إحاطة الممثل الخاص للأمين العام في العراق السيد يان كوبيش في اجتماع مجلس الأمن نيويورك، 30 أيار 2018 (كما اعدت)
سيدتي الرئيسة،
السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمن الموقرون
يشرفني أن أقدم التقرير الرابع للأمين العام، عملاً بالقرار 2367(2017) وكذلك التقرير الثامن عشر للأمين العام، عملاً بأحكام الفقرة 4 من القرار 2107(2013) بشأن مسألة المفقودين من الكويتيين ورعايا الدول الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة.
سيدتي الرئيسة،
أجرى العراق في 12 أيار 2018 (وضمن المُهل الدستورية) انتخابات برلمانية على مستوى البلاد لانتخاب مجلس النواب العراقي. وأشار رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي بعد إغلاق صناديق الاقتراع إلى أن البلد أجرى الانتخابات في موعدها، وأن الناس تمكنوا من الإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم بحرية وأمان، وأن المناطق المحررة شهدت عملية اقتراع حرة للمرة الأولى بعد انتصار القوات العراقية وهزيمة داعش. وقال "لقد حققت قواتنا البطلة نصراً جديداً بحماية العملية الديمقراطية والمواطنين في مراكز الاقتراع المنتشرة في أرجاء العراق واحبطت محاولات الإرهاب لزعزعة الأمن والاستقرار في هذا اليوم التاريخي الذي مر بسلام على كافة العراقيين".
وهنأ الأمين العام في 13 أيار الشعب العراقي على إجراء الانتخابات البرلمانية وقال إنه بعد الهزيمة العسكرية التي تكبدها داعش تُمثل الانتخابات تقدماً جديداً في بناء ديموقراطية عراقية أكثر رسوخاً. وتوجه بالتحية للجهود الدؤوبة التي بذلها المسؤولون عن العملية الانتخابية ووكلاء الأحزاب والقوات الأمنية لجعل العملية سلمية ومنظمة إلى حد كبير.
وفي أعقاب الانتخابات، هنأ الشركاء الدوليون، بما في ذلك حكومات الكويت وقطر وإيران وتركيا والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، هنّأوا الشعب العراقي والقوات الأمنية ومسؤولي الانتخابات على إجراء العملية الانتخابية بشكل سلمي، وتعهدوا بالعمل مع الحكومة المقبلة في المساعدة على توفير الاستقرار والأمان والازدهار لكافة العراقيين.
سيدتي الرئيسة،
بشكل إجمالي، تنافس 6986 مرشحاً بينهم 2014 امرأة (28.8%) على 329 مقعداً (بما فيها 9 مقاعد خصصت للأقليات، تتضمن 5 مقاعد للمسيحيين ومقعد لكل من الصابئة المندائيين والشبك والأيزيديين والكرد الفيليين). وبالإجمال عملت (52483) محطة اقتراع من بين (52936) محطة كان من المخطط أن تعمل، وشمل ذلك (3000) محطة اقتراع مخصصة للنازحين سواء المقيمين منهم في المخيمات أو في المجتمعات المحلية. وقد جرت الانتخابات في جو هادئ ومستقر على وجه العموم، بالرغم من وقوع ما يقارب 47 حادثة أمنية سجلتها البعثة شملت هجمات بعبوات ناسفة محلية الصنع، ونيران غير مباشرة بالهاونات وإطلاق نار من أسلحة خفيفة على مراكز الاقتراع واشتباكات بين القوات الأمنية ومسلحين مجهولين. ووقعت هذه الحوادث بشكل رئيسي في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين، مع أن حوادث تضمنت هجمات بأسلحة نارية وسكاكين سجلت في المحافظات الجنوبية. وقد تبنى تنظيم داعش بعض هذه الهجمات، بيد ان تهديده بعرقلة الانتخابات تم احباطه بفضل جهود القوات الأمنية العراقية. وأشير كذلك إلى أن البعثة سجلت قبل الانتخابات 18 تقريراً عن هجمات ضد مرشحين من مختلف التجمعات السياسية وفي مناطق مختلفة من البلاد. ونجمت تلك الهجمات عن مقتل أحدهم وإصابة العديدين.
سيدتي الرئيسة،
لقد اتسمت الانتخابات بنسبة مشاركة متدنية، فقد أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن مشاركة (44.52%)، أي 10.8 مليون من أصل 24.3 مليون ناخب مؤهل للتصويت، وهو انخفاض كبير بالمقارنة مع العمليات الانتخابية السابقة في العراق بعد عام 2003. كما سيشهد البرلمان القادم تحولاً هائلاً، فوفقاً لنتائج الانتخابات البرلمانية تمكن أقل من 100 نائب حالي من ضمان مقعد له في مجلس النواب الجديد. ويعود قرار أكثر من نصف الجمهور الانتخابي أن لا يمارسوا حقهم الديمقراطي إلى العديد من الأسباب، لكنه في الواقع يبعث إشارة قوية إلى النخب التي تحكم البلاد منذ عام 2003، وهي بمثابة صرخة مدوية إلى ممثليهم تدعوهم إلى أن يكونوا أخيراً بمستوى طموح الشعب وأن يوفروا احتياجاته وأن يضعوا مصلحة الشعب العراقي والأمة العراقية فوق المصالح الحزبية أو الطائفية أو الشخصية أو الفئوية. وإني احث النخب السياسية العراقية على الاستماع إلى تلك الصرخة واستخلاص الاستنتاجات الضرورية عن الحاجة إلى تمثيل أفضل وعدالة للجميع ومساءلة ديمقراطية وحكم رشيد بعيد عن الفساد والمحاصصة الطائفية والمحاباة والمحسوبية.
