إحاطة المستشار الخاص أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- 04 كانون الأول\ديسمبر 2023 حول التقرير الحادي عشر
مجلس الأمن
إحاطة السيد كريستيان ريتشر
المُستشار الخاص ورئيس فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام/داعش (يونيتاد)
كانون الأول\ديسمبر 2023
_______________________________________________________________________________
السيد الرئيس
السادة المندوبين الموقرين
إنه لمن دواعي سروري أن أقدم التقرير الحادي عشر لفريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد).
يحتوي هذا التقرير، وما أطلعكم عليه من آخر المستجدات، أهم المنجزات في عمل الفريق، بالتزامن مع وجود يونيتاد على أعتاب منعطف حرج بالنسبة للفريق نفسه وتوجهه المستقبليّ .
كأولوية، يلتزم فريق يونيتاد بالإيفاء بولايته الأساسية الموكلة إليه على النحو المنصوص عليه في القرار رقم 2379 (2017)، بما يتماشي مع اختصاصات الفريق.
وفي الوقت ذاته، عمل الفريق منذ أيلول\سبتمبر نحو تنفيذ القرار رقم 2697 (2023)، والذي نص على تمديد ولاية فريق التحقيق (يونيتاد) حتى 17 أَيلُول / سِبْتمْبر 2024، وبموجبه، طُلب من الفريق إنجاز مهام إضافية نحو تنفيذ كلا القرارين.
وعلى مدار الأسابيع الماضية، عكفت على العمل عن كثب مع نظرائنا في حكومة العراق في هذا الشأن، وأود هنا أن أثني على ما يكرّسه النظراء من وقت وتفكير وجهد في هذا الصدد، وما يقدمونه من دعم مستمر لعملنا، فضلاً عن المشاورات البنّاءة عقب قرار مجلس الأمن رقم 2697.
وظهر هذا جليّاً على مدار عدد من الاجتماعات، ولا سيما مع نَائِب رئيس الوزراء وزير الخارجيَّة، ومستشار الأمن القومي، ورئيس لجنة التنسيق الوطنية. كما أتيحت لي الفرصة للتحدث مع النظراء في حكومة إقليم كردستان، والذين أبدوا بدورهم الدعم والرأي السديد .
وفي تلك الإجتماعات ومحافل اخرى، دأبتُ على التأكيد على قيام فريق التحقيق بتعديل أولوياته وفقاً لهذين القرارين، فضلاً عن التعبير عن المخاوف التي تساور الفريق بشأن عمله استناداً إلى الجدول الزمني الحالي الذي يتعامل معه. .
I.
تمثلت إحدى هذه الأولويات في ضمان إتمام تحقيقاتنا على نحو مدروس ومنظم، يتيح استخدام مجموعة المخرجات ذات المغزى التي ينتجها الفريق بفاعلية لخدمة التحقيقات والاجراءات الجنائية الدولية-سواء في العراق أو خارجها.
وتحقيقاً لهذه الغاية، وخلال المدة المشمولة بالتقرير، استكمل الفريق تقرير تقييم قضية حول قيام تنظيم داعش بتطوير واستخدام الأسلحة الكيميائية، وقام بمشاركة هذا التقرير مع القضاء العراقي، ويشمل التقرير نتائج تحقيقات واسعة النطاق مستقاة من ثلاث سنوات من العمل الميداني المتفاني.
ويعدّ هذا التقرير محطة مهمة في تحقيقات فريق يونيتاد حول كيفية تطوير تنظيم داعش للأسلحة الكيميائية واستخدامها في العراق، بما في ذلك ضد الأقلية من الشيعة التركمان في بلدة تازة خورماتو.
وعلاوة على ذلك، نشر الفريق تقريراً شاملاً يفصل جرائم العنف الجنسي البشعة التي ارتكبها تنظيم داعش إبان حكمه الوحشي. وقد نُشر التقرير يوم أمس، مسلطاً الضوء على النطاق الواسع لهذه الأعمال التي ارتبكت ضد النساء والفتيات العراقيات من جميع المجتمعات المتضررة.
