إحاطة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس-بلاسخارت المقدمة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
نيويورك- 6 شباط 2024
شكراً، سيدتي رئيسة مجلس الأمن،
السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقرون،
مع اشتعال الصراع في غزة، فضلاً عن الأعمال المسلحة في أماكن أخرى، يمر الشرق الأوسط بمنعطف حرج، والأمر نفسه ينطبق على العراق.
والآن، لأكون واضحة: تتركز جهود الحكومة العراقية على تجنب تداعيات ذلك المحلية (والإقليمية). ومع ذلك، أضحت الهجمات المستمرة واقعاً مُراً. وتنطلق هذه الهجمات من داخل حدود البلد وخارجها. ومن شأن تلك الهجمات، إذا ما استمرت، أن تفضي إلى تراجع استقرار العراق الذي تحقق بشق الأنفس، فضلاً عن تراجع إنجازات أخرى تحققت خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وكما نعلم جميعاً، يمكن لأحداث لتاريخ أن تكون لها تبعات طويلة المدى، وقد تؤثر على الحاضر. وهذه هي الحقيقة الأليمة بالنسبة للشرق الأوسط. ولكي نفهم بشكل كامل العوامل المحركة للأحداث الإقليمية والمحلية الحالية، سنحتاج إلى استعراض أحداث عقود مضت - وهي عملية لا مجال لها في هذه الإحاطة.
ومع ذلك، يدخل ضمن هذا السياق إشارة الجماعات المسلحة العراقية المختلفة (أي الجماعات العاملة خارج سلطة الدولة) إلى عقيدة تتجاوز السياسة وحدود الدولة، كتبرير لعملياتها. وتتعلق الدوافع المعلنة الأخرى بالعراق على وجه الخصوص، كالدعوات إلى أن تكون أجواء العراق، وأنا هنا أقتبس، "حرة"، والدعوات إلى إنهاء الوجود العسكري الدولي في البلد.
ولكن لكي يواصل العراق مسيرته على طريق الاستقرار والتقدم، يُعد توفر بيئة مواتية أمراً أساسياً. وتتطلب تلك البيئة ضبطاً للنفس من كافة الأطراف.
نعم، بالفعل، من جانب الجهات المسلحة في العراق، وكما هو متوقع، فإن ضبط النفس من جانب جيران العراق ودول أخرى له نفس القدر من الأهمية.
وكما قلت مرات عديدة في الماضي وسأقول مرة أخرى: إن إرسال الرسائل من خلال الضربات لا يؤدي إلا إلى تصعيد للتوترات وإلى قتل الناس أو إصابتهم وإلى تدمير الممتلكات.
ومن الأمثلة على ذلك، الهجوم الذي وقع في 28 كانون الثاني، والذي أسفر عن مقتل وإصابة جنود أمريكيين. وقد شوهد هذا مرة أخرى مع الضربات الانتقامية في 2 شباط، والتي أسفرت أيضا عن وقوع ضحايا.
ولكن بدلاً من اللجوء إلى استخدام القوة، ينبغي أن تركز جميع الجهود على حماية العراق من الانجرار بأي شكل من الأشكال إلى صراع أوسع نطاقاً.
وفي هذا السياق بالتحديد، عبر الكثيرون عن صدمتهم إزاء الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل قبل بضعة أسابيع، والذي أسفر عن قتل مدنيين - بما في ذلك فتاة صغيرة. وكانت هذه الأفعال التي استندت إلى اتهامات فنّدتها الحكومة العراقية بشدة، متعارضة تماماً مع الجهود الكبيرة المبذولة بشأن الاتفاق الأمني بين العراق وإيران، والذي سبق أن سلطتُ عليه الضوء في إحاطتي في شهر تشرين الأول الماضي.
وفي نفس الوقت، تتواصل أيضاً العمليات العسكرية التركية في الشمال. ولمجرد أن هذه الهجمات أصبحت هي الوضع "الطبيعي" الجديد، لا يعني ذلك أنها لا تضاعف مخاطر فتح ساحات جديدة للعنف.
