تقرير للأمم المتحدة يروي تفاصيل شهادات أيزيديين ناجين من فظائع داعش في العراق
١٨ أغسطس ٢٠١٦
جنيف/بغداد، 18 آب 2016- أصدرت الأمم المتحدة يوم الخميس تقريراً يحتوي على شهادات مؤلمة لأيزيديين نجوا من الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش في العراق منذ هجومه على سنجار في شهر آب من عام 2014، بما في ذلك روايات تحدثت عن ممارسة التنظيم وعلى نحو منهجي وواسع النطاق لعمليات قتل وممارسات عنف واسترقاق جنسيين وضروب من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة وحالات إكراه على تغيير الديانة والتهجير القسري، من جملة انتهاكات أخرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانـون الإنسـاني الـدولي.
ويضم التقرير الذي أعدته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، روايات أولئك الذين كانوا ضمن الـ 308,315 شخصاً (غالبيتهم من الأيزيديين) والذين فروا من قضاء سنجار عام 2014. ويُقدّر عدد الأيزيديين الذين مازالوا نازحين عن ديارهم بـ 360,000 شخص وهم يعانون من نقصٍ خطير في خدمات الرعاية النفسية التي هم في أشد الحاجة إليها.
وتحدثت النساء اللاتي قابلهن موظفو الأمم المتحدة عن تعرضهن للبيع لمرات متعددة وانتزاع أطفالهن الرضع والصغار منهن. وروت إحداهن كيف تم بيعها إلى عنصر سوري الجنسية من داعش ويبلغ من العمر 26 عاماً، حيث قام باغتصابها على نحو منتظم لما لا يقل عن 15 يوماً، مهدداً إياها بقتل بناتها إن لم تستسلم له. وتم شراء وبيع امرأة أخرى لستة رجال على التوالي. وقد استطاعت أن تنقذ ابنتها البالغة من العمر سبع سنوات من براثن رجل أراد اختطافها، ومحاولةً منها للحفاظ على سلامة ابنتها، حلقت شعرها وأهدابها وألبستها حفاضة أطفال وطلبت منها أن تتظاهر بأنها مختلة عقلياً، ولكن على الرغم من ذلك حاول أحد عناصر داعش اغتصاب البنت، مما دفع بالمرأة إلى محاولة قتلها وقتل نفسها بدافع اليأس. ثم تمكنت في نهاية الأمر من الفرار بمساعدة أحد المهربين.
ويضم التقرير روايات عدة عن رجال تم فصلهم عن النساء، وعن حالات القتل الجماعي للرجال الذين يقعون في الأسر، ففي إحدى الحالات تم الإبلاغ عن قتل ما يصل عدده إلى 600 رجل في قضاء تلعفر، وفي حالة أخرى أُكرِه أفراد من الطائفة الأيزيدية على اعتناق الإسلام وهُدِّدوا بالقتل إن رفضوا ذلك.
وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش إن التقرير يكشف بجلاء الأسلوب الممنهج الواسع النطاق الذي اتبعه تنظيم داعش في ارتكاب الفظائع المروعة بحق الأيزيديين والطوائف العرقية والدينية الأخرى. ويشير التقرير إلى أن حوالي 3,500 من النساء والفتيات وبعض الرجال، وغالبيتهم من الطائفة الأيزيدية، بالإضافة أيضاً إلى عددٍ من الطوائف العرقية والدينية الأخرى، لا يزالون أسرى لدى داعش.
وقال كوبيش "بعد مرور عامين على سقوط نينوى، لا تزال الطائفة الأيزيدية مستهدفة من قبل تنظيم داعش، فالآلاف من النساء والرجال والأطفال، إما أنهم قد لقوا حتفهم، أو باتوا مفقودين، أو أسرى بأيدي التنظيم حيث يتعرضون لعنف جنسي وجسدي غير مسبوق. وأضاف المبعوث الأممي قائلاً "ومع توفر مثل هذا الدليل، فإن المحاسبة الكاملة وعلى النحو الصحيح لمرتكبي هذه الأعمال البشعة أمر بالغ الأهمية".
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إن الشهادة التي سجّلها التقرير يجب أن نتخذها نداء عال الصوت يوجه إلى كافة أعضاء الأسرة الدولية بأن عليهم "ألاّ يدّخروا جهداً في التأكد من محاسبة الجناة في هذه الجرائم الشنيعة، وأن يبعثوا برسالة واضحة مفادها أن لا أحد يمكنه ارتكاب مثل هذه الجرائم والإفلات دون عقاب".
ومضى السيد زيد قائلاً "أشعر بقلق بالغ إزاء الأثر الفادح الذي يحدثه الصراع الحالي على المدنيين، لاسيما المنتمون إلى طوائف العراق العريقة والمتنوعة دينياً وعرقياً. إن التجارب التي رواها الناجون والموثقة في هذا التقرير، تميط اللثام عن الأفعال اللاإنسانية والوحشية التي ارتكبت على نطاق أوسع مما يتخيله العقل، وتشكل تعدياً خطيراً ومتعمداً على أهم حقوق الإنسان الأساسية، وإهانة للإنسانية بأكملها".
وذكر التقرير أن الانتهاكات والاعتداءات التي ارتكبها تنظيم داعش قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية.
وذكر التقرير أيضاً أنه يتعين على حكومة العراق والمجتمع الدولي بذل كل جهد ممكن، وفي امتثال دقيق للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان ، من أجل وضع حدٍ لانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها تنظيم داعش، وتأمين خلاصٍ آمن لهؤلاء المدنيين". وأضاف التقرير أن "هناك حاجة ماسة للدعم النفسي والاجتماعي وغيرها من أشكال الدعم، وعلى وجه الخصوص للناجين من العنف الجنسي والعبودية الجنسية. علاوة على ذلك، يتعين القيام بكل ما هو ممكن لتوفير الظروق الآمنة والحياة الكريمة للأيزيديين إلى جانب النازحين من الطوائف الأخرى، في سبيل عودتهم إلى مناطقهم الأصلية.