سيدتي الرئيسة،
لقد خاض المرشحون والأحزاب بشكل عام حملات انتخابية حظيت بالاحترام وخلت على نطاق واسع من الخطاب الطائفي او البيانات النارية. وعليه، أدين بشدة حملات التشهير التي استهدفت على وجه الخصوص المرشحات، حيث تعرضن للطعن في كرامتهن وسمعتهن. كما تعرضن لتهديدات بالقتل وللمضايقات وللتسلط عبر شبكة الإنترنت، وكان هدف ذلك واحد، وهو تقويض مشاركتهن بالعملية السياسية والمزيد من التضييق على مساحتهن السياسية. وإني أحث الأحزاب السياسية وكل المجتمع العراقي على التصدي لمثل تلك الأفعال التي لا تخدم سوى تقويض العملية الديمقراطية. والتقيت عدداً من المرشحات لبحث الوضع وتشجيعهن على المضي بحملاتهن الانتخابية بصرف النظر عن الترهيب الذي كن يواجهنه. وأصدرت لجنة متابعة ميثاق الشرف الانتخابي -الذي تبنته الكتل والأحزاب السياسية بتيسير من البعثة- بياناً يدعو إلى القيام بحملات حرة ومنصفة خالية من الترهيب أو التعدي على المرشحين، وبالأخص، على النساء.
وعلى الرغم من حملة التشهير، يسرني أن أعلمكم أن العديد من المرشحات حصلن على عدد كبير من الأصوات ضمن قوائمهن السياسية، وأن حوالي 19 مرشحة فازت بترشيحها للبرلمان. ونتوقع مستقبلاً أن تمثل نسبة الـ 25% التي تضمن حالياً 83 مقعداً للنساء العتبة الدنيا وليس الحد الأعلى لمقاعد النساء.
وضمن جهود البعثة في مناصرة تعزيز المشاركة والتمثيل الفعالين للنساء في العملية السياسية وعملية صنع القرار في العراق خلال الانتخابات والمفاوضات التالية لها حول تشكيل الحكومة، فقد أطلقنا الحملة الرقمية (#شكو بيها#WhyNot - ). وفي سياق الحملة تم عرض أفلام قصيرة تسلط الضوء على نساء ناجحات ورجال يدعمون مشاركة النساء في العمليات السياسية.
إني أحث الزعماء السياسيين على ضمان مشاركة كاملة للمرأة في مفاوضات تشكيل الائتلاف الحاكم القادم والحكومة، وعلى تمثيلها في المستويات الرفيعة للهيكليات السياسية وهيكليات صنع القرار العراقية في البرلمان والحكومة وفقا لما تعهد به العديد من الزعماء السياسيين خلال حملاتهم الانتخابية.
سيدتي الرئيسة،
عقب إغلاق صناديق الاقتراع، أعلن العديد من القادة السياسيين العراقيين تأييدهم للعملية الانتخابية بما في ذلك رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية. ويستمرون في الحث على إجراء العمليات المتعلقة بالشكاوى والانتهاء منها في الوقت المحدد وكذلك التصديق على النتائج وقبولها والإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة خلال الإطار الزمني الدستوري وبما يتفق مع الإجراءات القانونية ذات الصلة وحماية العملية السياسية وتجنب الفراغ الدستوري. وقد أعربت بعض القوى والقيادات السياسية، بما في ذلك نواب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، عن قلقها بشأن بعض أوجه القصور الفنية التي شابت الأجهزة الإلكترونية لاحتساب الأصوات إلى جانب وجود تقارير تشير إلى تزوير وتلاعب بالأصوات وترهيب فعلي للناخبين من قبل بعض التشكيلات المسلحة وتدخلات سياسية. حيث انتقدت بشكل خاص المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لفشلها في إجراء عملية انتخابية سليمة وشفافة تحظى بثقة الناس ومعالجة الشكاوى بطريقة شفافة وطالبت بإعادة عد الأصوات في بعض المحافظات وإلغاء نتائج تصويت الخارج وتصويت النازحين، بل وحتى بانتخابات جديدة. وبعد فشل مجلس النواب عدة مرات في الوصول للنصاب القانوني ووسط تساؤلات حول شرعية بعض قرارته، قرر المجلس في جلسة استثنائية يوم 28 أيار، من بين أمور أخرى، أن يطلب من مفوضية الانتخابات إجراء العد اليدوي لنسبة 10% من صناديق الاقتراع وهو ما قد يؤدي إلى العد اليدوي لكل صناديق الاقتراع في حالة وجود تضارب بنسبة 25% أو أكثر. وقبل تلك الجلسة، قدم 100 عضو في البرلمان من ضمنهم رئيس المجلس رسالة للأمين العام يطلبون فيه تدخل الأمم المتحدة.
وفي 24 أيار، قرر مجلس الوزراء في اجتماع غير عادي خُصص لمناقشة ادعاءات تزوير الانتخابات، تشكيل لجنة عليا للتحقيق في التقارير والوثائق المتعلقة بالانتخابات. وستقدم اللجنة توصياتها إلى مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا والهيئة القضائية الانتخابية من أجل اتخاذ التدابير المناسبة. وبالفعل أحالت اللجنة العليا مفوضية الانتخابات إلى هيئة النزاهة، وهو تحرك رفضته مفوضية الانتخابات باعتباره تدخلاً في استقلاليتها.
وقد شككت 6 أحزاب كردية وهي التغيير والاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية الكردستانية والحركة الإسلامية في كردستان والائتلاف من أجل الديمقراطية والعدالة والحزب الشيوعي الكردستاني في مصداقية العملية الانتخابية في إقليم كردستان وطالبت بإعادة فرز الأصوات في محافظات كردستان، بل وبإعادة الانتخابات. ومن ناحية أخرى، أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني رضاهما عن نتائج الانتخابات ونيتهما البدء في حوار حول بناء تحالفات مع الأحزاب السياسية في بغداد.