ويرافق ذلك تقييمات القضايا التي شاركها الفريق سابقاً مع النظراء في القضاء العراقي، والتي ركّزت على شبكة تمويل تنظيم داعش، بالإضافة إلى ما يتم إنجازه من تحقيقات أخرى، لا سيما تلك التحقيقات في الجرائم المرتكبة ضد المجتمع الأيزيدي والمسيحي، والهجوم على سجن بادوش والمجزرة التي ارتكبها التنظيم بحق منتسبي أكاديمية تكريت الجوية المعروفة بإسم معسكر سبايكر.
ومن المهم التأكيد على أن مشاركة هذه التقييمات تجري بما يتماشى مع ولاية الفريق واختصاصاته.
وبصفة أعمّ، قمنا بإعادة ترتيب الموارد والأولويات للتعجيل في خطوط التحقيقات التي لم تستكمل بعد. ولقد حرصت على شرح هذا التحوّل في استراتيجيتنا التحقيقية للنظراء في العراق، وشاركت رسمياً قائمة بتقارير التحقيق المتوقعة خلال الأشهر المقبلة.
ومع ذلك، من المهم أن نضع في الحسبان أنه على الرغم من إعادة توزيع الموارد وتكثيف جهودنا، فمن المرجح أن يكون الفريق - بحلول أيلول/سبتمبر 2024 - غير قادر على التوصل للنتائج النهائية ازاء جميع مسارات التحقيق التي بدأها، إلا أنه سيكون قادراً في الأغلب على تقديم النتائج الأولية لمسارات التحقيقات هذه بدلاً من التقارير الشاملة.
علاوةً على ذلك، سيعمل الفريق أيضاً على تخصيص أولوية أقل لتلك الخطوط التي لا يُمكن إكمالها في غضون عام واحد. ويتضمن ذلك بعض التحقيقات الرئيسية والمعقدة، ومنها:
- الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش في الموصل،
- تدمير داعش للتراث الثقافي،
- نهب النفط والموارد الطبيعية الأخرى في العراق من جانب تنظيم داعش،
- التحقيق حول نية داعش لارتكاب الإبادة الجماعية ضد الشيعة،
- وعمل يونيتاد المتعلق بالعائدين من مخيم الهول، وهو ملف يتطلب سنواتٍ من العمل في العراق وخارجه.
وفي كل الأحوال، فإن تلك النتائج ليست مصممة لتكون غاية نهائية في حد ذاتها.
السيد الرئيس، السادة المندوبين الموقرين،
لقد سلّطتُ الضوء خلال إحاطتي السابقة في حزيران/يونيو على أنه لا ينبغي أن ينظر لهدف عمل الفريق على أنه إنشاء سجلٍ للجرائم الدولية التي ارتكبها تنظيم داعش فحسب، بل يجب استخدام هذا العمل لمحاسبة أعضاء تنظيم داعش الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم من خلال محاكمات تستند إلى الأدلة أمام المحاكم المختصة، في العراق وكذلك في الدول الثالثة.
ومن الأمثلة العملية التي تخدم هذا الغرض هو ما دأب عليه فريق التحقيق (يونيتاد)، بناءً على عمله التحقيقي، وعبر تعاون الفريق مع القضاء العراقي، في بناء ملفات قضايا مشتركة لمرتكبي الجرائم من تنظيم داعش في دول ثالثة.
خلال المُدّة التي يغطيها التقرير، جرى استكمال أول ملف قضية مشترك من هذه الملفات ومشاركته مع الدولة المعنية. وقد دعم هذا الملف بدوره التحقيقات بشأن أحد مرتكبي الجرائم المُدَّعى عليهم عن جرائم دولية ارتكبت في العراق، مما ساعد نهاية المطاف في إلقاء القبض على هذا المشتبه به.
