إحاطة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس-بلاسخارت المقدمة في اجتماع مجلس الأمن نيويورك، 13 شباط 2019 (كما أُعدّت)
السيد الرئيس،
السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمن الموقّرون،
يشرفني أن أتقدم لكم اليوم بهذه الإحاطة لأول مرة بصفتي الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).
كما تعلمون، فقد سمحت روح التعاون بين الكتل البرلمانية الرئيسية منذ أربعة أشهر بالترشيح التوافقي للسيد عادل عبد المهدي رئيساً مكلفاً للوزراء، وتضمن ذلك انتقالاً سلساً وملحوظاً للسلطة من جانب رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
إلا أنه، وحتى الآن، لا تزال الحكومة العراقية غير مكتملة. حيث ظلت أربعة مناصب شاغرة، ثلاثة منها (الداخلية والدفاع والعدل) رهن خلافات محتدمة بين الكتل السياسية.
وفي هذا السياق، فقد توقفت العديد من جلسات البرلمان أو تم رفعها أو مقاطعتها خلال الأشهر الماضية. ونتيجة لذلك، لم يحرز تنفيذ برنامج الحكومة سوى تقدم محدود. ولم تبدأ اللجان البرلمانية عملها الجوهري بعد.
وفي هذه الأثناء فإن البرلمان العراقي في عطلة لمدة شهر واحد وسيستأنف اجتماعاته في أوائل شهر آذار.
إن عمليات تشكيل الحكومة المطولة ليست بالأمر الجديد ولا تقتصر فقط على العراق. إذ تواجه دول أخرى تحديات مشابهة. بيد إنه هناك ضرورة ملحة في السياق العراقي لاستكمال هذه العملية بدون أي تأخير لتمكين الحكومة من توطيد المكاسب الأمنية المحرزة، للتركيز على إعادة بناء البلاد بعد أعوام من الصراع وضمان تقديم خدمات عالية الجودة للمواطنين.
نعم، إن تباطؤ وتيرة استكمال الحكومة العراقية أمر مقلق بلا شك. لذلك أود أن أناشد الأطراف السياسية مرة أخرى أن يتجاوزوا الصراعات السياسية الداخلية وأن يثبتوا أن التسوية السياسية يمكنها أن تتنصر تحقيقاً للمصالح العليا للشعب العراقي. كما أود أيضاً أن أذكّرهم بأن هناك نساء عراقيات يتمتعن بالبراعة والخبرة والكفاءة لأداء هذه الوظيفة.
السيد الرئيس،
يتحمل الشعب العراقي في نهاية المطاف العبء الأكبر للجمود السياسي. وهو يتحمل هذا العبء في وقت من الضروري فيه أن تتم تلبية احتياجاتهم ومطالبهم لخدمات أفضل، الأكثر إلحاحاً بينها هي الماء والكهرباء؛ بينما يكون من الضروري معالجة مسائل المتعلقة بإعادة الإعمار والعدالة والفساد والتوظيف والتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ وفي وقت كان ينبغي فيه على المواطنين العراقيين أن يتمكنوا من الاعتماد على حوكمة قوية وديمقراطية ومؤسسات دولة تتوفر لها مقومات البقاء.
لقد حان الوقت للقادة العراقيين للتركيز بعيداً عن السياسة الطائفية وبذل الجهد في تلبية الاحتياجات الملحة للمواطنين العراقيين لأن المزيد من التأخير قد يفسح المجال أمام عواقب وخيمة على استقرار البلاد.
وعلى الجانب الإيجابي، يسعدني أن أبلغكم بأن البرلمان قد صادق على قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 في 23 كانون الثاني. وقد تحقق هذا الإنجاز نتيجة للمشاورات المسبقة والتعاون الفعال.
والخبر السار هو أن ذلك يثبت أن هناك مجال للحوار السياسي البناء والشراكة. وآمل أن نرى المزيد من ذلك في الأشهر القادمة.
وتعكس مخصصات موازنة 2019 لعدد من قطاعات التنمية الرئيسية، مثل الكهرباء، جهود الحكومة لتحسين تقديم الخدمات الأساسية. ولكن لا تزال مخصصات إعادة الإعمار في المناطق المحررة أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية. إضافة إلى ذلك، لا يزال تمويل الدولة العراقية يعتمد بدرجة كبيرة على عوائد قطاع النفط وبذلك فهو عرضة للتأثر بتقلبات أسعار النفط.
