إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيد يان كوبيش إلى مجلس الأمن
نيويورك، 17 تموز 2017
السيد الرئيس،
أعضاء مجلس الأمن الموقرون،
يشرفني أن أقدم التقرير الرابع للأمين العام، عملاً بأحكام الفقرة 7 من القرار 2299(2016) وكذلك التقرير الخامس عشر للأمين العام، عملاً بأحكام الفقرة 4 من القرار 2107(2013) بشأن مسألة المفقودين من الكويتيين ورعايا الدول الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة.
السيد الرئيس،
بتاريخ 10 تموز، أعلن رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي استكمال العمليات لتحرير الموصل، بعد أكثر من تسعة أشهر على انطلاقها. لقد كان ذلك نصراً تاريخيا على الكثير من المستويات. وأعلن رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي وهو يتحدث من داخل المدينة، نهاية ما تسمى بخلافة داعش ونسب هذا النصر الى تخطيط وتنفيذ القوات العراقية كونها القوة المقاتلة الوحيدة الحاضرة في الميدان. وعلى وجه الخصوص، شكر السيد رئيس الوزراء آية الله العظمى السيد على السيستاني لدعمه المقاتلين الذين قدموا تضحيات بطولية. وبالتالي، أكد السيد رئيس الوزراء دور السيد السيستاني الحاسم أولا وقبل كل شيء من خلال الفتوى التي أصدرها عام 2014 والتي دفعت عشرات الآلاف من الأشخاص الى حمل السلاح دفاعا عن بلدهم مما أدى الى إنشاء قوات الحشد الشعبي. وأشار السيد رئيس الوزراء بأن ذلك "أنقذ العراق ومهد الطريق نحو النصر". وكذلك أثنى على دعوة السيد السيستاني للتعايش السلمي المجتمعي للحيلولة دون وقوع الصراع الطائفي في المستقبل. وكذلك عبر السيد رئيس الوزراء عن امتنانه الى جميع الدول التي ساندت العراق في الحرب على الإرهاب من خلال تقديم التدريب والمستشارين والدعم اللوجستي والجوي.
ونتوجه بمشاعرنا ودعواتنا اليوم لجميع الجرحى من القوات الأمنية والمدنيين وخصوصا أولئك الذين ضحوا بأرواحهم او أرواح احبائهم. ومن المهم الآن ان تلقى عوائل الشهداء والجرحى الدعم التي هي بحاجة إليه.
وبما أن الحرب ضد الإرهاب تتواصل في كل أنحاء العالم، تشهد معركة الموصل على التزام العراق ليس بمستقبله فحسب، بل أيضا بمستقبل السلم والاستقرار في المنطقة والعالم. وفي نهاية المطاف فهذا دليل على ما يستطيع الشعب العراقي أن يحققه من اجل تجاوز الانقسامات الطائفية والانقسامات الأخرى ويتحد من اجل بلده والمستقبل.
وبناءً على توجيهات السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي الصريحة، تميزت عملية التحرير بجهد استثنائي من جانب قوات التحرير والشركاء الدوليين من اجل انقاذ السكان المدنيين وحمايتهم. وتمكنت من تقليل المعاناة والخسائر في صفوف المدنيين وذلك بتبني مفهوم انساني للعملية، وكذلك اخضعوا منتسبيهم والقوات الأخرى للمحاسبة بشأن الخروقات.
وفي تناقض صارخ، أثبت داعش ازدراءه المطلق للأرواح البشرية واستخفافه بها. فقد استهدف الارهابيون المدنيين بدون تمييز وبدون حياء او خجل وقصفوهم في المناطق المحررة واستخدموهم كدروع بشرية وحبسوهم في منازلهم واستخدموا أسطح المنازل لقنص النساء والأطفال والرجال الذين كانوا يحاولون الهرب الى الأمان. لقد قتلوا المدنيين باستخدام الانتحاريين الذين شملوا النساء والأطفال الذين تم غسل ادمغتهم. وخلال المدة بين 1 و3 حزيران، قتل قناصة داعش أكثر من 200 مدنياً بما فيهم النساء والأطفال الذين كانوا يهربون من حي الشفاء غربي الموصل الى الشمال المدينة القديمة. وهناك الكثير من الأمثلة المأساوية الأخرى بما في ذلك امرأة إرهابية فجرت نفسها في مخيم للنازحين، وحالات كثيرة من الأطفال الذين غسلت ادمغتهم وتم ارسالهم في مهام انتحارية مشابهة.
إن تفجير جامع النوري الكبير في الموصل ومنارته الحدباء التاريخية على وشك هزيمته في الموصل، يضيف الى جرائم داعش ضد الحضارة الإسلامية والعراقية والإنسانية. إن تدمير الجامع بحد ذاته، من حيث أعلن زعيم داعش ما تسمى بالخلافة، هو دليل آخر على همجية داعش ويأسه وقت انهياره. وكذلك فإن تدمير هذين المعلمين التاريخيين في العراق والذين يرمزان الى الهوية والانتماء، يذكرنا جميعا وعلى نحو مأساوي بأن حماية التراث الثقافي لا يمكن فصلها عن حماية الأرواح البشرية.
