إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيد يان كوبيش إلى مجلس الأمن نيويورك، 22 أيار 2017
السيد الرئيس،
أعضاء مجلس الأمن الموقرون،
يشرفني أن أقدم التقرير الثالث للأمين العام، عملاً بأحكام الفقرة 7 من القرار 2299(2016) وكذلك التقرير الرابع عشر للأمين العام، عملاً بأحكام الفقرة 4 من القرار 2107(2013) بشأن مسألة المفقودين من الكويتيين ورعايا الدول الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة.
السيد الرئيس،
لقد باتت أيام ما يسمى بخلافة داعش في العراق معدودة بفضل شجاعة ووطنية قوات الأمن العراقية، بما فيها قوات الحشد الشعبي والبيشمركة ومتطوعو العشائر، فضلاً عن صمود الشعب العراقي. لقد أصبح تحرير الموصل وشيكاً، وتتجه العمليات حالياً إلى مناطق وجيوب تواجد داعش المتبقية، بما في ذلك المناطق على امتداد الحدود مع سوريا. وقد أعلن رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي أن الخطوة التالية ستكون تأمين الحدود العراقية-السورية وتحرير الأجزاء الغربية من محافظتي نينوى والأنبار.
وعلى الرغم من كل هذا التقدم، يظل القتال تحدياً جسيماً، حيث يلجأ تنظيم داعش بصورة متزايدة إلى استخدام المدنيين بلا رحمة كدروع بشرية، وهي محاولة يلجأ إليها التنظيم وهو في الرمق الأخير، وهي تكشف المزيد من الهمجية اللاإنسانية المتأصلة لدى الإرهابيين الذين يشكلون هذه الخلافة المزعومة. وأود مرة أخرى، أمام هذا المجلس، أن أقف إجلالاً لمن ضحوا بحياتهم أو بأحد أعضاء جسمهم للنهوض بعراق حر وموحد، ولمن نزفوا دماً دفاعاً عن إنسانيتنا المشتركة.
ولا تزال حماية المدنيين تشكل أحدى الضرورات الحتمية خلال العمليات، وفقاً لتوجيهات رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السيد حيدر العبادي والتي أقرها الزعماء السياسيون إضافة إلى المؤسسات الدينية. وقد دأبت قوات الأمن العراقية، بما فيها قوات الحشد الشعبي، وشركائها في التحالف الدولي على تكييف أساليبهم الحربية باستمرار لتقليل تأثير عملياتهم على المدنيين، حتى وإن كان ذلك على حساب إطالة أمد المعركة الشرسة والمريرة التي لا زالت توقع خسائر جسيمة بين صفوف المدنيين والعسكريين. كما ينبغي الاعتراف بالفضل لقوات الأمن العراقية في المناطق المحررة لسعيها إلى تجنب والحيلولة دون الهجمات الانتقامية والخطوات الأخرى التي من شأنها أن تؤجج التوترات الطائفية.
السيد الرئيس،
كان اجتماع التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية/داعش الذي عقد بتأريخ 22 آذار في العاصمة واشنطن يمثل رسالة تذكيرية واضحة بأنه يتوجب علينا أن نركز على أمرين في آن واحد، وهما التحديات الآنية لدحر داعش وعلى مرحلة ما بعد التحرير وإرساء الاستقرار وإعادة التأهيل في العراق. كما تم التأكيد خلال الاجتماع أن الانتعاش الطويل الأمد ينبع من الحكم الرشيد وتقديم الخدمات والترتيبات الأمنية السليمة لكافة المكونات وضمان العدالة واحترام الحقوق لكافة المواطنين والمصالحة الوطنية والمحلية والمساءلة بشأن الجرائم المرتكبة.
ويعد دعم العراق ومساعدته على نحو متواصل وواسع النطاق ومستدام من جانب المجتمع الدولي، بما في ذلك شركاءه الإقليميين، أمراً لا غنى عنه خلال المرحلة المقبلة على وجه الخصوص لتسهيل عودة سريعة وطوعية للنازحين إلى المناطق المحررة وللأوضاع الأمنية ولسيادة القانون والنظام بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، أرحب بالخطوات الأخيرة التي اتخذتها عدد من الدول والمنظمات الإقليمية لتعزيز دعمها للعراق وتعاونها معه، كما تم تأكيد ذلك، من جملة أمور أخرى، خلال القمة الأخيرة لجامعة الدول العربية والعديد من اللقاءات الثنائية رفيعة المستوى التي عقدت هناك.
السيد الرئيس،
على الرغم من أننا نأمل انتهاء العمليات العسكرية الواسعة النطاق بنهاية هذا العام، إلّا أن البيئة الأمنية ستظل متقلبة وستكون سِمَتُها تواصل الهجمات الإرهابية الجبانة التي يشنها تنظيم داعش مستهدفاً المدنيين في العديد من مناطق البلاد. فمن المرجح أن يسعى داعش والقاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية كلما أتيحت لها الفرصة إلى استغلال وتعميق الانقسامات الطائفية أو العشائرية أو العرقية، ويشمل ذلك تعاون هذه الجماعات مع العصابات الإجرامية.
وسوف يتطلب ذلك استجابة مناسبة من جانب القوات الأمنية. وفي هذا الصدد، بات الإصلاح الطويل الأمد والشامل للقطاع الأمني أمراً حتمياً. وأرحب بالانتهاء من وضع مسودة استراتيجية وطنية لإصلاح القطاع الأمني - وهو جهد تم إنجازه بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- وأتطلع إلى إقرار مجلس الأمن الوطني لتلك الاستراتيجية.
ومن بين أمور أخرى، يتعين أن يجري تطبيق قانون هيئة الحشد الشعبي على نحو يعزز السمات اللاطائفية والمتعددة الأديان والمتعددة العرقيات لقوات الحشد الشعبي، ويوطد سيطرة الحكومة على تلك القوات ويضمن الرقابة والمساءلة الديمقراطيتين.
