نائب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية السيد غلام إسحاق زاي -- كلمة بمناسبة إقامة ورشة عمل " إدارة الموارد المائية الداخلية في العراق والحلول"
٠٥ نوفمبر ٢٠٢٢
4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022- بغداد
مقدمة:
أصحاب المعالي،
سيداتي سادتي،
إنه لشرف لي أن أكون معكم هنا هذا الصباح بدعوةٍ من "منتدى بحر العلوم" في ورشة العمل الأولى التي تقام تحت شعار " ظمأ العراق".
أرض الرافدين- دجلة والفرات- أرض بابل القديمة وموطن كلكامش...
لقد شق هذه الأرض الوعرة نهران عظيمان بمساراتهما القديمة وبنيا الحضارة الإنسانية، وكانا شاهدين على بزوغ وأفول ونضالات المجتمعات الغابرة وتغلبها على المحن.
وقدمت أقدم حضارة إنسانية في بلاد ما بين النهرين أنظمة هيدروليكية حسنة التنظيم وفي غاية الفعالية ومنظومات ري متطورة ومنشآت للسيطرة على الفيضانات.
بيان المشكلة:
لكن وضع المياه في العراق اليوم ينذر بالخطر.
ففي عام 2021 شهد البلد ثاني أكثر موسم جفافاً خلال (40) عاماً بسبب انخفاض سقوط الامطار الى أدني مستوياته.
وقد تضرر شمال العراق على وجه الخصوص من جراء الجفاف، بينما شهد جنوب البلاد تناقصاً في إمدادات المياه العذبة، وقد نجم عن هذين العاملين ضياع كبير في المحاصيل الزراعية.
وخلال الأعوام الأربعين الماضية انخفضت تدفقات المياه في نهري دجلة والفرات، والتي تغذي (98%) من المياه السطحية في العراق، بنسبة تراوحت بين (30%) إلى (40%).
وبالمقارنة مع عام 2015، من المتوقع أن تنخفض إمدادات المياه الإجمالية في العراق بنسبة (60%) بحلول عام 2025.
وتشمل الضغوط على موارد البلد المائية: بناء دول الجوار للسدود والاستخدام المكثف للمياه في الزراعة في العراق والاستخدام المنزلي غير المستدام للمياه وتأثير الصراعات والحروب العنيفة على البنى التحتية الأساسية للمياه وتبعات تغير المناخ.
ولهذا الانخفاض في إمدادات المياه العذبة في العراق عواقب وخيمة على حاجة الأسر فيما يخص الصرف الصحي والري وإنتاج الطاقة الكهرومائية والحفاظ على النظم البيئية، فضلاَ عن أنه يضيف إلى التوترات القائمة أصلاً بين الدول اﻟﻣﺗﺷـﺎطﺋﺔ ليس فقط حول قطاع الماء، ولكن خارجه أيضاً.
وعند مناقشة ندرة المياه، يجب أن نتعامل مع جودة المياه بشكل متساوٍ.
فقد أصبح تدهور جودة المياه أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها العراق، خصوصاً في الجنوب.
على سبيل المثال، خلال أزمة المياه في البصرة عام 2018 أُدخِلَ أكثر من 120 ألف شخص إلى المستشفى بسبب أمراض تنقلها المياه في أعقاب حوادث مماثلة في عامي 2009 و2015.
وقد ساهمت تأثيرات جودة المياه هذه في الهجرة الحضرية والاحتجاجات العامة التي تشكّل الاوضاع السياسية والأمنية في المنطقة.
نشاطات الأمم المتحدة:
تعمل الأمم المتحدة مع الحكومة على عدة محاور من محاور العمل التي تشمل المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وإدارة الموارد المائية وجودة المياه وإدارة الكوارث المتعلقة بالمياه.
فنحن نستجيب للاحتياجات الإنسانية للاجئين والنازحين والعائدين والمواطنين الاخرين، فضلاً عن مساعدة الحكومة في معالجة المشاكل البنيوية وتيسير الحوار والتعاون الإقليميين في مجالي المياه والبيئة.
وهذا يعني في الواقع الملموس، تحسين الحصول على مياه الشرب الآمنة في المدن مثل البصرة وإعادة بناء البنية التحتية للري وتشجيع الزراعة المتكيفة مع تقلبات المناخ مع المسؤولين عن الارشاد الزراعي في الميدان وتيسير بناء القدرات في وزارة الموارد المائية والوزارات الأخرى.
التوصيات
الادارة الشاملة للمياه هي المفتاح لمعالجة مشكلة المياه في العراق.
من الضروري ان يضمن العاملون على إدارة المياه من كافة المستويات قدرة المجتمعات على الصمود أمام ضغوط ندرة المياه وكذلك الزيادات المفرطة في المياه مع ضمان حماية وتعزيز النظام الطبيعي وخدمات النظم البيئية المرتبطة به.
كما يجب أن تظل القنوات الدبلوماسية الخاصة بالمياه مفتوحة باستمرار للتبادل والتفاوض عبر الحدود كمفتاح لتأمين تدفق المياه في نهري دجلة والفرات.
من ناحية أخرى، يمكن معالجة تلوث المياه وعدم كفاءة استخدام المياه بشكل كامل على المستوى المحلي البحت، مع التركيز على:
عمليات الحوار التشاركي التي تشمل الجهات المعنية الرئيسية.
تحديث وتوسيع محطات معالجة المياه ودعم أطر الإنفاذ والانخراط في حملات التوعية العامة والحوار.
تحديث وإصلاح البنى التحتية للمياه القديمة والمتضررة وكذلك الصناعات التي تستخدم المياه بكثافة، و
استثمارات في البنية التحتية للمياه والري بالإضافة إلى ممارسات الري المبتكرة.
وقد يكون التكيف مع تغير المناخ مجالاً للتعاون تتجاوز توزيع الموارد وحصص المياه ويمكن للمشاريع المشتركة المتعددة الأغراض أن تساعد في إدارة موارد المياه المتبقية بطريقة أكثر كفاءة.
--
وإنني أدعو جميع الجهات العراقية المعنية إلى معالجة ندرة المياه بشكل مشترك على الفور.
--
وفي شهر تموز من هذا العام، أعلنت الجمعية العامة أن الحصول على بيئة نظيفة وصحية حق إنساني عالمي مع الاعتراف على وجه التحديد بحق الحصول على المياه النظيفة.
وأكرر أن المياه يجب ألا تكون مصدراً للنزاع، بل مجالاً للتعاون.
وبإمكاني أن أؤكد لكم أن أسرة الأمم المتحدة في العراق – بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق وفريق الأمم المتحدة القطري - على استعداد للنظر في طلبات الدعم في أي من المجالات التي سيتم تناولها خلال اليومين المقبلين.
إضافة إلى ذلك، أدعو جميع الجهات المعنية من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع العلمي والقطاع الخاص للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023 الذي سيعقد العام القادم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك للفترة من 22-24 آذار 2023، والذي ستتشارك في استضافته كل من طاجيكستان وهولندا.
شكرًا لكم.
صاحب الخطاب
غلام محمد إسحق زى
نائب الممثل الخاص، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق