الطريق نحو الازدهار: المعامل الصغيرة في برطلة تتلقى تدريبًا في مجال السلامة والنظافة
نجح برنامج تدريبي حول السلامة والنظافة نفذته منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)
في جمع مجموعة متنوعة من المعامل الصغيرة والمتوسطة العاملة في ناحية برطلة وبالقرب منها، وهي بلدة صغيرة تقع في محافظة نينوى، على بعد 21 كيلومترًا شرق الموصل.
يعد برنامج التدريب على السلامة والنظافة للمعامل الصغيرة والمتوسطة في برطلة مسعى شاملًا مصممًا لتمكين تلك المعامل المحلية من حيث الخبرة والكفاءات المطلوبة لضمان السلامة في مكان العمل، والحفاظ على معايير النظافة الصارمة، وتمكينها من الصمود في سوق يتصف بالتنافسية. وقد وحد البرنامج المكثف لمدة 7 أيام 14 مستفيدًا من المشروع، وكان بمثابة منتدى لنقل المعرفة والمهارات التقنية. تم إجراء هذا التدريب في الفترة من 15 إلى 21 تشرين الاول 2023.
ويساهم برنامج التدريب أيضًا بتعزيز الشمولية والتنوع بين الجنسين بين المشاركين فيه. اجتذب البرنامج مزيجًا من أربع سيدات و10 رجال أعمال مما يعكس الرغبة المشتركة في تحسين النشاطات التجارية وضمان معايير السلامة والنظافة داخل مؤسساتهم.
المعامل والمشاريع المشاركة تساهم في النسيج الاقتصادي الغني للمنطقة من خلال إنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية المحلية التي تعتبر عنصرًا أساسيًا في المطبخ العراقي. تنتج هذه المعامل الصغيرة والمتوسطة عناصر مختلفة مثل البرغل والمعكرونة ومنتجات الألبان مثل الجبن والزبدة واللبن الزبادي والطحينية (الراشي) والحلويات والمعجنات وزيت الزيتون.
وغطى البرنامج التدريبي أهم مراحل إنتاج الغذاء، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، النظافة والسلامة في مكان العمل، والنظافة الشخصية، وممارسات التعامل الآمن مع الأغذية، والمعدات اللازمة، وأهمية درجات الحرارة، والتعبئة والتغليف والتخزين، ومراقبة جودة المنتجات.
وقالت السيدة رائدة يعقوب متي، إحدى أصحاب المعامل الصغيرة والمتوسطة الأربعة عشر، لليونيدو إنها تعلمت معلومات قيمة من خلال هذا البرنامج التدريبي. و السيدة رائدة، صاحبة مخبزومعجنات المحبة في برطلة، "من هذه الدورة تعلمت كيفية الحفاظ على المنتج وكيفية حفظ المواد الأولية بشكل صحيح بحيث تحافظ على صلاحيتها ومقاومتها للظروف". وأضافت: "كنا نعاني من أضرار مادية كثيرة بسبب عدم معرفتنا بكيفية حفظ هذه المواد في درجات الحرارة المناسبة، وكذلك استخدام المقاييس والأوزان الدقيقة".
وتابعت السيدة رائدة: "نحتاج إلى منتجات بمستوى المنتجات الأجنبية المستوردة، وبالتالي نكون قادرين على المنافسة وتحقيق المزيد من الأرباح". وصرحت معلقة على كيفية مساهمة الشركات التي تلقت التدريب في مجال السلامة والنظافة في مجتمع برطلة، بان "زيادة نسبة المبيعات ورفعها يعني زيادة الأرباح وتوسيع العمل، وبالتالي توفير المزيد من فرص العمل".
وتضمن التدريب أيضًا أساليب إدارة الأعمال مثل كيفية توظيف الموظفين بكفاءة في المعامل، واساليب الإدارة المالية، وعلاقات الموظفين وإدارتهم، واستراتيجيات ترويج وتسويق منتجاتهم للحصول على ميزة تنافسية في السوق.
واعرب متدرب آخر ومالك مصنع لانتاج الراشي في بعشيقة القريبة من برطلة، صباح جميل، عن سعادته باختياره ليكون جزءًا من التدريب. وقال: "إن المشاركة في دورة اليونيدو التدريبية هي الأولى من نوعها، حيث تعلمت الكثير عن أساليب إدارة أعمالي، سواء من حيث الإدارة المالية أو إدارة الإنتاج أو إدارة الأفراد والعمال". في السابق لم يكن لدينا سوى المعلومات الأساسية في هذه المجالات، والتي تم تعزيزها وتطويرها وتوسيعها من خلال هذه الدورات. وأضاف صباح: "لقد تعلمنا أيضًا كيفية الحفاظ على جودة المنتج والترويج والتسويق أو رفعها من أجل تحقيق مبيعات أكبر".
وبعد الانتهاء من التدريب، سيتم إجراء تقييم شامل في الأيام المقبلة لفهم الاحتياجات والمتطلبات المحددة للمستفيدين. سيحدد هذا التقييم المعدات أو الأدوات أو الموارد اللازمة لرفع كفاءة الانتاج. وسيتم توفير هذه الاادوات والمعدات لدعم أعمال المستفيدين من المشروع والتأكد من تحقيق فوائد التدريب على أرض الواقع.