السيد الرئيس،
ويُعد العمل باتجاه تسوية وطنية أمراً حيوياً لضمان وحدة العراق واستقراره على المدى الطويل. ومما يبعث على الأمل إلتزام التحالف الوطني العراقي المتواصل باتجاه إنجاز تسوية وطنية، والجهود التي بُذلت حتى الآن لتعزيز تلك التسوية على المستويين الوطني والإقليمي. ففي يوم 10 أيار أعادت الهيئة القيادية للتحالف الوطني التأكيد أن محاربة داعش ينبغي أن يرافقها تقدم باتجاه حل سياسي يشمل كافة المواطنين ويعمل على طمأنتهم. وأود أن أشيد كذلك بتقديم تحالف القوى العراقية لرؤيته التي طال انتظارها بشأن التسوية الوطنية التأريخية، حيث قُدمت إلى الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته إلى العراق يوم 30 آذار مع مبادرة لاستعادة الثقة. وتوصل التركمان، خلال "منتدى التركمان" الذي ضم طيفاً واسعاً وتمثيلاً حقيقياً لأبناء هذا المكون وعقد في بغداد بتأريخ 16-17 أيار وشمل مجموعات تركمانية وممثلين عن تركمان العراق من شتى الانتماءات السياسية والطائفية، توصلوا إلى إجماع على ورقة تمثل رؤية التركمان المشتركة لتسوية وطنية تقوم على أساس الاحترام المتبادل للحقوق والمسؤوليات المتساوية ضمن عراق موحد. وتواصل مجموعات أخرى وأفراد من المجتمع المدني والعشائر إطلاعنا على رؤاهم بشأن الكيفية والأسس التي يقوم عليها بناء عراق ما بعد داعش.
وعلاوة على الجهود التي بذلت داخل العراق، عقدت خلال الأشهر القليلة الماضية سلسلة اجتماعات خارج العراق أيضاً، سهلت دول إقليمية انعقاد بعضها، لتشجيع مختلف الزعماء والجماعات السُنّية على تبني رؤية موحدة لعراق ما بعد داعش. وشدد المشاركون في بياناتهم الختامية على أهمية وحدة واستقرار وأمن العراق، ورفضوا أية محاولة لتقسيم أرضه أو شعبه. وعلى الرغم من أن القوى السياسية الشيعية في العراق شجعت من حيث المبدأ المباحثات والجهود الرامية إلى تعزيز وحدة السُنة في العراق، بيد أن تلك التجمعات التي عقدت خارج البلاد جوبهت بانتقادات قوية، وأصدر مجلس النواب العراقي في 30 نيسان قراراً يمنع بموجبه حضور أو مشاركة السياسيين ومسؤولي الدولة داخل أو خارج العراق بدون موافقة السلطات العراقية.
أني أؤكد مجدداً على التزام الأمم المتحدة بالعمل على نحو وثيق مع كافة الشركاء العراقيين لتحقيق تسوية وطنية تشمل الجميع وتقوم على عدة مبادئ توجيهية، ومنها: إحترام الدستور العراقي وقيم المواطَنة والمشاركة على قدم المساواة في العملية السياسية ورفض ومحاربة الإرهاب ورفض الطائفية. ويتطلب الوصول إلى حل مستدام أن تؤخذ مخاوف كافة العراقيين بالحسبان، بينما يتم البناء على الإنجازات الإيجابية المتحققة منذ عام 2003، ولكن كذلك بمعالجة أوجه القصور التي شابت السنوات الماضية والتي أوجدت، من بين جملة أمور، بيئة مواتية لظهور تنظيم داعش ونجاحه في البداية. ومن المسائل البارزة في مرحلة ما بعد التحرير هي العودة الطوعية والآمنة والكريمة للنازحين إلى ديارهم وإعادة الحياة الطبيعية إلى تلك المناطق.
ويسرني أن أخبركم أن النظراء العراقيين وكذلك الشركاء الدوليين قد عبروا عن رغبتهم بالعمل مع الأمم المتحدة لتحقيق السلام والاستقرار والأمان لكافة العراقيين. إني أشجع كافة الشركاء العراقيين والأقليميين والدوليين على الانخراط في تقديم الدعم البنّاء لهذه العملية، وفي نفس الوقت أهيب على نحو خاص بالشركاء الدوليين أن ينسقوا على نحو تام مع الحكومة العراقية واحترام مبادئ السيادة وعدم التدخل بالشؤون العراقية الداخلية.
السيد الرئيس،
إن المصالحة الوطنية لا يمكن أن تنجح إلاّ إذا كانت ستعكس احتياجات الشعب وآماله، لا احتياجات وآمال السياسيين فقط. إن فئة الشباب التي تشكل أكثر من نصف سكان العراق، تعد إلى جانب فئة النساء مكوناً رئيسياً في المجتمع. وقد اختتمت البعثة للتو مشروعاً أطلق عليه اسم "العراق: شباب وتعايش"، نفذته بالتعاون مع شريك محلي هو جمعية الأمل العراقية؛ حيث عقدنا سبعة منتديات منفصلة شملت مختلف أنحاء العراق: البصرة وأربيل والنجف وديالى والسليمانية، وكركوك، وبغداد، وضمت ما يربو على 750 مشاركاً من جميع محافظات العراق. وقد ضمت هذه المنتديات مختلف شرائح الشباب - مثل الطلاب والفنيين الشباب والنشطاء والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والعاطلين عن العمل – وجهت إليهم الدعوة مع إيلاء الاعتبار اللازم لمسألة النوع الاجتماعي، وتمثيل مكونات المجتمع المحلي، والتنوع الجغرافي.
وقد اختتم المشروع بمؤتمر وطني عقد في بغداد في 20 أيار، دعا – من بين أمور أخرى – إلى فصل الدين عن السياسة؛ وإلى تأكيد الطابع العلماني للدولة؛ ووضع حد لنظام المحاصصة الطائفية من خلال سن تشريعات؛ وإلى إصلاح المناهج التربوية من أجل تعزيز الهوية العراقية وروح الوطنية والتسامح مع الإشارة على وجه الخصوص إلى طوائف الأقليات؛ وتدعيم سيطرة الدولة على الأسلحة وسيادة القانون؛ وتحريم ومراقبة وتجريم الخطاب الديني الذي يدعو إلى الكراهية؛ وتمكين الشباب عن طريق خفض الحد الأدنى للسن المطلوبة للترشح للمناصب الانتخابية؛ وتمكين المرأة لا سيما الشابات؛ والقضاء على العوامل التي تدفع السكان، خاصة أبناء الأقليات إلى الهجرة؛ وتشجيع وسائل الإعلام على الترويج لثقافة السلام؛ ومنع التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للعراق. وأنا آمل أن تظل التطلعات التي أعرب عنها الشباب باقية ضمن التعاون المستقبلي الذي سيستمر في توثيق العرى بين الشباب الراغبين في المشاركة بشكل فعال في تشكيل المستقبل الأفضل للعراق واضعين بذلك مثالاً يحتذى للخطاب الوطني الذي يتجاوز الانقسامات والطائفية، ويعمل على الدوام على تذكير الطبقة السياسية في البلاد بالمسؤوليات الجسام الملقاة على عاتقها.