ويعتزم الفريق المُضيّ قُدُماً بهذا النهج المشترك إذ أنه يمثل إطاراً يتيح للفريق والعراق التعاون الهادف والوثيق وتبادل المعلومات واستخدام الأدلة وتبادل المعرفة لدى الجانبين بغية محاسبة أعضاء تنظيم داعش على جرائمهم الدولية.
II.
وفي الوقت ذاته، يظل فريق التحقيق (يونيتاد) مُلتزماً بدعم العراق في إرساء أساس قانوني محلي للتحقيق في الجرائم الدولية وملاحقتها.
وفي المدة التي شملها التقرير، عملَ الفريق جنباً إلى جنب مع نظرائه العراقيين، عبر هذه العملية التي يقودها العراق، وقدّمَ سلسلة من الملاحظات الفنية حول مشروع القانون المُقترح ومواءمته مع القانون الدولي والعرفي. ولقد نظّم فريق التحقيق (يونيتاد) في شهر أيلول/سبتمبر من هذا العام، ورشة عمل للمشرعين والخبراء القانونيين العراقيين، استضافها مجلس النواب العراقي. وقدّمَ اثنان من خبراء القانون الدولي البارزين عروضاً توضيحية وناقشا مع أصحاب المصلحة الوطنيين التفاصيل المتعلقة بالإطار القانوني والمبادئ القانونية المطلوبة ذات الصلة بعملية التكييف المحلي للقانون الجنائي الدولي في العراق.
إن من شأن إيجاد مثل هذا الأساس القانوني للجرائم الدولية أن يفتح آفاقاً جديدة للعراق لأنه يُمّهد الطريق لمحاكمة أعضاء تنظيم داعش على هذه الجرائم، بمشاركة الضحايا والشهود العراقيين. وهذا ليس فقط ما يهدف فريق التحقيق (يونيتاد) إلى دعمه، بل هو أيضاً المطلب الرئيسي لمجتمعات الضحايا والناجين في العراق: وهو نصرة حقهم في يوم مشهود عن طريق المحاكمات.
III.
السيد الرئيس، السادة المندوبين الموقرين،
لا يقتصر عمل الفريق على التحقيقات فحسب، بل يتعلق أيضاً بإدارة الأدلة. وتتمثل إحدى أولوياتنا في هذا الصدد خلال المدة التي شملها التقرير بتهيئة قدراتنا في مجال جمع الأدلة وحفظها وإدارتها لدعم ما سيتم الاتفاق عليه في ضوء التقرير القادم للأمين العام وخارطة الطريق التي سيضعها فريق التحقيق (يونيتاد) بالتشاور مع حكومة العراق على النحو المطلوب في قرار مجلس الأمن 2697.
تحوي محفوظات الأدلة لفريق التحقيق (يونيتاد) حالياً على ما مجموعه 39 تيرابايت من المعلومات التي جرى جمعها على مدار السنوات الخمس الماضية من مجموعة متنوعة من المصادر - أي كمية ضخمة من البيانات، والتي تشمل السجلات التي جرى الحصول عليها من السلطات العراقية – وهي الغالبية العظمى –، وتلك التي جرى الحصول عليها من منظمات المجتمع المدني، فضلا عن المصادر المفتوحة، وكذلك الإفادات وغيرها من المواد التي جرى الحصول عليها من الأفراد في العراق، ومعظمهم من الشهود.
جرت معالجة الغالبية العظمى من محفوظات الأدلة هذه عبر "منصة الكشف الإلكتروني" للفريق، والتي بإمكان محققي، ومحامي، ومحللي الفريق الولوج إليها من أجل عملهم. ومع ذلك، لم تُعالج بعض هذه البيانات التي جمعها الفريق على هذه المنصة بعد.
خلال هذه المدة المشمولة بالتقرير، أضيفَت المزيد من الأدلّة إلى هذه المحفوظات لا سيما من خلال التعاون مع القضاء العراقي في مجال الطب العدلي الرقمي، والرقمنة والأرشفة، فضلاً عن البيانات العدلية التي جرى الحصول عليها عبر تنقيب العديد من المقابر الجماعية الاضافية لدعم دائرة حماية وشؤون المقابر الجماعية العراقية ودائرة الطب العدلي.