ومن بين المدربين الذين يقودون هذه المبادرة خبراء من وزارة الصناعة والمعادن في العراق. حيث ان إن معرفتهم وخبرتهم والتزامهم بتطوير الممارسات المهنية ومعايير السلامة لا تقدر بثمن لنجاح هذا البرنامج التدريبي بالإضافة إلى خبراتهم في مختلف جوانب الممارسات الصناعية والتجارية، مما يعزز جودة البرنامج.
كانت السيدة رامينا أثنائيل يوسف، المدربة الفنية والمديرة المساعدة لتطوير المشاريع في وزارة الصناعة والمعادن واحدة من عدة مدربين مشاركين في برنامج التدريب على السلامة والنظافة للمعامل الصغيرة والمتوسطة. واضافت قائلة "تلعب برامج التدريب [مثل هذه] دورًا مهمًا في دعم أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة."
وقدمت السيدة رامينا أمثلة على كيفية مساعدة مثل هذه البرامج التدريبية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، مثل زيادة وعي أصحاب العمل والموظفين بشأن السلامة والنظافة في مكان العمل، وتعزيز الامتثال باللوائح والقوانين حتى يتمكن أصحاب الأعمال من تجنب المشاكل والعقوبات القانونية، وتقليل إصابات العمال، وبالتالي زيادة الإنتاجية. وخفض التكاليف المرتبطة بالحوادث والأمراض المهنية، وتعزيز سمعة الشركة من خلال الالتزام بالسلامة والنظافة.
ونوهت بانه وبشكل عام، تساهم برامج التدريب على السلامة والنظافة في تحسين بيئة العمل وضمان سلامة الموظفين ونجاح الأعمال. ولذلك فهي تلعب دوراً حيوياً في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز استدامتها.
السيد بجار صالح احد المدربين لبرنامج ريادة الاعمال يعتقد أن برامج التدريب مثل هذه تحمل أهمية كبيرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تزودها بالمعرفة والموارد اللازمة لتمكينها من تحقيق كفاءة وسلامة وإنتاجية عالية في أعمالها.
كما ذكر السيد بجار أن المتدربين أبدوا حماساً كبيراً تجاه التدريب ، حيث أعربوا عن تقديرهم للمعرفة الأكاديمية المقدمة والتي يمكن إضافتها إلى خبراتهم التقليدية. وذكر أن "أهمية هذا التدريب تكمن في معالجة النقص في المعرفة الأكاديمية الأساسية بين مشغلي المشاريع الصغيرة والمتوسطة في العراق"، مضيفًا "أنه يعمل أيضًا على سد الفجوة التسويقية، وتسهيل توسيع قاعدة عملائهم".
وأكدت اليونيدو أنها تخطط لتقديم نفس برنامج التدريب مع مجموعة أخرى من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في العراق. وقال إدواردو موريرا، المنسق الدولي للمشروع في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية: "إن هذه المشاريع تعمل كمحفزات للابتكار والتقدم الصناعي". واضاف "إن الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو أكثر من مجرد تغذية قطاع ما؛ بل يتعلق الأمر بتشكيل مستقبل العراق. وان هذه المشاريع تعمل على سيرورة وديمومة النشاط الاقتصادي، وينشرون الرخاء والنمو من المراكز الحضرية إلى المناطق النائية. إن أهميتها تتجاوز الاقتصاد، فهي ضرورة استراتيجية توفر فرص العمل، وتدعم المجتمعات، وبناء عراق أقوى وأكثر صمودا".
تم تنفيذ برنامج التدريب على السلامة والنظافة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة من قبل اليونيدو بتمويل من حكومة اليابان في إطار مشروع "الدعم الطارئ لسبل العيش للتخفيف من أزمة انعدام الأمن الغذائي بين الفئات الهشة في العراق".
تعرب اليونيدو والعراق عن امتنانهما لحكومة اليابان لتمويلها مشاريع مختلفة على مدى العقدين الماضيين. ومنذ انعقاد المؤتمر الدولي للمانحين لإعادة إعمار العراق في مدريد في تشرين الأول/أكتوبر 2003، واصلت اليابان مساعداتها المالية للبلاد. تكونت حزم المساعدات من مليارات من المنح لتلبية الاحتياجات الانية مع التركيز على اعادة المستويات المعيشة للشعب العراقي (في مجالات الصحة والمياه والصرف الصحي والأمن وما إلى ذلك) والقروض من أجل تلبية إعادة الإعمار على المدى المتوسط (في مجالات الموانئ والجسور والطرق والمنشآت النفطية ومحطات توليد الكهرباء بالغاز وغيرها).
وكانت حكومة اليابان أيضًا مساهمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة من خلال تقديم المساعدة لآلاف الأشخاص المتضررين من الصراعات والازمات. ويشمل ذلك التدريب على ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة، والتدريب الوظيفي في مجالات الضيافة والأعمال التجارية الزراعية، بالإضافة إلى دعم المشاريع القائمة في تحسين قدراتها من خلال اليونيدو. نجحت هذه البرامج في تحسين حياة اللاجئين والنازحين والمجتمعات المضيفة الهشة في العراق.