التجارب الشخصية لضحايا غرب الموصل في الحرب تروى من المستشفى الميداني للمنظمة الدولية للهجرة
"بقيتُ أنادي على أمي وأصرخ طالبة منها أن تأتي لمساعدتي ولكنها لم ترد عليَ مطلقاً وسقطتُ أنا أيضاً على الأرض لقد أُصيبت ساقيَ لم استطع التحرك". أميرة ( 10 سنوات)
المنظمة الدولية للهجرة أصدرت وكالة الأمم المتحدة للهجرة هذا الأسبوع بيانات مصفوفتها لتتبع النزوح التي تقدر أَنَ حوالي 839,118 فرداً ( 139,853 عائلة) لا يزالون نازحين في أعقاب القتال العنيف لإستعادة القسم الشمالي لمدينة الموصل العراقية.
ووفقاً للتقارير والمشاهد التي شهدها موظفو المنظمة الدولية للهجرة العاملين في المنطقة هذا الشهر فإن هناك الآف الأشخاص الذين لا زالوا مدفونين تحت الانقاض. كما أَنَ قصصهم التي لم تُحكى بقيت مدفونة بين الطوب والحجارة المكسرة لمدينة كانت يوماً ما مفعمة بالحياة ويقطنها أكثر من 1.4 مليون نسمة يرجع تاريخها الى ما لا يقل عن 401 قبل الميلاد.
تحدث ثلاثة من الناجين الذين فقدوا أفراد أسرهم مع المنظمة الدولية للهجرة هذا الأسبوع من على أسِرةْ المستشفيات وقد ادلوا بشهادتهم على المجازر التي شهدوها.
* * * * *
أميرة ( 10 سنوات)
أطلقَ تنظيم داعش قذيفة هاون على منزلنا. كان والدي يحاول الهرب مع أخواتي وأخي الصغير بينما كنت أنا وأمي لا نزال في الخلف .... الدخان غمر المنزل فلم أتمكن من رؤية أي شيء . ماما كانت ميتة ملقاة على الأرض. إعتقدت أنها كانت على قيد الحياة......"
"بقيتُ أنادي على أمي وأصرخ طالبة منها أن تأتي لمساعدتي ولكنها لم ترد عليَ مطلقاً وسقطتُ أنا أيضاً على الأرض لقد أُصيبت ساقيَ لم استطع التحرك".
"بقيتُ في المنزل بمفردي لمدة ثلاثة أيام وأنا أُنادي على والدتي ووالدي ولكن لم يأتِ أحد. لم يكُن لديَ طعام أو ماء .... طوال ثلاثة أيام وليالي كُنتُ وحدي أصرخ وأستغيث بأي أحد ولكن لم يسمعني أحد. ماما... بقيت أنادي ولكن لم اتلقى اي جواب ... لم أكُنْ أعلم أنها قد ماتت الى أن تم إنقاذي".
"كنت وحدي في المنزل لثلاث أيام وأسمع أصوات القذائف وهي تهوى من السماء الى الارض ليلاً ونهاراً. جُل ما تمنيت أنذاك أن يأتي أحد ما وينقذني .... وإنقضت الايام الثلاثة حتى وصل الجيش الى منزلنا وأنقذني".
نقاء (45 سنة - أُم)
" كنت أتمنى أن اكون قد توفيت معهم" قالت أنها غير قادرة على ذكر أسماء افراد العائلة فيما كانت اختها من شرق الموصل واقفة بجابنها تستمع اليها بعيون دامعة.
عند الساعة السابعة والربع مساءً فيما كانت نقاء في المطبخ تقوم باعداد وجبة العشاء لأسرتها مع المكونات القليلة التي لا تزال لديها . كان إبنها الأصغر يقف قريباً ويدردش معها ويخبرها كيف أنه لا يستطيع الانتظار حتى يصل الجيش ليتمكن من المغادرة والذهاب الى شرق الموصل.
" سأشتري لك المياه هناك"، "وسأشتري لنفسي الحلوى والشكولاته" هذا ما كان يقوله لها إبنها بحماس بالغ. لذا أعطيته بعض النقود لإبقائه مسروراً ".
" ماما، لا يمكنني الانتظار حتى يصل الجيش لأخرج وأصرخ لهم باننا مدنيون، نحن عائلة وسألوح لهم بعلم أبيض". كما أنها روت عنه قوله في إندفاع مصحوب بالإثارة والبهجة إزاء الانباء التي أفادت بأن الجيش العراقي كان على مقربة وأَنَ التحرر من داعش باتَ قريباً ". وفي تلك اللحظة إهتز المنزل عندما اصابته قذيفة.
تبكي وتقول" تهاوى المنزل فوقنا وقتلوا جميعاً، و عائلتي قُتِلت في ثانية، زوجي وأطفالي الستة رحلوا جميعاً".