وفي محافظة كركوك – وهي إحدى بؤر التوتر فيما يتعلق بالشكاوى – لا يزال الوضع مضطرباً، مع مطالبة معظم الأحزاب التركمانية والعربية بإعادة العد يدوياً لنتائج الانتخابات واعتصام مؤيديهم حول المخازن التي تم وضع صناديق الاقتراع فيها.
وفي 17 أيار، طالبتُ مفوضية الانتخابات بالعمل على نحو عاجل وجاد لمعالجة كافة الشكاوى، بما في ذلك إجراء عد يدوي جزئي عند الضرورة في مناطق مختارة، لا سيما في كركوك. وشددت على أهمية اتخاذ تلك التدابير بشفافية كاملة وبحضور الأطراف المعنية من أجل تقوية الثقة في العملية. كما ناشدتُ كافة الأطراف السياسية للتمسك بالسلام والاستمرار في الالتزام بحل أية خلافات انتخابية من خلال القنوات القانونية المحددة.
سيدتي الرئيسة،
أعلنت مفوضية الانتخابات النتائج الأولية يوم 19 أيار. كما نشرت المفوضية تفاصيل تتعلق بعدد الشكاوى المقدمة ضد عملية التصويت. ووفقاً لسجلات المفوضية، فقد تم تلقي إجمالي 1438 شكوى، 27 منها حول التصويت خارج البلاد و139 حول التصويت الخاص و1272 حول يوم التصويت العام. إلا أن 33 شكوى فقط كانت ذات تحذير عالٍ باعتبار احتمال تأثيرها بشكل كبير على النتائج واقتضائها لتحقيق متعمق. ونتيجة لهذه الشكاوى، قررت المفوضية إلغاء نتائج 134 محطة تصويت تقع في الأنبار (51) ونينوى (16) وصلاح الدين (11) وبغداد (26) وأربيل (30). ونظم ما يقرب من 500 نازح في نينوى مظاهرات ضد القرار معتبرين أن أصواتهم قد ألغيت ظلماً. إضافة إلى ذلك، أصدرت المفوضية القرار (رقم 13/25 في 18 أيار 2018) بإلغاء نتائج 186 محطة تصويت في كركوك مشيرة إلى أن هذه المحطات لاقت صعوبات في إرسال النتائج إلى مركز بيانات المفوضية. وعلى نفس المنوال، قرر مجلس المفوضين في اجتماعه يوم 18 أيار (قرار المفوضية رقم 1/25 في 18 أيار 2018) بإلغاء 56 من محطات الاقتراع خارج البلاد بسبب التأخير في إرسال النتائج أثناء المهلة التي حددتها المفوضية.
ونحن مستمرون في حث كافة الأطراف السياسية العراقية ومؤيديهم على التمسك بالسلام أثناء الفصل في الطعون الانتخابية من خلال القنوات القانونية القائمة. وأدعو مفوضية الانتخابات إلى الاستمرار في حماية سلامة كافة المواد والمعدات الانتخابية والتعاون الكامل والالتزام بقرارات الهيئة القضائية الانتخابية، بما في ذلك التدابير الممكنة للمعالجة الفعالة للشكاوى التي قدمتها الأطراف المعنية في عدد من المواقع. ونحث جهات الإدارة الانتخابية المستقلة على الفصل في كافة الطعون على الوجه الصحيح وبشكل كامل وسريع لتمكين تصحيح المشكلات وتحقيق العدالة والتصديق على النتائج النهائية للانتخابات في الوقت المناسب.
كما أود أن أؤكد على استعداد وتوفر المشورة والخبرات الانتخابية لدى الأمم المتحدة وذلك لدعم أية أنشطة وتدابير قد تكون مطلوبة للحفاظ على الثقة في العملية، بما في ذلك ما يخص كركوك في ضوء الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات في جميع أنحاء العراق والانتخابات الإقليمية في إقليم كردستان في وقت لاحق من هذا العام.
سيدتي الرئيسة،
تمثل فترة ما بعد الانتخابات مرحلة حاسمة للعراق. وانطلاقاً من إنجازات الحكومة الحالية، نحث القادة السياسيين على إعطاء الأولوية للحوار الشامل غير الطائفي وضمان التشكيل السريع لحكومة وطنية حقيقية جديدة تعكس إرادة شعب العراق. ومن الضروري أن تعمل الحكومة الجديدة ككيان واحد عابر للانقسامات الطائفية والعرقية سعياً لتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشتد الحاجة إليها، بناء على مبادئ الوطنية والمواطنة ذات الحقوق المتساوية والعدالة وتكافؤ الفرص للجميع والحوكمة الرشيدة مع العمل على تحسين الاقتصاد وتقديم الخدمات العامة والعدالة الاجتماعية. وعلى أساس هذا النهج، ستضمن الحكومة الجديدة مستقبل العراق كدولة فيدرالية مستقلة مستقرة ومزدهرة وموحدة وديمقراطية وذات سيادة كاملة لها علاقات جيدة ومتوازنة مع جميع جيرانها بناء على الاحترام المتبادل وعدم التدخل والمصالح المشتركة كأحد عوامل الاستقرار والتعاون والرخاء في المنطقة كذلك.
