السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
اسمحوا لي أن أبدأ باستذكار أن يوم غداً، 19 آب، يصادف الذكرى السنوية لاثنتين من الهجمات الارهابية الدموية. فبتاريخ 19 آب 2003 تم تفجير مقر الأمم المتحدة في فندق القناة في بغداد، بعد خمسة أيام من تأسيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بقرار من مجلس الأمن. وقد أسفر هذا الاعتداء عن مقتل 22 شخصاً، من بينهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، السيد سيرجيو فييرا دي ميلو. وبعد ست سنوات، وفي نفس اليوم بالضبط، استهدف تفجير اخر مبنى وزارة الخارجية العراقية مما اسفر عن مقتل 46 شخصاً.
وفي هذا السياق، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 آب اليوم العالمي للعمل الإنساني، ويوم 21 آب اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم. واليوم، نغتنم هذه الفرصة لتكريم جميع ضحايا الإرهاب والناجين منه.
كما نعلم جميعاً، فإن حملة القتل التي شنتها جماعات إرهابية مختلفة في العراق وصلت في عام 2014 إلى الإبادة الجماعية للأيزيديين على يد داعش. لقد ارتُكبت جرائم بشعة ضد الأيزيديين، فضلاً عن أفراد من مكونات المجتمع العراقي الأخرى. أود أن أعبر عن تضامني العميق مع جميع الضحايا والناجين والناجيات. واليوم، تم، إلى حدٍّ كبير، دحر تنظيم داعش، لكنه لا يزال يشكل خطراً في العراق والعالم.
السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أسلط الضوء على مجالين يمكننا أن نعمل من خلالهما معاً لهزيمة الإرهاب والأيديولوجيات المتطرفة.
أولاً، مواجهة خطاب الكراهية. لقد أثارت التصريحات الأخيرة في ذكرى الإبادة الجماعية للأيزيديين توترات، فضلاً عن تزايد خطاب الكراهية ضد الأيزيديين، مما أثار مخاوف من الانتقام. يجب تجنب اللغة التحريضية، ولا ينبغي إلقاء اللوم على مجتمعات بسبب أقوال أو أفعال أفراد.
كما تُظهر هذه الأحداث الأخيرة الحاجة إلى قيام الحكومة باستكمال واقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة خطاب الكراهية. ومن بين أهداف الاستراتيجية محاسبة أولئك الذين يستخدمون لغة الكراهية. وبطبيعة الحال، يتعين ان يجري ذلك مع ضمان احترام حرية التعبير. وستواصل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق دعم الحكومة في وضع الاستراتيجية الوطنية.
والمجال الثاني الذي يمكننا أن نعمل فيه معا هو تقديم المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبها داعش إلى العدالة. ونتطلع الى اعتماد مجلس النواب تشريعاً من شأنه أن يتيح مقاضاة مرتكبي الجرائم كالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. يجب محاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب مثل هذه الجرائم في العراق أو في بلدان أخرى من خلال التعاون القضائي. إن المحاكمات العادلة من شأنها أن تبني الثقة بين المجتمعات وتعزز التعايش السلمي.
إن الأمم المتحدة، من خلال فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش، (يونيتاد) دعمت العراق في التصدي لجرائم داعش. وبينما تنتهي ولاية يونيتاد في الشهر المقبل، فإن الوثائق والأدوات والمساعدة الفنية التي تم تقديمها توفر أساساً قوياً للسلطات العراقية لاستكمال عمل اليونيتاد مع استمرار الدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره.
وفي الختام، وبينما نتذكر الضحايا والناجين من الجرائم التي ارتكبها داعش، فإننا نتعهد بالعمل معاً في بناء مجتمع يكون فيه التنوع مصدر ثراء وفخر، وليس تهديداً أو ضعفاً، والعمل معاً في مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة من خلال تعزيز حقوق الإنسان للجميع.
شكرا لكم.