وبالحديث عن احتمالات التصعيد الخطير الذي تنطوي عليه الضربات الانتقامية، نود أن نرحب بالبدء بالحوار مؤخراً من خلال اللجنة العسكرية العليا بين الولايات المتحدة والعراق.
لقد افتُتِحت قناة الحوار هذه في مرحلة حرجة. ولا يمكن أن يكون تحديد الأهداف المشتركة إلا تطوراً إيجابياً في خضم التوترات المتصاعدة.
وبعد أن قلت كل هذا اليوم، أجد نفسي مضطرة إلى تكرار نداءنا إلى جميع الأطراف لممارسة أقصى درجات ضبط النفس. وحيث أن العراق محاط بنسيج معقد بالفعل من التحديات، فمن الأهمية بمكان أن تتوقف جميع الهجمات.
وبينما ندرك (بالطبع) أن العديد من السلطات والأطراف الفاعلة تسعى إلى الحد من المزيد من التصعيد، إلا أنه من الواضح أن الوضع لا يزال مضطرباً. حيث لا يزال العراق (بل والمنطقة ككل) على حافة الهاوية، حيث يهدد أقل سوء تقدير باندلاع مواجهة كبرى.
ومن الناحية الأكثر تفاؤلاً، سيدتي الرئيسة، أجرى العراق، في 18 كانون الأول 2023، انتخابات محلية لأول مرة منذ 10 سنوات. وفي حالة كركوك، للمرة الأولى منذ عام 2005.
وقد تمت هذه العملية الانتخابية بطريقة سلمية على نطاق واسع وبشكل سليم من الناحية الفنية. ومثّل ذلك محطة أخرى في جهود الحكومة للخروج من حلقات القصور السابقة. ونأمل حقاً أن تدل إعادة إنشاء الهيئات التمثيلية المحلية، التي كانت متوقفة منذ عام 2019، على المضي في خطوة رئيسية أخرى إلى الأمام.
والآن، سيكون التحدي الذي يواجه الانتخابات المستقبلية هو حشد نسبة إقبال أعلى من الناخبين، والأهم من ذلك، تشجيع الناخبين العراقيين الذين يحق لهم التصويت على التسجيل.
وفي حين أن نسبة المشاركة بين الناخبين المسجلين في انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023 كانت على نفس مستوى الانتخابات البرلمانية الوطنية في العراق (قبل عامين)، إلا أن حوالي 60٪ من الناخبين المسجلين لم يدلوا بأصواتهم.
إن هذا، إلى جانب حقيقة أن ملايين العراقيين لم يسجلوا أسماءهم أصلاً، يسلط الضوء على حجم التحدي الذي ينتظرنا. فبناء ثقة الجمهور، وبالتالي تشجيع أغلبية الناخبين العراقيين الذين يحق لهم التصويت على المشاركة في العملية الديمقراطية، يستلزم عملاً مستمراً وشاقاً.
ومن التطورات الإيجابية الأخرى التي ينبغي أن أبلغكم بها هي أن الحكومة العراقية تواصل تقوية القطاعين المالي والمصرفي في البلاد.
إذ تبرهن عمليات الاندماج والإصلاحات الهيكلية للكيانات التأمينية والمصرفية الرئيسية - مرة أخرى – على التزام الحكومة برعاية قطاع مالي شفاف ومتوافق في العراق.
كما رحب صندوق النقد الدولي وغيره بالخطوات المتخذة لتقوية الإدارة المالية العامة، بما في ذلك عن طريق إنشاء حساب خزانة واحد.
وإلى جانب المنصات الإلكترونية الجديدة لمبيعات العملات الأجنبية، التي ذكرتها في إحاطتي الأخيرة، فمن المتوقع أن تكون هذه المبادرات مفيدة في تعزيز شفافية المالية العامة العراقية وإمكانية إدارتها.
وفي الوقت نفسه، تمضي مشروعات البناء الطموحة على قدم وساق. وقد شملت إنشاء المجمعات السكنية الكبرى، والتي آمل أن تكون متاحة لجميع العراقيين.