سيدتي الرئيسة،
على الرغم من هزيمة ما يسمى بخلافة داعش، إلا أن المنظمة الإرهابية لا تزال تمثل تهديداً. فمثلاً، في 12 نيسان، قتل 20 شخصاً وأصيب 4 أشخاص في هجوم مزدوج بعبوات ناسفة في قضاء الشرقاط بمحافظة صلاح الدين. وفي 16 أيار، عشية شهر رمضان المبارك، فتح مقاتلو داعش النار عشوائياً على مدنيين في موكب جنائزي في الطارمية جنوب محافظة صلاح الدين ما أدى إلى مقتل 12 شخصاً وجرح 25 آخرين. وفي 24 أيار، استهدف تفجير إرهابي متنزهاً مزدحماً في بغداد حيث يخرج الناس بعد الإفطار، وتسبب في مقتل أو جرح 20 شخصاً، وبالأمس انفجرت قنبلة بالقرب من مدرسة للبنات في محافظة ديالى وأدت الى مقتل أو إصابة العديد من الأشخاص. هذه الهجمات الجبانة والعشوائية تهدف فقط إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا بين المدنيين الأبرياء. إضافة إلى ذلك، تستمر المتفجرات التي زرعها داعش بحسب التقارير في إيقاع ضحايا بين المدنيين، خاصة في محافظات كركوك ونينوى والأنبار، كأحد الآثار المؤسفة لتواجد التنظيم الإرهابي هناك فيما سبق.
ونتيجة لهذه الهجمات وغيرها من الحوادث، يؤسفني إعلامكم بمقتل 144 مدنياً وإصابة 236 آخرين في الفترة من 1 نيسان إلى 30 أيار. وأود الإشارة إلى أن الإصابات بين المدنيين في شهر نيسان تشكل النسبة الأقل في أعداد الضحايا المدنيين في العراق منذ بدأت البعثة في نشر الأرقام الشهرية عام 2012، وهي الأقل منذ بدء مكتب حقوق الإنسان في نشر تقارير علنية حول حقوق الإنسان في العراق في آب 2005. إلا أنني لا أرى مجالاً للتقاعس وأؤكد مرة أخرى دعمي للسلطات العراقية في جهودها لإحباط المحاولات الإرهابية لتدمير وزعزعة استقرار وتقسيم المجتمعات المحلية في أنحاء العراق، وأحثها على التعاون الوثيق مع المواطنين والمجتمعات المحلية بهذا الشأن.
سيدتي الرئيسة،
مارست قوات الأمن العراقية ضغطاً متواصلاً على ما تبقى من جيوب تنظيم داعش وأنشطته في مناطق شمال ووسط وغرب العراق في الشهرين الماضيين من خلال عمليات تطهير أمنية متوالية. وبالبناء على ما تحقق من موطئ قدم جديد للقوات الأمنية في المدن والقرى والمناطق الريفية، فإن هذه العمليات قد وسعت من مشاركة قوات الأمن العراقية على أرض الواقع وأظهرت مدى عزمها وقدرتها على ملاحقة فلول تنظيم داعش ما أدى إلى تحسين البيئة الأمنية بشكل عام وتطهير المزيد من المستوطنات المدنية والطرق الرئيسة من المخلفات الحربية المتفجرة. وقد شهدت هذه العمليات الأمنية عددا من النجاحات البارزة، بما في ذلك تنفيذ الخطة الأمنية الخاصة بإحياء الذكرى السنوية لاستشهاد الإمام موسى الكاظم في وسط العراق في شهر نيسان، والخطة الأمنية الفعالة التي شملت جميع أنحاء العراق أثناء الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر أيار. ومن ضمن التحديات التي ستشهدها فترة ما بعد الانتخابات، تعزيز السلم الأهلي وتحقيق الهدوء خلال عملية تشكيل الحكومة، وكذلك ضمان مشاركة الحكومة المقبلة في وضع تدابير لإصلاح قطاعها الأمني وإعادة تأهيله بما يرسخ سيطرة الدولة على هذا القطاع، والعمل بحزم ضد تشكيلات وجماعات مسلحة جامحة غالباً ما تكون ذات طابع إجرامي وخارجة عن سيطرة الدولة.
وفي محاولة لمكافحة التهديد الذي تشكله مناطق الصحراء الغربية والحدود السورية أبقت قوات الأمن العراقية على انتشارها على الحدود العراقية-السورية ونفذت العديد من عمليات التطهير غربي محافظة الأنبار لتحديد أماكن الخلايا الإرهابية وتدميرها؛ حيث نفذت القوة الجوية العراقية خلال الأسابيع القليلة الماضية ثلاث ضربات ضد أهداف تابعة لتنظيم داعش داخل الأراضي السورية، وذلك بالتنسيق مع حكومة الجمهورية العربية السورية والتحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش. وفي 15 أيار، أعلن رئيس الوزراء العبادي أن جهاز المخابرات العراقي والأجهزة الأمنية ألقت القبض على خمسة من كبار قادة تنظيم داعش.
وفي 29 نيسان، تعرض قاسم ضعيف الزبيدي مدير عام مديرية المالية لهيئة الحشد الشعبي إلى هجوم شنه مجهولون أمام منزله في بغداد، حيث توفي في اليوم التالي متأثراً بجراحه، وقد باشرت السلطات العراقية التحقيق في هذا الحادث.
وتزايدت خلال الأشهر القليلة الماضية الضربات الجوية التي نفذها الجيش التركي ضد ما يزعم بأنها أهداف تابعة لحزب العمال الكردستاني قرب الحدود العراقية-التركية في شمال العراق إضافة إلى عمليات برية محدودة في منطقة هاكورك شمال محافظة أربيل، بما في ذلك الضربات التي شنتها القوات التركية في الآونة الأخيرة في 15 و17 و18 و21 أيار حيث لقي إثنين من الجنود الأتراك مصرعهما في الهجوم الأخير.
