سيداتي وسادتي...
إنه لمن دواعي سروري أن أحضر هذه المناسبة اليوم إلى جانب معالي السيد محافظ البصرة، فضلاً عن معالي السيد وزير البيئة.
إن افتتاح مشتل أشجار المانغروف هذا يظهر، مرة أخرى، أن قادة العراق يأخذون التحديات البيئية على محمل الجد. وبصراحة، فإن هذا لا يقل عن المطلوب.
بحلول نهاية عام 2022، اضطر (68000) شخص في وسط وجنوب العراق إلى ترك مناطقهم بسبب الجفاف. وإلى جانب التأثير على القطاع الزراعي، الذي يجعل انعدام الأمن الغذائي حقيقة واقعة لكثير من الناس، أصبحت العواصف الرملية وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة التي يؤججها التصحر جزءاً لا يتجزأ من الوضع الطبيعي الجديد.
وعلى الرغم من ذلك، وكما سبق أن قلت في مؤتمر البصرة للمناخ الذي نظمه دولة رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني في آذار الماضي، يجب أن نتجنب الانجرار إلى تصاعد الإحساس بقرب الهلاك، حيث يمكن للخوف أن يؤدي إلى العجز عن العمل- وهو آخر ما نحتاجه. وهكذا، أعتقد أن هذا المشتل الجديد، الذي دعمه برنامج الأغذية العالمي بالتعاون مع الجهات الحكومية والأكاديمية الرئيسية ذات العلاقة، يوفر بداية ممتازة للتركيز المتجدد على الفرص.
وعندما نتحدث عن التغير المناخي، نستخدم مصطلحات مثل «التخفيف» و«التكيف»، ولكن ماذا تعني هذه المصطلحات حقاً؟
حسناً، خلفها يكمن التغيير الحقيقي، ومن ورائها تكمن فرص ملموسة لتحسين الحياة اليومية للناس، لا سيما أكثرهم ضعفا.
كيف سيبدو هذا التغيير؟ بالطبع، يمكن أن يتجسد في قدرة متزايدة على مواجهة الأزمات، مما يجعل تأثير التحديات التي ذكرتها للتو أقل خطورة.
أو، لربما أفضل من ذلك، قد يعني خلق نمو وفرص جديدة. على سبيل المثال، إذا تمكنت الحكومة من الوصول إلى سوق أرصدة الكربون الطوعي لتمويل بعض برامجها المتعلقة بتغير المناخ، فسيؤدي ذلك إلى تحرير الموارد لإجراء تحسينات في مجالات أخرى. أو، في الواقع، يمكن للاقتصاد الأخضر الجديد، الذي يشمل الاستثمار في الطاقة المتجددة، في حد ذاته، أن يولّد فرصَ العمل ويحفز النمو الاقتصادي. وفي كلتا الحالتين، لن يكون التخفيف والتكيف من السلبيات. بل على العكس تماماً، عندما يتم إجراؤهما بشكل استراتيجي، يمكن أن يضيفا إلى صافي الربح.
كما أن الشراكات التي تجمع موارد ومهارات الكيانات المختلفة - الدوائر الحكومية الإتحادية والمحلية والأمم المتحدة والشركاء الدوليين الآخرين والشركات والمنظمات غير الحكومية - هي الطريق للمضي قدماً. لذا، نعم، إنني لآمل بشدة أن أرى زيادة في هذا التعاون حيث تجعل الحكومة العراقية خططها المناخية الطموحة حقيقة واقعة، لا سيما في هذا العقد من العمل بشأن أهداف التنمية المستدامة وفي الفترة التي تسبق "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ" (كوب 28) الذي سيعقد في الإمارات العربية المتحدة في شهر تشرين الثاني 2023.
والآن - عند الحديث عن مثل هذه الشراكات، اسمحوا لي أن أعود إلى سبب وجودنا جميعاً هنا اليوم.
حيث يجب أن ينتج مشتل أشجار المانغروف الجديد مليون شتلة سنوياً. وهذا يعني، كما نأمل، زراعة 5 ملايين شجرة مانغروف بحلول عام 2028.
وستساعد هذه الأشجار في عزل الكربون وتعزيز التنوع البحري، ومرة أخرى، بالحديث عن الفرص الجديدة - تعزيز السياحة البيئية والأمن الغذائي.
وفي هذا السياق، اسمحوا لي أن أشيد بدور جامعة البصرة، وكذلك وزارة البيئة، والتي جعلت هذا المشروع حقيقة واقعة بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، من خلال تمويل من الحكومة الألمانية.
وإذا سمحتم لي، أود أيضاً أن أتوقف لحظة لتسليط الضوء على جهود العديد من المجموعات والمجتمعات النابضة بالحياة والنشطة. لنأخذ، على سبيل المثال، المتطوعين الذين سيزرعون أشجار المانغروف اليوم. فمن خلال تخصيص وقتهم وطاقتهم، يلعب هؤلاء الشباب دوراً مباشراً في حماية مستقبل الأجيال القادمة.
وفي الختام، سيداتي سادتي، لا يمكن إنكار حقيقة أن تغير المناخ هو أحد أكبر التحديات العالمية. وهنا في العراق يشعر الناس بالفعل بآثار العيش في ظل هذا الوضع.
ولكن، حينما ننظر من حولنا اليوم ونحن محاطون بالأشخاص الذين يقودون الحملة ضد تغير المناخ، مؤكدين مجدداً على النجاح الذي يولد من تعاوننا - أعتقد أنه يمكننا أيضاً أن نشعر بالأمل بشأن ما ينتظرنا في المستقبل.
شكرًا لكم.