وعلى نحو مماثل، فإن التزام الحكومة ببناء ألف مدرسة جديدة بحلول نهاية عام 2024، إذا تحقق، سيكون بمثابة أداة حقيقية لتسريع عملية خلق الفرص. كما أن توفير عوامل التحفيز على المستوى الوطني لمشروعات التنمية، مثل القروض والإعفاءات الخاصة، يشير إلى عزم الحكومة على جعل هذه الرؤى وغيرها واقعاً ملموساً.
سيصبح العراق في الشهر المقبل أول دولة في المنطقة تنضم إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل. وإلى جانب قانون الضمان الاجتماعي الوطني الجديد الذي أشرت إليه في تشرين الأول، سيشكل هذا سابقة على المستوى الإقليمي لحماية الموظفين والتي ينبغي أن تفيد العمال العراقيين، خاصة النساء. ويجب أيضاً أن يُنظر إلى وضع المعايير وتوسيع نطاق المنافع على أنه جزء من الجهود الرامية إلى تعزيز القطاع الخاص في العراق.
إن هذه الإصلاحات وغيرها، كما قلت من قبل، ضرورية لفتح آفاق مستقبلٍ أكثر إشراقاً لجميع العراقيين؛ مستقبل يمكن فيه للبلاد أن تنتقل من مكافحة الحرائق إلى صياغة حلول مستدامة. مستقبل يستطيع فيه الشباب الاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم لتحسين حياتهم ومجتمعاتهم، بدلاً التظاهر في الشوارع بسبب اليأس، أو القيام بما هو أسوأ من ذلك: حمل السلاح.
سيدتي الرئيسة، اسمحوا لي أن ألقي الضوء على بعض القضايا الأخرى.
أولاً، تغيّر المناخ: نتجت عن مشاركة العراق في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في كانون الأول بعض الالتزامات الواعدة، شملت التوقف التام وبشكل تدريجي عن حرق الغاز بحلول عام 2028، وإنشاء بنك أخضر مستدام جديد لتنويع الاقتصاد العراقي بعيداً عن الوقود الأحفوري.
كما أن عدداً كبيراً من المشروعات التي تحفز المحافظة على المياه واستدامتها في مختلف القطاعات، فضلاً عن الاستثمارات الموعودة في استكشاف الطاقة النظيفة، تبشّر أيضاً بالخير للمستقبل.
والآن - عندما يتعلق الأمر بتغيّر المناخ، فإن نداءات المحافل الدولية شكلت تصاعداً في الإحساس بقرب الهلاك. وفي العراق، ليس من الصعب أن ندرك السبب وراء ذلك. فندرة المياه، والتصحر، والهجرة القسرية، والصراع على الموارد الطبيعية، والظواهر الجوية المتطرفة – تتضافر كلها لترسم صورة قاتمة إلى حدّ ما، حيث تتعرض مكامن الضعف الحالية لضغط متزايد.
ولكن بدلاً من الاستسلام للشعور باليأس، وكما أكد رئيس الوزراء العراقي، يجب أن يتحول التركيز الآن إلى تخفيف الآثار والتكيّف. على سبيل المثال، من خلال تنفيذ برامج إدارة بيئية شاملة وإيجابية للسلام، وتحديث البنية التحتية للري، واتخاذ خطوات فورية للحدّ من الاعتماد على النفط. ومع ذلك، فمن دون الانتقال من مرحلة الوعود إلى العمل، فقد تضيع الفرص - وبشكلٍ سريع.
ثانياً، أود أن أسلط الضوء مرة أخرى على مشاعر الإقصاء والتهميش القائمة - والتي، كما نعلم جميعاً، غالباً ما تؤدي إلى دورات متكرّرة من الصراع. إن إدارة التنوع ليست سهلة أبداً، ولكن إذا تمت بشكل جيد فإنها تمثل مكسباً كبيراً في الحيلولة دون زعزعة الاستقرار وانعدام الثقة والعنف، وتعزيز احترام حقوق الإنسان.