يقع ما ستؤول إليه هذه المحفوظات وكيفية مشاركتها مع العراق في صميم القرار رقم 2697.
ويتطلّع الفريق إلى مزيدٍ من التوجيهات لتحقيق هذه الغاية في التقرير القادم للأمين العام في الشهر المقبل، ويعتزم مواصلة تطوير خارطة الطريق، بالتشاور مع حكومة العراق، على هذا الأساس.
وخلال تلك المشاورات، يقف الفريق على أهبة الاستعداد لتوضيح المبادئ الأساسية التي استرشد بها في جمع الأدلّة وتخزينها ومشاركتها مع النظراء، ويلتزم فريق التحقيق (يونيتاد) بهذه المبادئ لضمان أوسع نطاق ممكن لاستخدام الأدلة ومقبوليتها أمام المحاكم الوطنية وسلطات التحقيق والادِّعاء، وعلى النحو المنصوص عليه في اختصاصاته.
وعلى مدار السنوات الماضية، نجح الفريق في حفظ مخزون الأدلة هذا وإدارته، وقدّم الدعم وفقاً لذلك. لقد عملنا على تلبية طلبات محددة لتقديم المساعدة التي من شأنها دعم تحقيقاتٍ متخصصة، وشاركنا في هذا الصدد معلوماتٍ محددة ، بما يتماشى مع ولاية الفريق. وفيما يتعلق بالمشاركة، يدرس الفريق ما إذا كانت السلطة القضائية الوطنية التي تقدمت بطلب مشاركة معلومات تتمتع بالولاية القضائية والاختصاص الذي يؤهلها لمساءلة تنظيم داعش عن الأعمال التي قد ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم إبادة جماعية.
ويتعامل الفريق في ذلك على أساس كل حالةٍ على حدة، ويُقدّم الدعم عندما يكون هناك فرصة لتوجيه تهم بارتكاب جرائم دولية، وبدوره يَمنح الجانب الذي يقوم بتزويد المعلومات الموافقة على المشاركة تلك المعلومات
السيد الرئيس، السادة المندوبين الموقرين،
عندما توليت مسؤولياتي بصفتي مستشارا خاصا، تمثل اعتقادي الراسخ بأن العراق هو الحليف الرئيسي والشريك لفريق التحقيق (يونيتاد)، ولايزال هذا الاعتقاد قائماً بلا أي تغيير.
إن هذا المجلس على دراية كاملة بأن موافقة الحكومة المضيفة في أيّ سياق ما، هي الأساس لأي بعثة أممية للقيام بعملها. لكنني أودّ أن أشدد على ان هذه الموافقة تلعب دوراً اكثر أهمية لعمل فريقٍ تحقيقيّ يتمتع بولاية فريدة، مثل فريق التحقيق (يونيتاد).
منذ البداية، يعمل الفريق في العراق، بناءً على طلب حكومته، وبالشراكة مع النظراء العراقيين، بغية التحقيق في جرائم داعش بحق جميع المجتمعات المتضررة في البلاد. فقد اضطلعنا بعملنا وفقاً لذلك في ظل الاحترام الكامل لسيادة العراق، وسنواصل القيام بذلك. ويبقى الأمر منوط بالعراق لممارسة حقه السيادي في تقرير مستقبل هذه البعثة.
ومع ذلك، دعوني أشدد على أن إنهاء عمل فريق يونيتاد بشكلٍ عاجل يستبق استكمال مهمته لا يمكن أن يعني إلا خسارة لكافة الجهات المعنية. ولهذا السبب، أناشد حكومة العراق وأعضاء هذا المجلس الموقر بأن يسترعي اهتمامهم الحالة المرجوّة لإتمام ولاية الفريق أكثر من تاريخ انتهائها.
وعلى مدار الأسابيع والأشهر المقبلة، سأواصل العمل عن كثب مع جميع النظراء العراقيين لتقديم الاقتراحات والخيارات المختلفة. ويبقى القرار النهائي بيد العراق، وسنلتزم بالطبع بالخيار الذي سيتخذه.
