كلمة معالي السيد ميغيل أنخيل موراتينوس وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لمنظمة الامم المتحدة لتحالف الحضارات في الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى الحضارات العريقة بغداد- العراق 4 كانون الأول
معالي الدكتور فؤاد حسين، وزير الخارجية ورئيس المنتدى،
أصحاب المعالي،
الضيوف الكرام،
يشرفني حقاً أن أكون هنا اليوم في بلدكم الرائع.
وأتقدم بشكري العميق لحكومة جمهورية العراق على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال.
كما أود أن أنقل دعم الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش، والذي أوفدني لتمثيله في هذا اللقاء، حيث يؤمن السيد غوتيريش إيماناً راسخاً بالحوار بين الثقافات وبين الأديان بوصفه وسيلة قادرة على تحقيق السلام.
هذه زيارتي الأولى للعراق، وهي زيارة طال انتظارها، ولكنها بالتأكيد تستحق ذلك الانتظار الطويل.
ولا يمكنني التفكير بمكان أكثر ملائمة لإقامة منتدى عن الحضارات العريقة من العراق، وهو مهد حضارة عمرها قرون.
وتغني الثروة الموجودة من الديانات والثقافات والأعراق المتنوعة فسيفساء المجتمع العراقي الزاخرة بالألوان.
وتعكس مواقع التراث الثقافي والمواقع الدينية في العراق وفي أي مكان هوية الشعب وتعزز شعوره بالانتماء.
لقد تميز الشعب العراقي على الدوام بوصفه تجسيداً للقدرة على الصمود. وهو تجربة حية تمثل الأمل في خضم أحلك اللحظات في تاريخ العراق.
ومثَّل الأمل والصمود والتضامن بين العراقيين قوةً دافعةً ساعدتهم في هزيمة تنظيم داعش وتحرير بلدهم من تهديده.
ولكن لدحر الإرهاب نهائياً، ينبغي أن نستكمل جهودنا العالمية كذلك بمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف العنيف والذي بدوره يفضي إلى الإرهاب.
وهنا يأتي دور تحالف الأمم المتحدة للحضارات، انطلاقاً من كونه مبادرة سياسية للأمين العام للأمم المتحدة لمنع النزاعات وحلها من خلال تعزيز الحوار بين الثقافات وبين الأديان وتشجيع التنوع والاحترام المتبادل.
وبتركيزه على الحوار والتعاون الثقافي، يسعدني أن منتداكم هذا يكمِّل العمل الذي بدأه تحالف الأمم المتحدة للحضارات منذ أكثر من (17) عاماً ونجح في إنشاء منصة عالمية للحوار بين الثقافات والأديان.
ومنذ أسبوع واحد فقط، نجحنا بتنظيم المنتدى العالمي التاسع في مدينة فاس التاريخية في المغرب. وقد شارك في المنتدى أكثر من (1100) مشارك بما في ذلك (98) دولة من الدول الأعضاء ومنظمات مجتمع مدني وزعماء دينيين وشباب.
وأغتنم هذه الفرصة لأشكر معالي السيد وزير الثقافة العراقي لمشاركته القيمة في ذلك المنتدى.
الضيوف الكرام،
من المهم أن نتذكر أهمية حماية التراث الثقافي والديني، ,وبالأخص على خلفية السياق العالمي الراهن، حيث يظل الأشخاص الذين تتحدد هوياتهم بالدين أو الثقافة أو العِرق محاصرين بالكراهية ويقعون ضحايا للتمييز والتهميش.
إن المواقع الدينية وأماكن العبادة هي رموز عالمية لإنسانيتنا.
وإن تدمير هذه المواقع يقلل من قيمتنا جميعاً كمجتمع.
ولهذا السبب كلّف الأمين العام للأمم المتحدة مكتبي بوضع "خطة عمل الأمم المتحدة لحماية المواقع الدينية" في أعقاب هجمات مدينة كرايستشيرش في عام 2019.
وهذه الخطة هي دعوة عالمية للالتفاف حول مبادئنا الأساسية في الإنسانية والتضامن، وللتأكيد مجدداً على قدسية كافة الأماكن الدينية وسلامة كافة المصلين الذين يزورون دور العبادة بروح من التعاطف والاحترام. وقد وضعت الخطة بما يتوافق مع المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تؤكد الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، مع ملاحظة أن هذا الحق يشمل حق الأفراد والمجتمعات في إظهار دياناتهم ومعتقداتهم في التعاليم والممارسة والعبادة وإقامة الشعائر. وكلي أمل أن يتم تضمين إشارة إلى هذه الخطة في بيناكم.
الضيوف الكرام،
في خضم التحديات الراهنة المعقدة والمتعددة الأوجه، يعد الحوار شرطاً لا غنى عنه لتحقيق السلام.
وقد أظهر التاريخ أن الحوار ليس عملية بسيطة، ولكن إن أخفقنا في تعليمه وتنميته يمكن أن يفضي الوضع إلى مناجاةٍ فردية أو إلى الصمت، الأمر الذي يؤدي إلى الصراع والتطرف العنيف، وهي ما يصفه سمو البابا فرانسيس بأنها مناجاةٍ فردية متوازية.
إن إحياء الحوار الثقافي والحضاري شرط مسبق لتحقيق السلام الدائم.
وأكرر مرة أخرى أنني في غاية السعادة لمشاركتي في هذه المبادرة، وأتطلع إلى تعزيز جهودنا الجماعية لتحقيق تلك الأهداف.
وشكراً لكم.