السيد الرئيس،
كذلك أودى القتال في الموصل بحياة العديد من الصحفيين المحليين والأجانب ممن تواجدوا هناك "لنقل الحقيقة للعالم الخارجي". فقد قتل يوم السابع من تموز مراسلان يعملان في التلفزيون العراقي أثناء تغطيتهما للاشتباكات بين قوات الأمن العراقية ومسلحي داعش، بينما قتل ثلاثة آخرون– أحدهم عراقي واثنان من الأجانب-وأصيب مراسل أجنبي آخر من جراء انفجار قنبلة أثناء تغطيتهم للمعارك في شهر حزيران الماضي. وفي شهر شباط الماضي قُتلت صحفية عراقية بارزة من إقليم كردستان وجرح المصور المرافق لها في انفجار وقع بينما كانا يتتبعان دليلاً كان من المفترض أن يقودهما إلى مقبرة جماعية مزعومة لتنظيم داعش. لقد واجه هؤلاء الشجعان وغيرهم من العاملين في الحقل الإعلامي، واجهوا الأخطار على جبهات القتال من أجل إنجاز عملهم –بتقديم معلومات مهمة للناس-لتسليط الضوء على محنة المدنيين، وتصوير الحقائق التي شهدوها في المعارك ضد الإرهاب. بيد أن تضحيات هؤلاء المراسلين لم تذهب سدىً، إذ يُعدُّ وجود إعلام حر ونزيه أمراً أساسياً للحفاظ على المصلحة العامة وحماية الديمقراطية وضمان وجود المستوى الضروري من الشفافية والمساءلة. وفي هذا السياق، أود كذلك أن أُنوِّه بالتسهيلات التي قدمتها السلطات العراقية، بما فيها سلطات إقليم كردستان، إلى وسائل الإعلام العراقية والعالمية خلال عمليات الموصل العسكرية.
السيد الرئيس،
لا ينبغي أن يصرف الإنجاز التاريخي بتحرير الموصل الأنظار عن حقيقة أن الطريق قدماً محفوف بتحديات كبيرة. فالمهمة المتمثلة باستعادة باقي المناطق التي ما زالت تحت سيطرة تنظيم داعش في أجزاء أخرى من محافظتي نينوى والأنبار، والحويجة في محافظة كركوك وفي جيوب متفرقة في محافظات أخرى، لن تكون مهمة يسيرة. وإضافة إلى ما تقدم، يواصل مناصرو التنظيم أفعالهم الإرهابية الخبيثة ضد المدنيين في العراق وخارجه.
ومنذ الشهر الماضي، ركزت العمليات العسكرية الجارية، والتي قادتها غالباً قوات الحشد الشعبي، ركزت كذلك على تأمين الحدود العراقية السورية. وقد تم تحقيق هذا التقدم على وجه الخصوص من خلال تحرير منفذ الوليد الحدودي ذي الأهمية الاستراتيجية، الواقع على المثلث الحدودي العراقي-السوري-الأردني. وفي هذا الصدد، أود الإشارة إلى موقف السيد رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي والذي عبر عنه على نحو متكرر بأن القوات العراقية لن تشارك بالقتال الدائر على الجانب الآخر من الحدود السورية.
السيد الرئيس،
بناء على التعاون الفعال الذي تحقق بين قوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة خلال عملية تحرير الموصل، أهيب بالحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان أن توسعا آليات التعاون والتنسيق فيما بينهما. إن من شأن إجراء كهذا أن يساعد في تلبية الحاجة العاجلة إلى وضع ترتيبات أمنية شاملة وفعالة في المناطق المحررة. وأشير بقلق إلى تقارير أفادت إلى انتشار محتمل لمجاميع مسلحة، بما فيها مجاميع من السكان المحليين في المناطق المحررة، في ظل غياب الرقابة اللازمة من جانب الحكومة.
وكذلك أدعو الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان إلى وضع استراتيجية سياسية وأمنية شاملة من شأنها أن تسهِّل العودة الآمنة والطوعية والكريمة للسكان النازحين إلى منازلهم، وتحول دون النزاع بشأن المسائل العالقة التي طال أمدها، وتعزز العدالة والتفاهم بين المجتمعات المحلية من خلال الحوار الذي يشمل الجميع، وتعزز سيادة القانون والأمن والحكم الرشيد. ويتعين أيضاً أن ترتب تلك الاستراتيجية وبتسلسل صحيح نقل المسؤوليات الأمنية إلى الإدارة والهيكليات الأمنية المحلية، بما فيها جهاز الشرطة.