وفي حين لم يكن من المنتظر لفريق التحقيق (يونيتاد) أن يستمر إلى الأبد، إلا أن هناك مسؤولية مشتركة لضمان عدم هدر العمل الذي انجزه الفريق.
و في هذا أشير إلى أن رأي رئيس لجنة التنسيق الوطنية وتوافقنا في هذا الشأن لهو أمر مشجع. إن هدفنا المشترك هو الحرص على أن يتم ضمان الاستفادة من عمل الفريق لدعم جهود المساءلة في العراق وعالمياً.
ونتفق أيضاً فيما يتعلق ببناء القدرات والدعم الذي يقدمه الفريق للسلطات العراقية وهي الجهود التي ينبغي أن تستمر، بل وأيضًا تتكثف، لضمان استدامة وجاهزية القدرات الوطنية على المدى الطويل.
وهذا يشمل مجالات مثل الطب العدلي الرقمي، وحفظ الأدلة وإدارتها، واعمال التنقيب عن المقابر الجماعية، فضلاً عن المساعدة الفنية لإدارة حماية الشهود في وزارة الداخلية العراقية، وتدريب المنظمات غير الحكومية المحلية ووزارة الصحة في مجال الدعم النفسي.
وقد استمر كل هذا الدعم الذي يقدمه فريق التحقيق (يونيتاد) في التقدم خلال المدة المشمولة بالتقرير. ولقد سعى الفريق بكل دأب إلى تمكين النظراء الوطنيين على نحو يعزز قيامهم بعملهم بشكل مستقل ودون مشاركة الفريق في المستقبل.
السيد الرئيس، السادة المندوبين الموقرين،
إن أحد أهم النتائج الملموسة لفريق التحقيق (يونيتاد) هي دعمه للتحقيقات والملاحقات القضائية التي تجريها دول ثالثة، مما يضمن عدم اتساع الفجوة في المساءلة العالمية وعدم السماح باستمرار الإفلات من العقاب.
لقد دعم الفريق 209 طلبا من 20 دولة ثالثة حتى الآن، وكان الطلب على هذا الدعم متزايداً، ومن المتوقع أن يبقى في تزايد.
ذلك فيما يتعلق بمقاتلي تنظيم (داعش) الأجانب الذين عادوا إلى بلدانهم الأصلية، أو زوجات عناصر تنظيم (داعش) اللاتي تدعين أنهن ليس لديهن أي فكرة عن حكم تنظيم (داعش) الإرهابي، أو الجناة الذين فروا من العراق بحثاً عن ملاذ آمن في الخارج - فإن وجود عدد كبير من أعضاء تنظيم (داعش) الذين ارتكبو الجرائم في جميع أنحاء العالم، سيؤدي إلى الزيادة في هذا الطلب. وعليه، يجب ألا ننسى أن العديد من هؤلاء الجناة كانوا في سن صغيرة جداً عندما ارتكبوا جرائمهم، وقد يواجهون تحقيقات وتهماً بارتكاب جرائم دولية على مدار العقود القادمة.
إن العمل الذي يقوم به فريق التحقيق (يونيتاد) في تحليل محفوظاته من الأدلة، وتحديد الشهود وأخذ الإفادات لدعم الدول الثالثة، هو إجراء ملموس في خدمة المساءلة العالمية من كل الجهات، وخطوة كبيرة في مكافحة الإفلات من العقاب. وإلى حد كبير، لم تكن التحقيقات والمحاكمات ضد مرتكبي تنظيم (داعش) الذين حاولوا الهروب من العدالة لتكون ممكنة في هذه البلدان لو لم يقدم فريقي المساعدة القانونية في هذا الصدد. لقد كان هدفنا دائماً هو سد فجوات الإفلات من العقاب في جميع أنحاء العالم. يجب ألا يفلت جناة تنظيم (داعش) الذين ارتكبوا فظائع جماعية بشعة بحق المواطنين العراقيين دون عقاب أينما حاولوا الاختباء. وأنا شخصياً، بصفتي السابقة كمدع عام اتحادي ورئيساً لوحدة جرائم الحرب في ألمانيا، كُنتُ سعيداً بالاستفادة من خبرة فريق التحقيق (يونيتاد) الذي يتمتع باستجابة عالية، ولطالما كان الفريق قادراً على رأب الثغرات في سلسلة الإثبات. وهكذا، ساهم الفريق بشكل كبير في إدانة المتهمين من عناصر تنظيم (داعش) عالمياً.