وقد واصلت البعثة أيضاً بذل الجهود الرامية إلى إشراك قادة المجتمع ومنظمات المجتمع المدني في الحوار المعمّق حول مرحلة ما بعد داعش. وعقدت البعثة في المدة ما بين تشرين الثاني 2016 إلى أذار 2017 ستة مؤتمرات مائدة مستديرة في شتى أنحاء العراق تحت عنوان "العراق بعد الصراع"؛ سعت من خلالها إلى تلخيص التحديات الرئيسية التي يواجهها العراق بعد دحر تنظيم داعش. وسوف تعقد قمة وطنية في 24 أيار في بغداد، وستضم 50 من هذه الشخصيات، لتدعيم مخرجات موائد النقاش المستديرة الست.
وقد شعرت بالتفاؤل إزاء هذه المبادرات وغيرها من المبادرات الشعبية، المدعومة من قبل كيانات أخرى للأمم المتحدة في العراق، والتي أظهرت بجلاء كبير أن العراقيين كافة – بصرف النظر عن الدين أو الطائفة أو العرق – يشتركون في توقهم إلى أن ينعموا بالوحدة والتعايش السلمي وإلى أن يبنوا معاً مستقبلاً أفضل للجميع.
السيد الرئيس،
إن الهزيمة الوشيكة لتنظيم داعش ينبغي أن توفر قوة دفع عاجلة لمعالجة هموم طوائف الأقليات، ولتأمين عودتهم على نحو آمن إلى ديارهم؛ فالأقليات في العراق تواجه تحديات وجودية وتحتاج على اهتمام خاص، كما تبين ذلك خلال اجتماع الأمين العام مع زعماء الطائفة الأيزيدية، وكذلك خلال اجتماعاتي التي عقدتها في الآونة الأخيرة مع الزعماء السياسين والدينيين من أبناء الطائفة المسيحية؛ وتتضمن مطالبهم تأسيس إقليم/محافظة/منح مستوى أعلى من الاستقلال الذاتي؛ وتوفير الحماية من قبل المجتمع الدولي؛ ونشر قوات أممية في المناطق المأهولة بالأيزيديين والمسيحيين؛ ووضع ترتيبات يتسنى عن طريقها للأيزيديين والمسيحيين الدفاع عن أنفسهم وحماية ممتلكاتهم من خلال دمج قوات من الطائفتين في منظومة الأمن الوطني. وتتضمن المجموعة الأخرى من المطالب الاعتراف بالفظائع التي ارتكبت في حق الأيزيديين والأقليات الأخرى على أنها إبادة جماعية؛ وتعديل القوانين ذات الطبيعة التمييزية على أساس عرقي وديني، مثل قانون البطاقة الوطنية الموحدة، لاسيما المادة 26 من هذا القانون التي تفرض الإسلام على القاصرين؛ وغير ذلك من القوانين المقيدة للحريات؛ وإلغاء سياسات التهميش في التعيينات الوظيفية.
وستشارك الأمم المتحدة، في ظرف يومين من الآن، في مؤتمر حماية ضحايا الأقليات العرقية والدينية في الشرق الأوسط، الذي سيعقد في مدريد. وبعد إقرار خطة عمل باريس في أيلول 2015، وفي خضم تشجيعنا لها، ساهمت الخطة في بناء المؤسسات في العراق على الصعيد الاتحادي وصعيد إقليم كردستان العراق؛ حيث شمل ذلك تأسيس دائرة الأقليات ضمن لجنة المصالحة الوطنية - التي تعد جزءا من مكتب رئيس الوزراء في بغداد – وإنشاء دائرة التعايش السلمي ضمن وزارة شؤون الأوقاف والشؤون الدينية بحكومة إقليم كردستان العراق.
تعمل البعثة بشأن القيام بإصلاحات تشريعية وغيرها من الإصلاحات لضمان احترام وحماية حقوق طوائف الأقليات العرقية والدينية المتنوعة في العراق. وقد دعمت البعثة لجنة تضم ممثلين عن جميع الطوائف العرقية والدينية في العراق لوضع حزمة من الإصلاحات في مجالات سن التشريعات وإدارة المؤسسات ووضع السياسات، وذلك لتعزيز احترام وحماية حقوق طوائفهم. وتركّز هذه الإصلاحات على التمثيل الأمني والسياسي على صعيد المجتمع المحلي؛ وعلى المناهج التعليمية؛ والوصول إلى وسائل الإعلام وأن يكونوا ممثلين فيها. ومن ضمن الإصلاحات التي ستبرز من هذه العملية مشروع قانون مكافحة التمييز الموجود حالياً على طاولة مجلس النواب؛ والذي يهدف – من بين أمور أخرى -إلى حظر التمييز على أساس النوع الاجتماعي، أو العرق، أو القومية أو الأصل الأثني. وقد سهلت البعثة المشاورات التي جرت مع منظمات المجتمع المدني وأعضاء البرلمان من أجل الاتفاق على نص مشروع القانون.
السيد الرئيس،
يتعين أن تحتل عودة النازحين إلى المناطق المحررة صدارة الأولويات بالنسبة لحكومة العراق. وأود هنا أن أعرب عن قلقي المستمر بشأن تأخير عودة النازحين إلى مناطق تم تحريرها منذ أمد بعيد مثل منطقة جرف الصخر أو أماكن في محافظة ديالى.
كما أن عدة مئات من حالات الاختفاء المزعومة التي أفادت التقارير بوقوعها في العام الماضي في مناطق السجر والصقلاوية في الأنبار وفي نقطة تفتيش الرزازة وفي منطقة الطارمية هذا العام، لم يكشف عنها النقاب بعد، حيث لم تدلي الحكومة بأي معلومات جديدة بخصوص ما وصلت إليه التحقيقات على الرغم من الطلبات الرسمية التي أرسلتها البعثة. إن عدم إحراز تقدم بشأن مسألة العودة يمكن أن يؤثر على التركيبة السكانية، ومن شأنه أن يقوض الجهود الرامية لتحقيق المصالحة والتسوية الوطنية. وإنني أرحب بالتزام حكومة العراق بتسهيل عودة النازحين. والأمم المتحدة تقف على أهبة الاستعداد للمساعدة بأي شكل ممكن في تسريع هذه العمليات، ولدعمها من خلال مشروعات إعادة الاستقرار والتأهيل، كما تشجع بناء الثقة بين مختلف الطوائف والعشائر، بما في ذلك من خلال العدالة الانتقالية والمحاسبة.