السيد الرئيس،
وتأتي مع التحرير مهمات إزالة المتفجرات وبسط الاستقرار وإعادة الإعمار بغية تمكين النازحين من العودة، فضلاً عن مهمات القضاء على خلايا داعش والعصابات الإجرامية والميليشيات التي تعمل خارج سيطرة الحكومة. وسوف يكون من الضروري فرض القانون والنظام، وسيادة القانون والعدالة والمساءلة، فضلاً عن الإصلاحات والحكم الرشيد والتنمية، لتشمل كذلك المحافظات الجنوبية. ومن أجل أن تتحول مكاسب النصر العسكري إلى استقرار وأمن وعدالة وتنمية، يتعين على الحكومة أن تثبت لمواطنيها باستمرار أنها تهتم لشؤونهم وأن تقوم بكل ما يمكنها لاستعادة أبناء الشعب لحياتهم في أمن وكرامة. وبغية تحقيق ذلك سيبقى العراق في حاجة إلى دعم إقليمي ودولي واسع. إن العمل لم ينجز بعد، حيث لا يمكن للنصر أن يكون مكتملاً من خلال دعم العمليات العسكرية فحسب. وكما قال السيد رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي في خطابه الذي القاه في الموصل "إننا مقبلون على عهد جديد ولابد أن يكون تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار وعودة النازحين والقضاء على خلايا داعش هو هدف الجميع بعد الانتصار ولابد من العمل لإعادة الحياة الطبيعية والآمنة بأقصى ما نستطيع، مما يتطلب جهوداً عظيمة". حقاً، سيحتاج العراق وأكثر من أي وقت مضى، دعماً متواصلاً وواسعاً من شركاءه الدوليين والإقليميين. ومما يشجعني هو تصريحات التضامن والالتزام بالدعم التي صدرت عن عدد من دول جوار العراق. وكما اتضح خلال جولة السيد رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي الإقليمية من 19 على 22 حزيران، فقد أكدت المملكة العربية السعودية وجمهورية أيران الإسلامية والكويت عزمها على البناء على التعاون الموجود حالياً وزيادة الدعم الذي تقدمه، بما في ذلك دعمها لإعادة إعمار المناطق المحررة في العراق والذي تمس الحاجة إليه. كما أحيي شركاء العراق، بمن فيهم الدول المنضوية في التحالف لمحاربة لداعش، وأهيب بهم أن يستمروا بهذا المسار وأن يواصلوا دعمهم للعراق وشعبه ويواصلوا تقديم دعمهم في الحرب ضد الإرهاب وفي تلبية حاجات الاستقرار الإنساني وحاجة البلاد لإزالة الألغام والمتفجرات في مرحلة المصالحة وإعادة التأهيل لما بعد الصراع.
السيد الرئيس،
لا يمكن تحقيق هزيمة داعش النهائية إلّا من خلال حلول شاملة للجميع، بمعالجة المظالم التي يعانيها أبناء الشعب وتلبية حاجاتهم وتحقيق آمالهم. وتُعد التسوية الوطنية والمصالحة المجتمعية سُبلاً لا غنىً عنها ضمن جهد أشملُ نطاقاً نحو تحقيق الوحدة والاستقرار والازدهار على المدى الطويل.
أشيد بمواقف وتوجيهات المرجعية الدينية، والتي شددت في بيناتها وخطبها بمناسبة النصر أنه ينبغي على العراقيين أن يتعلموا مما حدث خلال السنوات التي سبقت ظهور داعش ومعالجة المشاكل العالقة التي طال أمدها. كما قالت إن استخدام العنف والاضطهاد والطائفية كوسائل لبلوغ هدف ما لن ينتج عنه سوى الخراب ويجعل البلد ضعيفاً تجاه تدخلات الأطراف الإقليمية والدولية، حيث لن يكون هناك رابح ويكون العراق أول الخاسرين، وأنه ينبغي على كل من هم في الحكومة ومواقع النفوذ ان يعملوا وفق المبدأ الذي ينظر إلى كافة المواطنين بوصفهم متساوين في الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الدين أو الطائفة أو العرق أو القومية. وإذا طُبق هذا المنهج على نحو صارم سيعيد ثقة الشعب بالحكومة ومؤسساتها. كما تطرقت المرجعية في بياناتها إلى ضرورة محاربة الفساد المالي والإداري والمحاصصة الطائفية والحزبية، وضرورة ضمان معايير الكفاءة والمهنية في تعيين المسؤولين الحكوميين.
وأُثني على التزام التحالف الوطني العراقي بالتوصل إلى اتفاق تسوية وطنية. كما تشجعني الجهود الجارية التي يبذلها زعماء ونواب مختلفون من السُنّة، وفئات ومجتمعات وجماعات أخرى، فضلاً عن مواطنين عاديين، مما يبين التزامهم بفكرة التغلب على على مظالمهم واختلافاتهم المتبادلة، من أجل مشروع مستقبلهم غير الطائفي المشترك والذي يعبر عن وطنية حقيقية.
تلتزم الأمم المتحدة أيضا بتيسير عمليتي التسوية الوطنية والمصالحة المجتمعية على المستوى الشعبي وبالتنسيق التام مع الحكومة العراقية وبالتعاون مع جميع العراقيين المعنيين بمن فيهم النساء والشباب لمعالجة مخاوف جميع المكونات والمجتمعات والجماعات والمواطنين بطريقة عادلة ومنصفة. وأشجع جميع الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين على العمل لدعم هذه العملية. وستدخل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق الآن مرحلة جديدة تركز على بذل مساعيها الحميدة من أجل التسوية والمصالحة الوطنية من خلال التشاور مع الاطراف المعنية العراقية للمضي قدما وبالاعتماد على تخطيط وتحليل شاملين لمختلف المقترحات والرؤى التي تتلقاها الأمم المتحدة والتي ستستخدم لتحديد أرضية مشتركة تقود إلى رؤية مشتركة للتسوية الوطنية والمصالحة المجتمعية.