سيدتي الرئيسة،
لقد توقفت المفاوضات الرامية إلى تعزيز تطبيع العلاقات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل إلى حدٍ كبير خلال مرحلة الحملة الانتخابية. ومع ذلك، يسرني أن أشير إلى إلغاء العديد من التدابير التي فرضت على إقليم كردستان بعد إجرائه الاستفتاء الأُحادي الجانب على الاستقلال، بما في ذلك إعادة فتح مطاري أربيل والسليمانية الدوليين. وثمة حاجة إلى المزيد من الحوار بشأن تسديد رواتب الموظفين في الخدمة المدنية بغية تسوية المسائل العالقة بما في ذلك إدارة موارد النفط والغاز وعائداتها، والحدود الداخلية المتنازع عليها فضلاً عن وضع كركوك. وفي هذا الصدد، أشير إلى إعلان المحكمة الاتحادية العليا في 6 أيار القاضي بتأجيل جلسة الاستماع التي كانت تعتزم عقدها بشأن مشروعية قيام وزارة الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان بتصدير النفط بشكل مستقل.
لقد عكفت البعثة بقيادة نائبتي للشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية على عقد لقاءات مع الأحزاب السياسية والشخصيات السياسية الرئيسية في إقليم كوردستان بحضور ممثلين عن مفوضية الانتخابات والشرطة وذلك في إطار ميثاق الشرف الانتخابي الخاص بإقليم كردستان. وعقد الاجتماع الأخير في أربيل في 17 أيار لمناقشة بواعث القلق إزاء عملية الانتخابات، حيث حثت نائبتي خلال الاجتماع الأطراف على تقديم شكاواهم إلى مفوضية الانتخابات والهيئة القضائية الانتخابية.
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من هذه الأحزاب قد تعهدت بالسعي الى تحقيق تمثيل كردي ذي تنسيق قوي في مجلس النواب والحكومة الاتحادية المقبلين والسعي إلى التنفيذ التام للدستور من أجل معالجة القضايا العالقة بين بغداد وأربيل.
وفي 7 أيار، دعا رئيس وزراء إقليم كردستان نجيرفان بارزاني إلى إجراء انتخابات الإقليم في 30 أيلول 2018. ونظراً إلى الجدل الدائر حول انتخابات مجلس النواب، قررت المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاءات في إقليم كردستان في 28 أيار عدم اعتماد أجهزة التصويت والعد الإلكترونية. ومن هنا أدعو برلمان إقليم كردستان إلى التحرك الفوري لإقرار القانون الانتخابي المطلوب، وأؤكد وقوف البعثة على أهبة الاستعداد لتقديم المشورة والدعم لهذه العملية الانتخابية وفقاً لتفويض الممنوح لها.
سيدتي الرئيسة،
إن عملية التعافي تتضمن إعادة بناء المجتمع، بالإضافة الى إعادة الإعمار؛ وقد زرت مؤخراً عدداً من المواقع التاريخية والدينية وبالأخص في محافظتي نينوى وصلاح الدين للإعراب عن الدعم للتراث الديني والثقافي الغني والمتنوع الذي يزخر به البلد، وعن مشاركة الأمم المتحدة في ترميمه في مرحلة ما بعد تنظيم داعش.
ومع استتباب الأمن في البلاد وعقب مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار وتنمية العراق الذي عقد في شباط 2018، أطلق رئيس الوزراء العبادي في 9 أيار خطة التنمية الوطنية للأعوام 2018 – 2022 والتي تتضمن أولويات إطار إعادة الإعمار والتنمية للأعوام 2018 – 2027 واستراتيجية الحد من الفقر للأعوام 2018 – 2022.
وفي ذلك السياق، شرعت منظومة الأمم المتحدة في العراق في التحضير لإطار جديد للمساعدة الإنمائية للأمم المتحدة للأعوام (2020 – 2024) بغية مواءمة أنشطته مع أولويات الحكومة الجديدة مع التركيز على تنفيذ جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة وأهدافها للتنمية المستدامة، وفي هذا الصدد، اعتمد كل من فريق الأمم المتحدة القُطري ومجموعة دعم النظراء الإقليمية خارطة الطريق الخاصة بإطار الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية، وبعد ذلك بدأت مرحلة جمع البيانات للتحليل القطري المشترك. وفي الفترة الانتقالية أي قبل تنفيذ إطار المساعدة الإنمائية الجديد، سيركز فريق الأمم المتحدة القُطري في أنشطته على برنامج الأمم المتحدة لبناء القدرة على مواجهة الأزمات والتعافي منها الذي يستمر لعامين والذي صمم لإحداث أثر اجتماعي سريع لبرنامج إعادة الإعمار الحكومي.
سيدتي الرئيسة،
واصل مرفق التمويل لتحقيق إعادة الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية عمله لتيسير عودة النازحين العراقيين، واضعاً الأُسس اللازمة لإعادة الإعمار والتعافي وضمان عدم عودة العنف والتطرف. وتم تحقيق ذلك من خلال إعادة ربط المجتمعات المحلية بشبكات توزيع الكهرباء وإعادة تأهيل شبكات الإسالة والصرف الصحي والطرق والجسور وتوفير فرص عمل قصيرة الأمد من خلال برامج الأشغال العامة في المناطق التي تأثرت بشكل مباشر بتنظيم داعش. ويعمل المرفق في 31 مدينة وقضاء محرر وبالأخص في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك وذلك عبر أكثر من 2,100 مشروع من مشاريع إعادة الاستقرار.