السيد الرئيس،
لا يزال المستوى غير المسبوق من التنسيق والتعاون العسكريين لمحاربة تنظيم داعش مستمراً بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق وكذلك بين قوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة. ومع ذلك، أحث مرة أخرى بغداد وأربيل على زيادة هذا الرصيد من حسن النوايا وإلى الانخراط على نحو عاجل في حوار ومباحثات سياسية رفيعة المستوى للمسائل الرئيسية العالقة بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية، بما في ذلك ما يتعلق بصادرات النفط وتقاسم العائدات، وتقديم الدعم للبيشمركة، والحدود الداخلية المتنازع عليها، وعودة النازحين إلى ديارهم على نحو طوعي ودون عوائق. إن عدم وجود حوار وإحراز تقدم بشأن مسائل كوجود اتحاد قادر على العمل بناء على شراكة حقيقية أو تطبيق المادة 140 من الدستور بخصوص الحدود الداخلية والأراضي المتنازع عليها، سيزيد باستمرار من خلق المشكلات والتوترات.
السيد الرئيس،
لقد أعلن مسؤولون كبار في حكومة إقليم كردستان مطلع هذا العام، أن حكومة الإقليم تعتزم إجراء استفتاء في عام 2017 بشأن الوضع المستقبلي للإقليم. وأكد الرئيس بارزاني أن الاستفتاء سيكون هدفه أن يبرز إلى العالم إرادة الشعب أكثر من أن يعلن الاستقلال بشكل فوري. كما أشارت السلطات في كركوك إلى رغبتها في المشاركة في الاستفتاء المتوقع بشأن الوضع المستقبلي لإقليم كردستان العراق.
وقد أصر أثنان من الأحزاب السياسية الرئيسية في إقليم كردستان العراق وهما الإتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير الكردية، أصرا على أن أي قرار رسمي لإجراء الاستفتاء سوف يتطلب عملاً من برلمان إقليم كردستان الذي يتعين عليه أولاً أن يستأنف عقد جلساته من جديد. ولم تتحقق نتائج حتى الآن من المباحثات التي يجريها الحزبان مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بخصوص إعادة تفعيل برلمان إقليم كردستان والذي لم ينعقد منذ أن منع رئيسه من ممارسة مهامه في خريف عام 2015. وفي في تلك الأثناء، تم تشكيل لجنة مشتركة للوصول إلى توافق في الآراء داخل الإقليم قبل إجراء مناقشات بشأن الاستفتاء مع الحكومة الاتحادية.
السيد الرئيس،
استمرت القوات العسكرية التركية في القيام بضربات جوية دون توقف على المواقع المشتبه بها لحزب العمال الكردستاني في العراق. وللمرة الأولى وعقب تحذيرات عامة عديدة، نفذت بتاريخ 25 نيسان ضربة جوية على أهداف لحزب العمال الكردستاني في منطقة سنجار في محافظة نينوى حيث قتل خمسة عناصر من البيشمركة عن طريق الخطأ وجرح ستة آخرون. وفي حين قدمت الحكومة التركية اعتذارها لحكومة إقليم كردستان صرح القادة الأتراك والقوات المسلحة بشكل لا لبس فيه أن الضربات الجوية ستستمر بهدف حرمان حزب العمال الكردستاني من أي ملاذ واستبعاد أي تهديد على الأمن القومي لتركيا. وأدان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وحكومة العراق هذا الهجوم واصفين أياه على أنه يشكل انتهاكا لسيادة العراق وخرقا للقانون الدولي، وطالبوا تركيا وجميع الدول المجاورة الأخرى باحترام سيادة العراق على أراضيه، محذرين بأن مثل هذه الأعمال تقوض الجهود الإقليمية لمحاربة تنظيم داعش.
السيد الرئيس،
على الرغم من أن مساحة الأراضي العراقية المتبقية بقبضة داعش تتقلص بشكل يومي، لا يزال التنظيم مستمرا في ارتكاب جرائم فظيعة ضد المدنيين وبحق الإنسانية؛ فهو يستخدم المدنيين كدروع بشرية وخاصة لدرء الهجمات عنه، بما في ذلك الضربات الجوية التي تقوم بها حكومة العراق والتحالف الدولي؛ ويستخدم القناصة لقتل الرجال والنساء والأطفال الذين يحاولون الوصول إلى الأماكن الآمنة والواقعة تحت سيطرة الحكومة، كما يستهدف المناطق المدنية المحررة بقذائف الهاون.
وفي خطوة بدأت على أنها تكتيك جديد، قامت عناصر من تنظيم داعش بالتنكر في زي القوات الأمنية العراقية لقتل وخطف المدنيين الذين رحبوا بهم ظانين أنهم محررين لهم. في صباح 24 نيسان، قام بعض من عناصر تنظيم داعش كانوا يستقلون مركبة عسكرية سوداء (مشابهة للمركبات التي تستخدمها القوات الأمنية)، ويرتدون زي القتال الخاص بقوات الشرطة العراقية الإتحادية، بالتوجه إلى حي الميدان غربي الموصل والواقع تحت سيطرة تنظيم داعش، فخرج المدنيون لاستقبالهم معتقدين أنهم من القوات االعراقية القادمة لتحريرهم، ولكن التنظيم ردّ بأن فتح النار عليهم ما أدى لمقتل 17 شخصا من ضمنهم ست نساء وثلاثة أطفال. بعد ذلك أقدم التنظيم على خطف تسعة رجال مدنيين وما زالت أماكن تواجدهم غير معروفة.
ومما يثير القلق حصول بعض الحوادث والتي يزعم أن تنظيم داعش استخدم فيها أسلحة كيميائية (غالبا غاز الكلور وغاز الخردل في بعض الحالات) ضد المدنيين وقوات الأمن العراقية. ولم نحصل حتى الآن على أي تأكيدات رسمية لهذه الحوادث، ولكن إفادات العديد من الشهود تشير إلى وجود عناصر كيميائية في عدد من هذه الحوادث.
السيد الرئيس،
على الرغم من الجهود التي تبذلها قوات الأمن العراقية والشركاء من التحالف الدولي بهدف الحد من الآثار الناجمة عن عملياتهم العسكرية على المدنيين، لا تزال بعثة الأمم المتحدة (يونامي) تتلقى تقارير حول ضربات جوية على المناطق الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش تتسبب بوقوع ضحايا من المدنيين. وتجد البعثة الأمر شبه مستحيل للتحقق من هذه التقارير وتفاصيل ملابسات حدوث هذه الضربات الجوية. كذلك لا تزال البعثة وفريق الأمم المتحدة القطري في العراق يتلقيان تقارير حول انتهاكات محتملة ترتكبها المجموعات المسلحة التي تساند الحكومة العراقية.