كما شرعت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في إجراء مشاورات مع العنصر النسوي من أعضاء البرلمان العراقي ومجالس المحافظات فضلا عن المجتمع المدني للوقوف على منظورهن حول رؤيتهن بشأن المصالحة. بتاريخ 9 تموز، نظمّت البعثة، بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة، منتديين مع منظمات المجتمع المدني وقيادات نسائية من كركوك والحويجة ممن يشاركن في العمليات السياسية. وتهدف المشاورات إلى تحديد التحديات الراهنة التي تعرقل مشاركة المرأة وتمثيلها في عمليات المصالحة الوطنية، فضلا عن تعزيز مشاركتها. وركزت المناقشات أيضا على التمثيل السياسي للمرأة في الانتخابات المقبلة وصنع القرار فضلا عن سبل تعزيز قدرة المرأة على إحلال السلام والأمن من أجل استقرار العراق. وفي نهاية المنتدى، اعتمد المشاركون مجموعة من التوصيات التي ستؤخذ في الاعتبار اثناء السعي إلى تحقيق التسوية والمصالحة على الصعيد الوطني. وستنظم اجتماعات أخرى في مختلف المحافظات بما في ذلك المناطق المحررة لتعزيز دور المرأة في المصالحة الوطنية من خلال برنامج المرأة والسلام والأمن.
السيد الرئيس،
خلال اجتماع عقد في 7 حزيران 2017 برئاسة رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود بارزاني اتخذ زعماء الأحزاب السياسية في إقليم كردستان العراق قرارا بإجراء استفتاء في 25 أيلول 2017 يطرح فيه السؤال التالي: “هل تريد أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردية (المناطق المتنازع عليها) خارج إدارة إقليم كردستان، دولة مستقلة؟" وفي 11 تموز أكد الرئيس بارزاني، خلال خطابه أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل، عزم حكومة إقليم كردستان العراق على إجراء الاستفتاء كما هو مقرر مضيفا أن هذه الخطوة لم تلق معارضة واضحة من أي بلد. ومن المهم هنا أن نلاحظ أن الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير (كوران) طالبا بإعادة تفعيل برلمان إقليم كردستان قبل اجراء الاستفتاء.
أن مثل هذه القضية الهامة يجب ألا تتم دون تفاهم بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان. ولذلك، أحث الطرفين على الدخول في مفاوضات دون مزيد من التأخير، بروح من الشراكة الحقيقية القائمة على أساس الدستور، من أجل التوصل على وجه السرعة إلى أرضية مشتركة وخارطة طريق لمعالجة هذا الموضوع وغيره من المواضيع الحاسمة، ولا سيما تنفيذ المادة 140 من الدستور بشأن الأراضي المتنازع عليها، بما في ذلك وضع كركوك وقضايا الميزانية والنفط وتقاسم الإيرادات وغيرها من المجالات والمبادئ التي تحدد العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان. إن غياب الحوار السياسي الهادف يمكن أن يحول صراع المصالح إلى نوع مختلف من الصراع ولذا فان دعوتي كل من رئيس الوزراء العبادي والرئيس بارزاني إلى الحوار يجب أن تتبعهما اجتماعات بين لجان التفاوض على وجه السرعة.
وفيما يتعلق بالسياسة الداخلية في إقليم كردستان العراق، أحث أيضا على سبيل الأولوية على إعادة تنشيط إدارة ديمقراطية فعالة ولا سيما برلمان الإقليم بوصفه المؤسسة الديمقراطية الرئيسية لضمان الوحدة وأداء الديمقراطية في الاقليم. إن إعادة تفعيل عمل البرلمان في الاقليم، الذي تم تعطيله منذ تشرين الأول 2015، ينبغي أن يقوم على مبادئ الديمقراطية وشمول الجميع من دون شروط مسبقة.
السيد الرئيس،
تلوح في الافق تحديات العمليات الانتخابية المعقدة في العراق، بما في ذلك في إقليم كردستان العراق هذا العام والعام المقبل. فبتاريخ 21 حزيران قدمت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رسالة رسمية إلى الرئاسات الثلاث في العراق؛ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب تفيد بأن المفوضية سوف لن تكون قادرة على تنظيم انتخابات مجالس المحافظات كما كان مقررا في 16 أيلول 2017. وأشارت الرسالة ان ذلك يعزى لأسباب قانونية وفنية وأمنية، بما في ذلك فشل مجلس النواب على إدخال تعديلات على الإطار القانوني الانتخابي في الوقت المناسب، وعدم اهتمام الأحزاب السياسية بتسمية المرشحين، والوضع الأمني غير المستقر في محافظات نينوى والأنبار وكركوك. وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تأجيل انتخابات مجالس المحافظات. ووفقا للمتطلبات القانونية كان من المفترض أن تجرى الانتخابات في شهر نيسان 2017 ولكنها أجلت إلى 16 أيلول من العام نفسه. ولكن للأسف لم يعد ممكنا اجراء الانتخابات في التاريخ الأخير.
ومن الأهمية بمكان أن تتخذ جميع التدابير اللازمة، على سبيل الأولوية، لضمان أن تجري انتخابات مجلس النواب في موعد أقضاه شهر أيار 2018 على النحو المطلوب بموجب الدستور، وثانيا، أن يتم أعادة تحديد موعد تنظيم انتخابات مجالس المحافظات. ويعد احترام الجداول الزمنية الدستورية لإجراء الانتخابات أمر ضروري للتقدم الديمقراطي في العراق، ولا سيما في هذا المنعطف الحرج. وبالمثل، أحث مجلس النواب على التعجيل بإصدار التشريعات ذات الصلة لتسهيل إجراء الانتخابات في الوقت المناسب في عام 2018. وفي هذا الصدد، أرحب بتصريحات رئيس الوزراء العبادي ورئيس مجلس النواب الجبوري على التوالي في 30 أيار و20 حزيران التي صرحا فيها بان انتخابات مجلس النواب ستجري في عام 2018 وفقا للدستور.
