لقد زرت للتو مركز الجدعة لإعادة التأهيل وأتيحت لي الفرصة للالتقاء بالعائدين من مخيم الهول في شمال شرق سوريا، حيث لا يزال عدد كبير جدا من العراقيين والسوريين ومن رعايا الدول الثالثة عالقين - وغالبيتهم من النساء والأطفال.
وكان من الأهمية بمكان بالنسبة لي أن آتي إلى هنا:
لكي أعرب عن دعمي للجهود المثالية التي يبذلها العراق؛
ولكي أشدد على أهمية مواصلة عمليات العودة؛
ولكي أحث البلدان الأخرى والمجتمع الدولي بشكل أعم على تحمل المسؤولية واتخاذ ما يلزم من إجراءات.
ما يقرب من نصف سكان مخيم الهول تقل أعمارهم عن 12 عاما.
وهم عالقون هنالك في حالة من اليأس لا يرون لها مخرجا في ظل المعاناة من الحرمان من حقوقهم ومن الاستضعاف والتهميش.
وعلى مدى عشر سنواتٍ بصفة مفوضٍ سامٍ لشؤون اللاجئين، قمتُ بزيارة مخيماتٍ في جميع أنحاء العالم. وليس لديّ أدنى شكّ في أن أقول إن أسوأ مخيمٍ موجودٍ في العالم اليوم هو مخيم الهول، مع أسوأ الظروف الممكنة للناس ومعاناةٍ هائلةٍ للأشخاص العالقين هناك لسنوات.
لذا فهُم يستحقون إيجاد حل للمأزق الذي يوجدون فيه. فذلك ما تمليه الكرامة الإنسانية ومبادئ الرحمة – بل وتمليه أيضا المتطلبات الأمنية.
لأنه كلما تركنا هذا الوضع العصي عن التبرير يتفاقم، كلما ازداد الشعور بالاستياء واليأس، واشتدت المخاطر المحدقة بالأمن والاستقرار.
يجب علينا أن نحول دون أن تتسبب التركة التي خلفها القتال الدائر بالأمس في تأجيج نزاع يقع غدا.
إن العراق يثبت وبالتزام كبير أن عمليات الإعادة إلى الوطن على نحو يتسم بالمسؤولية أمر ممكن، من خلال إيجاد حلول تحفظ الكرامة تستند في آن واحد إلى مبدأي المساءلة وإعادة الإدماج.
وقد أثبتت هذه الحلول نجاعتها. وأنا اليوم أشهد ذلك.
وأشيد بحكومة العراق لما تبذله من جهود تعد مثالا يحتذى به في العالم.
وإني أدرك أن هذه المسألة معقدة للغاية وحساسة وتنطوي على تحديات.
لكنني أشجع الحكومة على مواصلة العمل من أجل تسريع إعادة الإدماج المجتمعي لمن يقيمون هنا، ومعظمهم دون سن 18 عاما.
ويجب علينا أن نوفر حلولا دائمة للجميع. والأمم المتحدة ملتزمة ومعبأة بشكل تام من أجل دعم هذه الجهود الحيوية.
ومن هذا المكان، أود أن أبعث برسالة إلى جميع الدول الأعضاء التي يوجد أفراد من رعاياها في مخيم الهول وأماكن أخرى. ينبغي على جميع الدول الأعضاء تكثيف جهودها إلى حد كبير لتيسير عودة مواطنيها في ظروف آمنة وكريمة إلى أوطانهم.
عليهم أن يحذوا حذو العراق. فالعراق ليس من أغنى دول العالم، إلا أنه يستقبل عائدين من الهول. وعلى جميع الدول التي لديها مواطنون في الهول أن تفعل الشيء نفسه، ويجب أن تفعل ذات الشيء في إعادة توطينٍ كريمة بما يتماشى مع القانون الدولي المعمول به، وبالاسترشاد، في حال وجود أطفال، بمبادئ مصالح الأطفال الفضلى.
أنهي زيارتي بإعجابٍ شديد بصمود الأشخاص الذين قابلتهم. وهم يريدون الاندماج ثانيةً في مجتمعاتهم، وأنا في غاية الامتنان للحكومة العراقية، فمع كل الصعوبات التي تواجهها، وكل مشاكلها، وكل الشواغل الأمنية المشروعة في هذا البلد، فإن حكومة العراق ملتزمة بإعادة العراقيين إلى هنا وإعادة دمجهم وإعادة تأهيلهم من أجل مستقبل المجتمعات ومستقبل البلاد. عسى أن يُتّبع مثال العراق في كل مكان آخر.
شكرًا لكم.