لأوكرانيا.
لقد أدت الحرب في أوروبا إلى أزمة عالمية في الطاقة.
إذ حلّقت أسعار النفط والغاز.
وتَبِعها ارتفاع فواتير الكهرباء والطعام.
ففي عام 2022، شهد متوسط تكاليف الطاقة في المنازل في جميع أنحاء العالم قفزة بنسبة 20 في المائة.
والاقتصادات الحديثة والتنافسية تحتاج إلى طاقة مستقرة وبأسعار معقولة. وتوفر مصادر الطاقة المتجددة كلا الأمرين.
فأسعار أشعة الشمس لا ترتفع.
ولا يوجد حظر على الرياح.
ويمكن لمصادر الطاقة المتجددة أن تضع الطاقة - بالمعنيين الحرفي والمجازي - في أيدي الناس والحكومات.
وكل دولة تقريباً لديها ما يكفي من الشمس أو الرياح أو المياه لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة.
ومصادر الطاقة المتجددة هي التي تحقق أمن الطاقة الحقيقي. والسيادة الحقيقية في مجال الطاقة. والتحرر الحقيقي من تقلبات الوقود الأحفوري.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
السبب الثالث والأخير لعدم التراجع عن مصادر الطاقة المتجددة هو سهولة الوصول إليها.
فإذا كان من غير الممكن بناء محطة فحم في الفناء الخلفي لمنزل ما،
فإن من الممكن توصيل الألواح الشمسية إلى أبعد قرية نائية على وجه الأرض.
والطاقة الشمسية والريحية تفوق الوقود الأحفوري من حيث سرعة نقلها إلى حيز الاستعمال وقلة تكلفة هذا النقل ومرونته.
ومع أن الطاقة النووية ستصبح جزءاً من مزيج الطاقة العالمي، فإنها لن تستطيع أبداً سد فجوات الانتفاع.
وكل هذا سيغير قواعد اللعبة بالنسبة لمئات الملايين من الناس الذين لا يزالون يعيشون بدون كهرباء - ومعظمهم في أفريقيا، تلك القارة التي تزخر بالإمكانات في مجال الطاقة المتجددة.
فبإمكان أفريقيا أن تولد، بحلول عام 2040، كهرباءَ من مصادر الطاقة المتجددة دون غيرها أكثر مما تحتاج إليه بعشرة أضعاف.
ونحن نشهد بالفعل تكنولوجيات توليد الطاقة المتجددة بأحجام صغيرة وخارج الشبكة تضيء المنازل، وتزود المدارس والأعمال التجارية بالطاقة في أماكن نائية.
وفي أماكن مثل باكستان، يؤدي إقبال السكان إلى إحداث طفرة في مجال الطاقة الشمسية – وبات المستهلكون يقودون الاندفاع الكبير نحو الطاقة النظيفة.
أصحاب المعالي،
أيها الأصدقاء الأعزاء،
إن التحول في مجال الطاقة لا سبيل إلى وقفه.
لكنه تحول لا يتم بسرعة كافية أو بعدالة كافية.
فدول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والصين تستحوذ على 80 في المائة من القدرات الإنتاجية المركبة للطاقة المتجددة على مستوى العالم.
وتبلغ حصة البرازيل والهند ما يقرب من 10 في المائة.
وأفريقيا - 1,5 في المائة فقط.
وفي الوقت نفسه، نجد أن أزمة المناخ تُزهق الأرواح وتقضي على سبل العيش.
ونجد الكوارث المناخية تُهدر في الدول الجزرية الصغيرة أكثر من 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتدفع أقساطَ التأمين إلى عنان السماء في الولايات المتحدة.
وأصبح الوفاء بهدف حصر ارتفاع درجة الحرارة في حدود 1,5 درجة مئوية مهدَّدا بخطر غير مسبوق.
ولإبقاء هذا الهدف في المتناول، لا بد من أن نعجِّل كثيرا من وتيرة الحد من الانبعاثات - وتحقيق التحول إلى الطاقة النظيفة.
ومع تسارع قدرات التصنيع، وانخفاض الأسعار بشدة، واقتراب موعد انعقاد مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ في دورته الثلاثين.
تلوح أمامنا فرصة جديرة بالاغتنام.
ولا بد لنا من اغتنامها.
ويمكننا القيام بذلك باتخاذ إجراءات في ستةٍ من مجالات الفرص.
أولاً - من خلال استخدام خطط وطنية جديدة في مجال المناخ للمضي قدماً بكل همّة في سبيل التحول في مجال الطاقة.
ففي كثير من الأحيان، ترسل الحكومات رسائلَ حمَّالة أوجُه:
إذ لا تكاد تحدد أهدافاً جريئة في مجال الطاقة المتجددة، إلا وتُتبع ذلك في اليوم التالي بتقديم إعانات جديدة للوقود الأحفوري وإحداث توسعات جديدة فيه.
