قبل تسعةِ عشَرَ عاماً وبتاريخ 19 آب 2003، أي بعد خمسة أيام فقط من إنشاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بموجب قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة المرقم 1500، تم تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد، والمعرّف باسم فندق القناة، في واحدة من أولى الهجمات الإرهابية في العاصمة مما أسفر عن مقتل 22 من زملائنا وأصدقاءنا وإصابة أكثر من 100 آخرين.
ويحضر معنا هنا اليوم عددٌ من الناجين من تفجير فندق القناة، حيث يواصل الكثير منهم خدمة الأمم المتحدة هنا في العراق. وعلى الرغم من ويلات ذلك اليوم والكثير من الكوارث التي حلّت في العراق منذ ذلك اليوم، يبقى هؤلاء الزملاء ملتزمين بالاضطلاع بدورٍ في بناء مستقبل سلمي ومستقر لبلدهم. أرجو أن تنضموا إليّ في تقديرٍ خاص لهؤلاء الزملاء. يشرّفني أن أقف معكم هنا في هذه المناسبة الجليلة.
أود أن أُحيّي أولئك الذين أُصيبوا في هجوم 19 آب 2003 والذين انضموا إلينا هنا اليوم. إن الأمم المتحدة وجميع الملتزمين بالعمل الإنساني يقدرون تضحياتكم والتزامكم المستمر بعراق ينعم بالسلام والاستقرار.
وعلى الرغم من أن الاعتداء على فندق القناة استهدف المجتمع الإنساني، فإن المجتمع العراقي لم يكن بعيداً عن ذلك، حيث كان ذلك مجرد بداية للإرهاب الذي عم العراق وأودى بأرواح أعدادٍ لا تُحصى من الضحايا على مدى السنوات التالية. واليوم نحن نحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني ونُخلّد ذكرى جميع ضحايا الإرهاب.
وفي العراق، وكذلك في أنحاء أُخرى من العالم، ما زلنا نشهد التهديدات والاعتداءات على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني والعاملين في مجال الرعاية الصحية والعناصر الفاعلة في المجتمع المدني وموظفي المنظمات الدولية وعدد لا يحصى من الرجال والنساء ممن امتلكوا الشجاعة وخاطروا بأنفسهم من أجل مساعدة المجتمعات المتضررة من النزاعات والكوارث.
لذلك كان تكريما لائقاً أن تحدّد الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 آب – يوم تفجير فندق القناة – ليكون يوماً عالمياً للعمل الإنساني تكريماً للعاملين في المجال الإنساني الذين قُتلوا أو أُصيبوا خلال تأدية عملهم. وفي هذا العام، نوجّهُ الانتباه الى المشاركة المجتمعية والعمل المشترك. إن أول من يستجيب للأزمة هي المجتمعات المحلية ذاتها وينضمّ إليها المتطوعون المحليون وخدمات الطوارئ والسلطات المحلية والوطنية والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة وبين العديد من الآخرين. إن العمل الإنساني ما هو إلا دليلٌ بأن الوحدة والتضامن لا يزالان على قيد الحياة وقويان. فعندما نكون منفردين يكون تأثيرنا محدوداً، ولكن عندما نكون مجتمعين يمكن أن نحدث أثراً أكبر.
لقد انضممتُ الى البعثة قبل أسبوع بصفة نائب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، ولكن لديّ أصدقاء قتلوا أو أصيبوا في ذلك الهجوم. إن تاريخ 19 آب كان وما زال تاريخاً للتأمل والتفكير بالنسبة لي ولنا جميعاً في الأمم المتحدة وخارجها. إنه لشرف عظيم بالنسبة لي أن تكون أول مهمة في البعثة هي أن أقف معكم هنا اليوم لنتذكر تضحيات زملائنا وزميلاتنا الإثنين والعشرين الذين جادوا بأرواحهم خدمة للسلام في العراق. ونحن نتوجه إليهم بتحية إجلال، فإننا نحيي ونخلد ذكرى جميع أولئك الذين ضحوا بأرواحهم خدمة للإنسانية وجميع ضحايا الإرهاب. أن التزامنا المستمر بالسلام والعدل هو إرثهم ومصدر إلهام لنا.
صاحب الخطاب
كلاوديو كوردوني
بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق
نائب الممثل الخاص للشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية: كلاوديو كوردوني