وفي مدينة الموصل، حيث يجري تنفيذ أكثر من 700 مشروع، اكتمل العمل في معملي الزهور والساهرون لمعالجة المياه مما رفع الطاقة الإنتاجية للمياه المعالجة لتخدم حوالي 500,000 شخص. كذلك تم ترميم جسر "سيدتي الجميلة" ما أدى إلى إعادة ربط اثنين من الأحياء التجارية النشطة في مدينة الموصل مما يمكّن 4,500 مركبة من عبور الجسر يومياً ويسهم في تعزيز وصول سكان المدينة البالغ عددهم 1.4 مليون نسمة إليهما؛ كما أن القسم الداخلي للطالبات في مجمع الحدباء السكني في جامعة الموصل والذي أعيد ترميمه، بات يأوي الآن 1,000 طالبة وهو السكن الداخلي الوحيد المتاح للطالبات في الجامعة. وفي سهل نينوى، اكتمل العمل في بناء 880 وحدة سكنية. أما في محافظة الأنبار فقد تمت إعادة تأهيل 3,600 منزل توفر سكنا لما يربو على 25,000 شخص.
ولا تزال الأزمة الإنسانية في العراق مستمرة رغم ازدياد عدد الأسر العائدة إلى مناطقها الأصلية. وبلغت أزمة النزوح ذروتها في نيسان 2016 عندما أُجبر 3.4 ملايين شخص على ترك منازلهم. وبعد مرور عامين، لا يزال أكثر من 2.1 مليون شخص نازحين وبحاجة إلى مساعدات إنسانية. إن تمويل عملية تقديم الدعم في حالات الطوارئ للفئات الأشد ضعفاً لا يزال، على أية حال، عند مستويات متدنية للغاية. وحتى 15 أيار لم يتم تسلم سوى 101 مليون دولار من مساهمات الجهات المانحة من أصل الـ 569 مليون دولار المطلوبة في خطة الاستجابة الإنسانية أي بنسبة (18%) فقط. ولذلك أناشد الجهات المانحة لتقديم المعونة السخية إلى شعب العراق، اعترافاً بالعبء الهائل الذي تحمله هذا الشعب نيابةً عنا جميعاً في معركتهم البطولية ضد تنظيم داعش والنصر الكبير الذي حققوه.
ولاتزال عملية عودة الأُسر النازحة متذبذبة. ففي الفترة من 31 آذار إلى 30 نيسان، عاد أكثر من 75,000 شخصاً إلى أربع محافظات بشكل رئيس وهي نينوى وصلاح الدين وكركوك والأنبار. وعلى الرغم من ذلك، رصدت حالات نزوح جديدة وثانوية. على سبيل المثال، في نهاية شهر نيسان، عاد قرابة 51,000 نازح إلى مخيمات في محافظة نينوى، من بينهم 27,000 شخص نزحوا نزوحا ثانوياً. وتعزى الأسباب الرئيسة للنزوح الثانوي للأسر إلى انعدام الخدمات الأساسية وفرص كسب العيش في مناطقهم الأصلية فضلاً عن المخاوف الأمنية وانتشار مخاطر المتفجرات.
وتحرز مديرية شؤون الألغام التابعة للحكومة العراقية، بدعم من الدول الأعضاء، تقدماً في الجهود التي تبذلها لزيادة عدد الجهات العاملة في إزالة مخاطر المواد المتفجرة في العراق. وتوجد الآن أربع منظمات دولية غير حكومية في طور الإعداد للقيام بأنشطة عملياتية في العراق، بما في ذلك في المناطق التي تعاني نقصاً في الخدمات مثل كركوك وسنجار وتلعفر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام وبالتعاون مع الحكومة العراقية قد زادت من معدلات إتلافها للمواد المتفجرة، لا سيما إزالة العبوات الناسفة الموجودة تحت الماء عند الجسر الحديدي في الفلوجة بغية إتاحة المجال لأعمال إعادة التأهيل التي ينفذها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وأود أن أحيي بوجه خاص شيم الشجاعة والصمود والإنسانية التي تحلت بها الجهات ذات المهارة العالية العاملة في إزالة الألغام والتي تعمل على إزالة أحزمة انتحارية ناسفة غير مستقرة من بقايا بشرية في البلدة القديمة من مدينة الموصل وقد بلغ عددها نحو 200 حزام منذ مطلع عام 2018.
في شهر نيسان، أُنشئت أولى لجان عودة النازحين في محافظات الأنبار وكركوك وصلاح الدين لتيسير عملية عودة النازحين بشكل كريم وبتعاون تام من قبلهم. ومن المتوقع أن يتم قريباً تشكيل لجان مماثلة أخرى في محافظتي بغداد ونينوى. وتتألف هذه اللجان من ممثلين عن الحكومة والمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، وتهدف إلى التأكد من أن عودة النازحين تتم بشكل طوعي وآمن وكريم، فضلا عن تلبية احتياجات النازحين الباقين في المخيمات من خلال إعادة توطينهم في مخيمات أخرى تتوافر فيها خدمات أفضل وتشهد عدداً أقل من انتهاكات إجراءات الحماية، ويسهل الوصول إليها من قبل الجهات الفاعلة في المجال الإنساني.
وخلال العملية الانتخابية التي جرت مؤخراً، يؤسفني أن أبلغ المجلس بأن الشركاء في مجال المساعدة الإنسانية سجلوا عدة حالات مشتبه فيها على تسييس المساعدة الإنسانية في المخيمات في كافة أنحاء البلاد، يزعم أن سلطات فرض القانون والموظفين المحليين العاملين في تقديم المساعدة الإنسانية قد ارتكبوها. وقد تم توجيه انتباه المفوضية المستقلة العليا للانتخابات الى هذه الادعاءات في الوقت الذي يواصل فيه الشركاء في مجال العمل الإنساني الدعوة من أجل الطبيعة المدنية والإنسانية للمخيمات ورصدها. ولا زلنا نشعر بالقلق الشديد إزاء التواجد العسكري المستمر في المخيمات في كافة انحاء العراق والتحرش الجنسي بالنساء والفتيات وتغيير وجهة المساعدة الإنسانية واعتقال سكان المخيمات واختفائهم وانشطة التجنيد داخل المخيمات وهجمات الجهات الفاعلة المسلحة على الموظفين العاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية على الرغم من توجيه السيد رئيس الوزراء بشأن الطبيعة المدنية للمخيمات.
