كلمة السيد كلاوديو كوردوني، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق للشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية، في اليوم العالمي الـ 30 لحرية الصحافة
بغداد، العراق - 3 أيار/ مايو 2023
أصحاب المعالي، الصحفيات والصحفيين، والحضور الكريم،
يسرني أن أحتفل معكم اليوم في بغداد بالذكرى الثلاثين لليوم العالمي لحرية الصحافة، ممثلاً بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي).
وكما تعلمون جميعاً، فإن حرية التعبير هي حق أساسي من حقوق الإنسان. وهذا الحق منصوص عليه في المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فضلاً عن المادة 38 من الدستور العراقي. وهو الحجر الأساس لجميع الحقوق الأخرى والركيزة الأساسية لأي ديموقراطية، حيث يتيح للأفراد التعبير عن آرائهم ومساءلة الأشخاص والمؤسسات والمساهمة في عمليات صنع القرار.
ويُذكّرنا اليوم العالمي لحرية الصحافة بالأهمية الحاسمة لوسائل الإعلام الحرة والمستقلة في تعزيز الديموقراطية والمساءلة وحقوق الإنسان هنا في العراق.
ويؤدي الصحفيون دوراً حاسماً في ممارسة هذا الحق وحمايته. فأنتم من يقدم لنا الأخبار والمعلومات المهمة التي تساعد على اتخاذ قرارات مستنيرة. وأنتم من يسلط الضوء على الفساد والظلم وإنتهاكات حقوق الإنسان. وفي ذات الوقت، فأنتم تتحملون مسؤولية مهمة، وهي أن تكونوا موضوعيين وتبحثوا عن الحقيقة وتتجنبوا التلاعب بالمعلومات لأغراض سياسية أو غيرها وتحترموا حقوق الآخرين.
إننا نعلم بأن هذه المهنة تنطوي على مخاطر شخصية، فقد وثّق مكتب حقوق الإنسان التابع للبعثة حالات من المضايقات والترهيب والعنف ضد الصحفيين. فقد أفاد صحفيون عن تلقيهم تهديدات بالقتل بعد نشرهم تقارير تتناول مواضيع حساسة، مثل الفساد. وتعرضت وسائل إعلام الى الهجوم أو الإقتحام من قبل أفراد أغضبتهم تصريحات سياسية تم بثها. وإغلاق وسائل الإعلام أو الدعاوى الجنائية المرفوعة ضد الصحفيين من قبل شخصيات أو مؤسسات عامة، تشكل رادعاً عن نشر تقارير بشأن مواضيع حساسة أو مثيرة للجدل.
وفي حوارات مع أكثر من 250 صحفياً ومدوناً من كافة أنحاء البلاد، علمنا بأن الكثير منكم قد لجأ ايضاً الى ممارسة الرقابة الذاتية خوفاً من الإنتقام بسبب نشر معلومات وآراء بشأن مواضيع حساسة.
وهذا أمراً غير مقبول، ينبغي علينا أن نضمن سوية تمكين الصحفيين من العمل بحرية وأمان، دون خوف من التعرض للإضطهاد أو الأذى. يتوجب علينا حماية حقهم في التحقيق ونشر التقارير والتعليق على الأمور ذات المصلحة العامة، حتى وإن كانت آرائهم لا تحظى بشعبية أو كانت مثيرة للجدل.
ولتحقيق ذلك، نحتاج الى ضمان أن الإطار القانوني يحمي هذا العمل بدلاً من أن يفرض قيوداً غير مبررة عليه. ونشعر بالقلق من عودة المسودات القديمة لقوانين حرية التعبير والجرائم الإلكترونية الى الظهور مجدداً وطرحها للمناقشة. فهذه المسودات لا توفر حماية كافية لحق التعبير والخصوصية وغيرها من الحقوق الأساسية الأخرى. كما أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان ترفض العقوبات الجنائية على تهم القذف والتشهير – مما يتيح لي الفرصة لحث الشخصيات العامة على الإمتناع عن إتخاذ الإجراءات القانونية ضد الصحفيين والنقاد، حتى لو كانت اللغة المستخدمة في بعض الأحيان تنطوي على إهانة أو غير لائقة.
ختاماً، علينا أن نتضامن مع الصحفيين وندعمهم عندما يتعرضون للإعتداء وأن نحاسب الذين يسعون الى إسكاتهم. ينبغي علينا جميعاً أن نسعى جاهدين لحماية هذه الحرية.
وفي الوقت الذي نحتفل فيه باليوم العالمي لحرية الصحافة، دعونا نؤكد من جديد التزامنا بوسائل إعلام حرة ومستقلة ومهنية. إنكم عنصر أساس لسلامة الديموقراطية وحماية حقوق الإنسان.