كلمة معالي السيد يان كوبيش، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، في المؤتمر الرفيع المستوى لتنفيذ خطة العمل الوطنية بشأن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325
بغداد 7 آذار 2018
معالي الدكتور حيدر العبادي رئيس وزراء جمهورية العراق،
معالي الدكتور مهدي العلاق الأمين العام لمجلس الوزراء،
معالي الدكتورة ذكرى علوش، أمينة بغداد ورئيسة اللجنة الدائمة العليا للنهوض بواقع المرأة العراقية،
معالي السيدة بخشان زنكنة، الامينة العامة للمجلس الأعلى لشؤون المرأة في حكومة إقليم كردستان،
السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب ورؤساء الكتل البرلمانية المحترمون،
السادة المحافظون المحترمون
السيدات والسادة ممثلو الهيئات الدبلوماسية الكرام،
السيدات والسادة ممثلو المجتمع المدني الكرام،
حضرات الضيوف الكرام،
يشرفني أن أشارك في هذا المؤتمر الرفيع المستوى لتنفيذ خطة العمل الوطنية بشأن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325.
يأتي اليوم العالمي للمرأة في العراق هذا العام في أعقاب النصر التاريخي على ما يسمى خلافة داعش نتيجة الجهود البطولية للشعب العراقي وقواته المسلحة بقيادة القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، وبفضل دماء الشهداء وتضحيات النساء. ويأتي المؤتمر تزامناً مع العمليات الجارية لإعادة الاستقرار وإعادة الإعمار والمصالحة والعدالة الانتقالية ومحاربة فكر داعش المتطرف والبغيض. وكذلك يأتي المؤتمر قبل الانتخابات الوطنية التي يجب أن تكون شاملة للجميع وأن تقوم على المشاركة. ويجب أن يكون للمرأة دوراً أساسياً ومشاركة ذات مغزى في الانتخابات وفي رسم ملامح عراق ما بعد داعش بالاستناد الى شمول الجميع واحترام حقوق الانسان بما في ذلك حقوق المرأة وتمكينها، حيث تمثل المرأة الصوت الانتخابي والصوت المنادي بإعادة الإعمار والعدالة والإصلاح والتنمية.
وبهذه المناسبة، دعونا جميعاً نتذكر آلاف النساء والفتيات اللواتي قتلن وتم استرقاقهن والاتجار بهن وتعذيبهن واخضاعهن للعنف الجنسي على يد إرهابيي داعش المتوحشين. ودعونا نتذكر النساء اللواتي مازلن مفقودات ولنتعهد ببذل كل جهد ممكن من اجل تحريرهن. وكذلك دعونا نتذكر الناجيات وأطفالهن اللواتي لازلن يعانين كل يوم من الصدمة النفسية التي خلفها تنظيم داعش، ونساعدهن من أجل تخيف معاناتهن وتأمين مستقبل آمن وكريم لهن. وفي هذا الصدد أود أن أرحب بجهود الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان في منع العنف الجنسي في حالات النزاع والتصدي له، وعلى وجه الخصوص المصادقة التي تمت مؤخراً على خطة تنفيذ البيان المشترك بشأن منع العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات والتصدي له.
وتؤكد الزيارة التي اختتمتها للتو الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع السيدة براميلا باتن، أهمية التأكد من محاسبة الجناة المفترضين، ليس لارتكابهم لجرائم الإرهاب فحسب، بل أيضا لكافة جرائم العنف الجنسي بحق النساء والأطفال العراقيين بما في ذلك الخطف والاغتصاب والاسترقاق الجنسي والزواج القسري. ويتعين أن تتم بلورة سياسات بشأن النساء من كافة المكونات والمجتمعات المحلية تكفل أشراكهن في هذه السياسات لضمان معالجة الأسباب البنيوية لهذا العنف.
حضرات المشاركين الكرام،
يتعين أن نضع قيادة المرأة والنهوض بحقوقها دائماً في صدارة جهود تعزيز السلم والأمن. وفي حين تضع الجماعات الإرهابية كداعش إذلال النساء والفتيات وممارسة العنف المتطرف ضدهن على رأس خططهم، ينبغي أن يكون ردنا في مواجهتهم ومحو إرثهم الخبيث هو أن نضع تمكين النساء والفتيات على رأس خططنا. ولا ينبغي أن يكون نهجنا تجاه النساء والفتيات هو مجرد معاملتهن كضحايا ضعيفات، بل كقائدات وأسباب للتغير الإيجابي كما هن فعلاً. ويتوجب إشراك النساء اللاتي تضررن بصورة جائرة من جراء الحرب مع تنظيم داعش في حل النزاعات وينبغي أن يكنّ جزءاً من عمليتي السلام والمصالحة في العراق.