ومن الخطوات الإيجابية الأخرى قرار مجلس الوزراء الأسبوع الماضي بتحويل برنامج الحكومة إلى خطة تنفيذية ذات جداول زمنية واضحة واستعراض عام للموارد المالية المخصصة. وسيسمح ذلك بالرصد الدقيق للتقدم وكذلك بالمساءلة.
إضافة إلى ذلك، أود أن أرحب بالخطوات التي اتخذتها الحكومة لمكافحة الفساد من خلال وضع تدابير وقائية. فقد ترأس السيد رئيس الوزراء خلال الشهر الماضي 3 اجتماعات للمجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي يهدف إلى توحيد الجهود لمحاربة الفساد من جانب أي جهة أو شخص بغض النظر عن منصبه أو موقعه.
إن الحرب على الفساد لن تكون مهمة سهلة، ولكنها حرب لابد منها؛ لأن الفساد بات هائلاً واستشرى على نطاق واسع على كافة الأصعدة في العراق. إنها حرب بالغة الضرورة من أجل إحياء الثقة لدى المواطنين، ولتسهيل تقديم الخدمات الأساسية.
وخلال اجتماعنا في النجف الأربعاء الماضي، أكد آية الله العظمى علي السيستاني أيضاً على الحاجة الملحة إلى إحراز تقدم في الحرب على الفساد.
السيد الرئيس،
عطفاً على العلاقات بين بغداد وأربيل، أون أن أرحب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بتاريخ 16 كانون الثاني، بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق لتوحيد الرسوم الجمركية، بما في ذلك إزالة نقاط التفتيش الجمركية الداخلية بين إقليم كردستان العراق وبقية أجزاء العراق. ويعد هذا القرار خطوة مهمة لتعزيز وحدة العراق، وينبغي أن يتم تنفيذه على وجه السرعة الآن كأولوية لكلا الجانبين.
علاوة على ذلك، فإن الانتهاء من وضع الميزانية الاتحادية لعام 2019 ضمن توفير التمويل الاتحادي اللازم لدفع رواتب للموظفين في إقليم كردستان العراق وقوات البيشمركة؛ وأود أن أدعو بغداد وأربيل، على حدٍّ سواء، إلى استثمار هذا الزخم الإيجابي لتجاوز الخلافات، والوصول إلى حلول دائمة وطويلة الأمد لبقية المسائل العالقة.
وليس هناك الكثير لنقوله بشأن تشكيل الحكومة داخل إقليم كردستان العراق، إذ إن المباحثات لا تزال مستمرة حتى اليوم. وقد أكّدت في اجتماعاتي مع القادة الأكراد في كل من أربيل والسليمانية على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة من أجل تلبية احتياجات شعب إقليم كردستان العراق بأسرع ما يكون. ومع ذلك، يبدو أن هناك بعض التطورات الجارية، فيما يتوقع أن يعقد برلمان إقليم كردستان العراق جلسة في 18 شباط.
السيد الرئيس،
خلال المدة التي شملها التقرير، بذلت القيادة العراقية جهوداً كبيرة لإعادة تقييم علاقات العراق الخارجية عن طريق التواصل مع العديد من الشركاء على الصعيدين الدولي الإقليمي وصعيد دول الجوار؛ بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية، وتوطيد عرى التعاون في مجالات من بينها، على سبيل المثال، إعادة الإعمار والأمن وإدارة المياه والاقتصاد والتجارة. ويعد هذا الأمر مهما، لأن القوة في الخارج والقوة داخل الوطن هي في الواقع بمثابة صفقة شاملة.
وقد استقبل العراق خلال هذه الفترة أيضا وفوداً دولية رفيعة المستوى تسعى إلى العمل مع القيادة العراقية الجديدة. وإنني آمل حقيقة أن يتواصل الدعم الرامي لتحقيق الاستقرار المستدام في العراق حتى يصبح على قمة برامج العمل الإقليمية والدولية، بناء على المصالح المشتركة، ووفقاً لمبادئ احترام سيادة العراق وسلامة أراضيه وعلاقات حسن الجوار.
السيد الرئيس،
لا يزال الأمن يشكل مصدر قلق؛ فعلى الرغم من انخفاض وتيرة الأنشطة الإرهابية، وقعت خلال الشهر الماضي هجمات استهدفت المدنيين وقوات الأمن العراقية.
بعبارة أخرى، فإنه على الرغم من هزيمة داعش عسكرياً لا يزال التنظيم يشكل تهديداً أمنيا للعراق والمنطقة؛ ومن المؤكد أننا سنواصل العمل مع السلطات العراقية وشركائنا في المجتمع الدولي لمجابهة نشاط داعش وفكره من خلال مساعينا الحميدة وبرامجنا التي تهدف لتحقيق المصالحة المجتمعية والتماسك الاجتماعي.