والأمر الأساسي في ذلك هو سيادة القانون بالطبع. فإذا ما اعُتبر أن نظم العدالة تعامل الناس بطرق تمييزية، فستصل التوترات بين المجتمعات المحلية إلى مرحلة الغليان بشكل سريع.
سيدتي الرئيسة، وكما تعلمون، في منتصف شهر تشرين الثاني، أدى حكم من المحكمة الاتحادية العليا فجأة إلى إنهاء عضوية رئيس البرلمان العراقي. واليوم، وبعد مرور قرابة ثلاثة أشهر، فأن المشاحنات السياسية لا تزال تمنع التوصل إلى إجماع على بديل له. وغني عن القول: لا يسعنا إلا أن نأمل أن يتم التوصل الى اتفاق – عاجلاً وليس آجلاً.
وفيما يتعلق بإقليم كردستان، يؤسفني أن أُبلغكم أن الانتخابات البرلمانية في الإقليم قد تعطلت مرةً أخرى. إذ أن هذه الانتخابات التي كان مقرراً إجراؤها مبدئياً في تشرين الأول 2022، وتم تأجيلها إلى تشرين الثاني 2023، قد تم إرجاؤها مرة أخرى الى شباط من هذا العام. ونحن الآن في انتظار موعد جديد.
وأسمحوا لي أن أكون واضحةً: إن هذه التأجيلات المستمرة لا تخدم مستويات الثقة المتدنية أساساً، ولا تساهم في استقرار العراق.
كما يستمر التشاحن بين بغداد وأربيل بشأن المسائل المالية والمتعلقة بالميزانية. ومع الاعتراف بوجود العديد من القضايا الصعبة والفنية المطروحة، فإن هذا لا يغير حقيقة أنه في غياب اتفاق مستدام، فإن الأشخاص العاديين هم من يعانون.
إن القرار الذي أصدرته الحكومة الاتحادية مؤخراً بالموافقة على تمويل الإقليم لشهر كانون الثاني، وفقاً للموازنة الاتحادية لسنة 2024، هو بالطبع، موضع ترحيب. ولكن لا يسعنا إلا أن نؤكد مجدداً أن هناك حاجة ماسة إلى حل أكثر ديمومة. وبعبارات بسيطة: إذا أردنا الحفاظ على الاستقرار، يجب أن يحصل إقليم كردستان على تمويل لدفع الرواتب الشهرية لموظفيه الحكوميين.
وفي الوقت نفسه، تستمر الأمم المتحدة في العراق في التطور. ولا يزال الاستعراض الاستراتيجي المستقل للبعثة جارياً. وتحول عمل فريق الأمم المتحدة القُطري (كما تعلمون) من التركيز على العمل الإنساني إلى العمل الإنمائي. وبالطبع، يجري العمل على وضع إطار جديد للأمم المتحدة للتعاون، وهو ما سيدعم الأولويات الوطنية وسيسرع تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ونود الإشارة إلى أن مجلس الوزراء العراقي كان قد حدد يوم 30 تموز 2024 موعداً لإغلاق جميع مخيمات النزوح في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك إقليم كردستان.
وهذا القرار موضع ترحيب لأنه يحدد خطوات ملموسة، ويضع آليات ويخصص تمويلاً حكومياً لهدف إنهاء النزوح.
أما وقد قلت هذا، فتؤكد الأمم المتحدة بالعراق أن هذا القرار يجب أن يُستكمل بحلول للنازحين خارج المخيمات. ومن المهم بنفس القدر ضمان أن تكون جميع عمليات العودة وإعادة التوطين مستنيرة وآمنة وطوعية وتحفظ الكرامة وشاملة، وأن يتم متابعتها بالتعاون والتنسيق مع حكومة إقليم كردستان.
سيّدتي الرئيسة، اسمحي لي أنتقل الآن إلى مسألة المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة بما في ذلك الأرشيف الوطني.
مما لا شك فيه أن حكومة العراق لا تزال ملتزمة تجاه هذه الملف. ولكن مع وجود 308 شخصاً مفقوداً لا يزال مصيرهم غير معروف، هناك حاجة إلى إحراز تقدم أسرع. ويجب أن يتضمن هذا التخلص من العقبات البيروقراطية والمتابعة الفورية للقضايا العالقة.
