كلمة نائب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق أمام مؤتمر " تعزيز الحوار بين القطاعين العام والخاص بشأن مكافحة الفساد وقضايا النزاهة"
١٥ يوليو ٢٠٢٣
السبت 15 تموز 2023 – البصرة، العراق
السادة أصحاب المعالي،
الضيوف الكرام،
صباح الخير،
يشرّفني أن أتحدث في هذه المناسبة بالغة الأهمية، مؤتمر "تعزيز الحوار بين القطاعين العام والخاص بشأن مكافحة الفساد وقضايا النزاهة"، الذي تستضيفه البصرة اليوم.
وأود أن أتقدم بخالص تقديري لسيادة القاضي حيدر حنون، رئيس هيئة النزاهة الاتحادية في العراق، على هذه الدعوة الكريمة، وأهنئ الهيئة الموقّرة على تنظيم هذه الفعالية الهامة.
كما أود أن أعرب عن امتناني لمعالي المحافظ السيد أسعد العيداني على استضافته الكريمة لهذا المؤتمر. إن اختيار البصرة مكاناً لعقد المؤتمر يعكس الارتباط العميق بين القطاعين العام والخاص، ويبرز الجهود الجديرة بالثناء التي تبذلها البصرة لخلق بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات الأجنبية وتعزيز تنمية القطاع الخاص بما يتماشى بشكل جيد مع أهدافنا.
الأعزاء المشاركين،
يمثل الفساد ظاهرة معقدة متعددة الأبعاد وعابرة للقطاعات، من شأنها أن تعيق التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في جميع الدول، ولها عواقب بعيدة المدى، وتؤثر على الحكومات قطاع الأعمال على حدٍّ سواء. وغالبًا ما تجد المشاريع الصغيرة والمتوسطة بنحوٍ خاص نفسها في موقف هش بسبب قدرتها المحدودة على معالجة الفساد بشكل فعّال. بالتالي، فإن معالجة الفساد تقتضي اتباع نهجٍ شاملٍ ومنهجي، ينطوي على مشاركة نشطة من كافة الجهات المعنية.
وللتغلب على هذا التحدي العالمي وتحقيق المصالحة الوطنية والأمن والحكم الرشيد، لا بدّ من تأسيس التواصل والتنسيق بشكل منتظم وفعال بين القطاعين العام والخاص. وسيعمل هذا التعاون كأساس لبناء الثقة في المؤسسات الحكومية. وعندما يشهد أصحاب المصلحة في القطاع الخاص تمثيلهم الفعال ويرون أن مساهماتهم تحظى بالتقدير، ستتعزز ثقتهم، وسيكون لذلك فوائد ملموسة ليس للقطاع الخاص فحسب، بل للمجتمع على نطاق أوسع.
لقد تمّ إحراز تقدّم كبير في محاربة الفساد على المستوى العالمي، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. إن إشراك القطاع الخاص في فهم الطبيعة متعددة الأوجه للفساد، وتعزيز الأطر القانونية والمؤسساتية، وكذلك تعزيز ثقافة التغيير تعد بمثابة خطوات مهمة في المضي قدماً. وهذه العناصر الأساسية منصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
ومن خلال العمل النشط مع المجتمع المدني والقطاع الخاص، تستطيع الحكومات أن تبني نظم حوكمة رصينة، وبالتالي تعزيز نزاهة قطاع الأعمال. إن هذا أمر حاسم لضمان بيئة عمل جاذبة وتنافسية، مما يؤدي على المدى البعيد الى خلق أسواق أكثر ازدهارا وزيادة ثقة المستثمرين. ومن خلال تشجيع الشركات على تبني ممارسات أقوى لمكافحة الفساد ونظم رصينة لإدارة الشركات فضلاً عن الدعوة الى التنافس العادل والشفاف عبر القوانين والأنظمة المصممة بشكل جيد، ستعمل الحكومات على تعزيز الإبداع والكفاءة والقيمة للمستهلكين.
ولهذا، ووفقاً لالتزامات العراق، فإن الأمم المتحدة ملتزمة تماماً بتعزيز التعاون مع الشركاء وأصحاب المصلحة الحاضرين هنا اليوم. سويةً، يمكننا معاً تحويل أهداف مكافحة الفساد والنزاهة إلى واقع مستدام. ويهدف هذا التعاون إلى خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية وتعزز تنمية القطاع الخاص.
وفي سعينا الى محاربة الفساد، لا بد لنا من أن ندرك العلاقة القوية بين هذه المكافحة وأهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة. إذ تقدم لنا هذه الأهداف إطاراً شاملاً لتعزيز تنمية شاملة ومستدامة، لا تترك أحداً متخلفاً عن الركب. ويدعو الهدف السادس عشر تحديداً الى تعزيز السلام والعدالة والمؤسسات القوية، مما يؤكد على الحاجة إلى مكافحة الفساد وضمان حوكمة شفافة وخاضعة للمساءلة.
ومع مشاركة حوالي 150 من أصحاب المصلحة الرئيسيين من القطاع الخاص والجمعيات والنقابات والسلطات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، لدينا الفرصة لتعزيز الحوار بين القطاعين العام والخاص وتبادل المعرفة والممارسات المثلى وعقد شراكات ستؤدي إلى تحقيق تغيير حقيقي. سويةً، يمكننا إحراز خطوات هامة نحو مستقبل تسود فيه النزاهة ويتم فيه القضاء على الفساد وتصبح أهداف التنمية المستدامة واقعاً ملموساً للجميع.
وفي الختام، تقع على عاتقنا مسؤولية جماعية لتعزيز النزاهة ومحاربة الفساد. ويجب علينا تنمية إيماناً مشتركاً بأن مكافحة الفساد هو التزام مشترك بين القطاعين العام والخاص. ومن خلال مشاركة العديد من أصحاب المصلحة، يمكننا المضي قدماً بهذا البرنامج. إن هذا المسعى ليس ذا أهمية فائقة فحسب، ولكن له القدرة ايضاً على تحفيز النمو الاقتصادي في المستقبل.
فلنوحد قوانا، وبالتزام لا يتزعزع، لبناء ثقافة الشفافية والمساءلة والنزاهة في العراق.
شكراً لكم
صاحب الخطاب
غلام محمد إسحق زى
نائب الممثل الخاص، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في العراق