الهجرة واللجوء والتحديات الانسانية.. بين المسؤولية الدولية والالتزامات الوطنية
١٢ ديسمبر ٢٠٢٤
نظم "بيت الحكمة" في بغداد بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ومؤسسات أكاديمية أخرى مؤتمرًا دوليًا بعنوان "الهجرة واللجوء والتحديات الإنسانية". ركز المؤتمر على إيجاد حلول مستدامة وسياسات مجتمعية لحوكمة قضايا الهجرة واللجوء.
12 كانون الاول / ديسمبر 2024 بغداد، العراق) أخبار منظمة العمل الدولية): برعاية دولة رئيس الوزراء العراقي، المهندس محمد شياع السوداني، اختتم اليوم المؤتمر الدولي للهجرة واللجوء والتحديات الإنسانية في المركز الفكري "بيت الحكمة" في بغداد، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، وعدة مؤسسات حكومية وطنية وجامعات وأكاديميات ومراكز أبحاث عراقية وعربية ودولية. وجمع المؤتمر أكاديميين وشركاء وطنيين ودوليين فاعلين من جميع القطاعات لمناقشة قضايا تتعلق بالهجرة واللجوء على المستوى العالمي عمومًا، والعالم العربي على وجه الخصوص. وقدمت منظمة العمل الدولية الدعم الفني والمالي لهذا المؤتمر كجزء من جهودها ضمن برنامج إصلاح الحماية الاجتماعية في العراق، الممول من الاتحاد الأوروبي.
ركّز المؤتمر على واقع الهجرة واللجوء في العراق والعالم العربي والمستوى الدولي وشارك في المؤتمر أكاديميون من أكثر من 20 دولة، وقدموا 140 بحثًا تناولت مختلف جوانب قضايا الهجرة واللجوء. منهم مشاركون من العراق والأردن ولبنان ومصر وليبيا وعمان والامارات العربية المتحدة والجزائر وتونس والمغرب وسوريا واليمن والصومال والسودان والأراضي الفلسطينية المحتلة وتركيا وفرنسا والصين والولايات المتحدة الامريكية وبنغلادش وأيران.
يهدف المؤتمر والمناقشات الى البحث في مختلف العوامل والأسباب التي تدفع الشباب للهجرة وكذلك التعرف على إحتياجات المهاجرين واللاجئين وجوانب ضعفهم والمخاطر التي يتعرضون لها، مع تسليط الضوء على قضايا الهجرة واللجوء وحقوق الانسان وحقوق العمالة المهاجرة في العمل اللائق والضمانات الاجتماعية.
ناقش المؤتمر على مدى اليومين السياسات والاجراءات اللازمة لحوكمة الهجرة، ضمانًا لحقوق المهاجرين والعائدين واللاجئين والعمل على الحد من المخاطر التي يتعرضون لها، فضلا عن تيسير التشغيل اللائق للمهاجرين وحماية حقوقهم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الاتجار بالبشر والعمل الجبري وتهريب المهاجرين.
يسلط هذا المؤتمر الضوء على واقع الهجرة والنزوح واللجوء في العراق والعالم العربي من خلال الأبحاث والإحصائيات، بهدف تحديد أبرز التحديات التي تواجه الدول في حوكمة الهجرة.
في الكلمة الافتتاحية صرح الاستاذ الدكتور عبد الباقي الخزرجي، عضو مجلس الأمناء في بيت الحكمة ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر قائلًا: "الهجرة غالبًا ما تكون نتيجة البحث عن حياة أفضل، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتطلب تعاونًا مشتركًا لإيجاد حلول مستدامة تحمي الشباب، الثروة الحقيقية للمجتمع". وللتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي أثرت بشكل كبير على المجتمع العراقي في السنوات الأخيرة شدد على أهمية التعاون والتضامن والعمل المشترك. مؤكدًا على ضرورة إيجاد حلول فعالة للاحتفاظ بأغلى موارد البلد، وهم الشباب، باعتبارهم روح المستقبل وأمل المجتمع، والثروة الحقيقية التي لا تُقدر بثمن."
يأتي هذا المؤتمر في وقت تشهد المنطقة العربية موجات من النزوح والهجرة واللجوء بسبب الأحداث الأمنية خلال الاشهر الماضية مما يعكس أهمية هذا الموضوع في هذا الوقت الحرج الذي يتطلب تظافر الجهود على المستوى الدولي والاقليمي لتخفيف الاثار الاقتصادية والاجتماعية على الفئات المتضررة من تلك الاحداث وعلى وجه الخصوص النازحين واللاجئين من خلال نظم الحماية الاجتماعية الوطنية في المنطقة وتعزيز دورها للتعامل مع تلك المتغيرات والتحديات، مع ضرورة ان تتضمن سياسات التشغيل اهداف واضحة بهذا الصدد.