أما المسألة الأخرى المثيرة للقلق، فتتعلق بالجماعات المسلحة و/أو التشكيلات الإجرامية التي تعمل خارج نطاق سيطرة الدولة، والتي تتوسع أيضاً في بسط سيطرتها الاقتصادية والاجتماعية على الحياة اليومية في العراق. وبصرف النظر عن انتماءات هذه التشكيلات، يتعين على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة لإصلاح قطاعها الأمني، والعمل بحزم ضد هذه الجماعات وأنشطتها.
وكما تعلمون أيضاً، فإن السلطات في العراق قد أدانت الضربات العسكرية التركية بالقرب من الحدود العراقية التركية في شمال العراق بوصفها انتهاكات لسيادة العراق. ولا تزال تركيا تؤكد أن هذه الضربات الجوية تستهدف أهدافا تابعة لحزب العمال الكردستاني. وإنني أشعر بالأسف إزاء الخسائر في أرواح المدنيين وضياع سبل عيش السكان المدنيين خلال هذه العمليات. ومن المهم أن تقوم حكومتا تركيا والعراق بتسريع وتيرة جهودهما لحل هذه المسألة، فضلا عن المسائل الأخرى ذات الاهتمام المشترك، من خلال الحوار الثنائي.
السيد الرئيس،
في أعقاب سلسلة من الاجتماعات مع اللجان البرلمانية ومجلس الوزراء، أوصت المفوضية المستقلة العليا للانتخابات، بشكل رسمي، بأن تعقد انتخابات مجالس المحافظات في العراق في السادس عشر من شهر تشرين الثاني.
وفي أثناء الاجتماع الذي عقدته مع المفوضية المستقلة العليا للانتخابات مطلع شهر كانون الثاني، أكد مجلس مفوضي المفوضية المستقلة العليا للانتخابات على أهمية المساعدة الفنية من الأمم المتحدة والمشورة والدعم من قبل خبرائها فيما يقوم المجلس بالتصدي للتحديات المقبلة، بما في ذلك تحقيق المشاركة الشاملة للناخبين، ونشر التكنولوجيات الانتخابية بشكل ناجح، فضلا عن قبول الناس للعملية الانتخابية ومخرجاتها.
وستستمر بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي) بتقديم المساعدة والدعم الفني المطلوب للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات. بيد إنه، واستعدادا لهذه الانتخابات، ينبغي اتخاذ عدد من الخطوات-على وجه السرعة- من جانب الحكومة العراقية والمؤسسات المعنية مثل التأكيد الرسمي لموعد الاقتراع والانتهاء من وضع قانون الانتخابات وتخصيص موازنة انتخابية مناسبة وفي الإطار الزمني الملائم لضمان إجراء انتخابات مجالس المحافظات بطريقة تتسم بالأمن والسلامة والحفاظ على النظام.
السيد الرئيس،
تتيح الهزيمة العسكرية لتنظيم داعش فرصة للبعثة لتقديم دعم أكثر تنظيما وتركيزا لجهود الحكومة في تعزيز المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان وضمان حماية وتعزيز حقوق جميع المواطنين.
وفي هذا السياق، أود أن أؤكد بأن تعزيز الالتزام على نحو أكثر اتساقا بالمعايير الدولية بشأن الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة هو أمر ذو أهمية قصوى. إن تحقيق مساءلة قضائية محايدة وشفافة-عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل تنظيم داعش- ستكون لها أهمية كبيرة في إعادة بناء التماسك الاجتماعي والتعايش السلمي.
وما يتسم بالقدر نفسه من الأهمية هو ضرورة تعزيز التماسك المجتمعي ومواجهة إلقاء اللوم على الجميع لأن ذلك يقوض الجهود المشروعة للحكومة في ضمان المساءلة للأفراد المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. إضافة إلى ذلك، فإن تهميش مجموعة دون أخرى يترك المجتمعات عرضة لتأثير فكر المتطرفين.
السيد الرئيس،
كجزء من جهود البعثة للمضي قدماً في الحصول على فرص متكافئة وتعزيز مشاركة المرأة في جميع العمليات السياسية، أعلنت بدء عمل المجموعة الاستشارية النسوية المعنية بالمصالحة والسياسة بتاريخ 24 كانون الثاني. وتعد هذه المجموعة آلية للمشاركة وستعمل بمثابة مصدر مستقل لتقديم المشورة والخبرة للبعثة وغيرها.