بتاريخ 12 نيسان، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً خلص الى أن النساء والأطفال العراقيين الذين يُظنّ بأن لهم علاقات مع تنظيم داعش يواجهون مسائل خطيرة على صعيد الحماية، بما في ذلك رفض تقديم المساعدة لهم وتقييد على حرية الحركة والمضايقات الجنسية والاغتصاب والاستغلال الجنسي. ويدين المجتمع الإنساني هذه الانتهاكات لحقوق الانسان بأقوى العبارات، بما في ذلك أي شكل من اشكال الاستغلال الجنسي وإساءة معاملة النازحين واللاجئين. وفي عام 2016، تم انشاء الشبكة العراقية للحماية من الاستغلال الجنسي والاعتداء الجنسي باعتبارها آلية أولية لزيادة الوعي وبناء القدرة والتمكين في اعداد التقارير والاحالة والمتابعة وتقديم خدمات الدعم للضحايا. وتمت إحالة جميع الادعاءات بوقوع سوء معاملة التي تم نقلها الى الشبكة خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام الى السلطات العراقية او وكالات الأمم المتحدة او المنظمات غير الحكومية من اجل التحقيق فيها. وتتعاون الشبكة مع مركز اتصالات النازحين الذي يعتبر آلية مجتمعية لتقديم الشكاوى لمعالجة حالات الاستغلال والاعتداء الجنسيين. وأود ان أؤكد بأن البعثة تعمل مع شركائنا في المجال الإنساني لإجراء التحقيق العاجل في الحالات المبلغ عنها.
سيدتي الرئيسة،
تستمر الحكومة العراقية في التواصل مع جيرانها والمجتمع الدولي من اجل بناء علاقات تعاون لمكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة والتصدي له. ويتعاون المسؤولون في التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش على نحو وثيق مع نظرائهم والسياسيين العراقيين للعمل من اجل القضاء على التهديدات المتبقية في البلاد وبناء قدرة القوات العراقية لمكافحة عناصر داعش التي تلجأ الى العنف والتي تسعى الى العودة في الغالب من مخابئ على طول الحدود مع سورية.
وعلى نطاق أوسع، لقد بنى العراق علاقات ثنائية أقوى مع الدول المجاورة في المنطقة من اجل التحرك نحو تحقيق الأهداف المشتركة والعمل معا في مختلف الميادين، بما في ذلك الاقتصاد والتعليم والأمن. لقد حضر الى العراق أكثر من 960 من مراقبي الانتخابات من المنطقة والعالم من اجل المساعدة في مراقبة العملية الانتخابية. ويستمر تعزيز التعاون الفني والأمني بين العراق والدول الإقليمية. ان الاستقرار في العراق لا ينفصل عن السلام والرفاه المستدامين في المنطقة والعكس بالعكس. ولا يزال الالتزام المتواصل من جانب الحكومات في المنطقة والمجتمع الدولي بمساعدة العراق في إعادة اعمار البلد يشكل امراً أساسيا في وقت التحول نحو الاستقرار وتعزيز الديموقراطية.
سيدتي الرئيسة،
سأتطرق بإيجاز الى بعض القضايا الاخرى المتعلقة بحقوق الانسان والتي تركز عليها البعثة حالياُ. بتاريخ 16 نيسان، أعلنت وزارة العدل بأنه تم تنفيذ حكم الاعدام 13 مرة في عام 2018 حتى حينه، بما في ذلك 11 حالة في جرائم تتعلق بالإرهاب. وكانت تلك هي المرة الأولى في عام 2018 والتي تذكر فيها السلطات العراقية تنفيذ حكم الإعدام.
وبتاريخ 8 كانون الثاني، شكل مجلس النواب لجنة تحقيقية للنظر في الانتهاكات المحتملة لحقوق الانسان التي تم ارتكابها في طوز خورماتو في شهر تشرين الأول الماضي. وتم الانتهاء من تسمية أعضاء اللجنة التحقيقية في شهر أذار. وانني أتطلع الى اصدار اختصاصاتها والنتائج اللاحقة بهدف محاسبة المسؤولين محاسبة كاملة.
وبتاريخ 6 نيسان، وفي مدينة الموصل، تم اكتشاف مقبرة جماعية تضم 22 جثة تعود لمنتسبين سابقين في قوات الامن وموظفين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وبتاريخ 2 نيسان، وفي قضاء يقع في جنوب الموصل، تم اكتشاف مقبرة جماعية تضم 51 جثة تعود الى منتسبين في قوات الامن العراقية. وذكر بأن المقبرتين تضمان ضحايا داعش. ومنذ شهر حزيران 2014، تم اكتشاف 122 مقبرة جماعية على الأقل ويعتقد بأن الأغلبية الساحقة منها تضم ضحايا تنظيم داعش. وتبقى عملية الحفاظ والحفر الممنهج لهذه المواقع امرا حاسماً حيث يمكن ان تحتوي على ادلة تقود الى مرتكبي هذه الجرائم وكذلك الأدلة المهمة التي تقود الى معرفة هوية الضحايا.
وبعد مصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على اختصاصات فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة الذي سيتم تشكيله عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 2379 لعام 2017، زارت العراق بعثة تقييم تابعة للأمم المتحدة برئاسة السيد ميغيل دي سيربا سواريس وكيل الأمين العام للشؤون القانونية في بداية شهر نيسان. ويعتزم الأمين العام اتخاذ الخطوات التالية على نحو عاجل والتي تقود الى تشكيل فريق التحقيق.
