أشكركم على إتاحة الفرصة لتقديم أحدث المعلومات حول الأحداث المأساوية الأخيرة في زاخو بمحافظة دهوك، والتي أدت إلى مقتل 9 مدنيين وإصابة 33 آخرين.
لقد تساءلت في أحدث إحاطة لي أمام مجلس الأمن – ولم تكن المرة الأولى- عن استخدام " القصف بالقذائف والصواريخ كوضع طبيعي جديد للعراق"، وحذرت من أن هذه " طريقة خطيرة للغاية لتعزيز المصالح وهي طريقة تزيد من إضعاف الدولة العراقية".
***
وهذا هو ما نعرفه حتى الآن.
في وقت مبكر من بعد ظهر يوم 20 تموز، ضربت 5 قذائف مدفعية منتجع برخ وهو وجهة سياحية معروفة. وكما هو متوقع في هذا الوقت من العام، كان المنتجع مزدحماً بالزوار – ومن بينهم الأطفال.
وسقطت الدفعة الأولى على تلة غير مأهولة تطل على برخ. ولكن الدفعة التالية ضربت وسط المنتجع، وقتلت – كما قلت – 9 مدنيين (من بينهم 3 أطفال أحدهم رضيعة عمرها عام واحد) وأصابت 33 شخصاً. وخضع 11 من المصابين لعمليات جراحية ولا يزال 3 في حالة خطيرة.
وبعد الهجوم مباشرة شكل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لجنة. وفي نفس اليوم، زارت هذه اللجنة موقع الهجوم لمشاهدة الدمار وجمع الأدلة والتواصل مع الشهود والسلطات المحلية.
وبناء على تقييمها للأدلة التي تم جمعها، نسبت حكومة العراق، بأوضح العبارات، هذه الأحداث المأساوية إلى القوات المسلحة التركية. وفي نفس الوقت أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً صحفياً ينص على أن " تركيا ضد جميع أنواع الهجمات التي تستهدف المدنيين." وأنها " مستعدة لاتخاذ كافة الخطوات لكشف الحقيقة" ودعت " مسؤولي الحكومة العراقية إلى عدم الإدلاء بتصريحات تحت تأثير خطاب ودعاية المنظمة الإرهابية المخادعة وللتعاون في الكشف عن الجناة الحقيقيين لهذا الحادث المأساوي."
وفي اليوم التالي، قالت السفارة التركية في بغداد عبر وسائل التواصل الاجتماعي " ننضم إلى العزاء على إخوتنا العراقيين الذين استشهدوا على يد منظمة PKK الإرهابية".
وفي ذات الوقت وفي يوم 20 تموز أيضاً، أصدر حزب العمال الكردستاني (PKK) بياناً ينكر تواجده في المنطقة ويلوم تركيا على الهجوم".
***
السيد الرئيس،
عقد مجلس الأمن الوطني العراقي جلسة طارئة في نفس اليوم استجابة لهذه الأحداث المأساوية. وأدان المجلس بشدة "الاعتداء التركي" ورفض استخدام الأراضي العراقية منطلقاً للاعتداء على دول الجوار و"تصفية الحسابات".
ومن بين التوجيهات التي صدرت، تم تكليف وزير الخارجية بإعداد ملف متكامل حول "الاعتداءات التركية المتكررة" على العراق وكذلك استدعاء السفير التركي واستقدام القائم بالأعمال العراقي من أنقرة، دون إرسال سفير جديد إلى تركيا.
وأشارت وزارة الخارجية إلى أن الحكومة العراقية سوف "تلجأ إلى أعلى مستويات الرد الدبلوماسي"، بما في ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وفي 21 تموز، عقد القادة العراقيون من جميع الأطياف السياسية اجتماعاً رفيع المستوى وأصدروا بياناً مشتركاً يدين "الاعتداء التركي" و"يدعم إجراءات تقديم شكوى دولية".
وفي 23 تموز، التقى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني. وعبر الجانبان في بيان مشترك صدر بعد الاجتماع عن " إدانتهما بشدة للاعتداءات التركية على الأراضي العراقية".
وفي يوم 23 تموز أيضاً، انعقد مجلس النواب لمناقشة الحادث بحضور وزيري الخارجية والدفاع ورئيس أركان الجيش وكذلك نائب قائد العمليات المشتركة.
وأشار وزير الخارجية في عرضه أمام البرلمان إلى تسجيل ما يزيد عن 22،700 انتهاك تركي لسيادة العراق منذ عام 2018. كما صرح أيضاً بأن وزارة الخارجية قدمت 296 مذكرة احتجاج ضد "التدخل" التركي منذ عام 2018.
وأوصت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في نفس الاجتماع بطرد عناصر حزب العمال الكردستاني من العراق وانسحاب كافة القوات التركية وإعادة انتشار القوات الاتحادية على طول الحدود مع تركيا وإلغاء الاتفاقيات الأمنية مع تركيا – إن وجدت- ومراجعة موازنة الدفاع لتعزيز القدرات العسكرية.
خلاصة الأمر: بينما لا يرغب أحد في المزيد من التصعيد، يطالب العراق بسحب تركيا لقواتها من كافة الأراضي العراقية ويدعو لإجراء تحقيق.
**
السيد الرئيس،
يدل الهجوم المروع على موقع سياحي معروف ويسهل تمييزه على التجاهل الصادم لحياة المدنيين والمعايير المقبولة دولياً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تسعى لحماية المدنيين. وبينما يجب على جميع الأطراف في أي صراع اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتجنب إيذاء المدنيين في جميع الأوقات، من الواضح أنه لم يتم الالتزام بذلك.
وفي حديثي مع رئيس وزراء العراق بالأمس، أكد مرة أخرى على أهمية التحقيق الشفاف والدقيق: سواء أكان مستقلاً أو مشتركاً. وقال أنه من الضروري وضع حد للتكهنات والإنكار وسوء الفهم وتصاعد التوترات. وفي الوقت ذاته، أفهم كذلك أن تركيا على استعداد لمعالجة المسألة بصورة مشتركة مع العراق من أجل تحديد ما حدث بالضبط.
***
وختاماً، سيادة الرئيس، وكما قلت عدة مرات في الأعوام الماضية، يرفض العراق عن حق فكرة أنه يمكن معاملته كساحة للمشاحنات الخارجية والإقليمية – ساحة يقوم فيها الجيران وأي أطراف أخرى بانتهاك سيادته وسلامة أراضيه بصورة روتينية ودون رادع.
ومن الأهمية بمكان أن تتوقف كافة الاعتداءات على الأراضي العراقية. إذا أن هذه الانتهاكات لا تزيد باستهتار من التوترات الوطنية والإقليمية فحسب، بل أيضاً تتسبب كما رأينا في مآسي إنسانية جسيمة.
شكراً سيادة الرئيس