ولا تزال عملية اختيار مجلس المفوضين التابع للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات مستمرة ويتوقع أن تكتمل قبل انتهاء فترة ولاية مجلس المفوضين الحالي في أيلول 2017. وقد أرسلت لجنة مجلس النواب المكلفة باختيار المفوضين اسماء 109 من المرشحين، من بينهم 7 نساء، إلى مختلف الوزارات والدوائر للتدقيق وبدأت بإجراء مقابلات المرشحين في 8 تموز 2017. وهنا أدعو اللجنة إلى ضمان إتمام العملية في الوقت المحدد وأن تكون شاملة وتضمن اختيار النساء كما ينص على ذلك قانون المفوضية لعام 2007.
كما أرحب بالتعاون والتنسيق المستمرين بين المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في إقليم كوردستان، تماشيا مع مذكرة التعاون الموقعة بين المؤسستين، والتي يسرتها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) وأشجع روح التعاون بين هاتين المؤسستين.
وستواصل يونامي تقديم الدعم الاستشاري الفني إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ولجنة الخبراء التابعة لمجلس النواب والمؤسسات العراقية الأخرى المعنية بالانتخابات.
السيد الرئيس،
لقد تحققت على أرض الواقع الافتراضات التخطيطية الأولية بأن الموصل ستصبح واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم في عام 2017 اذ وصل العدد التراكمي للنازحين منذ بدء العمليات العسكرية في تشرين الأول إلى قرابة المليون شخصا، على الرغم من أن معدل هروب الناس من القتال قد تباطأ في الأسابيع الأخيرة. علاوة على ذلك، لا يزال داعش يحتل أراضي في تلعفر والحويجة وغرب الأنبار حيث يحتجز مئات الآلاف من المدنيين. أما النزوح المقدر نتيجة للحملات العسكرية لاستعادة هذه المناطق، فهو أقل من الموصل من حيث الأرقام المطلقة، ولكنه مع ذلك كبير كنسبة مئوية من سكان هذه المناطق. وقد تمكن قرابة 22000 ألف شخصا من الهرب مع هبوب العواصف الرملیة الموسمية في غرب الأنبار والوصول الى المخيمات ومواقع النزوح غیر الرسمیة بحلول منتصف شهر حزيران وفي أسوأ تصوراتنا قد يتمكن قرابة 000 50 شخصا آخرين من الهرب أيضا.
أما التحديات التي يواجهها الشركاء في المجال الإنساني، ولا سيما فيما يتعلق بالوصول الى المساعدات الإنسانية فتعتبر هائلة وستبقى كذلك. بالإضافة إلى ذلك، تباطأت حركات العودة في جميع أنحاء العراق بسبب تزايد خشية النازحين من العقاب الجماعي وعلميات الانتقام في مناطقهم الأصلية. ولهذا يتوقع أن تستمر الاحتياجات الإنسانية حتى تتمكن الأسر من إعادة بناء سبل عيشها وتدعيم أسرها. وفي الكثير من القطاعات، ستظل الاحتياجات الإنسانية مرتفعة إلى حد كبير في عام 2018.
السيد الرئيس،
في حين أن حجم الأزمة قد وضع الشركاء موضع الاختبار، أود التأكيد لكم بأننا نبذل جميع الجهود الممكنة لتقديم الدعم الفعال للاستجابة التي تقودها الحكومة. وفي إطار صندوق تمويل الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق وبحلول شهر تموز 2017 فهنالك أكثر من 1050 مشروعا منجزا أو قيد الانجاز في 23 مدينة وناحية محررة في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك. وهذا يتضمن أكثر من 230 مشروعا تمت الموافقة عليها أو تنفذ حاليا في شرقي الموصل، بما في ذلك إعادة تأهيل أنظمة المياه وشبكة الكهرباء. يشارك ما يزيد عن 4000 مواطنا من شرقي الموصل في مشاريع "المال مقابل العمل" حيث يساعدون في تنظيف المدينة وتحقيق الدخل المالي لدعم عائلاتهم. يتم التحضير حاليا في شرقي الموصل لما يزيد عن 50 مشروعا للتخلص من الانقاض وإصلاح محطات معالجة المياه ودعم قطاع الصحة بما في ذلك مستشفى الموصل العام ذي الأهمية الكبرى. تم توصيل خط كهربائي من شرقي الموصل عبر نهر دجلة لتوفير الكهرباء لمحطة معالجة المياه الجديدة في غربي الموصل. وبما أنه قد تم تحرير الموصل بالكامل، فمن المتوقع أن يزداد نطاق المشاريع بشكل مضطرد خلال الأسابيع القادمة.
إن وجود مخاطر المواد المتفجرة يعقد الاستجابة لعملية الاستقرار في الموصل والمناطق الاخرى في العراق. وتواصل دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام تقديم الدعم لتنسيق الاستجابة المدنية في الموصل بهدف تكملة ما تقوم به القوات الأمنية العراقية. وتعمل دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام أيضا مع حكومة العراق لزيادة عدد الجهات المدنية العاملة في هذا المجال والحفاظ على الحوار بشأن التحديات للوصول للمناطق. وفي ضوء تحرير الموصل والعمليات العسكرية القادمة في جميع انحاء العراق فسيكون من المهم توفير المزيد من الموارد المالية والخبراء لدعم الجهات العاملة وأطالب من أمام هذا المجلس لتوفير المزيد من الجهات العاملة المؤهلة للاستجابة بشكل ملائم لاحتمالية وجود مناطق ملوثة بشكل كبير.