سيدتي الرئيسة،
أود أن اغتنم هذه المناسبة لأعرب عن شكري للحكومة العراقية على استكمال تسمية أعضاء اللجنة الوطنية العليا لرصد الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال والابلاغ عنها. وأشجع الحكومة الجديدة على مواصلة العمل مع فريق البعثة لبلورة خطة عمل من اجل التصدي لاستخدام الأطفال وتجنيدهم والتي من اجلها تم ادراج العراق في التقرير السنوي عن الأطفال والنزاع المسلح لعام 2016. وآمل أن نعمل بشكل جماعي على تطوير وتقوية الأدوات والآليات القائمة لحماية الأطفال في العراق والذين تضرروا من جراء النزاع المسلح.
وقبل أن اختتم كلمتي، اود كذلك أن اشير بأنه بعد اجراء التقييم الخارجي المستقل للبعثة، قدم الأمين العام في رسالته بتاريخ 17 أيار معلومات بشأن تنفيذ توصياتها. وحسبما طلب مجلس الأمن كجزء من احاطتي فإنني سأوزع ورقة رؤيا تضم أولويات واهداف البعثة وفريق الأمم المتحدة القطري على المدى القريب والبعيد وكذلك تتضمن تقسيم العمل بين كيانات الأمم المتحدة المختلفة. وستتم مواصلة مناقشة هذه الأولويات والاهداف مع مجلس الامن والحكومة العراقية الجديدة بهدف تحقيق توافق بين حاجات البلد ونشاطات الأمم المتحدة وعملها.
سيدتي الرئيسة،
اسمحوا لي الآن أن أنتقل الى التقرير الثامن عشر للأمين العام للأمم المتحدة بشأن مسألة المفقودين من الرعايا الكويتيين ومن رعايا الدول الاخرى، والممتلكات الكويتية المفقودة، بما فيها الارشيف الوطني.
تواصل وزارة الدفاع العراقية بذل جهود استباقية للقيام بمهمات للبحث والاستكشاف وكذلك جمع المعلومات لاستكمال البحث عن الأشخاص المفقودين الكويتيين. فالالتزام بالعمل موجود ولكن الحاجة الى تبني وسائل جديدة وخلاقة للمضي بالملف قدماً واضحة لعدم تحقق نتائج ملموسة.
وفي شهر نيسان، وللمرة الثانية في 15 سنة، استضاف العراق اجتماعات الآلية الثلاثية مثبتاً التزامه بملف المفقودين والعودة المطردة الى الأحوال الطبيعية. وكانت النقاشات التي أجريت بين أعضاء الثلاثية بناءة ومتطلعة الى الأمام. وتم التوصل الى اتفاقات بشأن أفضل السبل لتفعيل البحث بالتركيز على توصيات مشروع الاستعراض الخاص باللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأعرب عن شكري على الرد الإيجابي الذي تلقيناه بشأن المقترحات التي قدمتها البعثة خلال هذه الاجتماعات وخصوصاً المشروع الرائد لإجراء مسحا ميدانياً لمواقع المقابر الجماعية في العراق بمساعدة مركز الأمم المتحدة العالمي للخدمات (UNGSC) في برنديزي. وتماشياً مع النهج المتعدد الجوانب الذي دعا له مشروع الاستعراض الخاص باللجنة الدولية للصليب الأحمر، سيضم المشروع الرائد كذلك التدريب وبناء قدرات الفرق الفنية حول استخدام رادار استكشاف باطن الأرض وتحليل البيانات. وآمل ترجمة النتائج والاتفاقات المنبثقة عن اجتماعات الآلية الثلاثية الأخيرة الى نتائج إيجابية.
وفي الوقت الذي تتحمل فيه الحكومة العراقية المسؤولية الرئيسية عن هذا العمل، أود أن اغتنم هذه المناسبة لأهيب بالمجتمع الدولي ان ينظر في سبيل زيادة دعم هذه الأنشطة. وعلى وجه الخصوص، الفت الانتباه الى ضرورة ان تتقدم الدول الأعضاء التي تمتلك صور أقمار صناعية ذات صلة خلال المدة من 1990 الى 1991 وتقدم تحليلات ومعلومات الى الحكومة العراقية من اجل المساعدة في تحديد مواقع الدفن. إن عملية الحصول على المعدات الميدانية وكذلك تقديم التدريبات الخاصة بالأدلة الجنائية والحمض النووي DNA والأنثروبولوجية وبناء قدرات الفرق الفنية العراقية والكويتية لا تقل أهمية عن ذلك للمضي قدماً بهذا الملف.
من الأهمية الفائقة وعلى الرغم من التحديات والإحباط المتراكم نتيجة انعدام النتائج، ألا يغيب عن بالنا الهدف النهائي المتمثل في تقديم أجوبة الى اسر المفقودين حول مصير احباءهم.
سيدتي الرئيسة،
للأسف، لم يسجل ملف الممتلكات الكويتية المفقودة أي تقدم خلال هذه الفترة. وتجتمع البعثة مع وزارة الخارجية العراقية لبحث أفضل السبل التي يمكننا من خلالها دعم وتسهيل إعادة الممتلكات الكويتية التي تم تحديدها والمعلقة لأكثر من عام. وأود ان اكرر الدعوة الى العراق والكويت من اجل الوصول الى اتفاق بشأن تاريخ التسليم. وتقف البعثة على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم اللوجستي ومراقبة العملية.
وفي الختام،
أحث الحكومة العراقية على استكشاف استراتيجيات جديدة من اجل إعادة تنشيط هذا الملف والوفاء بالتزاماتها، بموجب هذا الملف.