ومن المقرر أن تَصدُر خطط المناخ الوطنية المقبلة، أو المساهمات المحددة وطنياً، في غضون أشهر.
ويجب أن تتضمن هذه الخطط ما يحقق الوضوح واليقين.
ويجب على دول مجموعة العشرين أن تتقدم الصفوف. فهي تنتج 80 في المائة من الانبعاثات العالمية.
ويتعين تطبيق مبدأ المسؤوليات المشتركة وإن كانت متباينة، ولكن كل بلد عليه أن يفعل المزيد.
وعلى البلدان جميعها أن تقدم، قبل انعقاد المؤتمر الثلاثين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ في البرازيل، خططا جديدة:
إني أدعو الزعماء إلى تقديم مساهماتهم المحددة وطنيا الجديدة في احتفالية سأقوم باستضافتها في أيلول/سبتمبر، أثناء الأسبوع الرفيع المستوى للجمعية العامة. وهذه المساهمات يجب أن:
تغطي جميع الانبعاثات، وتشمل الاقتصاد بأكمله.
وتتواءم مع هدف حصر ارتفاع درجة الحرارة في حدود 1,5 درجة.
وتدمِج أولويات الطاقة والمناخ والتنمية المستدامة في رؤية واحدة متماسكة.
وتفي بالوعود العالمية المتمثلة فيما يلي:
مضاعفة كفاءة استخدام الطاقة وزيادة القدرات الإنتاجية للطاقة المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030.
وتسريع التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري.
ويجب أن تكون هذه الخطط مدعومة بخرائط طريق طويلة الأجل للتحول العادل إلى نظم للطاقة ذات انبعاثات صافية صفرية - بما يتماشى مع هدف الوصول إلى انبعاثات صافية صفرية بحلول عام 2050.
كما يجب أن تكون مدعومة بسياسات تُظهرُ أن مستقبل الطاقة النظيفة ليس حتمياً فحسب، بل جدير بالاستثمار فيه.
وتتضمنُ قواعد تنظيمية واضحة وتنشئ مشاريع للتنفيذ.
وتعزز الشراكات بين القطاعين العام والخاص - وتطلق العنان لرأس المال والابتكار.
وتحدد سعرا حقيقيا للكربون.
وتضع حدا للإعانات والتمويل العام الدولي للوقود الأحفوري - على النحو الذي وُعد به.
ثانياً، هذه هي فرصتنا السانحة لبناء نظم طاقة القرن الحادي والعشرين.
فركب التكنولوجيا يمضي قُدما.
إذ في فترة لا تتعدى خمسة عشر عاما، تهاوت تكلفة نظم تخزين البطاريات لشبكات الكهرباء بنسبة تزيد عن 90 في المائة.
ولكنْ هنا مكمن المشكلة.
فالاستثمارات في البنية التحتية المناسبة لا تتقدم بنفس الوتيرة.
ومقابل كل دولار يتم استثماره في الطاقة المتجددة، يذهب 60 سنتاً فقط إلى الشبكات والتخزين.
وينبغي أن تكون هذه النسبة واحداً إلى واحد.
فنحن نبني طاقة متجددة - لكن ربطها لا يتم بالسرعة الكافية.
وحاليا، يبلغ مقدار الطاقة المتجددة التي تنتظر توصيلها بالشبكات ثلاثة أضعاف ما تمت إضافته منها في العام الماضي.
وما زال الوقود الأحفوري يهيمن على إجمالي مزيج الطاقة العالمي.
ويجب أن نتحرك الآن ونضخ الاستثمارات في العمود الفقري لمستقبل الطاقة النظيفة.
وفي شبكات الطاقة الحديثة والمرنة والرقمية - بما في ذلك التكامل الإقليمي.
وفي توسيع نطاق تخزين الطاقة بقدر كبير جدا.
وفي شبكات الشحن الكهربائي - لتغذية ثورة السيارات الكهربائية.
ومن ناحية أخرى، فإننا في حاجة إلى زيادة كفاءة الطاقة وتوصيل الكهرباء، في المباني ومرافق النقل والصناعات.
فهكذا نطلق العنان لتحقيق كامل الإمكانات التي تعد بها مصادر الطاقة المتجددة - ونبني نظم طاقة نظيفة وآمنة ومناسبة للمستقبل.
ثالثاً، هذه هي الفرصة المناسبة لتلبية الطلب العالمي المتصاعد على الطاقة بشكل مستدام.
فقد زادت أعداد من يتصلون بالشبكات.