ويبقى ضمان العدالة والمساءلة أمراً حيويا إذا ما أردنا للمصالحة المجتمعية والوطنية النجاح في مرحلة ما بعد تنظيم داعش. وفي الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع الدولي إلى السعي بهمة لدعم المبادرات الرامية لتشجيع المساءلة والمحاسبة على الجرائم الدولية التي اقترفها داعش في العراق، وفي حين يأمل في الحصول على الدعم من الحكومة العراقية، فقد تولت الأمم المتحدة في العراق العمل مع مجموعة من الشركاء لتشجيع خلق آليات على المستوى الوطني تشجع مساءلة الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد الشعب العراقي. وتركز هذه الجهود في الوقت نفسه على توفير الرعاية والحماية الملائمتين للضحايا والناجين من هذه الجرائم والانتهاكات، حيث تدعم إحالتهم إلى الجهات التي تقدم لهم المساعدات الطبية والنفسية والاجتماعية المناسبة وغيرها من أنواع المساعدة الأخرى.
وبالمثل، فمن الضروري ضمان التوثيق بشكل صحيح لهذه الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان، وذلك لدعم إمكانية محاكمة الجناة حيثما يمكن تحديدهم وإلقاء القبض عليهم. إن الحفاظ على الإدلة على تلك الجرائم المرتكبة من قبل داعش أمر مهم لضمان تحقيق العدالة. وما زالت بعثة الأمم المتحدة تشعر بالقلق حيال ضعف قدرات الحكومة الإتحادية وحكومة إقليم كردستان على توفير الحماية، وعلى التحقيق بشكل ممنهج في مواقع تلك الجرائم، بما في ذلك المقابر الجماعية. وقد وردت تقارير رسمية تفيد بوجود 30 من مثل تلك المواقع في المناطق المستعادة من تنظيم داعش حتى اللحظة. ولا يزال التنقيب والحفاظ بشكل منظم على هذه المواقع ضروريا نظراً لإمكانية احتوائها على أدلة تشير إلى مرتكبي هذه الجرائم، بل قد تحتوي أيضاً على أدلة مهمة لتحديد هويات الضحايا.
السيد الرئيس،
لا يزال احترام سيادة القانون في العراق ضعيفا؛ فقد بات الخطف وأخذ الرهائن، بغض النظر عما إذا كانت الدوافع إجرامية أو غير ذلك، مشكلة متعاظمة. وفي حين تم التوصل إلى حل في بعض الحالات، على سبيل المثال خطف الصحفية أفراح شوقي في شهر كانون الأول 2016، فإن عملية الخطف الأخيرة لسبعة نشطاء مدنيين في بغداد أو الوضع المتعلق بـ 26 قطريا مختطفين في العراق منذ كانون الأول 2015 وأسرهم لما يزيد عن عام ونصف والعديد من الحالات الأخرى لم يتضح الأمر بشانها حتى الآن. إن مثل هذه الأعمال تقوض الثقة في الحكومة والقانون والنظام في الدولة. بتاريخ 11 ايار ناقشت خلية الاستخبارات الوطنية برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي قضايا الخطف والجريمة المنظمة وأقرت بوجود ترابط بين الإرهاب والجريمة المنظمة. وقد حذر رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر من أن عدد حالات الاختطاف سيشهد زيادة في المستقبل بعد أن سيطر- من وصفهم على حد قوله بـ "الميليشيات الوقحة" على المناطق المحررة. وطالب الصدر بطرد الخاطفين والمجرمين من جميع وحدات الحشد الشعبي، كما طالب بأن تتصدي القوات الأمنية بكامل صلاحياتها وقوتها للعنف ضد المدنيين. وعقب هذه الحالات التي وقعت مؤخراً، أسست وزارة الداخلية وحدة خاصة يقع على عاتقها منع عمليات الخطف والتصدي لها والتحقيق فيها.
تحث بعثة الأمم المتحدة حكومة العراق على الاستمرار في التمسك بمبدأ العدالة والمساءلة بالإضافة إلى تحديد أماكن الأشخاص المفقودين. تقترح الأمم المتحدة إدخال مجموعة من التعديلات على قانون الجنايات العراقي من شأنها تحسين اجراءات العدالة الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة، وإعداد أفراد الشرطة والمحققين والقضاة بشكل أفضل لإجراء تحقيقات الطب العدلي والمحاكمات التي تراعي المعايير الدولية والدستورية. كذلك واصلت الأمم المتحدة عقد دورات تدريبية للقائمين على إنفاذ القانون حول معايير حقوق الإنسان خلال أدائهم لمهامهم. وقد انتهينا مؤخراً من صياغة كتيبات وبطاقات تثقيفية لأفراد الشرطة حول معايير السلوك، ويجري التباحث حاليا حول اعتمادها من قبل وزارة الداخلية وتوزيعها على جميع أفراد الشرطة المنخرطين في الخدمة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل بعثة الأمم المتحدة على إعداد منهج منقح حول حقوق الإنسان ومعايير الشرطة المدنية لمعاهد تدريب الشرطة التابعة للحكومة العراقية ولحكومة إقليم كردستان. ومن المؤمل لهذا المنهاج، إذا تم اعتماده، أن تتم مأسسته وأن يصبح إحدى السمات المعتادة في تدريب أفراد الشرطة في أنحاء البلاد كافة.
والأمر المهم في مجال حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون هو تثقيف الجماهير بهذه الحقوق والمشاركة في المطالبة بها. تعمل الأمم المتحدة في العراق على صياغة منهج للمدارس الإبتدائية والثانوية الذي يهدف إلى تعليم الأطفال حقوقهم وواجباتهم والتزاماتهم. يركز المنهج، من ضمن أمور أخرى، على حرية التعبير والمشاركة المدنية واحترام حقوق الآخرين، وخاصة حقوق النساء وحقوق طوائف الأقليات الدينية والعرقية. تم وضع المنهج بالتشاور مع خبراء تربويين، وتجري حاليا دراسته من جانب وزارة التربية في إقليم كردستان، وسيتم تقديمه قريبا إلى وزارة التربية في الحكومة الاتحادية لدراسته.
السيد الرئيس،
لا تزال عملية الاختيار في المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، وهي حجر الأساس لنظام عراقي يرمي لحماية واحترام حقوق الإنسان لجميع مكونات الشعب العراقي، لا تزال مستمرة. بتاريخ 29 نيسان، صوت مجلس النواب لصالح تعديل إطار العمل القانوني لتأسيس لجنة خبراء لترشيح عضوية مجلس المفوضين. وقد عمل التعديل الموافق عليه على الغاء مركز الأمم المتحدة كعضو كامل العضوية في تلك اللجنة، والحد من نشاطاتنا لتقتصر على المراقبة العامة وتقديم المشورة والدعم الفني. جاء هذا التعديل لاحقا لتأكيدات من بعض أعضاء البرلمان الذين ذهبوا إلى إن الدور السابق للأمم المتحدة كان مخالفا للقانون المعمول به، وهو ما دحضته بعثة الأمم المتحدة.
