يسرني أن أرحب بكم جميعًا في هذا الحدث الخاص لإحياء اليوم الدولي لمكافحة الفساد. يمثل هذا اليوم تذكيرًا قويًا بالأثر العميق الذي يتركه الفساد على حياة الأفراد والمجتمعات والدول.
لا يزال الفساد في العراق يشكل عائقًا كبيرًا أمام التنمية والاستقرار في البلاد، حيث يؤثر على كفاءة المؤسسات وتقديم الخدمات الأساسية.
تواصل الأمم المتحدة العمل بشكل وثيق مع حكومة العراق والشركاء الدوليين لمكافحة الفساد والقضاء عليه.
في السنوات الأخيرة، وبمساندة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، أحرزت الحكومة تقدمًا ملحوظًا في تعزيز السياسات والأطر المؤسسية لمكافحة الفساد. تشمل هذه الجهود الإصلاحات القضائية ومكافحة غسيل الأموال، واعتماد تدابير قانونية رئيسية لتحسين التحقيقات ومقاضاة قضايا الفساد، وزيادة الشفافية داخل الوكالات الحكومية، وتمكين المجتمع المدني والإعلام للإبلاغ عن الفساد.
التركيز هذا العام على دور الشباب في مكافحة الفساد له أهمية خاصة. الفساد لا يقتصر على تقويض نزاهة المؤسسات العامة؛ بل يعرقل أيضًا أحلام وتطلعات الشباب، ويحد من فرصهم في التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية.
الشباب ليسوا مجرد ضحايا للفساد؛ بل هم عوامل تغيير قوية قادرة على تحويل المجتمع. في العراق، حيث يشكل الشباب تحت سن الخامسة والعشرين 60% من السكان، يمتلك الشباب الأدوات والتقنيات والالتزام اللازم لبناء مستقبل أكثر إشراقًا.وتثبت طاقتهم وإبداعهم أن الاحتمالات لا حصر لها، وأن المستقبل يكمن حقًا في أيديهم.
لقد رأينا هذه الإمكانيات من خلال حملة #سلم الراية ضد الفساد #PassTheBaton، التي حققت أكثر من 65 مليون مشاهدة في أقل من عشرة أيام العام الماضي. حصلت هذه المبادرة على اعتراف عالمي وإقليمي، مما يبرز التأثير المذهل الذي يمكن أن يحققه الشباب.
ومع ذلك، ونحن نجتمع اليوم للتفكير في التقدم المحرز في مكافحة الفساد، يجب أن نتذكر أن الطريق لا يزال طويلًا أمامنا.
لمعالجة الفساد في العراق، نحتاج إلى إصلاحات شاملة لتعزيز المؤسسات، وفرض المساءلة، وتحسين الشفافية. سيكون الدعم الدولي ومشاركة المجتمع المدني أمرين حاسمين لدفع هذه الجهود إلى الأمام.
في هذا السياق، أود أن أشير إلى أن مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة من المبادئ المركزية التي وجه بها آية الله العظمى سماحة السيد علي السيستاني، كما تم التأكيد عليه خلال اللقاء الذي جمع سماحته بممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، الدكتور محمد الحسن.
لمواجهة الفساد بشكل فعال في العراق، يجب التركيز على ثلاثة أولويات رئيسية:
- تعزيز الأطر المؤسسية وتشجيع الشفافية. يشمل ذلك تحسين هياكل الحوكمة، وإصلاح عمليات الشراء العامة للقضاء على المحسوبية، وضمان الإدارة الشفافة لعائدات النفط. ومن شأن هذه الخطوات أن تخلق نظاماً يتم فيه إعطاء الأولوية للمساءلة، وحماية الموارد العامة.
- تمكين القضاء من محاكمة قضايا الفساد بفعالية. القضاء المستقل والقوي، البعيد عن التدخل السياسي والترهيب، هو المفتاح لمساءلة المسؤولين ومكافحة ممارسات مثل الرشوة والابتزاز.
و اخيرا ، سن قوانين مثل قانون الوصول إلى المعلومات، الذي يمثل خطوة مهمة على طريق الشفافية والمساءلة. وسوف يعمل هذا القانون على تمكين المواطنين ودعم المجتمع المدني ووسائل الإعلام وتعزيز الثقة في المؤسسات العامة. وأنا أحث الزعماء السياسيين والبرلمان على إعطاء الأولوية لهذا القانون، وإظهار التزامهم بالتقدم والإصلاح المجدي.
يمكنني القول بثقة إن جميع وكالات الأمم المتحدة في العراق، بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، على استعداد لدعم الحكومة وشعب العراق في هذا المسعى. وباعتبارنا وكالات تابعة للأمم المتحدة تركز على التنمية، فإننا ندرك أن جهودنا لن تكون فعالة دون معالجة الفساد، لأنه يتغلغل في كل جانب من جوانب المجتمع ويؤثر بشكل مباشر على نجاح عملنا.
ونحن على ثقة بنفس القدر في التزام شركائنا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، بدعم النجاح المستمر لهذا العمل الحيوي، جنبًا إلى جنب مع هيئة النزاهة الاتحادية، بقيادة معالي الدكتور محمد علي اللامي. وأتطلع إلى رؤية جهودنا تتعزز وتستمر مع تقدمنا معًا.
ختامًا، أشكر كل من انضم إلينا اليوم، بما في ذلك أعضاء المجتمع المدني والإعلام ومجتمع الفن، على التزامهم ودعمهم ـ وخاصة مبادرة بسمة أمل، على المشاركة في هذا العمل. دعونا نتذكر أن الفن هو شكل قوي من أشكال التعبير، ينقل رسالتنا بشكل إبداعي وأكثر فعالية.
بالنيابة عن الأمم المتحدة في العراق، أشكركم جميعًا على التزامكم بهذه القضية. دعونا نستمر في العمل معًا - متحدين برؤيتنا لعالم خالٍ من الفساد حيث يمكن للأجيال القادمة الازدهار وبناء مستقبل أفضل للجميع.