كلمة السيد كلاوديو كوردوني نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق للشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بالوكالة
في ذكرى تفجير فندق القناة: اليوم العالمي للعمل الإنساني واليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم
بغداد- 19 آب 2024
الأصدقاء والزملاء الأعزاء،
نحتفل اليوم، مع حلول الذكرى السنوية لتفجير فندق القناة، بمناسبتين دوليتين حددتهما الجمعية العامة للأمم المتحدة، أحداهما هي اليوم العالمي للعمل الإنساني، والذي أُعلن عنه على وجه التحديد في الذكرى السنوية لذلك التفجير، والثانية هي اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم في الحادي والعشرين من آب.
وأود أن أغتنم مناسبة اليوم الرسمي لإحياء تلك الذكرى لتكريم كافة العاملين في المجال الإنساني ممن فقدوا حياتهم في خدمة الإنسانية، وكافة ضحايا الإرهاب والناجين منه.
أيها الزملاء
لقد كان عام 2023 هو العام الأكثر دموية بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني على الإطلاق، ومن المتوقع - للأسف - أن يكون عام 2024 أسوأ منه. ويتعرض العاملون في المجال الإنساني من الأمم المتحدة إلى جانب آخرين من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية للقتل والإصابة والاختطاف، ومعهم المدنيون الذين يدعمهم هؤلاء العاملين، حيث يتحمل المدنيون -كما هو الحال دائماً- وطأة الصراعات في كل مكان.
إن القانون الإنساني الدولي يُداس بالأقدام. فأكثر من أي وقت مضى، يتم توثيق الفظائع، وأحيانا بفخر على يد مرتكبيها أنفسهم، ومع ذلك يسود الإفلات من العقاب في كل مكان تقريباً.
وفي منطقتنا، في غزة، شهدنا مقتل أكبر عدد من موظفي الأمم المتحدة في أي صراع، وكان من بينهم (207) من زملائي السابقين في (الأونروا) والذين قتلوا إلى جانب ما يزيد على (40,000) فلسطينياً في حرب شرسة تنتهك فيها كل الأطراف القانون الدولي، وهي حرب قد تتصاعد إلى إشعال فتيل حرب إقليمية.
وعلى حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة: هذا هو فشل للإنسانية وفي تحمل المسؤولية وحسن القيادة.
لكن هذه الحقيقة القاتمة لا ينبغي أن تكون سبباً للإحباط، إذ أننا في اليوم العالمي للعمل الإنساني لا نحتفل فقط بعمل العاملين في المجال الإنساني ونستذكر الضحايا والناجين.
واليوم نطالب كذلك كافة الأطراف المنخرطة في الصراعات بالكف عن الهجمات ضد العاملين في المجال الإنساني وضد المدنيين كافة.
ونطالب بمحاسبة من يأمرون بانتهاكات القانون الدولي أو يرتكبونها.
ونطالب بدعم مؤسسات مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، والتي توجد لضمان مساءلة الدول والأفراد عن أفظع انتهاكات القانون الدولي.
أيها الزملاء
لدينا بالطبع سبب خاص لإحياء ذكرى هذا اليوم هنا في بغداد؛ إذ لا تزال ذكريات ذلك الهجوم على فندق القناة ماثلة في الاذهان وجراحه، التي لا يبدو بعضها للعيان، لم تبرأ بعد. لقد فقدنا اثنين وعشرين (22) زميلاً في ذلك اليوم من عام 2003، بعد خمسة أيام من إعلان مجلس الأمن تشكيل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي). وكان الممثل الخاص للأمين العام آنذاك، السيد سيرجيو فييرا دي ميلو، من بين الذين فقدوا حياتهم. وأصيب أكثر من مئة (100) آخرين أو تأثروا بنحوٍ آخر.
ويشرفني أن بعض الناجين من تفجير فندق القناة موجودون معنا اليوم، وما زالوا يخدمون في الأمم المتحدة، ويعملون من أجل بلدهم. وأرجو أن تنضموا إلي في توجيه تحية خاصة لهم.
وأود أيضاً أن أعرب عن تعاطفنا العميق مع جميع الذين فقدوا زملاءهم وأفراد أسرهم وأصدقاءهم، ونتذكر بشكل خاص عائلات الذين فقدوا أرواحهم في فندق القناة والذين ليس بوسعهم أن يكونوا معنا اليوم هنا.
ونحن نعلم أن اعتداء 19 آب 2003 أعقبته حملة عنيفة متزايدة الوتيرة قامت بها جماعات إرهابية مختلفة تسببت في نشر الموت والدمار في جميع أنحاء البلاد لسنوات عديدة. وقد شاركت بالأمس في فعالية نظمت في وزارة الخارجية لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأيزيديين على يد داعش، وأعربت عن تقديري للأيزيديين وغيرهم من الضحايا والناجين من الإرهاب، بمن فيهم الذين لقوا مصرعهم في فندق القناة وفي الهجوم على مبنى وزارة الخارجية في عام 2009، بتاريخ 19 آب أيضاً.
أيها الزملاء
نحيي في هذا اليوم شجاعة العاملين في المجال الإنساني. ونحتفل بتفانيهم في خدمة جميع المحتاجين وبغض النظر عن هوياتهم وأينما كانوا ومهما كانت الظروف.
كما نجدد التزامنا بمواجهة الإرهاب، وكل الافكار التي تروج لتفوّق مجموعة على مجموعات أخرى وتغذي التعصب والعنف سواء في هذه المنطقة أو في أي مكان آخر من العالم.
كما إن أفضل طريقة لتكريم زملائنا العاملين في المجال الإنساني الذين قتلوا في تفجير فندق القناة، والذين قتلوا منذئذٍ، تتمثل في الاستمرار في تعزيز قيم الإنسانية والعدالة والسلام. إن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في طريقها لإنهاء عملها في العراق، لكننا لن ننسى ذكراهم والتزامهم تجاه العراق وبعالم أفضل في كل مكان. فهذا هو إرثهم ومصدر إلهامنا المستمر.
والآن، قبل أن أعطي الكلمة لزميلنا حازم عبد الباقي الذي سيتحدث نيابة عن الناجين من تفجير فندق القناة، أود أن أعرب عن تقديرنا لهم باللغة العربية.
مرة أخرى في هذه الذكرى، أحييكم على شجاعتكم. وأود أن أعرب عن عميق امتناننا لكم لمساهمتكم المستمرة في عمل الأمم المتحدة في العراق وعلى التزامكم تجاه بلدكم. نحن نفتخر بكم كما تفتخرون بعملكم. أشكركم باسمنا جميعا.