كما زاد عدد المدن التي ترتفع فيها درجات الحرارة، مما أدى إلى التصاعد الحاد في الطلب على التبريد.
وزادت التكنولوجيات الشديدة الاستهلاك للكهرباء - من الذكاء الاصطناعي إلى التمويل الرقمي.
ويجب أن تستهدف الحكومات تلبية جميع الطلبات الجديدة على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
وبإمكان تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي أن تعزز الكفاءة والابتكار والقدرة على الصمود في نظم الطاقة. ويجب علينا الاستفادة منها.
ولكنها أيضاً شديدة التعطش للطاقة.
فمركز البيانات العادي للذكاء الاصطناعي يستهلك من الكهرباء ما يستهلكه 000 100 منزل.
وقريباً، ستستهلك المراكز الكبرى عشرين ضعف هذه الكمية.
وبحلول عام 2030، يمكن أن تستهلك مراكز البيانات من الكهرباء ما تستهلكه اليابان بأكملها اليوم.
وهذا وضع غير مستدام - إلا إذا جعلناه نحن كذلك.
ويجب أن يكون قطاع التكنولوجيا في صدارة هذا المسعى.
إنني أدعو اليوم كل شركة تقنية كبرى إلى تشغيل جميع مراكز بياناتها باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100 في المائة بحلول عام 2030.
ويجب عليها - إلى جانب الصناعات الأخرى - استخدام المياه بشكل مستدام في نظم التبريد.
إن الحوسبة السحابية هي الطريق الذي يُبنى من خلاله المستقبل حاليا.
ويجب أن تستمد طاقتها من الشمس والرياح والوعد بعالم أفضل.
أصحاب المعالي،
أيها الأصدقاء الأعزاء،
رابعاً، هذه هي لحظة الفرصة السانحة لتحقيق التحول العادل في مجال الطاقة.
لا بد أن يكفل عصر الطاقة النظيفة الإنصاف والكرامة والفرص للجميع.
وهذا يعني أن توجه الحكومات التحول على نحو يحقق العدالة.
من خلال توفير الدعم والتعليم والتدريب - للعاملين في مجال الوقود الأحفوري والشباب والنساء والشعوب الأصلية وغيرهم - حتى يتمكنوا من الازدهار في اقتصاد الطاقة الجديد.
ومن خلال ضمان حماية اجتماعية أقوى - حتى لا يتخلف أحد عن الركب.
ومن خلال التعاون الدولي لمساعدة البلدان النامية المنخفضة الدخل التي تعتمد بشدة على الوقود الأحفوري وتكابد من أجل تحقيق التحول.
لكن العدالة ليست مطلوبة هنا فحسب.
فالمعادن الحرجة التي تغذي ثورة الطاقة النظيفة غالبا ما توجد في بلدان تتعرض للاستغلال منذ فترة طويلة.
واليوم، نرى التاريخ يعيد نفسه.
إذ تتعرض المجتمعات لإساءة المعاملة.
ويتم العصف بالحقوق.
ويجري تدمير البيئة.
ونرى دولا عالقة في قاع سلاسل القيمة - بينما تجني دول أخرى الثمار.
ونرى نماذج الصناعات الاستخراجية تعمِّق اللامساواة والضرر.
وهذا أمر يجب أن ينتهي.
فالبلدان النامية بإمكانها أن تؤدي دوراً رئيسياً في تنويع مصادر الإمداد.
وقد أوضح فريق الأمم المتحدة المعني بالمعادن الحرجة للانتقال في مجال الطاقة الطريق إلى الأمام - وخَطَّ مساراً يرتكز على حقوق الإنسان والعدالة والإنصاف.
واليوم، أدعو الحكومات ومؤسسات الأعمال والمجتمع المدني إلى العمل معنا لتنفيذ توصياته.
دعونا نبنِ مستقبلاً ليس أخضر فحسب، بل عادلاً أيضاً.
ليس سريعاً فحسب - بل منصفاً أيضاً.
ليس تحوُّليا فحسب - بل جامعاً أيضاً.
خامساً، لدينا فرصة سانحة لاستخدام التجارة والاستثمار في تسريع التحول في مجال الطاقة.
فالطاقة النظيفة تحتاج إلى ما هو أكثر من الطموح.
تحتاج إلى منافذ للوصول، وإلى التكنولوجيات والمواد والتصنيع.
ولكن هذه العناصر تتركز في أيدي عدد قليل من البلدان.
والتجارة العالمية آخذة في التفتت.
ولهذا، يجب أن تدعم السياسةُ التجارية السياسةَ المتعلقة بالمناخ.
إن البلدان الملتزمة بعصر الطاقة الجديد يجب أن تتضافر جهودها لضمان أن تدفع التجارة والاستثمار هذا العصر إلى الأمام.