وفي الوقت الحاضر، لا يزال إشراك المرأة-ومشاركتها المباشرة في مناصب صنع القرار العليا-محدودا للغاية. ولذا أجدد مناشدة البعثة للقيادات السياسية للوفاء بتعهداتهم العديدة التي قطعت خلال مرحلة الانتخابات وبالتالي تعيين النساء في مناصب صنع القرار العليا.
السيد الرئيس،
إن الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني قد أنهوا الاستعراض العام للاحتياجات الإنسانية لعام 2019 في العراق وسيتم قريبا اعلان بدء العمل بخطة الاستجابة الإنسانية بالتعاون الوثيق مع الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان.
وسيركز المجتمع الإنساني، هذا العام، على تلبية احتياجات 1.75 مليون شخص في العراق من الفئات الضعيفة بما فيهم النازحون الذين يعيشون داخل وخارج المخيمات والعائدون إلى مناطق في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية بالإضافة إلى المجتمعات المضيفة التي أنهكتها سنوات من الصراع المسلح. والاحتياجات كبيرة بالتأكيد!
وتسعى خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2019 الى الحصول على 700 مليون دولار أمريكي من المانحين وتشمل برامج متخصصة لمعالجة مشكلة الحماية، التي ما زالت أولوية إنسانية رئيسية في عام 2019. وبالطبع ستنفذ البرامج الإنسانية جنبا إلى جنب مع جهود الانعاش وتحقيق الاستقرار.
وبينما تتواصل الجهود لإعادة بناء البنية التحتية واستعادة الخدمات الأساسية سيتطلب الأمر سنوات عديدة ومليارات من الدولارات لإعادة بناء البلاد. وسيحتاج العراق-بدون شك- إلى الاهتمام المتواصل من جانب المجتمع الدولي لجعل هذا التحول ناجحا ومستداما.
وبفضل الدعم السخي من المجتمع الدولي تجاوز صندوق تمويل الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مبلغ مليار دولار بنهاية عام 2018. ومع ذلك، لا يزال أكثر من 600 مشروع تحت إدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دون تمويل ولا تزال هناك فجوة بمبلغ 338 مليون دولار. وبعبارة أخرى: هناك حاجة إلى تمويل إضافي بما في ذلك مساهمات من الحكومة العراقية التي تقر بالتأثير السريع وفعالية هذا البرنامج.
وغني عن البيان أن فريق الأمم المتحدة القطري سيستمر في تقديم المساعدة للحكومة العراقية لتلبية احتياجات مواطنيها وتشمل بعض الأمثلة من الأشهر الماضية:
• توفير اللوازم والمعدات الطبية المنقذة للحياة (منظمة الصحة العالمية)؛
• رقمنة أكبر شبكة أمان اجتماعي في العراق: نظام التوزيع العام (برنامج الأغذية العالمي)؛
• توفير المستحقات الغذائية (برنامج الأغذية العالمي)؛
• إزالة المتفجرات من المناطق السكنية لتمكين الناس من العودة إلى منازلهم (دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام)
• الانتهاء من خطة إعادة الإعمار في الموصل بين اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (هابيتات)
كما تقوم منظومة الأمم المتحدة بتقديم الدعم إلى الحكومة العراقية في تنفيذ بعض الإصلاحات الرئيسية كما في القطاع الأمني.
خلال زيارتي الى الموصل قبل أسبوعين، لاحظت الإسهام المهم الذي تقدمه المشاريع التي ينفذها فريق الأمم المتحدة القُطري في مساعدة الحكومة على ترميم المنازل وتأهيل محطات المياه اللذان يعدان من بين الاحتياجات الأساسية (المأوى + المياه) لعودة الحياة الى هذه المدينة التي مزقتها الحرب.
وكما تعلمون، تنخرط منظمات إزالة الألغام في أعمال إنقاذ الحياة وبذلك فهي تمهد الطريق لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار فضلاً عن التعامل اليومي مع التهديد الذي تشكله العبوات الناسفة. ولا يمكنني أن أوفي أهمية هذه الجهود حقها. ويجب علينا أن نبذل كل ما بوسعنا لضمان القيام بهذا العمل الإنساني العام دون تأخير. وينبغي على الحكومة العراقية القيام بالمزيد من العمل للتغلب على بعض التحديات لتسهيل هذه الأنشطة، بما في ذلك، اعتماد المشغلين المدنيين في الوقت المناسب وعلى النحو المتوقع لما يتسم به عملهم من أهمية بالغة لتمكين العودة الآمنة للنازحين وتوفير الخدمات الأساسية لهم.
