الأمم المتحدة في العراق تهدف إلى تقليل استهلاك المياه بنسبة 30 بالمئة في إطار مشروع الحفاظ على البيئة التابع ليونامي واليونيسف
بغداد
تمثل شحة المياه العذبة مصدرَ قلقٍ عالمي متزايدٍ باستمرار، مما يُلقي بظلاله على الرفاه البيئي والمجتمعي. ويواجه العراق، مثل جيرانه، مشاكلَ خطيرةً تتعلق بإدارة المياه. ويفاقم ارتفاع درجات الحرارة التقلّص الحاصل في تدفق النهرين الرئيسيين في البلاد، دجلة والفرات، كما يؤدي تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى تعريض جودة المياه العذبة للخطر.
وبالإضافة إلى دعم الحكومة في معالجة آثار تغير المناخ، بما في ذلك شحة المياه، من خلال مختلف الأنشطة والمقترحات للتخفيف من آثارها، تقوم الأمم المتحدة في العراق أيضاً بدورها، حيث تتخذ خطواتٍ لتقليل بصمتها البيئية استجابة لهذه التحديات.
ويُفضي التعاون بين بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) واليونيسف إلى إحداث تحول كبير في مرافق معالجة مياه الصرف الصحي في أربع مجمعات تابعة للأمم المتحدة في العراق. وتَعِدُ هذه المبادرةُ الرائدة بسلسلةٍ من التغييرات الإيجابية، مما له الأثرُ في الحفاظ على المياه العذبة وحماية مصادر المياه.
إن الهدف الأساسي للمبادرة هو تنفيذ تكنولوجيا متقدمة لمعالجة مياه الصرف الصحي، ومعالجة جميع مياه الصرف الصحي الناتجة لأغراضٍ مثل الري وغسيل السيارات وتنظيف الألواح الشمسية الكهروضوئية والاستخدامات التقنية الأخرى. وعلى الرغم من أن التكلفة الدقيقة تبلغ 1,160,000.00 دولاراً أمريكياً، إلا أن المشروع مُهيأٌ للتخفيف من التلوث البيئي وخفض التكاليف الإجمالية. علاوةً على ذلك، يهدف البرنامج إلى رفع مستوى الوعي حول الاستخدام الحكيم للموارد وتعزيز القدرة على التكيّف مع تغير المناخ بين موظفي الأمم المتحدة في العراق. ويؤكد هذا النهج الشامل الالتزامَ بالممارسات المستدامة والمسؤولية البيئية في المنطقة.
وبموازاة ذلك، تعمل يونامي بفاعلية على تنفيذ استراتيجيةٍ شاملةٍ للحفاظ على المياه، بهدف تقليل الطلب على مصادر المياه العذبة بشكل كبير. ومن خلال تبنّي ممارسات مستدامة، تنتقل البعثة من أساليب الري اليدوية إلى أنظمة الري بالتنقيط والرش الآلية، مما يؤدي إلى الاستخدام الأمثل لمياه الصرف الصحي المعالَجة. وتشمل الخطوات العملية استبدال تركيبات المياه في المطابخ والحمامات ببدائل منخفضة التدفق وموفِّرة للمياه، مصحوبة بحملات توعية لتثقيف الموظفين حول الاستخدام المسؤول للمياه. ويزيد إدخال عدادات المياه الذكية لمراقبة الاستهلاك في الوقت الفعلي واكتشاف التسرّب من تعزيز هذه الجهود. وتتقاسم هذه المبادرات معاً هدفاً مشتركاً يتمثل في تحسين كفاءة استخدام المياه بشكلٍ كبيرٍ وتقليل الهدر عبر مجمعات الأمم المتحدة، بما يتماشى بسلاسةٍ مع أهداف الاستدامة الأوسع.
وقال رئيس دعم بعثة يونامي هارش جوشي: "إننا سعداء للغاية للتعاون مع زملائنا في اليونيسف في هذه الخطوة التحويلية نحو الحفاظ على المياه. وكلّ قطرة يتم استصلاحها هي بمثابة انتصارٍ للاستدامة ومساهمةٍ قوية في معالجة أزمة المياه في العراق من خلال 'أمم متحدة واحدة'. معاً، نحقق تأثيراً دائماً."
وقالت ساندرا لطوف، ممثلة اليونيسف في العراق: "لقد مكّنتنا هذه الشراكة بين اليونيسف ويونامي من العمل على أهداف التنمية المستدامة، وخاصة فيما يتعلق بأجندة تغيّر المناخ. وستسهم هذه المحطة في الري وتسميد النباتات. ولن يقتصر الأمر على توفير بيئة خضراء للأمم المتحدة التي تعيش في هذا المجمع والمجمعات الأُخرى في البلاد، بل سيؤمّن فوائد كبيرة للأطفال في المستقبل."
ومن المقرر الانتهاءُ من المشروع بحلول نهاية عام 2023، إذ تهدف يونامي إلى تحقيق انخفاضٍ ملحوظ بنسبة 30٪ في الطلب الحالي على المياه العذبة، والحفاظ على إجمالي 43 مليون لتر من المياه العذبة سنوياً. وسيضع هذا الإنجاز معياراً عالياً للممارسات المسؤولة بيئياً داخل منظومة الأمم المتحدة.
ومن خلال معالجة قضايا إدارة المياه والصرف الصحي بشكلٍ مباشر، لا تعمل الأمم المتحدة في العراق على تعزيز استدامتها البيئية فحسب، بل تساهم أيضاً في جهود العراق المستمرة لمكافحة شحة المياه.
ومع استمرار شحة المياه العذبة في تهديد المجتمعات في جميع أنحاء العالم، فإن الجهود التي تبذلها يونامي واليونيسيف في الحفاظ على المياه تقف بمثابة شهادة على ما يمكن تحقيقه في معالجة القضايا البيئية الحرجة. وسوف يمتدُّ تأثير هذه المبادرة إلى ما هو أبعد من أسوار مباني الأمم المتحدة، فمن المؤمّل أن تُلهم الآخرين للعمل في المعركة من أجل حماية أغلى مورد على كوكبنا: الماء.