السيد الرئيس،
إن احدى مصادر القلق لدينا لهي التعاطف الشعبي المتزايد والمؤيد للعقاب الجماعي للعائلات التي يعتقدون بارتباطها بتنظيم داعش. وفي جميع انحاء الدولة، فإن أولئك العراقيين المشتبه بوجود روابط لديهم مع داعش يتعرضون باضطراد للطرد ومصادرة منازلهم وإجراءات انتقامية اخرى. وخلال شهري ايار وحزيران 2017 فقد تم توزيع منشورات تطالب تلك العائلات بإخلاء منازلهم أو مواجهة العواقب، بما في ذلك الموت، في مناطق مثل محافظات الأنبار وديالى ونينوى وصلاح الدين مما أدى لورود تقارير تفيد بهروب أو إخلاء مئات العائلات من مدن هيت والرمادي والفلوجة والموصل. وحتى دون وجود مثل هذه النية "المعلن عنها" في العديد من المناطق المحررة مسبقا، فإن سكانها والعائدين أيضا يتعرضون في الغالب إلى العنف والاعتقالات خارج نطاق القضاء من قبل مجموعات مسلحة كما حدث في جرف الصخر في محافظة بابل أو في مناطق أخرى في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار.
إن الأعمال غير القانونية مثل الاخلاء القسري دون توفر أية أدلة على أن الأفراد المعرضين لأوامر الاخلاء قد ارتكبوا أية جرائم أو أعمال خاطئة ليعتبر مخالفة واضحة لدستور العراق والتزاماته وفقا للقانون الدولي. لقد أوصت بعثة الأمم المتحدة بأن يقوم رئيس الوزراء باتخاذ خطوات عاجلة ضمن صلاحياته للحفاظ على سيادة القانون والنظام ووقف عمليات الإخلاء وأية أعمال انتقامية.
تعتبر عودة النازحين المفتاح لإعادة بناء النسيج الاجتماعي في العراق وهي جزء من التسوية الوطنية والمصالحة المجتمعية، كما يجب أن تكون على رأس أولويات حكومة العراق وبدعم من المجتمع الإقليمي والدولي. إن إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية وفرص العمل في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك المحافظات الجنوبية، لهو على نفس القدر من الأهمية لاستعادة الثقة في الحكومة العراقية والسلطات المحلية.
السيد الرئيس،
لقد وضعت بعثة الأمم المتحدة على قمة أولوياتها موضوع المساءلة وذلك لإنصاف الأفراد المتضررين من انتهاكات حقوق الإنسان والمخالفات التي ارتكبت في الصراع المسلح الدائر، ولا سيما الجرائم الخطيرة التي قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وربما الإبادة الجماعية. وبالنظر إلى النطاق الواسع للجرائم الخطيرة، تنتهج بعثة الأمم المتحدة استراتيجية على المستوى الوطني بهدف تمكين المحاكم المحلية من امتلاك الولاية القضائية على الجرائم الدولية.
وهذا يشمل الإصلاحات القانونية لإدخال تعريف للجرائم الدولية والعقوبات في التشريعات، فضلا عن إنشاء محكمة متخصصة ذات ولاية قضائية وطنية لمحاكمة الجناة وفقا لمبادئ القانون الجنائي الدولي. ومن شأن هذا الإصلاح القانوني استكمال الإطار القانوني الجنائي ويوفر منصة لإنشاء محاكم متخصصة في المبادئ الدولية. من شأن هذه المبادرة أيضا استكمال المبادرات الدولية لجمع الأدلة على جرائم تنظيم داعش الأشد خطورة.
وبالمثل، فإنه لأمر أساسي ضمان أن يتم توثيق الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان بشكل صحيح لدعم عملية الملاحقة القضائية المحتملة بحيث يمكن التعرف على الجناة والقبض عليهم. إن الحفاظ على الأدلة على الجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش لهو ذي أهمية كبرى للتأكد من أن العدالة ستأخذ مجراها.
تبقى بعثة الأمم المتحدة قلقة من الحاجة إلى زيادة قدرة الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان لحماية مواقع الجرائم والتحقيق فيها بشكل ممنهج، بما في ذلك المقابر الجماعية. في عموم العراق، ومنذ حزيران 2014، فقد تم اكتشاف ما لا يقل عن 70 مقبرة جماعية. ومن المهم أن تتوفر عملية ممنهجة للمحافظة على هذه المواقع وتنقيبها، نظرا لأنها قد تحتوي على أدلة على مرتكبي هذه الجرائم، وايضا أدلة على هوية الضحايا.
السيد الرئيس،
أود أيضا أن أشير إلى ما أعلنه مجلس القضاء الأعلى العراقي، في 12 حزيران، عن تشكيل لجنة قضائية، ومقرها في ناحية الشمال بقضاء سنجار، لجمع الأدلة بغية مكافحة الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم ضد الأيزيديين. وفي حين لا تتمتع اللجنة بتفويض لإجراء المحاكمات، فإن المعلومات التي جمعتها هذه اللجنة ستلعب دورا هاما في المحاكمات القضائية من قبل السلطات العراقية ذات الصلة.