السيد الرئيس،
منذ انعقاد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق في الكويت في شهر شباط 2018، بدأ تنفيذ برنامج التعافي والقدرة على مواجهة الأزمات في العراق بـ 53 مشروعاً في أربع مجالات: (1) الحوكمة وتوفير الخدمات (2) سبل كسب العيش (3) الحماية (4) المصالحة.
والبرنامج وطني بطبيعته إذ أنه يغطي البلاد برمتها ويعمل بميزانية قدرها مليار دولار على مدى سنتين، وإن جهود تعبئة الموارد متواصلة، ويبلغ حجم الأموال التي تم التعهد بالتبرع بها للمشاريع حتى الآن أكثر من 300 مليون دولار، وأود ان أدعو بقية الجهات المانحة للمساهمة.
وبصورة أكثر تفصيلاً، تم إحراز تقدم فيما يتعلق بإنشاء صندوق استئماني متعدد المانحين بالتعاون مع مكتب الصندوق الإستئماني المتعدد الشركاء التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإدارة الإسهامات الخاصة ببرنامج التعافي والقدرة على مواجهة الأزمات في العراق.
وجرى تنسيق إنشاء هذا الصندوق الإستئماني بشكل وثيق مع اللجنة التنفيذية الحكومية للتعافي والإعمار والتنمية والبنك الدولي وسائر الشركاء التنمويين للحد من الإزدواجية وتحقيق أقصى قدر من النتائج.
السيد الرئيس،
بعد إذنكم، أود ان انتقل الآن الى التقرير الحادي والعشرين للأمين العام بشأن المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الأُخرى والممتلكات الكويتية المفقودة، ومن ضمنها المحفوظات الوطنية.
اسمحوا لي في البدء ان أُؤكد تصميمي على العمل على هذا الملف، فخلال زيارتي الرسمية الأولى للكويت قبل عشرة أيام، أكدت مرة أخرى على أهمية هذا الملف تحت ولاية بعثة الأُمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي). وبالفعل، فمن حق أُسر المفقودين ان تحصل على إجابات واضحة وكاملة عن مصير أبنائها.
وفي الوقت الذي تواصل فيه البعثة تقديم المساعدة لحكومتي العراق والكويت في هذه القضية الإنسانية الهامة، أودُ ان أتوجه بالدعوة الى الدول الأعضاء لزيادة الدعم، وعلى سبيل المثال، من خلال شراء المعدات الميدانية وتوفير خدمات الطب الشرعي والتدريب في مجال علم الإنسان وبناء قدرات الفرق الفنية العراقية والكويتية.
وكانت إعادة الممتلكات الكويتية القيمة في شهر تشرين الثاني الماضي خطوة إيجابية طال انتظارها. وأُشجع الحكومة العراقية على مواصلة البحث عن المحفوظات الوطنية الكويتية التي لاتزالُ مفقودةً.
السيد الرئيس،
في الختام، أود ان أُؤكد ان الإحباط الذي ساد إبان فترة احتلال تنظيم داعش قد أوجد فُسحةً للأمل والتفاؤل للمستقبل. ومع ذلك، لا يمكن لأحد ان يخفي حقيقة أن الطريق الى الاستقرار المستحق والطويل الأمد في العراق لن يكون سهلاً على الإطلاق.
ان الواقعية والإصرار الكبيرين سيكونان عاملين ضروريين في مواجهة التحديات المقبلة، وكذلك من جانبنا نحن. وان امتلاك جميع المكونات العراقية وبشكل واضح لزمام الأمور ومشاركتها سيثبتان أن الإرادة السياسية هي شرط مسبق لاعتزازها بتاريخٍ ومستقبل مشتركين وأنها ضرورة حاسمة. ومن المؤكد فإن الدعم المتواصل من لدن المجتمع الدولي سيكون أمراً بالغ الأهمية.
وأخيراً، سيادة الرئيس، أود أن أُعرب عن خالص تقديري لموظفي بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) وموظفي فريق الأمم المتحدة القُطري لتفانيهم والتزامهم. ويسعدني حقاً ان أعمل معهم وأتطلع إلى أن أقدم لكم تقريراً مرة أخرى آمل أن يشتمل على بعض الإنجازات الهامة التي ستتحقق خلال الأشهر المقبلة.