وفي وقت سابق لهذا التعديل، ونظراً لتسييس العملية خلافاً للمعايير الدولية والدستورية التي تضمن استقلال الأشخاص المعينيين للخدمة كمفوضين، لم يكن أمام الأمم المتحدة أي خيارات سوى تعليق المشاركة في تلك اللجنة حتى تم التوصل إلى الحل الملائم للمسألة. وسوف تنتظر البعثة نتيجة عملية التعيين، وستعيد النظر في انخراطها مع المفوضية آنذاك.
السيد الرئيس،
هناك جدولا انتخابيا معقدا يلوح في العراق، بما في ذلك إقليم كردستان العراق لعامي 2017 و 2018، نتيجة لأحداث انتخابية متعددة، تزامنت مع التحديات الأمنية والإنسانية. وهذا يتطلب دعما كبيرا من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لكل من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في إقليم كردستان. وتتجلى الأهمیة الرئیسیة في إنتخاب البرلمان العراقي الجدید في ولايته الدستوریة في نيسان 2018 كون ذلك يشكل مقدمة لتشكيل الحکومة الجدیدة التي ستقود البلاد في فترة ما بعد داعش. وعلى نحو متزايد، يرى القادة السياسيون أنه من الضروري التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة كما هو مقرر ومنصوص عليه في الدستور، مثلما فعل الرئيس فؤاد معصوم في 4 أيار مع نوابه الثلاثة نوري المالكي وإياد علاوي وأسامة النجيفي .
وتبقى هناك أقل من أربعة أشهر حتى 16 أيلول 2017، وهو الموعد المقرر من قبل الحكومة العراقية لإجراء انتخابات مجالس المحافظات. وتمضي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بدعم استشاري فني من البعثة، قُدماً بعدد من الأنشطة، بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على سجل الناخبين والأنشطة العملياتية الأخرى. بيد إن التدابير التشريعية الضرورية اللازمة للتحضير للانتخابات ما برحت معلقة في مجلس النواب، بما في ذلك التعديلات المقترحة على قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي.
وبالمثل، فإن المناشدات السياسية القوية من أجل إجراء تغييرات في المفوضية تساهم كذلك في عدم اليقين بشأن العملية الانتخابية والجدول الزمني. وقد بدأ مجلس النواب بعملية استجواب للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي تنتهي ولايتها في أقل من أربعة أشهر. وفي الوقت نفسه، عين مجلس النواب لجنة مكونة من 27 عضوا مكلفة باختيار مجلس مفوضين جًدد. وقد وضعت اللجنة قائمة بأسماء 118متقدما (من أصل 948 طلبا)، لإجراء مقابلات من المقرر أن تتم بعد شهر رمضان مباشرة. تقدم البعثة المشورة والدعم الفنيين إلى اللجنة.
كما أثار عدد من السياسيين السُنّة مخاوف بشأن بطء عملية تسجيل الناخبين للنازحين، والتي لم تشمل حتى الآن سوى حوالي 263000 من أصل مايقدر بنحو 1.6 مليون ناخب نازح . وهم يدعون الآن إلى تأجيل الانتخابات حتى عودة النازحين.
إن التأخيرات وعدم اليقين فيما يتعلق بالإطار القانوني والمؤسسي الانتخابي والاستعدادات تثير قلقاً وشكوكاً على نحوٍ متزايد حول ما إذا كان من الممكن إجراء انتخابات مجالس المحافظات في أيلول 2017 بطريقة تضمن المصداقية والشمولية والمشاركة الواسعة.
وانني اجدد التأكيد على أهمية وجود الإطار القانوني والمؤسسي المناسب والشامل في الوقت المناسب واتخاذ الخطوات المناسبة لضمان المشاركة الشاملة لجميع العراقيين، بما فيهم النازحين، قبل الانتخابات. ولذلك فإنني أدعو مجلس النواب إلى التعجيل بأقصى قدر ممكن بإجراء إصلاح الإطار القانوني والمؤسسي الانتخابي وأدعو حكومة العراق ومفوضية الأنتخابات والوزارات والإدارات المسؤولة الأخرى لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حق الأقتراع للنازحين وممارستهم لمسؤولياتهم المدنية والسياسية على أكمل وجه وبافضل طريقة بعودة هؤلاء الأشخاص إلى ديارهم وبتهيئة ظروف تخلو من الضغط والتخويف. وأحث أيضا على التعجيل بتسجيل الأحزاب السياسية لانتخابات أيلول 2017 لإتاحة الفرصة لجميع الأطراف - الكبيرة والصغيرة - للمشاركة في العملية الانتخابية بحرية وفعالية.
وأًرحب بالتقدم المحرز بشأن التعاون بين المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في إقليم كردستان. وبدعم من بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، تعمل اللجان من المؤسستين الانتخابيتين على آليات لتقاسم قاعدة بيانات سجل الناخبين وتقديم مساعدة إضافية إلى مفوضية الأنتخابات في اقليم كردستان، حيث أنها تبني قدرتها التنظيمية والتشغيلية لتنفيذ الأحداث الانتخابية في الاقليم. وانني أثني على هذا التطور الإيجابي الذي استثمرت فيه البعثة موارد كبيرة. فهي تُمكن مفوضية الأتخابات في اقليم كردستان من إحراز تقدم في الوفاء بالتزاماتها القانونية وتوضح الفوائد الواضحة والمتبادلة للتعاون بين بغداد وأربيل.
السيد الرئيس،
إن موسم الانتخابات القادم والاستفتاء المحتمل في إقليم كردستان العراق سيؤدي حتما إلى زيادة حشد الأصوات السياسية للتصويت. ومع ذلك، يجب على القادة العراقيين ألا يتجاهلوا حقيقة أن المواطنين في جميع أنحاء البلاد يعلقون أهمية واضحة على المعاملة العادلة والمتساوية، والحوكمة الشفافة، وتقديم خدمات أفضل. وإلى جانب انعدام الأمن، تتصدر آفة الفساد قائمة اهتمامات المواطن العراقي العادي. ومرة أخرى، أحث حكومة العراق على مواصلة العمل بنشاط على طريق الإصلاحات وتنفيذ التدابير الرامية إلى تنويع الاقتصاد ومكافحة الفساد والمحسوبية وتحسين المساءلة وتطوير إدارة أكثر استجابة.
