الرؤساء الموقّرون
أصحاب المقام الرفيع الرؤساء الموقّرون
أصحاب المعالي والسعادة المحترمون
السيدات والسادة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسرّني أن أشارككم نيابة عن بعثة الأمم المتحدة في العراق هذه الفعالية
وأبدأُ بالترحّم على الشهداء جميعاً، بما في ذلك شهداء الكوت.
ومشاركاتي في هذا المؤتمر في نسخته السابعة عشرة لهو شرفٌ، شاكرًا صاحب المقام الرفيع سماحة السيد عمار الحكيم على رعايته الكريمة الدائمة لهذا المؤتمر، ومقدّراً حضوركم جميعاً رغم انشغالاتكم وارتباطاتكم.
ما نحن بصدده اليوم لهو جزءٌ من رسالة الإنسانية الخالدة، رسالة الإسلام، رسالة السلام، رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا ننسى آخر وصايا الرسول الأعظم، محمد بن عبد الله الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات والتسليم، حينما قال، والذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ((أوصيكم بالنساء خيراً))، ولعَمري لهي كلمات خالدة تصبّ في عُمق هذا المؤتمر.
أقف أمامكم اليوم، وأشارككم في هذه الفعالية، مُوصياً ومطالباً بالحفاظ على مكانة المرأة، واستعادة جميع الحقوق لها، وتمكينها، وفق ما يرضي الله ورسوله.
إنها أيها السيدات والسادة الكرام أساس المجتمع.
سؤالي لهذا الجمع حضوراً ومتابعين: هل أنتم راضون عن وضع المرأة؟ وهل تتمتع المرأة في المجتمعات الإسلامية بحقوقها كاملة؟
حقيقةً، ما نراه ونسمعه اليوم من عنف وتهميش ضد المرأة لهو مجحف وانحراف عن الهدى السوي، وخروج عن الفطرة، وإذا كانت الأسرة هي أساس المجتمع، والمرأة هي الحصن الحصين لهذه الأسرة، فكيف نفسّر العنف الأسري، والعنف ضد المرأة، والتهميش المتعمد والممنهج للمرأة بما في ذلك التهميش الرقمي وزواج القُصّر والتمييز القائم على النوع الاجتماعي؟
نعم هناك نساءٌ وصلن إلى مصاف ومواقع عالية في مؤسسات الدولة والمجتمع، لكن الطريق والسلوك إلى ذلك لا يزال وعراً ومليئًا بالأشواك والعراقيل، ناهيك عن قلة النساء في مواقع المسؤولية.
أدعوكم وأدعو نفسي إلى العودة للثوابت السويّة وإلى العمل سوياً نحو استعادة المكانة والاعتبار والاحترام والحماية للمرأة والنساء بشكل عام، والذي لا يستوي إلا من خلال تسهيل وتبسيط إجراءات مشاركة المرأة لا كـ "ندّ"، بل كـ "شريك".
واسمحوا لي هنا أن أشير إلى ما يتعرض له عددٌ من العراقيات من مختلف الأطياف، وأخصّ الأيزيديات والمسيحيات ومن أتباع الأديان الأخرى اللواتي تعرضن لأبشع الجرائم على أيدي الدواعش من اختطافٍ وبيعٍ ونخاسةٍ ولا تزال الجرائم وآثارها مستمرة حتى يومنا هذا. نعم أيها الأخوة الكرام، نرحب بما قمتم به من إجراءاتٍ لكن سؤلنا: متى تنتهي معاناة الأيزيديات؟ أَوَلَسْنَ عراقيات؟ متى يُكرمن كبقية العراقيات؟ متى يعُدن إلى منازلهن معزّزات مكرّمات، إلى سنجار وغيرها؟ متى تنتهي هذه المعاناة؟
عدالة الإسلام للجميع ولا نشكّ في مواقفكم، بل وفي قدرتكم على تحقيق العدالة وتغيير الواقع.. رسالة الإسلام السامية جاءت رحمة للعاملين.
السيدات والسادة المحترمون،
نؤكد، في الأمم المتحدة، وقوفنا إلى جانب العراق، وقادة العراق، ومرتكزات العراق، وندعو إلى أن يكون معيار المساواة قائمٌ على أساس المواطنة، فالكل له حقوق، والكل عليه واجبات ومسؤوليات.
وندعوكم يا قادة وأبناء العراق إلى وضع قضايا المرأة وحقوق المرأة في سلّم أولوياتكم في الانتخابات القادمة.
كما ندعوكم إلى إشراك النساء في مواقع القرار، ليس من باب رفع العتب، بل باعتبار المرأة شريكاً في مواقع المسؤولية، وليس من باب رمزي، وإنما بشراكة حقيقية واسعة.
ونحن في الأمم المتحدة معكم في ذلك، لنجعل المرأة في هذه الانتخابات البرلمانية القادمة في الصدارة، ما الذي يحول دون أن تكون المرأة في المناصب العليا في هذا البلد وهنّ من أعز وأشرف النساء، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً بإذن الله.
لنعمل معاً على تغيير واقع النساء في العراق نحو الأفضل.
هذا المقام ليس لإدانة العنف ضد المرأة، بل هو مقام لاتخاذ قرارات وخطوات عملية وملموسة لأنهاء العنف ضد النساء العراقيات ونشر العدالة والمساواة ومراجعة القوانين.