كما أن هناك حاجة واضحة لمضاعفة الجهود لتحديد مكان الممتلكات الكويتية المفقودة وإعادتها، بما في ذلك الأرشيف الوطني. وما نقوله بالأساس هو أن من مصلحة الجميع إظهار الشعور بالحاجة الملحة إلى إنهاء هذا الملف المهم.
سيدتي الرئيسة، ما هو المطلوب الآن؟ كما قلت مرات عديدة، لا يمكن لأي حكومة أن تقوم بذلك بمفردها، ولذلك، لا يسعنا إلا أن نأمل بأن يواصل كل فرد من السياسيين العراقيين السعي لوضع البلاد على أوضح طريق للنجاح، بما يخدم مصالح جميع العراقيين، أياً كانت انتماءاتهم أو خليفتهم أو عرقهم. والأمر نفسه ينطبق على أي طرف فاعل آخر في داخل العراق أو خارجه: يُتوقع منهم أن يدعموا هذا الهدف، بدلاً من إحباطه.
هناك شيء واحد مؤكد: إن الحاجة إلى تقدم مستدام، نحو الإصلاح الحقيقي، وتحسين مستويات المعيشة لن تتراجع. حيث ينمو عدد سكان العراق كل عام، ما يتسبب بزيادة الطلب على الوظائف، والسكن، والمياه والخدمات الأساسية الأخرى. وبينما تحتفظ الكثير من الخطط المدرجة في حسابات الحكومة بالمفتاح لتلبية هذه الاحتياجات، فإن تحقيقها سيصبح أصعب وأصعب مع مرور الأعوام. ولذلك، فقد حان الآن وقت العمل.
سيدتي الرئيسة، في الختام، اسمحوا لي أن أؤكد مرة أخرى على أهمية تهيئة بيئة مؤاتيه، وبالتالي على الحاجة الماسة إلى إيقاف الهجمات سواء كان مصدرها من داخل حدود العراق أو خارجها. وكما ذكرنا عدة مرات في السنوات الماضية، يجب أن يشمل ذلك كبح جماح الجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة.
الأمر بسيط للغاية: لا يمكن المبالغة في تقدير المخاطر الهائلة والعواقب المدمرة المحتملة للتصعيد المستمر. وهذا صحيح بالنسبة للعراق والمنطقة وخارجها.
أخيراً وليس آخراً، في كانون الأول 2018 وصلت إلى بغداد. والآن، بعد خمس سنوات، اقترب وقت الوداع. وأتوقع أن أغادر منصبي في نهاية أيار. ويجب أن أعترف أنه ليس أمراً سهلاً. وفي السراء والضراء، أصبح العراق ببساطة جزءاً مني. أما وقد قلت ذلك، فإن الإحاطة التي قدمتها اليوم يمكن أن تكون آخر خطاب لي أمام مجلس الأمن بشأن العراق.
وفي حين أنه من المغري النظر إلى الوراء والتفكير، إلا أنني أدرك ضيق الوقت بالطبع. ولكن اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر كلاً من المجلس والسلطات العراقية على دعمهما، وأن أعبر عن تقديري العميق لجميع زملائي في الأمم المتحدة بالعراق. والأهم من ذلك، أود أن أشكر شعب العراق على كرم الضيافة والسخاء واللطف غير المحدود. وأينما ذهبت، سيكون لهم دائماً مكانة خاصة في قلبي.
ولا يسعني إلا أن آمل أن يتعرف الناس من جميع أنحاء العالم يوماً ما، إن شاء الله، على العراق الحقيقي.
إنه بلد ذو جمال هائل. بلد ذو تنوع وثقافة غنيين، حيث توجد العديد من الفرص لاغتنامها.
واسمحوا لي أن أختتم كلمتي بالإشادة علناً بجميع العراقيين رجالاً ونساء على تضحياتهم وقوتهم وعمق التزامهم ببناء عراق مزدهر وديمقراطي وسلمي.
عاش العراق.
شكرا لكم،