حوار بشأن خطاب الكراهية دور وسائل الإعلام/ وسائط التواصل الاجتماعي في التصدي لخطاب الكراهية
سيداتي، سادتي،
طاب صباحكم جميعاً
انني سعيدة بلقائكم.
إذا سمحتم لي سأتكلم باللغة الإنكليزية بوجود الترجمة المطلوبة.
وبالطبع فإن خطاب الكراهية هو في اذهاننا، ليس فقط اليوم، بل ايضاً بالأمس وغداً. وأود ان ابدأ هذا النقاش بالسؤال: ما هو خطاب الكراهية، في الواقع؟
لأنني اعتقد انه في المستقبل القريب، سنصل الى الاستنتاج الذي مفاده إنه: ليس هناك تعريف متفقٌ عليه عالمياً لذلك، بيد أنه يمكننا أن نفهم بأن هذا المصطلح يشير إلى الخطاب العدائي الذي يستهدف مجموعةً أو فرداً بناءً على خصائصهم المتأصلة (كالعرق أو الدين أو النوع الاجتماعي) على نحو يهدد السلم الاجتماعي، بما في ذلك بإثارته للعنف.
وكما ذكرت، بأنه في اذهاننا بالأمس واليوم وغداً، لذا ينبغي ان أوضح بأن خطاب الكراهية موجوداً منذ القِدم، إلّا أن مسألة هذا الخطاب - وما يمكننا فعله للحماية منه- انها تبدو أكثر بروزاً الآن من أي وقت مضى.
لِمَ ذلك؟ حسناً، دعونا نواجه الأمر: على الرغم من أن هذا العصر، بالطبع، يتيح العديد من الفوائد من خلال المحتوى الرقمي الميسور التكلفة والذي يمكن الحصول عليه دائماً، إلا أنه يساهم أيضاً في انتشار خطاب الكراهية، فضلاً عن المعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة.
وهذا هو الحال في كل مكان – في جميع انحاء العالم -، والعراق ليس استثناءً من ذلك.
والآن، ينحو خطاب الكراهية في هذا البلد إلى تعزيز تمييز طويل الأمد، على الأخص ضد الأقليات العرقية والدينية أو أية مجموعات مهمشة أخرى. وبالطبع، يظهر هذا على نحو أكثر وضوحاً، ويصبح أكثر حدة، عندما تتصاعد المنافسة أو التوترات السياسية.
وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون خطاب الكراهية علنياً وواضحاً، على سبيل المثال: عندما يدعو مباشرة إلى العنف أو التمييز الذي يستهدف مجموعة بعينها. وفي أحيان أخرى، يكون الأمر أكثر مكراً، حيث يمكن أن يشمل التداول المنفلت للشائعات التي لا أساس لها، أو الاستخدام المتكرر للغةٍ مهينةٍ أو مُذِلّةٍ بغية تعزيز الصور النمطية الزائفة.
وبالطبع أصبحت وسائط التواصل الاجتماعي هي المنصة الرئيسة لذلك الخطاب. لكن الرسائل التحريضية والمفعمة بالكراهية تظهر أيضاً، كما نعلم جميعاً، على التلفزيون أو في وسائل الإعلام المطبوعة أو في الكتابة والرسوم على الجدران أو في المحادثات الخاصة.
وينبغي ان اذكر لكوني امرأة، انه في حين يمكن أن يُستهدف أي شخص بذلك الخطاب، تجد النساء أنفسهن متضررات من ذلك بشكل خاص- على الأخص النساء في المناصب العامة، سواء كنَّ صحفيات، أو ناشطات، أو سياسيات، أو ذوات تأثير في وسائط التواصل الاجتماعي. ولا يتعين علينا البحث لفترة طويلة قبل أن نصادف تعليقات بذيئة لا داعي لها، تهدف إلى الحط من قدر المرأة أو إضعاف معنوياتها أو فضحها. وقد حدث معي ذلك، لذا انا على ثقة انه يمكنني ان أقول ذلك.
وتزداد الأمور سوءاً عندما يكون هناك تقاطع يدخل فيه النوع الاجتماعي والعرق أو الدين- على سبيل المثال- أو عندما يتعلق الأمر بالنساء اللواتي ينتمين أيضاً إلى مجتمعات الأقليات.
وبالنظر إلى موضوع اليوم، لا يمكنني تجاهل التصريحات التي يتم الإدلاء بها ضد الأشخاص فقط على أساس من هم ومن يحبون. أعتقد بأنني اود ان أؤكد ذلك اليوم ايضاً.
والنقطة التي أريد أن تكون أكثر عمومية هي: أن هناك أكثر من مجرد كلمات على المحك، بغض النظر عن المجموعة التي تتعرض للرسائل التحريضية والمفعمة بالكراهية. الحقيقة القاسية هي أننا رأينا أمثلة لا حصر لها على تصريحات علنية رفيعة المستوى تشجع الناس على ارتكاب أعمال عنف خطيرة ضد الأفراد. وفي مثل هذه الحالة، لدى المرء الكثير للإجابة عنه: ماذا عن الخدمة التي تقدم قدوة للآخرين؟ ماذا عن القول المأثور "دع الناس وشأنهم"؟ ماذا عن التسامح مع الجميع واحترامهم؟ لذا لا يسعني إلا ان اشدد على أهمية مسؤولية القيادة، ايضاً ضمن هذا السياق.