السيد الرئيس،
تواصل البعثة الدعوة وتقديم الدعم الفني للإصلاح التشريعي بشأن قضايا حقوق الأقليات في العراق. بتاريخ 26 نيسان 2017، دعمت البعثة لجنة حقوق الإنسان النيابية في مجلس النواب العراقي بعقد جلسة استماع حوارية علنية بشأن التعديلات المحتملة على مشروع قانون لحماية التنوع ومنع التمييز [مشروع قانون مكافحة التمييز]. وتواصل البعثة العمل مع منظمات المجتمع المدني العراقية المعنية ومع الحكومة على النص النهائي لمشروع القانون لضمان اتساقها مع المعايير الدولية. بالإضافة إلى ذلك، تواصل البعثة التعامل للمعلومات الواردة حيال مزاعم إساءة معاملة الأقليات وانتهاكات حقوق الأقليات.
وتواصل البعثة أيضا العمل على تطوير قدرات الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون حيال احترام وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون. وهذا يهدف إلى إصلاح مؤسسات إنفاذ القانون في العراق، بما في ذلك تلك الموجودة في إقليم كردستان العراق، من خلال توفير دورات تدريبية متخصصة للقوات الأمنية لاستحداث ثقافة تتحلى بقيم حقوق الإنسان والتعبير عنها، فضلا عن توفير المهارات الفنية الضرورية المطلوبة للتمسك بحقوق الإنسان خلال مكافحة الإرهاب.
السيد الرئيس،
أصدرت في 19 حزيران، بمناسبة إحياء الذكرى السنوية لليوم العالمي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، بياناً، أحث فيه الحكومة العراقية على السعي لمحاسبة مرتكبي أعمال العنف الجنسي، وإنصاف الضحايا؛ وأكدت فيه على أهمية إعطاء الفرصة للناجين من العنف الجنسي لسرد قصصهم، والاستفادة من تضامن ودعم مجتمعاتهم المحلية، والـتأكد من إصدار الأحكام القضائية ضد الجناة.
علاوة على ذلك، فقد أعربت عن إشادتي بحكومة العراق وحكومة إقليم كردستان العراق لاتخاذهما خطوات إيجابية تجاه البدء في تنفيذ بنود البيان المشترك بشأن منع العنف الجنسي المرتبط بالنزاع والتصدي له، وذلك عن طريق تعيينهما جهات تنسيق رفيعة المستوى لتعمل كجهات اتصال مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. ويسرّني أن أبلغكم أن مناقشات قد بدأت بخصوص إنشاء آلية لتنسيق أنشطة تنفيذ البيان المشترك.
ومع دنو الحرب الجارية للقضاء على تنظيم داعش في العراق من نهايتها، وفي إطار البيان المشترك والعمل عبر الشراكة مع الحكومة وغيرها من الأطراف المعنية الرئيسية بما في ذلك الزعماء الدينيين وقادة المجتمع المدني، تعكف الأمم المتحدة على إعادة توجيه استجاباتها المتعلقة بالعنف الجنسي والعمل على منعه، وذلك على نحوٍ ينصب فيه التركيز على تقديم الدعم للناجين من العنف الجنسي لمساعدتهم على الاندماج من جديد في مجتمعاتهم المحلية.
ومن هنا، أرحب بالتزام حكومة العراق المتجدد تجاه ضمان تنفيذ البيان المشترك كما أكد ذلك رئيس الوزراء في بيانه بمناسبة إحياء ذكرى اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع؛ فقد أكد مجدداً على عزم العراق على المضي قدماً في تنفيذ خطة العمل الوطنية عملاً بالدستور العراقي وبرنامج عمل الحكومة ومبادئ حقوق الإنسان، ووفقاً للصكوك والمعاهدات الدولية.
السيد الرئيس،
لقد انخرطت الأمم المتحدة في أعلى مستوياتها في العمل مع كبار المسؤولين العراقيين لإنشاء لجنة وزارية بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال. ومن المتوقع أن تمثل هذه اللجنة منبراً لتنسيق الاستجابة من قبل السلطات العراقية فيما يخص المسائل المتعلقة بالأطفال في سياق النزاع المسلح، بما في ذلك ما يرد من تقارير -بين حين وآخر -تفيد بتجنيد الأطفال واستخدامهم، بما في ذلك من قبل القوات الموالية للحكومة؛ كما أنها ستمثل منبراً للتباحث مع الأمم المتحدة حول إيجاد أدوات حماية أفضل في هذا الصدد. إلى جانب ذلك، نحثّ الحكومة العراقية على التأكد من أن الأطفال المعتقلين من قبل القوات الأمنية بسبب تهم بعضها يتعلق بالإرهاب، يتم نقلهم إلى مؤسسات رعاية الأحداث. وتعتزم الأمم المتحدة أيضاً تعزيز الانخراط في العمل مع الزعماء الدينيين سعياً لمساهمتهم في إنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع المسلح.