لا يسعني إلا أن أرحب بالتقدم الذي تم احرازه في تنفيذ خطة العمل الوطنية العراقية بشأن قرار مجلس الأمن رقم 1325، على الرغم من العقبات التي اعترضت تنفيذها، بما في ذلك القيود المتعلقة بالميزانية. وكذلك أرحب بتشكيل الفريق الوطني المعني بتنفيذ قرار مجلس الامن رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن برئاسة السيد الأمين العام لمجلس الوزراء. ومن المهم أن يتم تخصيص المبالغ المالية اللازمة في الميزانية لضمان التنفيذ الكامل لخطة العمل الوطنية العراقية التالية. وسيتطلب الإعداد لها تنسيقاً وتعاوناً فيما بين القطاعات المختلفة لضمان أن تُضمّن الدروس المستقاة من الخطة السابقة -سواء أكانت جيدة أم سيئة- جزءاً من الخطة القادمة.
ومن الضروري كذلك أن تراعي خطة العمل الوطنية العراقية التالية العمليات الأخرى التي تجري فعلاً في العراق وتعمل بالتنسيق معها، بما في ذلك الإصلاح في قطاع الأمن والعمليات المرتبطة بنظام العدالة وجهود المساءلة والمصالحة وخطة تنفيذ البيان المشترك بشأن منع العنف الجنسي في حالات النزاع والتصدي له ومساعي الإصلاح الاقتصادي الرامي إلى تمكين المرأة. وسيكون ذلك أمراً حاسماً في ضمان أن تتكامل هذه الجهود مع بعضها بدل أن تتنافس.
حضرات المشاركين الكرام،
يجب أن تتبوأ المرأة المناصب القيادية في العراق، ولا عذر في الإخفاق في ذلك، وخصوصاً في العراق المعروف بتاريخه الثري وثقافته وتنوعه وتعدديته وتسامحه. فقد حظي العراق بأول وزيرة وقاضية فضلاً عن أول امرأة تقود طائرة في الشرق الأوسط.
من المؤسف أن دور المرأة في المجتمع العراقي قد تراجع بشكل مطرد في خضم عقود من الصراعات. إن تفكيك القوالب النمطية التي تخص النوع الاجتماعي والمواقف التقليدية السائدة التي تعيق دور المرأة ومشاركتها في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية تشكل تحدياً. وفي هذا الصدد، سنواصل طرح التساؤلات عن جذور التمييز من اجل التعامل معها بفعالية، وهذا يعني بأنه يتعين علينا أن نحشد دعم الزعماء الدينيين لطرح السؤال عن موقف الدين من ذلك.
ولا يزال التمثيل السياسي والمشاركة السياسية للمرأة في العملية السياسية ضعيفاُ. وهنالك افتقار الى تمثيل المرأة في المناصب العليا، وينبغي العمل على تنمية هذا الجانب. وتمثل الانتخابات فرصة للمرأة، وعلى نحو خاص لتكون صوتاً في الانتخابات وصوتاً من اجل التغيير. ومالم يحدث تغير كبير في هيكلية الأحزاب السياسية، ستظل مشاركة المرأة السياسية سطحية.
أن تمثيل المرأة في مناصب السلطة حالياً هو تمثيل غير كافٍ على المستوى الوطني ومستوى المحافظات، حيث لا توجد نساء في مجلس المفوضية المستقلة العليا للانتخابات، وكافة المحافظين في أنحاء العراق هم من الرجال، ولا تتمتع المرأة إلّا بتمثيل محدود في النظام القضائي، ولا يضم مجلس الوزراء الحالي سوى وزيرتين، وقليلاً ما ترأس امرأة أي من اللجان البرلمانية الرئيسة.
وسوف تبعث المشاركة الفعالة والهادفة للمرأة في مفاوضات تشكيل الحكومة في المرحلة التي تلي الانتخابات إشارة تدل على التزامٍ بدعم مشاركة المرأة السياسية وتعزيز الديمقراطية والتمثيل العادل وشمول الجميع. إن من شأن ذلك أن يضمن تمثيلها في مجلس الوزراء وتطمين ما يساورها من مخاوف والاخذ بأفكارها في برنامج الحكومة القادمة.
ويتعين أن يكون تشريع قانون يحمي المرأة وينهض بواقعها وينص على مساواتها في الحقوق في كافة نواحي الحياة العامة ويحميها من كافة اشكال التمييز والعنف، جزءاً لا غنى عنه ضمن عملية تمكين المرأة. وينبغي على مجلس النواب القادم الشروع بإجراء إصلاحات تشريعية واسعة بما فيها تبنيه لقوانين مناهضة لاستمرار ارتكاب التحرش والعنف، بما في ذلك العنف الأُسري والتمييز ضد المرأة.
شكراً على إصغاءكم