وبالإضافة إلى ذلك، أدعو الحكومة ومجلس النواب إلى الإسراع في النظر في التشريعات الرئيسية المعلقة واتخاذ إجراءات بشأنها، بما في ذلك القوانين التي تؤثر على توزيع عائدات النفط، والتعديلات على قانون المساءلة والعدالة ، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون مجلس الاتحاد ، وقانون سلطات مجالس المحافظات، وقانون حقوق المكونات، وقانون العنف الأًسري.
وتتشارك الأمم المتحدة في العراق مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني لإصلاح الأطر التشريعية التي تحمي النساء والأطفال من جميع أشكال العنف، ولا سيما العنف الأسري. وتتشاور الأمم المتحدة مع منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء البلاد بشأن التعديلات المقترحة على مشروع قانون حماية الأسرة - المعروض حاليا على مجلس النواب - والذي من شأنه أن يُعزز حماية النساء والأطفال المعرضين للخطر أو المعرضين للعنف الأسري، وضمان مساءلة مرتكبي هذا العنف. وستتوج هذه المشاورات في نهاية شهر أيار بعقد مؤتمر بتسهيل من البعثة يضم أعضاء في البرلمان فضلا عن ممثلين عن منظمات المجتمع المدني والمجموعات النسائية، بهدف الاتفاق على إجراء تعديلات على مشروع القانون.
السيد الرئيس،
ولا يزال النهوض بخطة المرأة والسلام والأمن من أولوياتنا العليا. وفي حين لا تزال قيود التمويل تعرقل التقدم المحرز في تنفيذ الأنشطة المتعلقة بخطة العمل الوطنية بشأن قرار مجلس الأمن 1325، تواصل البعثة العمل مع الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لتجاوز التحديات. وسنواصل أيضا دعوتنا لتعزيز تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة ودعم الأطر القائمة والمؤسسات ذات الصلة لتحقيق نتائج ملموسة. وسوف نستمر بمطالبة الجهات السياسية المعنية بشأن الحاجة إلى إدماج أصوات النساء في عمليات المصالحة السياسية والوطنية والمجتمعية، بما في ذلك أتاحة هذه العمليات بشكل أكبر امام النساء ووضع نهج أكثر مراعاة للسياق من أجل مشاركة المرأة وتمثيلها.
وبعد الزيارة التي قامت بها الممثلة الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع السيدة زينب بانغورا إلى العراق في الفترة ما بين 28 شباط و 3 آذار، اتخذت الأمم المتحدة خطوات لمتابعة الأولويات الرئيسية التي تم تحديدها أثناء الزيارة. ويشمل هذا وضع ترتيبات الرصد والتحليل والإبلاغ بشأن العنف الجنسي المتصل بالنزاعات وتقديم الدعم إلى حكومة العراق لتنفيذ المجالات الرئيسية المبينة في البيان المشترك بشأن منع العنف الجنسي المتصل بالنزاعات والتصدي له. وخلال مناقشاتنا مع جهتي التنسيق الرفيعة المستوى في بغداد وأربيل، شددنا على أهمية ضمان أن يعمل البيان المشترك وخطة العمل الوطنية حول القرار 1325 بأتساق.
وسيظل التصدي للعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات يمثل أولوية في مرحلة ما بعد داعش، مع التركيز على احتياجات الناجين ومعالجة مسألة الوصم بالعار. تواصل الأمم المتحدة إشراك الزعماء الدينيين في تحديد خطوات لتعزيز حماية الناجين العائدين من العنف الجنسي والأطفال الذين يولدون نتيجة الاغتصاب. وترحب البعثة بالفتوى التي أصدرها ديوان الوقف السُني، ودار الإفتاء العراقية في 10 شباط ، والتي تحث على قبول ورعاية الناجين من الاغتصاب وتحويل وصمة العار المرتبطة بجرائم العنف الجنسي إلى مرتكبيها. تحث يونامي الحكومة على اتخاذ خطوات نحو العدالة والمساءلة عن جرائم العنف الجنسي المرتكبة.
السيد الرئيس،
يتواصل النزوح من غرب الموصل، حيث يزداد عدد النازحين كل يوم مع إحتدام القتال. ولحد هذه اللحظة، أصبح ما يزيد على نصف مليون شخصا من الموصل والمناطق المحيطة بها مشردين حالياً ويأتي ما نسبتة (86%) منهم تقريبا من أحياء تقع غرب المدينة. ومنذ بدء العمليات العسكرية لإستعادة الموصل في منتصف شهر تشرين الأول، فر 600000 شخصا من ديارهم وتمكن خمس هذا العدد من العودة حيث فر أغلبهم الى شرق الموصل والمناطق المجاورة. ويقدر عدد الأشخاص الذين ما زالوا في الأجزاء التي تقع تحت سيطرة داعش بـ200000 شخصاً حيث ذكر بأنهم يعانون من نقص حاد في الطعام والماء وهم في مرمى النيران المتبادلة. ويساور الشركاء في مجال المساعدة الإنسانية قلق بالغ إزاء حالات التفشي المحتملة للأمراض المنقولة بالماء مع ارتفاع درجة الحرارة.
ومنذ منتصف شهر كانون الأول، تمكن الشركاء في مجال المساعدة الإنسانية من الوصول الى اكثر من 2.3 مليون شخصا من الفئات الضعيفة بحزم الاستجابة للطوارئ بما فيهم نازحين وأشخاص تمكنوا من البقاء في منازلهم. ويتم الان تأهيل محطات معالجة المياه في المناطق التي يمكن الوصول اليها من المدينة، على الرغم من استمرار ارسال 2.3 مليون لترا من الماء الى شرق المدينة والاحياء التي يمكن الوصول اليها في الغرب كل يوم من اجل استكمال التجهيزات حتئ يتم تصليح شبكة الماء. وتستمر نسب التعرض لإصابات بالغة بالارتفاع حيث تمت إحالة اكثر من 8000 شخصا من الموصل الى مستشفيات من اجل الرعاية الصحية من شهر تشرين الأول.
ويعاني الناس في المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش في تلعفر والحويجة وغرب الانبار من نقص مماثل في الغذاء والماء والخدمات الأساسية حسب ما أفاد به أشخاص نازحون. وقد يفر ما يصل الى 1.2 مليون شخصا آخرين من ديارهم في عام 2017 حسب اشتداد الحملات العسكرية لإستعادة هذه المناطق. وعاد زهاء 1.7 مليون شخصاً الى منازلهم في كل أنحاء البلاد ونصفهم تقريبا في محافظة الانبار. وتبقى الكثير من العوائل العائدة عرضة للصدمات وهم بحاجة الى المساعدة الإنسانية بإستمرار.