السيد الرئيس،
إن البرامج الرامية إلى النهوض بالمرأة والسلام والأمن تظل واحدة من أولوياتنا؛ إذ تواصل الحكومة العمل مع الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق جهودهما نحو تنفيذ خطة العمل الوطنية العراقية بشأن قرار مجلس الأمن رقم 1325. ففي 12 حزيران عقد فريق الخبراء غير الرسمي المعني بالمرأة والسلام والأمن، اجتماعه الثالث حول العراق، بغية تقييم التقدم المحرز والتحديات التي تواجه برنامج عمل المرأة والسلام والأمن. وقد أكد فريق الخبراء على الأهمية البالغة – في مرحلة ما بعد داعش – لتعزيز تمثيل المرأة في عملية صنع القرار في المناطق المحررة وعلى الصعيد الوطني على حدٍّ سواء فضلاً عن ضمان مشاركتها في جهود إعادة الاستقرار والتعافي من الأزمة، ومبادرات بناء السلام وتحقيق المصالحة، متضمنة منع التطرف العنيف. كذلك أوصى فريق الخبراء بتقديم الدعم السياسي والقانوني والمالي لمنظمات المجتمع المدني النسوية من أجل تعزيز عملها.
وحسبما ما نوّه إليه فريق الخبراء، فقد عرقلت محدودية التمويل تنفيذ خطة العمل الوطنية بشأن قرار مجلس الأمن رقم 1325. وإنني أدعو الشركاء الدوليين إلى التعهد بدعم البرامج المخصصة للمرأة وللأسر التي ترأسها نساء، فضلاً عن تخصيص أموال لدمج منظور النوع الاجتماعي في جميع البرامج ذات الصلة التي تنفذ بتنسيق من الأمم المتحدة. وأود أن أدعو أمام مجلس الأمن، إلى تقديم مزيد من الدعم المالي والفني للحكومة، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف المعنية الأخرى.
السيد الرئيس،
اسمح لي أن أنتقل الآن إلى التقرير الخامس عشر للأمين العام للأمم المتحدة بشأن مسألة المفقودين من الرعايا الكويتيين ومن رعايا الدول الاخرى، والممتلكات الكويتية المفقودة، بما فيها الارشيف الوطني.
كانت العلاقات الوطيدة والأخوية بين العراق والكويت واضحة للعيان طوال الزيارة التي قام بها السيد رئيس الوزراء العبادي في 21 حزيران إلى الكويت في إطار جولته في المنطقة. وقد تباحث الطرفان، خلال اجتماع مع أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، حول سبل تسوية جميع المسائل العالقة بينهما، والتي نجمت عن الاجتياح العراقي للكويت في عام 1990. وعقب الزيارة، أكد رئيس الوزراء العبادي على التعاون الوثيق والعلاقات الممتازة والتقدم الذي تم إحرازه بين البلدين، مؤكداً أيضاً، التزام حكومته بالانتهاء من جميع الملفات العالقة مع الكويت. وأود أن أشيد بكلا الحكومتين لتعزيزهما، عبر السنوات الماضية، عرى التعاون والاحترام المتبادل، وحسن النوايا.
وخلال المدة من 22 – 24 أيار، ولأول مرة منذ أربع عشرة سنة، نجح العراق في استضافة الجلسة التاسعة والتسعين للجنة الفنية الفرعية التابعة للألية الثلاثية المعنية بملف المفقودين من الكويتيين ورعايا الدول الاخرى؛ واستضافة الجلسة الرابعة والأربعين للجنة الثلاثية، مسجلاً بذلك خطوة إيجابية جديدة تجاه تعزيز العلاقات الثنائية مع الكويت بشكل مطرد ومستمر. وخلال الاجتماع، أعاد الوفد العراقي تأكيد التعهد التام من قبل السلطات العراقية في أعلى مستوياتها، بالوفاء بهذا الالتزام الدولي والإنساني، وأعرب عن التزامه بمواصلة العمل بشأن هذا الملف إلى أن يتم الوصول إلى نتائج إيجابية.
وقد برهنت وزارة الدفاع العراقية، على مدى العام الماضي، على كونها شريكا موثوقا به ويمكن الاعتماد عليه في هذه العملية الإنسانية المهمة. ولكن مما يؤسف له، أن عدم توافر نتائج مشجعة فيما يتعلق بالعثور على رفات الاشخاص المفقودين، لا يزال مبعث خيبة أمل وإحباط للبلدين على حد سواء؛ لاسيما لأسر المفقودين. ولذلك، فإنني أشجع حكومة العراق على الاستمرار في العمل بروح العزيمة والإصرار ذاتها، لإنهاء معاناة الأسر التي فقدت أحبابها. كما أكرر ما جاء في البيان الذي أصدره مجلس الأمن هذا في 14 حزيران 2017، حيث دعا العراق والكويت إلى مواصلة التعاون فيما بينهما من خلال الآلية الثلاثية، وأن يعتمدا على الالتزام الراسخ، والعمل الدؤوب وتبني سبل جديدة ومبتكرة للمضي قدماً بهذا الملف.
والأمر نفسه ينطبق على ملف الممتلكات المفقودة، والذي يتعين على حكومة العراق أن تستفيد بشأنه من التحركات الإيجابية في علاقتها مع الكويت، وأن تضاعف في آن واحد من جهودها الرامية للعثور على المحفوظات المفقودة من التراث الكويتي.
وحيث أنني مدرك تماماً للتحديات الكبيرة التي تواجه حكومة العراق في مسعاها لتحقيق السلام والاستقرار، أود أن أشيد بتصميمها على العمل بشأن ملف المفقودين، مع الترحيب بالدعم المقدم من دولة الكويت والمجتمع الدولي طوال السنوات الماضية.