مساء الخير لكم جميعا.
يسعدني أن أكون في بغداد مرة أخرى هذه المرة لحضور مؤتمر قمة جامعة الدول العربية في وقت حاسم للمنطقة.
إن الأرض تهتز من تحت أقدامنا في هذه المنطقة.
لكن هذه التحولات التكتونية ليست قوة من قوى الطبيعة.
فمشاكل العنف والتقلبات هي نتائج خيارات محددة يتخذها الناس.
والحلول هي أيضا بيد صانعي القرار.
وهذه الحلول ينبغي أن تركز، أولا وقبل كل شيء، على الاستفادة القصوى من الإمكانات التي تزخر بها المنطقة والفرص الهائلة المتاحة في أنحائها قاطبة.
ونحن نعلم أن شعوب العالم العربي تطالب بمستقبل أفضل وتستحقه.
شعب لبنان - حيث يجب احترام وقف إطلاق النار واحترام سلامة الأراضي وتنفيذ جميع الالتزامات.
شعب سوريا - الذي يتوق إلى مسار صوب انتقال سياسي يشمل جميع شرائح السكان - ومستقبل تتحقق فيه المساءلة وتضمَّد جراح الوطن وتتعزز عملية الاندماج في المجتمع الدولي والاقتصاد الدولي وترفع العقوبات.
شعب اليمن - الذي يعاني ويلات الحرب والدمار على مدى سنوات ويتوق إلى مستقبل يستتب فيه السلام.
وكذلك الشعوب في كل ربع من ربوع العالم العربي التي تنشد ما تنشده الشعوب في أي مكان آخر ألا وهو أن تعيش في مستقبل تتحقق فيه آمالها وتسود فيه العدالة والكرامة وحقوق الإنسان والسلام والأمن.
على أن قضية واحدة تكمن في صلب أمل لم يتحقق في المنطقة - قضية فلسطين التي لم تجد طريقها إلى الحل بعد.
إن تحقيق حل الدولتين - إسرائيل وفلسطين - تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن وتتخذان القدس عاصمة لهما بكلتيهما، ليس مجرد هدف نصبو إليه.
وإنما هو ضرورة لا مفر منها.
ولم يسبق أبدا أن كان بلوغ هذا الهدف أشد إلحاحا ولكن للأسف لم يكن أيضا أكثر بعدا.
لقد صار مستقبل الدولتين يتلاشى أمام أعيننا ونحتاج إلى عكس هذا المسار.
ففي غزة، لم تعد الكلمات كافية لوصف هول الوضع الذي يقاسيه الفلسطينيون هناك إذ تجاوزت الأحداث التي يتعرضون لها كل الحدود بشاعة وقسوة.
إن فرض سياسة الحصار والتجويع هو استخفاف بالقانون الدولي.
ولذلك، فمن الواجب أن يُرفع الحصار عن دخول المساعدات الإنسانية فورا.
وأكرر هنا قولي ألا شيء يبرر الهجمات الإرهابية الفظيعة التي نفذتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
لكن لا شيء يبرر العقاب الجماعي الذي يُمارَسُ على الشعب الفلسطيني.
إننا بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار - والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن - وحرية تدفق المساعدات الإنسانية - والعمل الذي لا رجعة فيه صوب تحقيق حل الدولتين.
وسيكون المؤتمر رفيع المستوى المزمع عقده في حزيران/يونيه برئاسة مشتركة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية فرصة مهمة في هذا الشأن لا يمكننا تفويتها.
فهذه لحظة للتمسك الواضح بالمبادئ الأخلاقية واتخاذ إجراءات ملموسة.
وستحدد الخيارات المتخذة شكل المنطقة لسنوات قادمة.
بإمكاننا ومن واجبنا أن نرتقي إلى مستوى تلك اللحظة، متحلين بالشجاعة والوحدة والطموح.
وإنني على يقين بأن العالم العربي لديه من القوة والحكمة والفرص ما يتيح له أن يقود الجهود نحو تحقيق السلام والكرامة وبناء مستقبل يليق بجميع أبنائه.
شكرًا.