لم يتمكن احد من دفنهم كان هناك قصف شديد حولنا وقام بعض المدنيين من المنطقة بسحبي خارج الركام الى مكان آمن وقاموا بربط قدمي التي كانت تنزف وأخذوني الى مكان أكثر أماناً وكان ذلك قبل خمسة أيام من دخول الجيش الى منطقتنا وإنقاذنا".
وفي المستشفى الميداني في حمام العليل عمل الطبيب الجراح كل مابإستطاعته لإنقاذ قدمها لكن في النهاية كان لابد من بترها.
وتكمل حديثها وتبكي" مات زوجي وأطفالي جميعاً....جميعهم ماتوا ولم يبق أحد منهم على قيد الحياة."
سارة ( 25 سنة)
إستلقت في الردهة ووالدها يقف الى جانبها وكان كلاهما لا يزال يحاول فهم معنى الأحداث التي مروا بها وما فقدوه فقد تمت محاصرتهم من قبل تنظيم داعش في منزل وكانوا يستخدموهم كدروع بشرية مع والدتها وشقيقتها مع طفليها وثلاث عوائل أخرى مع اطفالهم .
بينما كان الجيش العراقي يضيق الخناق على المدينة القديمة وهو على بعد مجمعات سكنية معدودة متبقية بغية إستعادتها.
وعند تجمع النساء والاطفال في الداخل دخلت إمرأة جهادية أجنبية تابعة لتنظيم داعش وكانت تحمل فتيلة لتفجير سترة الانتحار التي كانت ترتديها.
" أنتم جميعكم كُفار تنتظرون الجيش الكافر ليأتي ويخلصكم" صرخت مقاتلة تنظيم داعش على النساء والاطفال المذعورين قبل تفجير سترتها فيما بينهم.
تهاوت الغرفة ووجدت سارة نفسها تحت الانقاض وشعرت أن هناك من يدفعها نحو شق في الانقاض حيث يمكنها التنفس. وبقيت لعدة ساعات مدفونة تحت الانقاض وهي تشكو من جروح خطيرة في كلتا ساقيها.
وتستذكر " إستطعت بداية سماع أصوات نساء يصرخون من تحت الركام وإستطعت سماع بكاء الاطفال."
وتقول " في البداية كان هناك ناجون وإستطعت سماع بكاء الاطفال وكان الكبار يصرخون طالبين المساعدة ومن ثم بدأت الاصوات تخفت واحدة تلو الاخرى حيث إختنقوا وماتوا"
كانت سارة هي الوحيدة على قيد الحياة وتم سحبها من تحت الانقاض.
يمكن العثور على المقابلات مع أميرة، نقاء وسارة هنا: https://youtu.be/tZJb920pLFY
* * * * *
تقدم وزارة التنمية الدولية (DFID) في المملكة المتحدة الدعم لمستشفى المنظمة الدولية للهجرة الميداني. ويواصل المستشفى توفير المساعدات المنقذة للحياة لكلا ضحايا الحرب والمرضى.
ومنذ إفتتاح المستشفى في نيسان 2017 نفذ الجراحون 476 عملية شملت( الاوعية الدموية، جراحة عامة، وجراحة العظام) و تم التعامل مع 22 حالة طارئة لا تحتاج الى تدخل جراحي وعالجت المستشفى أكثر من 6,200 حالة في العيادة الخارجية ومتابعة الحالات بعد إجراء العملية.
يقول رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة توماس لوثر فايس " إن القصص المرعبة التي يرويها المدنيين الذين بقوا في غرب الموصل وما قاسوه من مشقة ما هو إلا تذكير بالحاجة الى المزيد من المساعدات الانسانية الضرورية اذا أردنا مساعدتهم في التعافي من الازمة. بفضل وزارة التنمية الدولية(DFID) في المملكة المتحدة وشركائنا في المجال الصحي يتمكن المستشفى الميداني للمنظمة الدولية للهجرة من استمراره في تقديم الرعاية الصحية المنقذة للحياة الى الاشخاص المتضررين."
منذ بدء عمليات الموصل في تشرين الاول 2016، تم تحديد الرقم التراكمي لمواقع نزوح و/او مواقع عودة النازحين داخلياً من قبل التعقب الطارئ لعمليات الموصل للمنظمة الدولية للهجرة (مصفوفة تتبع النزوحDTM )ووصل الى 178,952 عائلة مما يتطابق مع 1,073,712 فرداً
وعاد بعض من 234,594 فرد نازح داخلي (39,099 عائلة) وما يقدر بـ 80% عادوا الى قضاء الاصل في شرق الموصل
تتوفر آخر الارقام عن التعقب الطارئ لمصفوفة تتبع النزوح من جراء عمليات الموصل على الرابط أدناه
http://iraqdtm.iom.int/EmergencyTracking.aspx
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بـالمنظمة الدولية للهجرة في العراق
هالة جابر، رقم الهاتف. 9647517401654+، البريد الالكتروني: hjaberbent@iom.int أو
ساندرا بلاك، رقم الهاتف. 9647512342550+، البريد الالكتروني: sblack@iom.int