من خلال بناء سلاسل توريد متنوعة وآمنة وقادرة على الصمود.
وعن طريق خفض الرسوم الجمركية على سلع الطاقة النظيفة.
ومن خلال إطلاق طاقات الاستثمار والتجارة - عبر التعاون بين بلدان الجنوب وغيره.
وعن طريق تحديث معاهدات الاستثمار المتقادمة - بدءا بأحكام تسوية المنازعات بين المستثمرين والدول.
فمصالح الوقود الأحفوري تستخدم اليوم هذه الأحكام كسلاح لإبطاء مسار التحول، لا سيما في العديد من البلدان النامية.
والإصلاح هنا مطلوب بشدة.
ويجب ألا يكون السباق نحو الجديد سباقاً للقلة.
بل يجب أن يكون سباقا تتابعيا - مشتركاً وشاملاً وعصياً على الانهيار.
دعونا نجعلْ من التجارة أداة للتحول.
سادساً وأخيراً، لدينا فرصة سانحة لإطلاق القوة الكاملة للتمويل - مع توجيه الاستثمار نحو الأسواق ذات الإمكانات الهائلة.
رغم الطلب المتصاعد والإمكانات الهائلة في مجال الطاقة المتجددة، تُستبعد البلدان النامية من التحول في مجال الطاقة.
فأفريقيا هي موطن 60 في المائة من أفضل موارد الطاقة الشمسية في العالم. ولكنها لم تتلق إلا 2 في المائة من استثمارات الطاقة النظيفة العالمية في العام الماضي.
وإذا نظرنا إلى هذا الأمر من منظور أوسع، ستبدو الصورة صارخة بنفس القدر.
ففي العقد الماضي، ذهب دولار واحد فقط من كل خمسة دولارات استُثمرت في الطاقة النظيفة إلى البلدان الصاعدة والنامية عدا الصين.
ولإبقاء هدف حصر ارتفاع درجة الحرارة في حدود 1,5 درجة مئوية في المتناول وتوفير إمكانية حصول الجميع على الطاقة، يجب أن يرتفع الاستثمار السنوي في الطاقة النظيفة في تلك البلدان بأكثر من خمسة أضعاف بحلول عام 2030.
وهذا يتطلب سياسات وطنية جريئة. وإجراءات دولية ملموسة لتحقيق ما يلي:
إصلاح الهيكل المالي العالمي.
وزيادة قدرة مصارف التنمية المتعددة الأطراف على الإقراض بشكل كبير - بما يجعلها أكبر حجما ويزيد من جرأة هذه المصارف وقدرتها على إتاحة مبالغ ضخمة من التمويل الخاص بتكاليف معقولة؛
واتخاذ تدابير فعالة بشأن تخفيف عبء الديون - وتوسيع نطاق الأدوات التي أثبتت جدواها مثل مقايضة الديون بالمناخ.
واليوم، تدفع البلدان النامية مبالغ باهظة لكل من التمويل بالديون والتمويل بالمشاركة في رأس المال – لأسباب تعود جزئياً إلى اتّباع نماذج مخاطر متقادمة والتحيز والافتراضات الخاطئة التي تضخم تكلفة رأس المال.
ويجب على وكالات التصنيف الائتماني والمستثمرين أن يتطورا.
إننا بحاجة إلى اتباع نهج جديد في التعامل مع المخاطر يعكس ما يلي:
ما تعد به الطاقة النظيفة.
والتكلفة المتزايدة لفوضى المناخ.
وخطر تعطل أصول الوقود الأحفوري.
إني أحث الأطراف على التكاتف لحل التحديات المعقدة التي تواجه بعض البلدان النامية في عملية التحول في مجال الطاقة - مثل إخراج محطات الفحم من الخدمة قبل الأوان.
أصحاب المعالي،
أيها الأصدقاء الأعزاء،
إن عصر الوقود الأحفوري يتداعى وينهار.
ونحن الآن في فجر عصر الطاقة الجديد.
عصرٍ تغذي فيه الطاقة النظيفة الوفيرة الرخيصة عالماً غنياً بالفرص الاقتصادية.
وتتمتع فيه الدول بأمن الاستقلالية في مجال الطاقة.
وتكون فيه هبةُ القوة هبةً للجميع.
وهذا عالم في متناول أيدينا.
لكنه لن يتحقق من تلقاء نفسه.
ولا بالسرعة الكافية.
ولا بالعدالة الكافية.
فذلك نحن الذين نحققه.
إننا نملك الأدوات اللازمة لدفع عجلة المستقبل لصالح البشرية.
دعونا نحقق أقصى استفادة منها.
إن هذه فرصتنا التي يتعين ألا نفوتها.
شكراً لكم.