اسمحوا لي أن أؤكد إشادتي بالتزام العراق بدعم تعاون الفريق مع دول ثالثة. هذا ويسعدني أن اشير إلى أنه، وبموافقة رئيس مجلس القضاء الأعلى، ووزير الخارجية، ورئيس لجنة التنسيق الوطنية، قد توصلنا إلى آلية متفق عليها توضح بشكل أفضل مشاركة الأدلة بين الفريق والدول الثالثة، بما يتوافق وقرار مجلس الأمن رقم 2697.
وعمل الفريق أيضاً خلال المدة المشمولة بالتقرير، على إطلاع الحكومة العراقية على نحو ملائم حول الأدلة التي جرت مشاركتها مع دول ثالثة سابقا، وفقاً للقرار رقم 2697. ولتحقيق هذه الغاية، يستمر الفريق بتواصله مع جميع النظراء المعنيين.
السيد الرئيس، السادة المندوبين الموقرين،
اسمحوا لي أن أختتم ملاحظاتي بتأمل يستند إلى لقاءاتي الأخيرة مع المجتمعات المتضررة في العراق - أولئك الذين يشكلون الضحايا والشهود على تنظيم (داعش) وجرائمه الشنيعة.
هُم الذين ينظرون إلى عمل فريق التحقيق على أنه منارة للأمل، وفرصة للتعبير عن صوتهم ، والاعتراف بمعاناتهم، وسرد قصصهم.
وهُم الذين يطالبون بالفصل في الجرائم التي عانوا منها باعتبارها جرائم دولية، سواء كانت تتعلق بأعمال إبادة جماعية أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
تذكّرت ذلك خلال حديث أجريته مؤخراً مع والد أحد ضحايا مجزرة معسكر سبايكر، والذي أسس بالتعاون مع عائلات أخرى من ذوي الضحايا، منظمة غير حكومية مُكرسة لتحقيق العدالة لأحبائهم من ضحايا تلك المجزرة البشعة.
كما تذكرت ذلك أيضاً خلال زيارتي للأنبار، حيث وقفت جنباً إلى جنب مع المسؤولين المحليين ورؤساء العشائر والناجين وممثلي المجتمع المدني، في مواقع الجرائم التي ارتكبتها تنظيم داعش ضد السُّنة الذين رفضوا مبايعته.
لا ينبغي أن ينتج عن انهاء عمل فريق التحقيق أن يتلاشى أمل هؤلاء في العدالة وسعيهم للمسائلة، بل يجب أن يعني الانتهاء الفعّال لولايتنا والانتقال السلس ضماناً لحقوقهم.
علينا ألا نخذل هؤلاء الذين وقفوا في وجه جرائم تنظيم داعش او ان نتخلى عنهم؛
علينا التأكد من ضمان أمانهم وحمايتهم، ومعالجة الصدمة التي قاسوها بسبب ما عايشوه وشهدوه؛
وعلينا أيضاً أن نتأكد من أن الذين لم يتقدموا حتى الآن بافاداتهم ويرغبون في ممارسة حقهم هذا، أن يكون بامكانهم القيام بذلك بحسب إرادتهم في مساحة آمنة ومُرحّبة.
هذا وينبغي أن نضع الهدف المشترك في تحقيق العدالة لضحايا تلك الجرائم والناجين منها في قلوبنا وعقولنا بينما نواصل تنفيذ قرارات هذا المجلس العريق وعملنا الجماعي.
أشكركم على حسن انتباهكم ودعمكم المتواصل.