وفي الوقت الذي يشرد فيه مئات الآلاف من الناس، يعود مئات الآلاف إلى المناطق التي تم تحريرها مؤخراً لكي يبدءوا إعادة بناء حياتهم. وقد عاد 1.8 مليون شخصاً الى ديارهم في كل انحاء البلاد ونصفهم تقريباً في محافظة الأنبار. ويستمر مرفق التمويل لتحقيق الاستقرار التابع لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي بالتوسع. ويجري العمل بأكثر من 900 مشروعا أو تم إستكمالها في 22 مدينة او قضاءا محررا في محافظات الانبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى. إن التقدم في الموصل جدير بالذكر على وجه خاص. ويجري العمل بأكثر من 200 مشروعاً في شرق الموصل، بما فيها إعادة تأهيل محطات معالجة المياه ومحطات ثانوية لتوليد الطاقة الكهربائية والمدارس ومنشأت الرعاية الصحية. ويجري العمل بـ117 مشروعاً في سهل نينوى بما في ذلك مناطق الأقليات المتضررة جداً. وبدأت البعثات المشتركة بين مرفق التمويل لتحقيق الاستقرار التابع لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي والحكومة العراقية في غرب الموصل بتطوير مشاريع من اجل إصلاح شبكات المجاري وأنظمة الصحة والكهرباء. وتم تأهيل الطريق الى مستشفى عذبة الميداني وهو موقع للرعاية الأولية للعمليات الجراحية الحرجة للمدنيين الجرحى من غرب الموصل. وتم توزيع مئات المحولات الكهربائية للمساعدة في إعادة العمل بشبكة الكهرباء وفي الوقت الحاضر العودة الى سهل نينوى محدودة. ونعمل حاليا مع الحكومة العراقية لدعم عقد مؤتمر للموافقة على حلول لتسهيل العودة الامنة وخصوصا بالنسبة للأقليات.
السيد الرئيس،
بتاريخ 3 أيار، عقدت وزارة التخطيط مؤتمرها الأول لإعداد خطة التنمية الخمسية 2018-2022 في أربيل. وقد حضر المؤتمر مسؤولون من الحكومة والمجتمع المدني والجهات الدولية الشريكة في التنمية. وناقش المشاركون مسودة إطار التنمية والتحديات التي تواجهه والمسؤوليات الموكلة الى الجهات الفاعلة المعنية. وبالإضافة الى ذلك، أتاح المؤتمر الفرصة لمناقشة إصلاح الهجرة والنزوح وإعادة بناء المناطق المحررة والنوع الاجتماعي وإستراتيجيات تخفيف الفقر. وتعبر الخطة التي تتوخى تطبيق اللامركزية في المجال الإداري والشراكة مع القطاع الخاص، عن التزام الحكومة بتعزيز الحوكمة الرشيدة وإشراك جميع أصحاب المصلحة في عملية تشاركية وشاملة وشفافة تعبر عن طموحات جميع السكان. وتوفر خطة التنمية الوطنية الأساس لتحقيق أهداف التنمية المستدامة مع التركيز بوجه خاص على إعادة بناء المناطق المحررة وعلى تخفيف وطأة الفقر من أجل الوصول الى التنمية المستدامة.
السيد الرئيس،
إسمحوا لي أن أنتقل الآن الى التقرير الرابع عشر للأمين العام بشأن مسألة المفقودين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة بما فيها الإرشيف الوطني.
لقد مضى عام منذ أن إنتقل ملف المفقودين الكويتيين من وزارة حقوق الانسان الى وزارة الدفاع. وخلال هذه الفترة، زادت وزارة الدفاع من جهودها للوصول الى شهود أكثر من أجل الحصول على معلومات تفصيلية أكثر بشأن تحديد مواقع دفن محتملة وتنفيذ زيارات ميدانية وأعمال حفر أكثر. لقد أسهم العدد المتزايد من الشهود الذين تقدموا لتقديم المعلومات في بث الطاقة والزخم المطلوبين في هذا الملف.
بيد إنه، وعلى الرغم من الجهود والتصميم، يتعين على الحكومة العراقية الوفاء بإلتزاماتها بمعالجة التبعات الإنسانية لحرب عام 1990 وتقديم أجوبة لعوائل المفقودين. بتاريخ 3 أيار، سافرت الى الكويت حيث قابلت معالي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في دولة الكويت وكذلك أعضاء اللجنة الوطنية الكويتية لشؤون الاسرى والمفقودين. وفي الوقت الذي أعربوا فيه عن تسليمهم بتنشيط هذا الملف، كرر المحاورون إعرابهم عن الأسف بسبب الافتقار الى نتائج ملموسة. وقدموا أفكارا واقعية وعملية للمضي قدما، وإقترحوا تعاونا ثنائيا وثيقا مع وزارة الدفاع العراقية وأكدوا إستعداد دولة الكويت لدعم الجهود العراقية مالياً وفنياً.
وتكرارا لما جاء في البيان الرئاسي الذي أصدره هذا المجلس في شهر تموز 2016، أود أن أحث الحكومة العراقية على الاستمرار بذات العزم والتصميم للإلتزام والتقيد بالالتزامات الدولية بموجب هذا الملف والاعتماد على حكمة ومشورة أعضاء اللجنة الثلاثية والنظر أكثر في توسيع التعاون مع النظراء الكويتيين وخصوصاً بشأن تبادل المعلومات حول الشهود المحتملين ومواصلة تطبيق النهج المبتكر والمتعدد الأبعاد من اجل إنهاء هذا الملف.
وفي غضون يومين، سيستضيف العراق ولأول مرة بعد 14 عاماً، الجلسة الـ44 للجنة الثلاثية مما يؤشر على عودة البلاد المطرد ولو بشكل بطيئ الى حالتها الطبيعية. وأود أن أعرب عن تقديري لجهود الحكومة العراقية المتواصلة في هذا الملف في خضم التحديات الراهنة الأخرى التي تواجه البلاد وأذكر بأن إنهاء هذا الملف سوف يؤدي إلى إخراج العراق من طائلة الفصل السادس وسوف يقرب البلاد من العودة الى تطبيع العلاقات مع الكويت وباقي دول العالم. وأود أيضا أن أشيد بدولة الكويت على الدعم والتفهم الذي تبديه بإستمرار إزاء التحديات التي تواجهها الحكومة العراقية على مدى الأعوام. وبينما يسعى العراق للتوصل الى نتائج، سنواصل جميعنا مساعدة البلاد في جهودها لتحقيق السلام والاستقرار.
وأشكركم على حسن إصغائكم.