والآن، وعلى الرغم من خطورة خطاب الكراهية، لا ينبغي، بالطبع، استخدام جهود مكافحته لتبرير القيود غير القانونية على حرية التعبير. أعني، جميعنا يعلم، إن إسكات النقاشات العامة، أو عرقلتها، أو رفضها، أو تقويضها لن يؤدي سوى إلى تضاؤل ثقة الشعب.
لذا، نعم، التوازن بين الحماية ضد خطاب الكراهية، وضمان حرية التعبير، بما في ذلك الوصول إلى المعلومات، هو توازن دقيق، بكل اسف.
والآن ولأسباب وجيهة، فإن هاتين الأولويتين، وكيفية النهوض بهما في آنٍ واحد، تشكلان مادة لعددٍ لا يحصى من المنشورات القانونية والمناقشات البرلمانية في جميع أنحاء العالم.
ولكن، يجب السعي خلف هذا التوازن بحسن نية، بالطبع، وتوجيهه من قبل شريحة واسعة من القواعد الشعبية وعبر أصوات المجتمع المدني. ومرة أخرى، مع فهم ما تستلزمه القيادة المسؤولة.
أعلم بأن هذا الحدث سيكشف – او على الأقل آمل أن يكشف - العديد من الحلول والأفكار كما يحدث اليوم، ولكن اود ان اذكر بعض الخطوات البسيطة لكي ينظر فيها:
- أولاً وقبل كل شيء، ضرورة وضع تشريعات واضحة لخطاب الكراهية. ويجب أن يأخذ التباحث بشأن مثل هذا القانون في الاعتبار جميع الأصوات داخل البرلمان وليس فقط داخل البرلمان، بل ايضاً وخارجه، بما في ذلك أولئك الذين يمثلون مجتمعات الأقليات والنساء والمجتمع المدني على نطاق أوسع. وكذلك، يجب علينا أن نتذكر أنه - وانا متأكدة جداً بأنه لا ينبغي عليّ ان اقنعكم جميعاً – ولكن يجب علينا ان نتذكر انه عندما يتم استخدام القوانين، ليس للحماية، ولكن للإسكات، تتعرض حرية التعبير لتهديد خطير كما هو الحال، وبالتالي تهديد أحد اللبنات الأساسية لبناء مجتمع ديمقراطي. ومن ثم، فإن منع مثل هذا التوجّه ينبغي أن يدعم أي عملية تشريعية في المستقبل.
- ثانياً دور سيادة القانون. واقصد أن التشريع هو شيء واحد والتشريع وحده لا يكفي. يجب أن تكون هناك ثقة بين المواطنين في أن أي قضية متعلقة بخطاب كراهية سيتم الحكم فيها وفق أسسها القانونية، ولن تتأثر، على سبيل المثال، بالامتيازات السياسية.
ومن شأن تنظيم أفضل وأكثر شفافية للمصالح السياسية والتجارية في وسائل الإعلام أن يساعد أيضاً في توضيح الأمر عندما تكون هناك عوامل ذاتية في اللعبة.
- ثالثاً، أود أن أؤكد القيمة التي ستأتي من وجود مدونات قواعد السلوك أو اتفاقيات حسن النية بين القادة والسياسيين حول الخطاب العام؛ فمن الأفضل، بالطبع، أن تستند الحملات السياسية إلى الإنجازات التي تحققت في الماضي والسياسات المستقبلية، بدلاً من إثارة الغضب أو الخوف تجاه الآخرين.
- رابعاً، أود التأكيد على ضرورة حماية الحيّز المدني. إن أهمية هذه المسألة لا تقتصر على حرية التعبير فقط. كما تعرفون تمام المعرفة، أن المجتمع المدني يلعب أيضاً دوراً رئيسياً في مكافحة خطاب الكراهية - سواء من خلال مراقبة الانتهاكات التي تتم عبر شبكة الإنترنت، أو مكافحة المعلومات المضللة، أو حماية المنظمات، أو الجماعات، أو الأفراد من التهديدات التي تطالهم خارج شبكة الإنترنت وداخلها.
وفي الوقت الذي أتناول فيه هذا الموضوع، أود أن أؤكد على الحاجة إلى التعامل بشكلٍ خاص مع الأطراف الفاعلة من الشباب في المجتمع المدني. نعم، ليس فيما يتعلق بمسألة معالجة خطاب الكراهية فحسب، بل أيضاً في العديد من القضايا الأخرى المركزية لمستقبل هذا البلد. وسواء أحب زملائي من الجيل الذي أنتمي إليه ذلك أم لا: فإن الشباب هم من سيقودون، قريبًا جداً، الطريق. لذا يجب ان نستمع لهم.
وخِتاماً، غني عن القول، إننا في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، سنبقى ملتزمين بدعم جهود مكافحة خطاب الكراهية، سواء بذلت تلك الجهود من قبل الحكومة أو وسائل الإعلام أو المجتمع المدني.
وإنني واثقة بأن نقاش اليوم، الذي نظمه مكتب حقوق الإنسان في بعثتنا، سيحدد المزيد من فرص المشاركة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بوسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بصورة أكثر عموماً.
اسمحوا لي ان أؤكد مرة أخرى مدى سعادتي بلقائكم في هذه القاعة والاستماع اليكم. وانه لمن دواعي سروري ان اراكم جميعاً هنا في مجمعنا.
شكراً، مرة أخرى، لحضوركم معنا