ان البحث عن الاسباب الحقيقية والدوافع للهجرة واللجوء يعد اهم الخطوات لوضع السياسات والاستراتيجيات لحوكمة الهجرة. حيث أكد السيد كريم النوري وكيل وزير الهجرة في كلمته في المؤتمر " نحن نبحث عن إيجاد حلول للأسباب لا للنتائج، وناسف القول إن معظم المحاولات السابقة انصبت على إيجاد حلول للنتائج بعد حدوثها لكن اليوم نحن نحاول معالجة أسباب الهجرة. وان العراق اليوم اكتسب احترام المنظمات الدولية والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة في العراق لما ابداه من تعاون مستمر في هذا الملف.
إن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ترى أن النمو الاقتصادي والعمل اللائق يعززان بعضهما البعض، وقد قرر تهيئة الظروف لتحقيق الرخاء المستدام والشامل والمستدام، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعدد كبير من العمال المهاجرين واللاجئين ذوي المهارات المنخفضة الذين يعملون في ظروف عمل يشوبها الاستغلال وانخفاض الأجرة، وخاصة عندما يكون المهاجر في وضع غير نظامي يجبره على العمل في الاقتصاد غير المنظم، حيث إن استغلال العمالة يحد من مكاسب العمال المهاجرين وقدرتهم على المساهمة في تنمية بلدان المرسلة والمستقبلة. حيث تؤكد المنسقة القطرية لمنظمة العمل الدولية في العراق الدكتورة مها قطّاع على "ان أهمية اعتماد اتفاقيات العمل الدولية أساسًا في حوكمة الهجرة واللجوء حيث إن الاسباب الاقتصادية والاجتماعية عمومًا والعمل على وجه الخصوص تعد من الدوافع الرئيسية لذلك، وهذا ما يتطلب وضع الاتفاقيات تلك محل تنفيذ خصوصًا من قبل الدول المصادقة عليها من خلال تعزيز قدرات إدارات تفتيش العمل، وتوسيع تغطية الضمان الاجتماعي، وتعزيز الحوار بين العمال وأصحاب العمل والنقابات، يستطيع العراق رسم مسار نحو مستقبل عادل ومستدام يوفر فرص عمل لائقة للجميع."
تناول المؤتمر أربعة محاور رئيسية شملت الأبعاد التاريخية والاجتماعية للهجرة، والعوامل المؤثرة على حركة النزوح، وسبل تعزيز الحماية الاجتماعية للمهاجرين، مع تسليط الضوء على حقوق العمال المهاجرين غير النظاميين.
خلال أعمال المؤتمر، تولت منظمة العمل الدولية تنظيم جلسة حوارية حول الهجرة واللجوء والعمل اللائق شارك فيها خبراء المنظمة والمسؤولون الحكوميون من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة التخطيط وممثلين عن منظمات العمال وإتحاد الصناعات العراقي تناولت مناقشة الاجراءات الحكومية في تنظيم العمالة الاجنبية والنجاحات المتحققة والتحديات القائمة في هذا المجال، فيما إستعرض ممثلوا منظمات العمال وأصحاب العمل الاجراءات المتخذة من طرفهم في حماية حقوق العمال المهاجرين ووضع قانون العمل 37 لسنة 2015 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي 18 لسنة 2023 محل التنفيذ، خصوصًا وان القانونين يوفران حماية للعمال المهاجرين أسوة بالعمال الوطنيين. فيما سلط خبراء منظمة العمل الدولية الضوء على وضع العمالة المهاجرة في المنطقة العربية ومعايير العمل الدولية والبرامج المنفذة بهذا الصدد.
يختتم المؤتمر أعماله بتوصيات لتعزيز سياسات وطنية متكاملة تدعم حوكمة الهجرة، مع استمرار التعاون بين العراق وشركائه الدوليين لتحقيق تنمية مستدامة تعزز من العمل اللائق والحماية الاجتماعية.
تواصل منظمة العمل الدولية تقديم الدعم الفني لحكومة العراق والشركاء الاجتماعيين، من خلال تنفيذ برنامج العمل اللائق في البلاد، بما يعزز الأهداف التنموية التي ترتكز على العمل اللائق والحماية الاجتماعية.
في إطار البرنامج الممول من الاتحاد الاوربي لإصلاح الحماية الاجتماعية في العراق، هنالك تعاون مشترك بين منظمة العمل الدولية و "بيت الحكمة" من خلال مختلف الانشطة المتصلة بسوق العمل في العراق ونظام الحماية الاجتماعية، على غرار هذا المؤتمر، حيث تتمحور هذه الفعاليات حول تعزيز العمل اللائق من خلال مختلف السياسات والبرامج والأنشطة والفعاليات المختلفة عبر مختلف الشركاء الوطنيين من الحكومة ومنظمات العمال ومنظمات أصحاب العمل والمجتمع المدني ومراكز البحوث والخبراء في الاوساط الاكاديمية، بهدف تعزيز الحوار واقتراح حلول منهجية ومحددة السياق لضمان النمو الاقتصادي الشامل والتنمية الاجتماعية في العراق.