بغداد ــــــ يأمل الشباب العراقي من السليمانية والديوانية وبعشيقة والكوت بأن التوصيات التي تعزز التسامح والمصالحة والتي انبثقت عن سلسلة من الاجتماعات لمنتديات "العراق: شباب وتعايش" خلال الأشهر الأربعة المنصرمة، يأملون في ان تدرج ضمن جدول الأعمال الوطني في حين تستعد البلاد لمواجهة التحديات في الفترة التي ستلي هزيمة ارهابيي داعش.
آخذين بعين الإعتبار التجارب السابقة، يخشى البعض أن تتلاشى تلك الأمال وأن تضيع أصواتهم في خضم الاستقطاب السياسي والواقع الاقتصادي العراقي.
مع ذلك، فإنهم على يقين من أن الاجتماعات الثمان في سبع محافظات، والتي استقطبت اكثر من 750 شاباً و شابة في الفئة العمرية 18-35 عاماً من مختلف انحاء البلاد ومزيجها العرقي والديني، حققوا أفضل مالديهم وبإمكانهم تحقيق ماهو أفضل لهم.
وقالت أصيل سلام، طبيبة الأسنان ذات الستة وعشرين ربيعاً من الطائفة البهائية في بغداد والتي تعمل في الكوت: "مع أنني شاركت في العديد من المؤتمرات برعاية منظمات معروفة، فإن جميع آمالي معلقة على هذا المؤتمر. نحن بصدد نهاية حرب مع داعش، لذا لن نسمح لأي قوى مؤذية أن تدمرنا مرة اخرى".
وأضافت طبيبة الأسنان: "نحن بحاجة لأن ترى حكومتنا قدرات الشباب حتى يتسنى لنا تغيير النظام في العراق".
ودعت تلك الأجتماعات التي بدأت في أواخر كانون الثاني 2017 وأختتمت في 20 آيار في مؤتمر وطني شامل،الى الوحدة، وطالبت بإنهاء تأثير الدين في الحياة السياسية ومكافحة التوترات الطائفية. كما كان هناك توافق واسع في الآراء حول القضايا الرئيسية. بينما كانت هنالك أيضاً اختلافات عندما تعلق الأمر بالإنتماءات الطائفية والجغرافية.
لنأخذ على سبيل المثال قضية إعادة الخدمة العسكرية والذي أثار آراء ساخنة من أولئك الذين لا يرغبون في ادراجها لتجنب عسكرة الشباب، بينما رأى آخرون أنها بوتقة انصهار ليصب الشباب في وحدة متماسكة ومتناغمة ويهيئهم للمستقبل. وقضية اخرى سببت بعض الخلافات كانت حول فكرة إسقاط الأسم القبلي من بطاقة الهوية الشخصية كوسيلة لإسقاط الإنتماء الديني. لكن مجملاً، اتحد الشباب في طموحاتهم من أجل مستقبل مزدهر للعراق يستطيع فيه كل شعبه من العيش معاً في سلام ووئام.
السيد احمد المياحي، ذو الستة وعشرين عاماً منتج الأفلام من وسط مدينة بابل يعترف بالصعوبات عندما قال في مقابلة: " 160 مشاركاً مع 160 فكرة". لكنه توقع حلولاً بسيطة: "رسالتي للشباب هي ’اذا تغيرت من الداخل، سوف تكون قادراً على تغيير الآخرين".
أسرين جمال، ذات الثمانية و عشرين عاماً طالبة جامعية من السليمانية كانت لها وجهات نظر متباية لإثراء النقاش، والتي لا ينبغي أن تكون سبباً للقلق: " أجد اللقاء مثيراً للإهتمام لأنك في السليمانية تجد نمطاً واحداً من الناس بعكس أربيل وبغداد؛ التقيت هنا أناساً من مختلف الأعراق والخلفيات. التنوع هو شيء ايجابي لأن الأفكار والآراء مختلفة".
بسبب التنوع في البلاد، اقترحت الناشطة رند الغرابي، ذات الثلاثة و ثلاثين عاماً من الديوانية تعليم الأديان المختلفة في المدارس من اجل منع استبعاد الأقلية من قبل بعض الأطراف. وأكدت أن لوسائل الأعلام دوراً موحداً في معركة هزيمة الإرهابيين. وأعربت عن أملها في أن تكون التوصيات مفيدة في توحيد جيل الشباب والمساعدة في العملية السياسية.
واشار حمزة مجيد حميد ذو الثلاثة و عشرين عاماً من واسط وعبد الله شاهر فندي من طائفة الشبك من منطقة بعشيقة الى تجارب تعاملهم مع بقية المجتمعات ــــ لاسيما اولئك الذين نزحوا بسبب النزاع ــــ وكيف ادى ذلك الى تقريب الناس. لكن يعتقد بعض الشباب بإن جهودهم ليست كافية وهناك حاجة الى إجراءات حكومية قوية.
و قال السيد حميد "هناك تهميش لدور الشباب في اتخاذ القرارات. واذا سلمنا الشباب دوراً اكبراً في اتخاذ القرارات، فإن ذلك سيبني ثقته بنفسه".
وأعرب السيد فندي عن قلقه قائلاً: "إن الحل الوحيد لضمان تنفيذ التوصيات هو من خلال المنظمين ــــ أي الأمم المتحدة ــــ لإنشاء لجنة لمتابعة التوصيات ووضع اطار زمني لتنفيذها".
وتعهدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، التي نظمت المنتدى بالتعاون مع منظمة الأمل العراقية، بإن ينقل وفد من المؤتمر التوصيات الختامية الى رئيس الوزراء حيدر العبادي آملين ادراجها في القرارات التي تدعم جهود المصالحة الوطنية.
وتؤمن السيدة ريام ليث نجم، طالبة الماجستير بإن العمل يبدأ من المجتمع والبيت.
"هنالك قضايا سياسية في البلاد تؤثر بشكل سلبي على جيلنا الشاب. واذا استطعنا الاستثمار في الطاقة المتولدة عن شبابنا، فإن ذلك سيجعلهم بعيدين عن المتاعب".
واشارت الى أنها وزوجها يأتون من طوائف مختلفة ولكنهم ربوا اولادهم في بيئة خالية من الآراء الطائفية.
"زوجي وأنا نتعلم من بعضنا البعض وندمج خصالنا الحسنة ونعكسها على أولادنا".
سناء كريم
المكتب الإعلامي لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)